وكالة مهر للأنباء - ديانا المحمود: اختتم معرض الصحافة ووكالات الأنباء دورته الثانية والعشرين نهاية الأسبوع الماضي تحت شعار "الشفافية والمصداقية"، بمشاركة 900 مؤسسة اعلامية في أكثر من 600 جناح وذلك مابين 4-11 تشرين الثاني في مصلى الإمام خميني (ره) في العاصمة طهران.
بدأت هذه الاحتفالية المميزة اقليمياً ودولياً عام 1993 نشاطها الأول بمشاركة عدد من وسائل الإعلام المقروءة الايرانية بهدف التعريف على مناهج عمل الصحافة وتبادل الخبرات في هذا المجال، كما ظهر المعرض منذ دوراته الأولى كنافذة لايران من خلال الزوار الأجانب الذين يقصدون هذا المعرض ضيوفاً أو مشاركين.
تطور وسائل الإعلام المقروءة واتساع مجال العمل للصحافة الرقمية ووكالات الأنباء على الشبكة العنكبوتية خلال العقدين الاخيرين انعكس بشكل واضح على هذا المعرض، ليستقطب في السنوات الأخيرة أعداداً كبيرة من المؤسسات العاملة في مجال الإعلام الايراني لايمكن للزائر توقعه.
السلطة الرابعة في ايران إحدى عوامل الشفافية في البلاد حيث تساهم في محاربة الفساد وإرساء الديمقراطية
شهدت الدورة الثانية والعشرون لمعرض الصحف ووكالات الأنباء هذا العام مشاركة أكثر من 60 صحيفة ايرانية عامة إلى جانب 11 وكالة أنباء ومايزيد عن 500 صحيفة ومجلة ونشرية مختصة في مجالات متنوعة منها الرياضة والأسرة والصحة والفنون والعلوم والاقتصاد والثقافة والدين والشباب والأطفال و...
وتعد المشاركة في هذا المعرض وسيلة لتعريف الجمهور الايراني بوسائل الإعلام المختلفة التي تجتمع من مختلف أنحاء ايران للمشاركة بهذه الاحتفالية الاقلمية، التي ترتقي بالقلم والقراء معاً نحو أجواء ثقة أفضل يتبادلها الجمهور مع من يمثلون أصواتهم في البلاد.
ويعتبر القائمون على هذا البرنامج السنوي إن السلطة الرابعة في ايران إحدى عوامل الشفافية في البلاد التي تساهم في محاربة الفساد وإرساء الديمقراطية ودعم حقوق المواطنين ورفع مستوى المسؤولية لدى المعنيين، حيث ينتظر المواطن الايراني من هذه الاقلام الصحفية ملامسة حقيقة لمشكلاته اليومية تحمل أبعاداً أخلاقية وشعوراٌ صادقاً.
وتضمنت نشاطات المعرض عدداً من الندوات والجلسات العلمية التي تتناول أبحاث مختلفة كان أهمها المشاكل التي تواجه الصحافة المطبوعة والعوائق الاقتصادية إلى جانب تحديات أخرى. كما وتناولت ندوات المعرض الطرق والتقنيات الجديدة المستخدمة عالمياً في مجال الصحافة المطبوعة والرقمية.
اهتمام ملفت باللغة العربية
كما ان اهتمام السلطة الرابعة في ايران باللغة العربية لفت نظر المشاهد حيث تطبع عدد من الصحف باللغة العربية إلى جانب الصفحة العربية في أغلب وكالات الأنباء الالكترونية، ويعتبر رئيس تحرير كيهان العربي جميل ظاهري إن اتجاه ايران منذ الثورة الاسلامية إلى القارئ العربي يحمل إرثاً فكرياً خاصاً حملته الجمهورية الاسلامية الايرانية مع مفاهيم ثورتها، قائلاً: صحيفة كيهان باللغة العربية تنقل أخبار طهران وموقفها مما يحدث في العالم باللغة العربية، موضحاً إنها أقدم صحيفة باللغة العربية في ايران حيث كانت توزع لعدد سنوات في عدة عواصم عربية وعالمية إلا إن العقوبات على ايران أوقفتها خارج ايران، إلا إنها مازالت تحظى بقراءة واسعة عبر موقعها الالكتروني إلى جانب قرائها الناطقين باللغة العربية من سكان ايران وزوارها.كما تعتبر صحيفة الوفاق إحدى أهم الصحفة الناطقة باللغة العربية في ايران إلى جانب عدد من الصحف والنشريات المحلية في المحافظات.
وتشير رئيسة تحرير مجلة البيئة الايرانية السيدة محمدي إلى إنها تعمل بشكل جدي على نقل محتوى مطبوعاتها للغة العربية، مشيرةً إلى إنها لم تتمكن حتى الآن من تأمين كوادر خاصة لهذا العمل، موضحةً أهمية القارئ العربي لهذا المجال قائلةً: موضوع البيئة أحد المواضيع الرئيسية المشتركة بين ايران والجوار العربي ولابد من وجود أبحاث مشتركة أو تبادل معلومات في هذا المجال
تكرار وروتين وأصوات معترضة
أشار علي رضا 21 عاماً وهو أحد زوار المعرض إلى إن التكرار هو من يحكم المعرض فلا يرى أي تجديد يلفت النظر، قائلاً: أزور المعرض منذ ثلاث سنوات وأبحث دائماً عن الجديد، إلا إن البيروقراطية في العرض والأداء لم تتغير، زوار المعرض منقسمون بين المسؤولين والمهتمين في هذا الاختصاص، لا أرى أي روح شعبية بين الزوار.
أما السيد قمي (40 عاما) يرى إن هذه المعارض تمكن القراء المهتمين من التعرف بشكل أوضح على من يقف وراء الخبر، قائلاً: نأتي كل عام لنقول لمن يمثلونا شكراً هم بحاجة إلى دعمنا ليستمروا، قلمهم يدون همومنا اليومية طيلة العام ويحتاج البعض إلى رأي الآخر ليكمل بخطى ثابتة.
صحافة ايران لا تزال تحتفظ بجيل الورق
فيما يتعبر رواد الصحافة في العالم إن المطبوعات الورقية بدأت تفقد ثقة القراء بها مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي فمن ينقل الخبر لك خلال دقائق لا يمكن أن يقارن بالصحيفة التي تضيع بين أوراقها 12 ساعة خبرية مضت بين التنسيق والطباعة والنشر، إلا إن البعض لايزال ينتظر بالفعل خبراً عبر الصحيفة الورقية، فلاتزال للصحافة المطبوعة الصدى الأقوى في ايران برغم اقتحام الصحافة الرقمية عالم الأخبار إلا إنها لم تتمكن من زعزعة مكانتها، ونرى الشباب قبل الكبار في السن يحملون الصحف المطبوعة كجزء من ثقافتهم الصباحية>
وفی هپا السیاق يرى أحد الصحفيين في المعرض إن هذا التراث لايمكن التخلي عنه بسهولة قائلاً: ربما تجذب الألوان والتقنيات الحديثة الشباب الجدد أكثر من الصحف الورقية إلا إن الأخيرة تحتل قلوب الكثيرين فالمبيعات التي يشهدها الشارع الايراني يعكس هذه الحقيقة، لم تنتصر التطبيقات الالكترونية الحديثة حتى الآن على ثقافة صحيفة الصباح، نعم نلاحظ التوجهات الجديدة للمجتمع إلا إننا نشهد بالأرقام وقائع مختلفة.
ربما يمكن للجمهورية الاسلامية بشكل خاص أن تحافظ على هذه الكم من قراء الصحافة الورقية لتوزع عدداٌ كبيراٌ من سكانها في فئات عمرية تعتبر من جيل الورق حيث يشكل جيل الورق أكثر 45% من سكان ايران، فحسب الاحصائيات الأخيرة فإن 39% من السكان ما بين 30 إلی 64 عاماً، و6% فوق 60 عاماً. هذا إلى جانب أعداد كثيرة من الشباب ما دون 30 عاماً يفضلون الصحافة الورقية لاعتبارها إرثا فكريا لايمكن الاستغناء عنه، الأمر نفسه يمكن ملاحظته في نسب مبيعات الكتب الورقية بدل الكتب الرقمية.
جولة في هذا المعرض يكفي أن تخبرك بأهميته وقوف الصحافة بجوار بعضها البعض في احتفاليتها الخاصة يعني تجديد لأهدافها الأساسية في نقل اصوات الناس وممارسة الرقابة على السلطات، زوار المعرض يمنحون الثقة لهذه الاقلام، والمسؤولون يؤكدون خلال زيارتهم خضوعهم لهذه السلطة التي تفرض مع مختلف الحواجز قوتها على الشارع الايراني.
معرض الصحف ووكالات الأنباء تكريم للكلمة وتجديد للعهد ورصد للمشهد الديمقراطي الذي يصور البعض معكوساً عن ايران، الاقتراب أكثر من الكلمة وطبيعتها يبين للقارئ الأجنبي إن مايحتاجه هذا الشرق هو منح الثقة للاقلام، فالرقابة الصارمة والراقية في عين الحال هي كلمة تأتي من قلب الشعب نفسه، هي نضال الحرف لتحقيق العدالة، كباقي الدول تشهد الصحافة في ايران عوائق وتحديات إلا إن الاصرار على كسرها وتجاوزها يظهر إرادة مميزة للشعب الايراني للانطلاق دوماً نحو إرساء الديمقراطية. /انتهى/