لعل من نافلة القول إن الخطاب التحريضي والأساليب الخبيثة التي اتبعتها الإدارة الأمريكية الحالية وحليفاتها من بعض الدويلات الإقليمية الذيلية لن تؤثر باتجاه دفع الأوضاع في العاصمة والمدن الإيرانية نحو التدهور، بالنظر لفقدان أي حواضن داخلية وانعدام أي قاعدة شعبية عريضة لعملاء البيت الأبيض داخل إيران.

وكالة مهر للأنباء ــــ د. رعد هادي جبارة : هذا طبعا لا يعفينا كمراقبين سياسيين وباحثين من تحري الدقة والموضوعية في كتابة الدراسات والأبحاث وتحليل التطورات الجارية والاحداث الراهنة وتشخيص خلفياتها وتداعياتها.

والحقيقة أن فتيل الأحداث الجارية في طهران والمدن الأخرى اقتصادي بالدرجة الأولى ثم حاولت فئات مناوئة استغلاله لأغراض سياسية.

فلا أحد ينكر وجود غلاء في أسعار المواد الغذائية وتكاليف المعيشة وتزايد التضخم والركود في الأعمال مما جعل الحالة الاقتصادية عسيرة للمواطن العادي ومحدودي الدخل. ومردّ ذلك الى قرار الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بقطع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية والطاقة والوقود ورفع الأسعار أضعافا مضاعفة مع دفع مبلغ شهري يبلغ 45.000 تومان شهريا للمواطن (10 دولارات).

لكن ومع مجيء الرئيس الحالي حسن روحاني قررت الدولة إنتهاج (الإقتصاد المقاوم) وتقليص الإنفاق وأصدر مجلس الشورى قرارات بقطع دفع المبلغ الشهري لأربعة أخماس المواطنين وزيادة الضرائب وأعدّت الحكومة لائحة الميزانية للعام القادم بحيث تتضمن زيادات في أسعار البنزين والكهرباء والغاز والماء ورفع رسوم السفر وقطع الدعم عن الخبز.

وظهرت إرهاصات من نقابة الخبّازين على عزمها رفع سعر رغيف الخبز، لكن الزيادة تأجلت وحصلت زيادة فاحشة بسعر البيض.

بَيدَ أن لائحة الميزانية مازالت قيد الدراسة في مجلس الشورى واحيلت إلى اللجنة الفرعية المختصة ولم تُقرّها لحد الآن.

المهم أن العامل الاقتصادي كان هو السبب الرئيسي والحافز المباشر للتجمعات التي انعقدت أولا في مدينة مشهد أواخر الأسبوع الفارط.

وما فتئت الإدارة الأمريكية ووسائل الإعلام التابعة لها في دول خليجية، تصب الزيت على النار وتخلط السم بالعسل باتجاه الدفع نحو الزج بالشعارات السياسية المتطرفة والتجاسر على رموز النظام الإسلامي  وإرتكاب أعمال الشغب والتخريب للممتلكات العامة والخاصة بل وسفك الدماء.

وتجلّى خبث المعتوه ترامب في تغريداته المسمومة مثلما شهدنا مسارعة بعض الفضائيات الحاقدة لبث (عواجل) ملفقة وأخبار كاذبة وادعاءات مغرضة وأمور مزيفة وأشياء لا أساس لها من الصحة بتاتا وحوارات مع عناصر إرهابية مطلوبة للعدالة وأفراد ملطخة أيديهم بدماء أبناء وطنهم ممن وضعوا أيديهم بيد صدام ونتن ياهو وباعوا أنفسهم للسي.آي.ايه والموساد وهم من ذوي الوجوه الكالحة والخلفيات السوداء المعروفين بالعمالة والإفلاس السياسي.

ختاما، ينبغي القول بأن الخطاب الأخير للرئيس روحاني كان موفقافي نزع فتيل التوتر وفي استجابة الحكومة والمجلس للمطالب الإقتصادية مع الإعتراف بحق الشعب في التعبير عن الرأي بصورة سلمية وأسلوب حضاري بعيدا عن التكسير والحرق والصدامات والشغب.

طبعا معظم أبناء الشعب الايراني واعون ويدركون أن أعداءهم كالذئاب الجريحة والثعالب الماكرة وعلى رأسهم المعتوه ترامب وبعض حكام العواصم الإقليمية.

ولا يفوتنا التذكير، بأن المستفيد الأول والأخير من أعمال العنف والتخريب هو الإستكبار الغربي والشامت الأكبر هو بعض الأنظمة الرجعية القبلية الاستبدادية في المنطقة الخليجية ولا يمكن لبضع مئات او حتى بعض الآلاف من عملاء الغرب وأذنابه أن يمسوا الجمهورية الاسلامية بسوء، نظرا للعلاقة المصيرية بين الشعب والنظام في إيران من جهة والالتصاق التام بين القوات المسلحة الإيرانية والدولة ولن تؤثر عليها هذه الشوشرات التافهة والمساعي المبذولة من قبل "العربية والحدث وسكاي نيوز" وأخواتها إذ (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ) [إبراهيم :18].