وكالة مهر للأنباء- محمد مظهري: اليوم يصادف عيد ميلاد نبي الرحمة (صلوات الله عليه وآله وسلم) بينما العالم الاسلامي يمرّ بفترة عصيبة خلال الأعوام الأخيرة، وأنه من الممكن اعتبارها "فترة الفتن" بكل معنى الكلمة. ان النبي محمد (ص) ترك إرثا خالدا من العطاء والقيم النبيلة وهو الاسلام الا وان بعض المجموعات المتشددة المنحرفة عن الدين الحنيف تبذل قصارى جهدها لحرف تعاليم الرسول الكريم من خلال تقديم صورة خشنة وعنيفة عن الاسلام تحت عنوان الدفاع عن اهل السنة معتبرة نفسها الممثلة الوحيدة للاسلام والسنة في العالم.
خلال اعوام الاخيرة تعالت اصوات المتاجرين بالدين على منابر التكفير والتفسيق حيث لم تترك مجالاً لمحبي الحق شيعةً وسنةً ان يسمعوا صوت الوحدة والرسالة المحمدية الاصلية لاسيما بعد ظهور مجموعات متطرفة تتمتع بدعم فكري و مالي من المملكة السعودية التي تسعى الى ترويج الفكر الوهابي بدلا عن الفكر السني المعتدل في العالم الاسلامي لزرع الفتن وخلق الفوضى.
لا يخفى على احد ان علماء السنة الحقيقيين لم يعترفوا ولن يعترفون بهذا المذهب المزيف (أي الوهابية) الذي يرفض الشفاعة ويحمل حقدا دفينا ضد اهل بيت النبي متبنياً مسؤولية ايقاع الفتنة بين ابناء الأمة الاسلامية. الفكر الوهابي هو الذي يعتبر النبي مجرد ساعي بريد أوصل الرسالة إلى الناس وانتهى دوره بوفاته.
وفي هذا السياق قمنا باجراء حوار مع فضيلة الشيخ محمد الزعبي عضو المجلس المركزي في تجمع العلماء المسلمين في لبنان وخطيب مسجد الخلفاء الراشدين في طرابلس لنبحث اكثر مختلف ابعاد الخلافات الطارئة بين المذاهب الاسلامية وسبل مواجهة الفتن التي زرعت من قبل اعداء الامة وفيما يلي نص الحوار:
س: ما هي مكانة النبي بين مختلف المذاهب الاسلامية؟ وكيف يمكن لإحياء ذكرى النبي أن يؤدي دوراً في لَمِّ شمل المسلمين؟
لا شك أن جميع الطوائف والمذاهب الإسلامية تعظم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن يختلف مستوى التعظيم، فالمسلمون عموماً يرونه أفضل وأعظم وأكرم خلق الله، وهذه العظمة لا يجوز قصر أثرها على شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل إن آثارها تتعدى إلى جميع الأمة، بل جميع الخلائق والعوالم، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) خلافاً للنظرة الوهابية الشاذة التي ترى محمداً صلى الله عليه وآله وسلم مجرد ساعي بريد (بوسطجي) أوصل الرسالة إلى الناس، وانتهى دوره بوفاته. والحقيقة أن الأحاديث والآثار الواردة في كتب أهل السنة والجماعة تكذب مقولتهم: فقد روى البيهقي في دلائل النبوة والحاكم في مستدركه على الصحيحين قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: «لمّا اقترف آدم الخطيئة قال: يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي. فقال اللّه تعالى: يا آدم كيف عرفت محمّداً ولم أخلقه؟ قال: يا ربّ إنّك لمّا خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً "لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه" فعلمت أنّك لم تضف إلى اسمك إلا أحبّ الخلق إليك، فقال اللّه تعالى: صدقت يا آدم، إنّه لأحبّ الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرت لك، ولولا محمّد ما خلقتك« فعظمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عرفها آدم عليه السلام، ويعرفها كل بني آدم إلا من خرج عن فطرة الآدمية. ولذلك لما سأل أبو جعفر المنصور الإمام مالكاً مؤسس مذهب المالكية (أحد المذاهب الأربعة لأهل السنة والجماعة): يا أبا عبد اللّه أأستقبل رسول اللّه وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفّعه اللّه. ولذلك فقد اعتبر علماء أهل السنة مذهب ابن تيمية "مثلةً" أي عاهة وتشوهاً في الأمة: نقل العلامة الميناوي في فيض القدير عن الإمام السبكي أنه قال: «ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف، حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم، وابتدع ما لم يقله عالم قبله، وصار بين أهل الإسلام مثلة». ولذلك ينبغي أن نكشف مذهب الوهابية أنه مذهب شاذ، وأن تكفيرهم لمن يستغيث ويتوسل بالنبي أو بالأئمة أو بالأولياء هو مذهب شاذ عن فقه أهل السنة والجماعة. وهذا يحتاج أن ينهض العلماء بهذه المهمة، لأن الوهابية استطاعوا أن يخدعوا بعض العوام، وأن يوهموهم أن الشيعة كفار لأنهم يقولون: يا محمد، ويا حسين بدل أن يقولوا يا الله. ولذلك وجب أن نبين للناس أن ذلك ليس تأليهاً للنبي أو للولي، وإنما ذلك توجه إلى الله متوسلين إليه بمن يحب من عباده. قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) وقال تعالى: (وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جَاءُوكَ فَاستَغفَرُوا اللَّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) فلو كان مفهوم الوهابية صحيحاً فلماذا لا يستغفر المؤمنون في الآية الله مباشرة؟ ولماذا يأتون النبي ليستغفروا عنده؟ علماً أن الآية لم تخصص إتيانه في حياته أو بعد مماته. وقد روى الطبراني والبيهقي وغيرهما (صححها المحدثون كالطبراني في معجمه الصغير والمنذري في الترغيب والترهيب والهيثمي في مجمع الزوائد) أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان زمن خلافته في حاجة، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فشكى ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له ائت الميضأة (محل الوضوء) فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ، ثم قل: اللهم إني اسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي لتقضي حاجتي، وتذكر حاجتك، فانطلق الرجل، فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان فجاءه البواب فأخذه بيده فأدخله على عثمان، فاجلسه معه، وقال أذكر حاجتك، فذكر حاجته فقضاها.
إذاً كما تفضلتم في سؤالكم يجب أن نوحد الأمة على ذكرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وألا نقتصر في الذكرى على الحديث عن حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل أن نوضح للناس مكانته ودوره في حياته وبعد مماته. وهذه رؤية تتفق عليها المذاهب الإسلامية جميعاً الإمامية والشافعية والزيدية والحنفية والإباضية والمالكية والعلوية والحنبلية. وبذلك نعزل الرؤية الوهابية القاصرة التي ترى في النبي مجرد ساعي بريد، وبالتالي فإننا بكشفهم وعزلهم نسهم في إسقاط التطرف والتكفير، وفي حماية الأمة من أحقادهم وإجرامهم.
س: هل هناك ضرورة لاحياء ذكرى مولد او وفاة النبي؟ خاصة اعلن مفتي السعودية ان الاحتفال بمولد النبي بدعة ضالة؟ ما هو تعليقكم؟
إحياء ذكرى ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو يوم بعثته أو يوم وفاته، وكل الذكريات التي شكلت أحداثاً أو محطات هامة في تاريخ الأمة... كل ذلك يدخل في قوله تعالى: (وذكرهم بأيام الله)، فهذا التذكير والتذكر يجب أن نجعل منه محطات سنوية لربط الأمة بنبيها وآله، وبالمحطات العظيمة في تاريخها، لتستلهم منه بواعث نهضتها. وأما قول مفتي السعودية إن الاحتفال بدعة، أقول إن قوله ومنهجه هو البدعة، فهو منهج وتفكير غريب عن الفقه الإسلامي، فكل مذاهب المسلمين بما فيها مذاهب السنة الأربعة تقسم البدعة إلى حسنة وسيئة، وتجيز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف. والحديث الذي يستدل به الوهابية على تحريم إحداث أي شيء، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» أقول: هذا الحديث هو دليل عليهم لا معهم، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أوتي جوامع الكلم، وهو لا يقول كلاماً زائداً، فلو كان الفهم الوهابي صحيحاً لما كان لعبارة "ما ليس منه" ضرورة. فقوله "من أحدث في أمرنا ما ليس منه" يفيد بمفهوم المخالفة أن من أحدث في أمرنا ما هو منه فليس برد. والاحتفال بالمولد هو توقير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكل ما فيه توقير مطلوب في القرآن بقوله تعالى: (إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً* لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه). وطبعاً العلماء قدموا أدلة كثيرة على استحباب إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف لا يتسع لها المقام، وهي مبثوثة منشورة.
س: ما هو معنى الوحدة الاسلامية بين ابناء وشعوب الامة الاسلامية؟ هل تفسر الوحدة بالغاء اختلاف التفاسير والاجتهادات في الاسلام؟
لا أبداً.. لا يمكن أن تعني الوحدة إلغاء التفاسير والاجتهادات.. الوحدة تعني أن نلتقي على المشتركات التي هي أغلب وأوسع من المفترقات.. نلتقي على الإيمان بالله ورسوله والحب والولاء لأهل بيت النبي عليهم السلام، نلتقي على مرجعية القرآن الكريم، وحتى الروايات الحديثية نجد فيها المشتركات بين المذاهب كثيرة جداً.
وكذلك مصالح العالم الإسلامي مشتركة، فقضية فلسطين هي قضية دينية سياسية جامعة، ورفع الظلم عن الأمة وحماية ثرواتها ومصالحها كل ذلك من المشتركات التي يمكن أن نتلاقى عليها، ولكن قبل ذلك كله وبعده يجب أن نسعى إلى الوحدة الإسلامية لأنها فريضة مؤكدة في كتاب الله عز وجل بنصوص واضحة صريحة: قال تعالى: (ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ) (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ) (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)... وغير ذلك من النصوص الكثيرة التي تؤكد وجوب الوحدة وحرمة الفرقة. وهذا المعنى لم تؤكد عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مؤتمرات وتوصيات فحسب، بل جعلته من الموادّ الأولى لدستور الجمهورية الإسلامية، فنجد في المادة الحادية عشرة من الدستور الإسلامي: «بحكم الآية الكريمة (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي».
وهذا كله لا يلغي المذاهب والاجتهادات، وإنما يمكن إقامة وحدة بين الشعوب الإسلامية مع بقاء الخصوصيات، على أن نعمل وبالحوار على ألا يبقى هناك خصوصيات، بل آراء واجتهادات تكون عابرة للطوائف والمذاهب، بمعنى أن يستطيع العالم أو حتى المسلم العادي أن يتبنى اجتهاداً أو رأياً أو قراءةً في مسألةٍ ولو خالفت مذهبه، دون أن يؤثر ذلك على موقعه بين أبناء مذهبه. باختصار الوحدة على قاعدة المشتركات فريضة وضرورة، هذا في حدها الأدنى وطموحنا أن نصل إلى حالة يخف فيها التمذهب الفردي الخالص، فنجد الفرد السني يتبنى آراءً واجتهاداتٍ من الفقه والفكر الشيعي، والعكس صحيح.
س: كيف يمكن للاسلام ان يكون حاضنا لجميع المذاهب على اختلاف الرؤى؟ وهل هناك مجال ان نوسع مفهوم الوحدة لتضم الديانات الاخرى مثل المسيحية واليهودية كما جاء في كتاب الله "تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم"....؟
الإسلام بنصوصه التي أكدت ضرورة الفقه والاجتهاد والاستنباط أفسح المجال لتعدد الآراء واختلاف وجهات النظر والاجتهادات، وهو بدعوته إلى الوحدة ونبذ التفرق دعا الأمة إلى البناء على المشتركات وتحويل المختلفات إلى عامل غنى وسعة في الأمة، وهذا ما أكده الأثر القائل: «اختلاف أمتي رحمة».
والخطاب القرآني تجاوز الوحدة الإسلامية إلى التشوف إلى وحدة عالمية، كما في النص الذي تفضلتم بذكره (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) هذا مع أهل الكتاب، ولكن الخطاب القرآني تطلع إلى وحدة عالمية من خلال نصوص عديدة كقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أو قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) وفي هذا السياق أيضاً يؤكد القرآن أن البعثة النبوية جاءت لتقدم الرحمة للبشرية جمعاء (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
س: ما هو جذر الخلافات المذهبية في الاسلام؟ هناك من يقول ان الخلاف سياسي ولا فرق بين المسلمين في العقيدة وهناك من يرى ان الخلافات تعود الى اختلاف العقائد و يذهب الى تكفير الآخر؟
ليس هناك خلافات عقائدية في أصول العقائد، أي في ما يتعلق بالنظرة إلى الإنسان والكون والحياة والخالق والآخرة... وأما التفريعات العقائدية فالاختلاف فيها حاصل ولكنه غير أساسي، ولا يجوز أن يكفر أحد الآخر على أساسها. وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد أن السلطة السياسية هي التي كانت تغذي هذه الصراعات، بل إن هذه السلطة كانت تتدخل في الفقه والرواية، تفرض ما تشاء وتدس ما يناسبها، فنجد مثلاً في صحيح البخاري يصرح أبو هريرة فيقول: «لقد حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعاءين من العلم: وعاء بثثته، ووعاء لو بثثته لقطع هذا البلعوم»، وهناك عدة روايات عن أبي بن كعب وغيره تدل أن تدخل السلطة السياسية في التحريف وبث الخلافات كان من العهود الأولى بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه استفحل في العهدين الأموي والعباسي.
س: ما هو الحل لوأد الفتنة الطائفية وتوحيد صفوف ابناء الامة من اي طائفة كانوا؟
الحل يكون بالسعي لتكوين رأي عام مبني على الخطاب القرآني يريد الوحدة وينبذ الفرقة، وهذا يكون بزيادة النشاط الإعلامي والثقافي والديني لدعاة الوحدة الإسلامية في البيئتين السنية والشيعية، ويحتاج إلى ضخ إعلامي كبير للمواقف الوحدوية عبر القنوات الإعلامية والتواصلية، فمثلاً الفتوى التي أطلقها سماحة القائد آية الله العظمى السيد الخامنئي في حرمة التعرض لرموز أهل السنة، وكذلك فتوى السيد السيستاني وقوله «لا تقولوا أهل السنة إخواننا، بل أنفسنا» وغير ذلك من فتاوي المراجع الكبار، كلها تصب في دعم مشروع الوحدة الإسلامية، ولكن هذه الخطابات يجب أن تتكرر، ويتكرر عرضها، ويجب أن تبث عبر قنوات يسمعها الشارع الآخر.
ومن ناحية أخرى الخطاب الوحدوي يتصف بالعقلانية والهدوء والعمق والوعي والصدق.. ولكنه يجب أن يضيف إلى كل ذلك شيئاً من الانفعالية.. بمعنى أنه يجب مع صدقه ووعيه وعقلانيته وعمقه يجب أن يخاطب أيضاً مشاعر الناس، فيبين لهم على سبيل المثال أن دين محمد في خطر، وأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلينا وينتظر منا غيرة على دينه...
س: ما هي رؤية كبار علماء اهل السنة الى الشيعة؟ هل يكفرون الشيعة ام يعتبرونهم اخوان في دين الله رغم الخلافات؟ وما هو تعليقكم على التيار الوهابي الذي يصر على تكفير الشيعة وآخرين من الامة؟
علماء أهل السنة في القديم والحديث _إلا من شذ_ متفقون على أن الشيعة الإمامية مسلمون مؤمنون لا يجوز الحكم بكفرهم: فالبخاري ومسلم رويا في صحيحيهما عن شيعة كالقاضي الجعفري الرواجني وغيره. والإمام النووي صرح في شرحه على صحيح مسلم بعدم جواز تكفير الشيعة، بل إن هذه القضية كانت من المسلمات. وفي العصر الحديث نجد كبار علماء السنة كالشيخ الأكبر الإمام محمود شلتوت شيخ الأزهر أو العلامة الشيخ محمد الغزالي أو العلامة الشهيد د. محمد سعيد رمضان البوطي أو الشيخ جمال الدين الأفغاني أو الإمام محمد عبده أو الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين أو الشيخ القاضي تقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير... ولا ننسَ أن الأزهر قد أضاف المذهب الجعفري إلى المذاهب الأربعة أكثر من مرة، ونسأل الله أن يضيفه إضافة نهائية ولهم في الجمهورية الإسلامية أسوة حسنة حيث انتشرت فيها الجامعات التي تدرس المذاهب الخمسة، والتي ترعى كل مجاميع الوحدة الإسلامية./انتهى/
تعليقك