والى نص المقال كاملا:
يبدو أن محاولة إقليم كردستان الأخيرة لإقناع الحكومة الاتحادية في بغداد بالتعاطي الإيجابي مع موضوع الاستفتاء على الانفصال المزمع إجراؤه في الـ25 من شهر ايلول-سبتمبر المقبل، قد باءت بالفشل كما كان متوقعا، ولم يكن أمام وفد الاقليم الذي عقد عدة اجتماعات مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وزعامات سياسية اخرى، الا ان يصطدم بحقيقة الرفض القاطع والمطلق لاجراء الاستفتاء في المرحلة الراهنة بأدنى تقدير، وهو ما اثار استياء وغضب اعضاء الوفد، ولاسيما رئيسه، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني روز نوري شاويس، الأمر الذي دفعه الى عدم اكمال الاجتماع مع العبادي ومغادرة القاعة، بحسب ما اكد مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء.
وكان وفد كردي برئاسة روز نوري شاويس وعضوية ممثلين عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الشيوعي الكردستاني والاتحاد الاسلامي الكردستاني، قد وصل الى بغداد يوم امس الاول، للتباحث مع الحكومة الاتحادية والقوى السياسية الرئيسية، حول اجراء الاستفتاء على انفصال اقليم كردستان عن العراق، فيما رفضت كل من حركة التغيير (كوران) والجماعة الاسلامية الكردية الانضمام للوفد، رغم المحاولات المحمومة من قبل حزب البارزاني لإقناعهما بتأييد ودعم الاستفتاء.
ونقلت مصادر موثوقة ان النقاشات بين الوفد الكردي من جهة، والحكومة الاتحادية ممثلة برئيسها حيدر العبادي من جهة ثانية، كانت حادة وصريحة، وخرجت في مجملها عن السياقات الدبلوماسية الهادئة.
فقد سأل العبادي الوفد الكردي، ماذا تريدون بالضبط؟ فردوا عليه "نريد اجراء الاستفتاء في موعده، ثم الانفصال والاستقلال"، ليسألهم العبادي "وما المطلوب منا"، فقالوا له "تأييد ودعم الاستفتاء والاستقلال". فما كان من العبادي الا ان قال لهم "يعني تطلبون منا ان ندعم تقسيم وتفكيك العراق؟.."، ثم اخبروني-والكلام للعبادي بحسب المصادر الموثوقة-كيف تعملون على الاستقلال وانتم مختلفون فيما بينكم واكبر دليل على ذلك، هو ان بعض شركائكم الاكراد رفضوا ان يأتوا معكم، وهم ينتقدونكم ويهاجمونكم في الاعلام، وكيف تريدون الاستقلال، وانتم عاجزون عن دفع رواتب موظفيكم، ولا تقولوا لي انكم في بغداد قطعتم الموازنة عنا، لاني سأرد عليكم بالقول، انتم من تجاوزتم الحكومة في بغداد، وقررتم تصدير النفط لوحدكم، ولا نعرف اين تذهب عوائده.. وكيف تذهبون الى الاستقلال وكل جيران العراق يرفضون ذلك، وهم قادرون على محاصرتكم بالكامل، بل حتى ان من تعتبرونهم اقرب اصدقائكم وحلفائكم-وهم الاميركان-حذروكم من الطريق الذي تسيرون فيه، واخبروكم بصراحة عدم استعدادهم لدعمكم، هذا ان لم يخذلوكم كما خذلوكم عام 1975".
وقد أدّت حدة نبرة حديث العبادي وصراحته، الى ارتفاع نبرة الوفد الكردي، الذين قال عدد منهم "ان العراق الديمقراطي لا يختلف في تعامله مع الاكراد عن عراق البعث وصدام"!.
ليعود العبادي الى مخاطبة الوفد الكردي بالقول "اذا كنتم حريصين على مصالحكم، فينبغي لكم ان تقدروا الامور بالشكل الصحيح، وتتركوا الشعارات الرنانة، وتغادروا الطموحات والامنيات غير الواقعية، وتبحثون عن التفاهم مع شركائكم في الوطن، ولاتنسوا ان ما حصلتم عليه خلال الاعوام الاربعة عشر الماضية، لم تحصلوا على جزء صغير منه على مر التأريخ".
وقبل ان يختم الاجتماع، اعتذر روز نوري شاويس عن مواصلة النقاش واستأذن بالمغادرة وهو في حالة غضب واحتقان شديدين، كما نقلت المصادر ذلك.
وفيما بعد لم يسمع الوفد الكردي من الشخصيات والقوى السياسية التي التقاها في بغداد شيئا مختلفا عما سمعه من العبادي.
في غضون ذلك، جدد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو المجلس الاعلى للاستفتاء هوشيار زيباري التأكيد على ان تأجيل عملية إجراء استفتاء استقلال الإقليم، غير وارد تحت أي ظرف من الظروف.
وفي ندوة نظمتها جامعة صلاح الدين بأربيل تحت عنوان "الاستفتاء ومصير اقليم كردستان"، يوم الاثنين الماضي، وجه زيباري انتقادات لاذعة لحركة التغيير والجماعة الاسلامية، بسبب رفضهما الاستفتاء، هذا في الوقت الذي اعادت تركيا تأكيد موقفها الرافض لاجراء الاستفتاء على لسان نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداج، والذي صرح قائلا "ان الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان عن العراق، ينتهك الدستور العراقي، وسيزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة وقد يشعل حرباً"، في حين حذر وزير الطاقة التركي براءت البيرق من ان "الاستفتاء سيضر بالتعاون في قطاع الطاقة مع إقليم كردستان، الذي يضخ مئات الآلاف من براميل النفط يوميا إلى ميناء جيهان التركي لتصدير الخام".
المصدر: موقع العهد الاخباري