قال الخبير الاستراتيجي شارل ابي نادر أن أم القنابل رسالة متعددة الأبعاد لعدة جهات أولها تنظيم داعش للي ذراعه وابقائه تحت السيطرة وايضا رسالة عسكرية دبلوماسية تجارية لكل من روسيا وإيران و سوريا وايضا كوريا الشمالية.

أم القنابل عنوان اطلق على قنبلة "جي بي يو-43/بي" التي القت بها الولايات المتحدة الأمريكية صباح يوم الخميس ، على شبكة انفاق تابعة لتنظيم الدولة اإسلامية في أفغانستان. هذه القنبلة التي تعد أكبر قنبلة غير نووية من حيث قدرة التفجير والتقنية يعد عمرها 15 عشر عاما وانها استُخدمت لأول مرة في ميدان المعركة العسكرية.

في هذا السياق اجرت وكالة مهر للأنباء حوار مع الخبير الإستراتيجي والعميد المتقاعد "شارل ابي نادر" ، تطرق فيه الى ما تحمله هذه الضربة من رسائل متعددة الأبعاد وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية للأطراف المعنية ، تحديدا روسيا وإيران وسوريا وكوريا الشمالية.

وقال الخبير الإستراتيجي أن هذه الضربة في الدرجة الأولى هي رسالة وجهت لداعش نفسه ، الذي كان هدفا لأول استخدام لأم القنابل ، موضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من تمدد داعش في افغانستان وخروجه من سيطرتها ، نظرا بأن أمريكا تستطيع أن تستوعب بل توجه تنظيم القاعدة في افغانستان واليوم نرى أن التشدد بات ينتشر في افغانستان بإتجاه داعش أكثر من القاعدة وهذا التمدد يشكل خطرا كبيرا على استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة المحيطة بأفغانستان وباكستان والحدود الأخرى المحيطة بالدول القريبة من روسيا.

وتوجه شارل ابي نادر في حديثه الى رسائل المختلفة الأبعاد موجهة للجانب الروسي ، معتبرا أن الرسالة العسكرية هي اولى تلك الرسائل وأن هذه الضربة قد تكون نوعا ما استعراضا للقوى والإمكانيات والتقنية العسكرية التي يمتلكها البنتاغون ، نظرا بأن قنبلة "جي بي يو-43/بي" تعد السلاح الأكثر تلائما للأهداف الغير واضحة وإنها تتناول ما هو تحت الأرض سيما الأنفاق التي تُعتبر الخطة الخفية والنقطة الرابحة لتنظيم داعش وباقي التنظيمات المتشددة في سوريا والموصل ، لذلك ويمكن اسخدامها لمواجهة تلك التنظيمات هناك ، قائلا "أن هذه الرسالة جائت لتقول اننا لدينا حلا لموضوع الأنفاق".

 وايضا  اعتبر أن هناك جانب تجاري لهذه المسألة وتلك الضربة تعد نوعا من التسويق العالمي لهذا السلاح والولايات المتحدة جاهزة لتسويق ما يشبه هذه القنبلة ، ان لم تكن جاهزة لتسويقها بشكل كامل ، سيما أن الأنفاق اصبحت تتميز بها الوحدات المتشددة.

وتطرق شارل ابي نادر الى الرسالة الموجهة لإيران وسوريا ، واعتبرها من ضمن منظومة الرسائل التي بدأت من قصف مناطق السردة والتي واكبت مناورات ايران الصاروخية ومن ثم قصف الشعيرات.

مؤكدا أن هذه الرسالة لم تكن في إطار سيناريو مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران والولايات المتحدة لأن كما سبق وذُكر ، هذه القنبلة اختصاصها الأهداف المتواجدة تحت الأرض ولا توجد جدوى عسكرية وإقتصادية بإستعمالها لأهداف على سطح الارض ، لا تغطي مساحة تعادل ثمنها نظرا بأن سيناريو مواجهة ايران وأمريكا بالتأكيد لم يكن من ناحية الأنفاق بل سيكون من خلال معركة صاروخية او قصف جوي وقد تكون معركة في البحار إعتبارا بما تمتلكه ايران. منوها بأن المناورات التي تنفذها الجمهورية الإسلامية في ايران تصب في هذا الإتجاه.

واضاف الخبير الإستراتيجي أن هناك خطين منفصلين تماما في علاقات روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ، الخط الأول يتضمن العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الجانبين والخط الثاني يتضمن نقاط التشابك بين روسيا وامريكا ، مثل موضوع اوكرانيا والحلف الاطلسي بشكل عام وموضوع سوريا والشرق بشكل عام.

واضاف أن الروس والامريكان استطاعوا ان يفصلوا هذه المواضيع (نقاط الإشتباك) عن الخط الثاني والذي هو التواصل السياسي والدبلوماسي بين الجانبين.

وقال الخبير الإستراتيجي أن الاستراتيجية الروسية حاسمة في الأمور العسكرية التي لها علاقة بمواجهة غير مباشرة مع الأمريكيين من خلال استهداف المجموعات المسلحة في سوريا وفي العراق ولكنها تحافظ على خط التواصل الدبلوماسي والسياسي مع الوايات المتحدة الأمريكية مضيفا أن هذه الشيء ينطبق على علاقات روسيا والتركيا ايضا مشيرا الى حادثة اسقاط الطائرة الروسية بيد القوات التركية واقتيال الطيار الروسي بطريقة بشعة حيث احتوت روسيا ذلك الحادث ولازالت تحافظ على التواصل السياسي والدبلوماسي مع الجانب التركي.

ورأى أن وجود التفاهم الدبلوماسي أمر مهم واساسي للغاية ، لأن في حال إن انقطع خط التواصل الدبلوماسي الروسي والأمريكي ، هناك نقاط اشتباك متعددة حول العالم ستكون عرضة لمعارك واسعة وشاملة لعدة جهات وأن روسيا لديها القدرة بأن تفصل بين خطين علاقاتها مع الجانب الآخر بحيث تنفذ ما تريده وتمشي في مخططاتها على صعيد محاربة الإرهاب ولاتقطع شعرة معاوية من الناحية الدبلوماسية.

وبالنسبة لسناريو استهداف الكوريا الشمالية ، لم يستبعد شارل ابي نادر وقوع مثل هذا السناريو اعتبارا بأن ضربة مطار الشعيرات ومن ثم انفاق داعش في افغانستان قد تكون مؤشرا على ان ترامب يمضي في استراتيجية التهديد وثم التنفيذ المباشر ، ضمن اهداف معينة ومحدودة واستهداف كوريا الشمالية بالتحديد سيكون ضمن اطار موضوع القنبلة النووية ، ولا يتعدى الخطوط الحمراء لمجلس الأمن الدولي سيما أن مجلس الأمن حذر كوريا الشمالية في اكثرمن نقطة من المضي في مسار النشاط النووي و ذلك سيكون غطاء دوليا وذريعة تتيح لترامب الشرعية في القيام بعمل عسكري يستهدف السلاح النووي كما اتاح له الشرعية لقصف مطار الشعيرات بذريعة استخدام الكيميائي.

وتوقع شارل أن ميدان السوري ايضا سوف يشهد ضربة اخرى من قبل الولايات المتحدة ، قائلا أن هذه الضربة قد تكون تكتيكية او محدودة الأهداف كضربة مطار الشعيرات وانها ستصب في اتجاه انتزاع نقاط تواصل معينة لفتح حوار مع روسيا للوصول الى موضوع معين سيما أنه بدأ يلمح على ان وحدة مسار روسيا مع مسار الرئيس بشارالأسد سوف يبعد روسيا عن مسار المجتمع الدولي./ انتهى/.

اجرت الحوار: مریم معمارزاده