وكالة مهر للأنباء - فرزاد فرهادي: على الرّغم من الوساطات الإماراتية والكويتية والبحرانية التي تحصل من خلف الكواليس لجمع السعودية ومصر إلى كلمة سواء، لا يبدو أنّ الأمر يسير كما تشتهي سفن دول أعراب الخليج الفارسي فيما يُسمّى ب "مجلس التعاون" ، فالرئيس المصري وشعبها العريق لم يتعودوا على كلام السمع والطاعة ومصادرة الآراء لشيخ القبيلة السّعوديّ، وقد سمع الوسطاء كلاماً واضحاً على أنّ عودة العلاقات إلى سابق عهدها يحتاج إلى "اعتذار ملكيّ".
منذ أن وصل الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي إلى سدة الحكم، سعى السعوديون إلى قطف ثمار هذا الوصول وجعل مصر هذا البلد العريق من الوقوف إلى جانبها في مختلف القضايا التي تقودها السّعوديّة.
ومن الواضح أنّ مصر كانت تسعى من التّقارب مع دول الخليج الفارسي إلى تحسين وضعها الإقتصادي ومن هنا يمكن تفسير الإتفاقات الإقتصاديّة مع دول الخليج الفارسي والتّخلّي عن السيادة المصريّة لجزيرتي صنافير وتيران.
السّعودية الّتي كانت تعتبر نفسها وصيّة على قرارات العالم العربي لم تدرك أنّ هذا الأمر لن يجعل مصر تابعة لها بحكم التاريخ والسياسة، فمصر وعلى الرّغم من تردّي الأوضاع الإقتصاديّة فيها لن تجبرها الإغراءات السّعودية لانتهاج سياسة لا تعتقد بها أصلًا. هذا ما أكدّه التفاوت الواضح في النظرة إلى ملفات المنطقة خصوصا فيما يخص الموضوعين السوري واليمني.
وفيما خص الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ترفض مصر السياسة السعودية التي تعتبر أنّ "صديقي هو عدوّ عدوّي"، وترى مصلحتها في انتهاج سياسة تبعدها عن التوتر السعودي الإيراني واتخاذ موقف مع دولة ضد أخرى ساعية بذلك إلى حفظ العلاقات مع كلا البلدين.
ملف آخر من ملفات الإختلاف هو الموضوع السّوري حيث يرى السّعوديّون كذلك قطر وتركيا أن بدعمهم للمجموعات المسلّحة هناك يمكن أن يحققوا أهدافهم في هذا البلد، بينما ترى مصر ضرورة مكافحة الإرهاب بالتّعاون مع الحكومة السّوريّة وخصوصاً أن البلدين أي مصر وسوريا يفهمان معنى تواجد الخطر الإرهابي على أراضيهم في أنحاء سورية وسيناء المصريّة، ويمكن تفسير ذلك بزيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي المملوك الأخيرة إلى القاهرة ولقائه كبار الشخصيّات المصريّة. كما اثار دعم مصر للقرار الرّوسي الّذي أسقطه الفيتو الأميركي والغربي حول الهدنة في سورية سخط السعوديين حيث قال الممثل الدّائم للسعودية في الأمم المتحدة عبدالله المعلّمي: أنّ موقف السينغال و ماليزيا كان أقرب إلى التّوافق العربي منه إلى الموقف المصري. على إثر هذا الموقف وإلى الآن تم توقيف شحنات النفط السعودية إلى مصر والتّي كانت تزوّد مصر بها بناءًا على اتّفاقية تمتد لخمس سنوات بقيمة 23 مليار دولار.
هذا التوتّر في العلاقات توجه الرئيس المصري بتصريحه أنّه لم يتعوّد الرّكوع لغير الله، وهذا ما يفسّر إلى تناقض الأولويات بين مصر والسعوديّة وانتهاج كل منهما سياسات مختلفة عن الأخرى تصطدم فيما بينها في الكثير من المحطات.
ويبقى التساؤل حول ما ستؤول إليه العلاقات المصرية السّعوديّة رهن تطورات الأيام والأحداث المقبلة./انتهی/