رفض 40 بلداً، على رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، المشاركة بمحادثات للوصول لمعاهدة ملزمة لحظر الأسلحة النووية. وتراوحت التبريرات بين "موافقة كوريا الشمالية" و"عدم الاعتقاد بالوصول لتقدم فعال" و"الاعتماد على الردع النووي".
هناك اسألة كثيرة يمكن أن تطرح عند تلك الخطوة ، منها هل من الصحيح أن هذا الإجتماع بات من دون جدوى؟ وماهي التداعيات لعدم حضور تلك الدول؟ هل من الممكن ان يكون هناك نية لدى تلك الدول لضرب معاهدات الدولية على صعيد النووي بعرض الحائط؟ والسوال الاخطر الذي قد يطرح هو إمكانية حرب عالمية ثالثة من عدمها؟
في هذا السياق أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع أستاذ الفيزياء النووية في الجامعة اللبنانية جاسن عجاقة قال فيها "أن السلاح النووي لدى كل من روسيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ، يخلق نوعا من الردع لدى هذه الدول بحيث يفرضها كدولة من دول الكبرى عالميا وبغض النظر عن الشرق الاوسط نستطيع القول أن إمتلاك بعض الدول الكبرى للسلاح النووي يخلق نوعا من التوازن في قوى العالمية. في سبيل المثال اذا تخلو العالم بأسره عن النووي ومن ثم جاءت دولة صغيرة ببرنامجها النووي ومن ثم الأسلحة النووية ، فذلك سيخلق خللاً ، لأنها ستكون الوحيدة التي تملك كتلك الطاقة وتلك السلاح."
واضاف البروفيسور عجاقة "قد تكون هناك رغبة لدى الدول الكبرى بالتخلي من سلاحها النووي ولكن هناك مخاوف تمنعها من ذلك"، موضحا : "لا أعتقد أن تكون لدى كل من امريكا وفرنسا وبريطانيا نية لتوسيع برنامجها النووي ، لأن الأسلحة النووية فقد فقدت فعاليتها لأنه لايمكن استخدامها بشكل مستمر كل يوم واسلحة النانو هي التي اصبحت ذات فعالية أكثر وهي التي لديها القدرة على أرض الواقع ويمكن استخدامها بشكل مستمر."
و اشار الى المخاطر والمتاعب التي تشكلها الأسلحة النووية على الدولة التي تملكها سيما مع مرور الوقت تحتاج الى اتلاف وهذا الأمر يحمل الدول كلفة اقتصادية كبيرة.
وأكد على أن الأمر الأهم من حظر السلاح النووي هو محو ثقافة السلاح النووي وهذا الشيء يمكن ان يكون من خلال معاهدات طويلة الأمد ، 40 او 50 سنة ، كمعاهدات استارتر 1 و2 و3 و4 التي احدثت نوع من الإلتزام الروسي الأمريكي ولكنها توقفت لأن الأطراف المعنية اصبحت تشعر بأن هناك خللاً سوف ينتج جراء التخلي الكامل من الاسلحة النووية لأن العالم لم يجهز بعد للتخلي بشكل كامل عن هذا السلاح خاصة أنه لحد الآن لاشيء يضمن أن جميع الدول ستفتح أبوابها أمام الجهات المعنية لتفتيش منشآتها النووية وبالتالي لايضمن أنه سيتم تخصيب اليورانيوم في اطار السلمي.
واستذكر البروفيسور ما حصل قبل سنوات حيث تم محاصرة العراق ومن ثم شن حرب عليه ، بذريعة إمكانية إمتلاكه للأسلحة النووية نظراً الى عدم سماح النظام البائد بتفتيش منشآته النووية ، معتبرا أن المخاوف من عدم التزام الدول بمعاهدات حظر السلاح النووي يمكن ان تشكل ذريعة لشن المزيد من الحروب.
وتطرق البروفيسور جاسم عجاقة في حديثه الى مسألة الإتفاق النووي الإيراني مع دول خمسة زائد واحد وتصريحات ترامب المنوه بالخروج من ذلك الإتفاق ، قائلا لا يمكن لأي من الأطراف المعنية العبث بالإتفاق النووي والخروج منه ، لأن هذا الأمر لا يخدم الإقتصاد العالمي ومواقف الإدارة الجديدة للولايات المتحدة ليست الى محاولة لدفع إيران بالتخفيف من دورها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط سيما بعد تطورات إيران في برنامج منظومة الصواريخ البالستية التقليدية و أضاف أن هذا الأمر له علاقة مباشرة بالضغوط الإسرائيلية التي إزدادت تزامنا مع زيارة نتانياهو الأخيرة للبيت الأبيض.
وأكد البروفيسور أنه لا يرى أية علاقة بين ما يحصل في كوريا الشمالية والخطوة الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا وبريطانيا بعدم مشاركتهم بإجتماع الدولي لحظر الأسلحة النووية معتبرا أن كوريا الشمالية هي ورقة من الأوراق بيد الصين ، تستعملها للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية بشكل او بآخر.
وبالنسبة للموقف الروسي بعد رفض ثلاثة من الدول العظمى للحضور في إجتماع حظر السلاح النووي قال جاسم عجاقة أن باعتقاده موقف الروسي سيكون ذات الموقف التقليدي وإستبعد تماما احتمال شن أي حرب عالمية ثالثة كما يروج البعض ، مشيرا الى أن موازين القوى في العالم تغيرت حيث أصبح هناك قاعدة جديدة تحكم في العالم وهي القدرة و الوزن الإقتصادي للدول ولذلك الكلمة الأخيرة في القرار ستكون بيد من لديه الثقل الإقتصادي الأكبر وليس لمن لدية سلاح اقوى وأكثر، منوها بالتقارب الروسي الإيراني الذي يصب في هذا الإتجاه حيث حاول الطرفان فتح مجال أكبر للتعامل الإقتصادي بين بعضهم البعض./انتهى/
أجرت الحوار: مريم معمارزاده