س: ما هي مكانة النبي في تعاليم الشيعة؟ هناك من يتهم الشيعة بتهميش دور النبي بهدف تعظيم مكانة الائمة... هل تعتقد ان هذا الاتهام بمحله؟
الشيخ حسين الخشن: إننا نعتقد أنّ رسول الله (ص) هو المرجعية الإسلامية الأولى في الفكر والسلوك، وهو الأصل ومن سواه الفرع. وأما الأئمة من أهل البيت (ع) فهم متبعون لدين جدهم المصطفى (ص) ويستقون من معينه وينهلون من نبعه، ونحن إنما اتبعناهم – باعتقادنا – لأنّ النبي هو الذي نصّ على إمامتهم ومرجعيتهم العلمية والروحية والسياسية؛ هذا فيما يتصل بالجانب العلمي. وأما فيما يتصل بالكمالات فإنّ رسول الله يبقى هو أفضل خلق الله وأعظمهم مقامًا عند الله، وهذا ما نصت عليه روايات الأئمة من أهل البيت (ع) أنفسهم فضلًا عما يُستفاد من الأدلة الأخرى، ولذا فاتهام الشيعة بأنهم يرفعون مقام الأئمة فوق مقام النبي هو اتهام باطل ومرفوض ومجانب للصواب. وأما ما يُنسب إلى بعض المشايخ الشيعة مما يوحي بأفضلية الأئمة والزهراء على النبي، فهو - على فرض صدوره - كلام شاذ وباطل ولم يتفوه به أحد من العلماء الأعلام بل أدانوه ورفضوه، واعتبروا أنه يمثل انحرافًا عقديًا.
س: ما هو دور احياء ذكر النبي واقامة احتفالات لتعظيم وتوقيره في لم شمل المسلمين؟ هل ترى ضرورة لاحياء ذكرى مولد او وفاة النبي (ص)؟
الشيخ حسين الخشن: - نعتقد أنّ مرجعية النبي وكذلك القرآن الكريم تشكلان أهم أرضية محكمة ومتماسكة تبتني عليها كل مشاريع الوحدة الإسلامية. فرسول الله (ص) يجمعنا على اختلاف مذاهبنا وأعراقنا وقومياتنا ونحن لم نختلف فيه وإنما اختلفنا فيما روي عنه كما جاء في ذاك الحوار بين الإمام علي (ع) وأحد اليهود: يروى أن يهودياً جاءه بعد وفاة رسول الله (ص) وقال له: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه! فقال(ع):" إنما اختلفنا عنه لا فيه ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم: إجعل لنا آلهة كما لهم آلهة، قال: إنكم قوماً تجهلون"؛ ولذا علينا أن نعمل كدعاة للوحدة والتقريب ولمّ الشمل على إبقاء رسول الله فوق الخلافات وأن نستحضر هديه وتعاليمه في كل حياتنا، وما أحرى بالمسلمين المتبعين لرسول الله أن يقوموا بأعمال علمية وإعلامية فنية وتربوية يكون رسول الله محورها وقطب الرحى فيها، فلو أنّ أهل الفن من الفريقين عملوا على إنتاج وإخراج فيلم حول شخصية رسول الله (ص) على أن يحظى العمل إجماع المرجعيات السنية والشيعية، فإنهم بذلك سيقومون بأهم عمل تقريبي على الإطلاق ويقومونم بأعظم خدمة للإسلام.
س: أعلن مفتي السعودية اخيرا ان الاحتفال بمولد النبي بدعة ضالة. ما هو تعليقكم ؟
الشيخ حسين الخشن: الاحتفال بمولد النبي (ص) هو ابتداع مستحسن وليس بدعة محرمة، لأن هذا الاحتفال إنما هو إحياء لأهم شعيرة من شعائر هذا الدين وهو رسول الله (ص)، فحريٌّ بنا المسلمين أن نعمل في كل يوم على إحياء ذكر النبي واستحضار هديه والاستنان بسنته وتمجيد اسمه وإعلاء شأنه تماما كما يعمل كل العقلاء من بني الإسان على تمجيد عظمائهم وإحياء ذكرهم، لأن إحياء ذكرهم هو تمجيد للقيم التي حملوها وليس مجرد عمل احتفالي أجوف وخالٍ من الروح والمعنى. وبالمناسبة، فهذا ليس رأي مدرسة الإمامية فحسب، بل هو رأي معظم المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وقد أُلفت الرسائل والكتب حول مشروعية الاحتفال بذكرى المولد ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا طائفة قليلة، ونحن ندعو هؤلاء بكل محبة وموضوعية إلى أن يعيدوا النظر في فكرتهم وأن يميزوا بين الابتداع في الدين وهو الحرام والإبداع في ترويج قيم الدين ونشر معارفه والاحتفاء برموزه، فالخلط بين الأمرين "الإبداع والابتداع" هو الذي أوصلهم إلى هذه النتيجة.
س: ما هو معنى الوحدة الاسلامية؟هل تفسر الوحدة بالغاء اختلاف التفاسير والاجتهادات في الاسلام؟
الشيخ حسين الخشن: الوحدة الإسلامية لا تمثل إلغاء للمذاهب ولا إلغاء التعددية في الإسلام، وإنما هي إطار يجمع المسلمين على أرضية مشتركة ينطلقون منها في إدارة اختلافاتهم، والأرضية المشتركة هي كل الجوامع بين المسلمين في العقيدة وفي أسس التشريع، فلماذا يحرص البعض على عدم رؤية كل هذه المشتركات بين المسلمين من الإيمان بالله والرسول ويوم القيامة والكتاب والنبيين إلى التلاقي فيما يزيد على 80 بالمئة من قضاي الشريعة والمفاهيم، إلى الأهداف المشتركة والتحديات المشتركة والأعداء المشتركين. لماذا يريدنا البعض أن نضحي بكل هذه المشتركات على حساب بعض الاختلافات التفصيلية هنا وهناك. وإذا انطلقنا من هذه الرؤية وهذه الأرضية المشتركة فإن الاختلافات حينئذ لا تشكل عائقًا ولا مشكلة. وليست المشكلة في أن نختلف بل المشكلة في منطق القرآن هو التناحر والتمزق، قال تعالى: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ أما الاختلاف إذا لم ينطلق من الهوى والمصالح ربما يكون مدعاة للغنى الفكري ولإثراء التجربة وتسديد الخطى.
س:ما هو رأيكم ببعض المنابر الشيعية التي تكفر اهل السنة وتسيء لرموزهم فيما اعلن قائد الثورة الاسلامية ان "اي اساءة لرموز السنة حرام"؟
الشيخ حسين الخشن: إن هذه الأصوات لا تخلو في دوافعها ومنطلقاتها من أحد أمرين، إما أنها أصوات مشبوهة وتحركها بعض الأجهزة الاستخباراتية الخفية، وإما أنها أصوات جاهلة ولا تعي خطورة ما تقول. وعلى التقديرين فإننا نعلن رفضنا القاطع لهذه الأصوات النشاذ، وندعو إلى إعلان البراءة منها من قبل العلماء وعلى رأسهم مراجع المسلمين الشيعة، لأن هذه الأصوات لا تسيء إلى صورة أهل البيت (ع) فحسب بل إنها تساهم في إذكاء نار الفتنة وتسبب في سفك دماء الكثير من المسلمين ولا سيما من الشيعة الإمامية.
س: ما هي جذور الخلاف بين المذاهب الاسلامية؟ وهل يمكن حل الخلافات نهائياً؟
الشيخ حسين الخشن: إنّ الخلاف بين المسلمين له أبعاد كلامية وأخرى تاريخية وسياسية، وعلينا هنا إذا كنا مخلصين لدعوة الوحدة وحريصين على لمّ الشمل ودرء الفتنة أن نعمل على دراسة تلك الأسباب دراسة علمية موضوعية، وتذويب تلك الفوارق التي تم تضخيمها بين المسلمين. وأعتقد أنّ مسؤولية العلماء الوحدويين كبيرة، فالوحدة ليست شعارًا نرفعه ولا شعرًا ننظمه ولا شعورًا تنبض به القلوب، الوحدة فوق ذلك وقبل ذلك كله عمل فكري يؤصل لفكرة التقارب ويعمل على إذابة الجليد بين المذاهب. ويتلوه أمر آخر وهو العمل الحركي الرسالي الذي يستهدف توعية المسلمين ومدّ جسور التواصل معهم، وبغير هذه المنهجية وهذه الروحية ستبقى أصوات الوحدويين هواء في شبك لا يؤثر على أرض الواقع شيئا.
س: ما هو رؤية كبار علمار الشيعة الى اهل السنة؟ يكفرونهم او يعتبرونهم اخوان في دين الله؟
الشيخ حسين الخشن: إنّ الرأي المشهور عند علماء الشيعة والذي عليه جمهور فقهائنا هو الحكم بإسلام كل من نطق بالشهادتين، ويترتب على إسلامه أنه محقون الدم ومصون العرض ومحترم المال، له ما لنا وعليه ما علينا.
أجرى الحوار: محمد مظهري