وأفادت وكالة مهر للأنباء أن مؤسسة الامام موسى الصدر للثقافة والأبحاث أقامت أمس الجلسة السابعة والثلاثين من سلسلة "الفكر والعمل" تحت عنوان "موسى الصدر ومعركة متعددة الجبهات" بحضور الباحثة الايرانية سوسن شريعتي التي ألقت محاضرة في هذا المضمار.
وبدأت شريعتي كلامها باستتذكار اللقاء الاول الذي جمعها بالإمام موسى الصدر حين وفاة والدها الدكتور علي شريعتي حيث كانت آنذاك شابة تدرس في المرحلة الثانوية، مشيرة الى التعامل الحسن الذي بدر من الامام موسى الصدر تجاه عائلتها، معتبرةً ان امثال الامام موسى الصدر والدكتور شريعتي حملوا افكارا مختلفة عن عصرهم ولذلك كانت لهم وجهة نظر متباينة إزاء مجتمعاتهم، واكدت من وجهة نظرها ان تجربة كلاهما انتهت بالفشل وبقيا وحيدين، كما يقول الفيسلوف الالماني الشهير "فالتر بنيامين": (المهزومون يصنعون التاريخ).
وتطرقت الباحثة شريعتي لميادين الصراع التي واجهت الامام الصدر في بيئته اللبنانية، مشيرةً إلى إن الاعتراف بالشيعة رسمياً كان أولها ثم انتقل إلى ميدان صراع آخر مع دخوله معترك القضية الفلسطينية التي أخرجت البحث إلى إطار الهوية العربية في حين إن الهوية اللبنانية كانت لاتزال مبهمة عند الامام الصدر والمثقفين اللبنانيين في تلك المرحلة.
وتابعت شريعتي إن ساحة الصراع الثالثة التي انتقل إليها الامام الصدر كانت العالم الاسلامي ومواجهته للغرب، الأمر الذي دفع الامام للدخول معترك الحوار النقدي مع الحداثة، معتبرة إن رؤية الامام الصدر الأولى كانت البحث عن البديل لهذا العالم الممزق والذي يسميه "العالم الرابع" أي أن رؤيته لم تنحصر على تحسين وضع الشيعة في لبنان فخسب، بل بحث عن ال"نحن" الأشمل التي تقوم على الاعتراف بالهوية اعضاء المجتمع باعتبارهم افراد، واصفة رؤية الامام الصدر بالانسانية.
وعن السياسية والدين أوضحت شريعتي إن الامام الصدر بحث دائماً عن تلفيق بين الدين والسياسية، مؤكدةً على أهمية التعلم من أسلوب الامام الصدر الذي يقوم على الاعتراف بالآخر، منوهةً إلى إن التوتر يبدأ عندما يرفض الانسان الآخرين، والتعايش يتطلب الاعتراف بالآخر ، مشيرةً إلى نضال الأمام الصدر في الساحة اللبنانية لتحقيق الاعتراف بالشيعي كمواطن وذلك من خلال تحسين الوضع الاقتصادي والتوزيع العادل للسلطة وفي المقابل طالب الشيعة أنفسهم في إبعاد كل ما ينكر الآخر السني وذك عبر ميثاق بعلبك.
واعتبرت الباحثة الايرانية سوسن شريعتي إن طريقة الامام الصدر وأساليبه لا تزال تخدم مجتمعاتنا، ففي سبعينات القرن الماضي كان المجتمع اللبناني يعاني التضاد، واليوم كل مجتمعاتنا تعانيه، معتبرة ان التوازن في مجتمعاتنا لا يمكن تحقيقه دون الاعتراف بالآخر، واوضحت ان الامام موسى الصدر انموذجاً يحتذى به فهو طبق منظومته الفكرية في حياته العملية الأمر الذي يجعله مصدراً للثقة والاحترام. /انتهى/