وأفادت وكالة مهر للأنباء أن المحلل الإستراتيجي العميد أمين حطيط كتب مقالا لصحيفة الثورة السورية حول احتمالات الحرب في الشرق الأوسط خصوصا بعد وصول ترامب الى البيت الأبيض وإطلاقه تصريحات متصاعدة ضد إيران. ونص المقال الذي كتبه حطيط في الجريدة السورية جاء كالآتي:
في ظل ما يتخذ ترامب من مواقف وعلى ضوء ما يختار من صقور في ادارته ذوي نزوع الى القوة والاستعلاء مع ارتباط بإسرائيل ، قد يكون القول بالحرب مبررا و احتمال وقوعها عالي المستوى، خاصة وان كبير مستشاري ترامب للشؤون الاستراتيجية والشخص المؤثر في مجلس الامن القومي الأميركي الجديد ستيف بانون يعلن صراحة وبعد عشرة أيام من توليه مهامه مع ترامب: يقول بان "اميركا ستواجه حربين لا بد منهما الأولى في الشرق الأوسط والثانية في بحر الصين"، ويبرر بانون ذلك بالقول ان الحرب الأولى من اجل الامن القومي ضد الإرهاب والثانية من اجل الامن القومي الذي تهدده الصين.
وفي التفاصيل نبدأ من ايران حيث نجد ان ترامب يعيب على أوباما تهاوننه و تساهله لا بل ملاطفته لإيران التي حسب رايه "لم تستفد من الفرصة التي منحت لها بتزويدها ب 150مليار انعشت اقتصادها المتهاوي على حد قوله" ( الأموال التي يتحدث عنها هي أموال إيرانية كانت اميركا و على سبيل القرصنة جمدتها و حرمتها منها) ثم يختم ترامب مهددا ايران انه لن يقتدي بأوباما و لن يكون لطيفا معها مثله متوعدا بإلغاء الاتفاق النووي معها و ملوحا بان كل الخيارات موضوعة على الطاولة لديه بما فيها الخيار العسكري لمواجهتها.
و على الصعيد اليمني و بعد احجام أميركا خلال السنتين من العدوان السعودي الخليجي الأميركي على اليمن ، احجامها عن العمل العسكري العلني او حتى التدخل العلني المباشر في الميدان ، فان ترامب و في الأسبوع الثاني من ولايته اقدم على توقيع امر تنفيذي بأجراء عمل عسكري مباشر في اليمن ( انزال ادعى انه نفذ ضد القاعدة الإرهابية و كان الإخفاق فيه مدويا ) ثم و هنا الأخطر ادعى ان الصواريخ اليمنية التي أخرجت الفرقاطة السعودية "المدينة" من الميدان كانت في الحقيقة تستهدف القطع البحرية الأميركية و ان اميركا لن تتهاون مع الامر و ستعالجه بما يقتضي من حزم لمنع "المتمردين اليمنيين " على حد قوله و يقصد بهم الجيش اليمني و انصار الله بقيادة عبد الملك الحوثي ، لمنعهم من تهديد البحرية الأميركية و إبقاء باب المندب مفتوحا .
وتبقى مواقف ترامب من الازمة السورية التي أراد ان يتسلل اليها تحت عنوان انساني أطلقته اسماه المناطق الامنة للمدنيين، وبرره بنيته حماية اميركا من الإرهاب الذي يمكن ان يشكله النازحون معطوفا على اعلان صريح بنيته قتال داعش والإرهاب الذي تمثله، ما يعني انه سيقتحم الميدان السوري عسكريا وعلى وجهين ضد الإرهاب الداعشي ولاقامة المناطق الامنة.
و اذا اضفنا الى ما تقدم التحريض الإسرائيلي السعودي و سعيهما الى دفع اميركا لخوض حرب في الشرق الأوسط ضد محور المقاومة لمنعه من استثمار انتصاراته أولا و لمنعه من متابعة التنامي في الفضاء الاستراتيجي ثانيا و منعه من تشكيل خطر او تهديد للمصالح الذاتية لكل من الكيانين ، ومع التنويه بان السعودية التزمت امام ترامب بدفع نفقات أي حرب يخوضها ضد "عدوتها" ايران و محور المقاومة ، و ان نتنياهو يجد في ترامب الفرصة التي لا تعوض من اجل تحقيق اهداف إسرائيل في المنطقة عن طريق العمل العسكري ضد ايران و حزب الله و محور المقاومة بشكل عام ، اذا اضفنا كل هذا الى ما تقدم من اعلان و تصريح و مواقف أميركية نكاد نقول بان ترامب يتجه الى الحرب و انها واقعة لا محالة لان كل المقدمات تقود الى هذه النتيجة فهل هذا صحيحا ؟
وللإجابة نبدأ بالمبادئ ونرى ان الحرب ليست قرارا مزاجيا يتخذ، فهي وخاصة على صعيد الدول العميقة ذات المؤسسات الفاعلة، قرار يتخذ نتيجة تحليل ودراسة وتحديد مسبق لاحتمالات النجاح واحتمالات احتواء ردة فعل الخصم وأخيرا القدرة على استثمار النتائج الميدانية سياسية. و اذا كانت المناطق المستهدفة بحرب أميركية تشكل مثلثا يستوعب قلب منطقة الشرق الأوسط (ايران –سورية – اليمن) و تستجيب لمفهوم حرب الشرق الأوسط المرتقبة على حد قول بانون ، فأننا نرى صعوبات عدة تواجه اميركا بشكل موضوعي في تحقيق الإنجاز العسكري المطلوب خاصة و ان الطبيعية الزئبقية للخصم و قدراته الدفاعية او قدراته في التملص من مفاعيل الالة العسكرية الأميركية تجعل تلك الالة عاجزة عن تحقيق الأهداف رغم قوتها ، كما و نجد صعوبات تواجه اميركا و حلفائها ( السعودية و إسرائيل) في تحمل تداعيات الحرب لان الرد على عدوان أميركي لن يتجنب في أي حال حلفاء اميركا و شركائها في الحرب .
اضافة الى ذلك نجد ان الخصوم وكل على طريقته بدأ بتوجيه الرسائل المتنوعة لأميركا والتي من شانها تحذيرها من مغبة قرار مجنون يقودها الى حرب ومواجهة في الشرق الأوسط كله، مواجهة لن تتوقف قبل تدمير مصالح اميركا وحلفائها وفي طليعتهم إسرائيل وعندها سيذكر هؤلاء ما توعدهم به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بان الحرب المقبلة ستغير وجه المنطقة ضد مصلحة الغرب الاستعماري وإسرائيل. وفي هذا السياق يجب التوقف عند الرد السوري الرسمي على التلويح بالمناطق الامنة، ثم الرد الإيراني المركب سياسيا وعسكريا وإعلاميا ضد تهديدات ترامب وكانت المنارات الصاروخية التي ابتدأتها إيران قبل يومين رسالة واضحة بان إيران لن تؤخذ بالتهديد إما في اليمن فان تهديد ترامب فقد رد عليه بمزيد من العمل الصاروخي ضد اهداف العدوان. أي ببساطة هدد ترامب بالقوة فكان الرد من الجميع من طبيعة التهديد استعداد لكل احتمال، ولا نسقط أخيرا العامل الروسي وتجنب ترامب حتى اللحظة الاصطدام به./انتهی/