وكالة مهر للأنباء: كتب الخبير اللبناني في شؤون الشرق الأوسط حكم أمهز حول أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها البلاد أن السلطات الايرانية كانت تدرك ولا تزال ان النظام الاسلامي في ايران في دائرة الاستهداف الدائم من الاطراف الخارجية المعادية للثورة، والهدف الاستراتيجي الابعد لهذه الاطراف هو اسقاط النظام الاسلامي والاقرب هو زعزعة الاستقرار الداخلي والاخلال بالامن واشغال السلطات بالداخل الايراني، للقضاء على دورها في المنطقة والخارج، خاصة في هذا الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها للاستفراد بالمنطقة وتمرير "صفقة القرن" اي تصفية القضية الفلسطينية والقدس.
وتدرك السلطات الايرانية ايضا انه لهذا الغرض زرعت وتزرع اجهزة الاستخبارات الاجنبية والعربية المعادية، ما يسمى بالخلايا والمجموعات العميلة النائمة في الداخل الايراني، بهدف تحريكها عند الطلب وفي "اللحظة المناسبة" لتنفيذ هذه المشاريع والمخططات.
مع بدء احداث الفتنة في ايران خلال الايام الماضية، كان واضحاً للاجهزة الايرانية ان حجم التظاهرات لم يكن يشكل خطراً على الامن القومي، وكان تحت السيطرة، وهذا ما اعلنه قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري، حيث اكد ان عدد كل الذين شاركوا في الاحتجاجات في كل المناطق لا يزيد عن 15000 شخص، وان اكبر تظاهرة للمحتجين لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 1500 شخص.
والدليل على ان السلطة كانت لا تخشى خطر هذه الاحتجاجات، هو انه لو كان هناك من خطر على الامن والاستقرار لكان حرس الثورة والبسيج ( التعبئة الشعبية ) والجيش تدخّلوا مباشرة وفورا، كما حصل في احداث عام 2009 مع فارق ان للاحتجاجات انذاك قيادة وهي مؤيدة لتيار سياسي اما اليوم فهي من دون قيادة وتتحدى التياريين الرئيسيين في البلاد. وعليه تركت السلطات المعنية تدبير امر الاحتجاجات اليوم للشرطة وقوى الامن الداخلية فقط.
ايضا كان واضحا للسلطة ان المحتجين جماعات غير مرتبطة لا بالتيار الاصلاحي ولا بالتيار الاصولي، وهما التياران اللذان يشكلان نسبة السواد الاعظم من الشعب الايراني. وبالتالي فان كلا الطرفين كانا يواجهان التحدي ذاته من قبل المحتجين وهما اتّحدا فيما بينهما لمواجهتهم.. ما يعني ان حجم المحتجين قياسا على حجم انصار التيارين هو كقياس حجم النملة الى الفيل.
المسؤولون الايرانيون الذين التقيناهم اونقلت المصادر عنهم، قالوا انه كان بالامكان القضاء على الاحتجاجات في "غضون ساعات قليلة" الا ان السلطات اثرت ان تحول الازمة الى فرصة كما هي عادة ايران. كيف ذلك ؟
ربطاً بالوقائع والمعلومات، وبناء على ما سبق ذكره، كانت تدرك ايران ان لاجهزة الاستخبارات المعادية خلايا نائمة تتحرك عن الطلب بناء على اوامر من غرف علميات احداها موجود في اربيل كردستان العراق.. حيث قال امين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي "انه قبل عدة اشهر عقد في مدينة اربيل اجتماع حضره مدير العمليات الخاصة بشأن ايران في وكالة المخابرات الامريكية CIA مايكل دي اندريا، ومدير مكتب صدام حسين، وهاني طلفاح شقيق زوجة صدام، وممثل عن البارزاني وممثل عن السعودية، وتم الإعداد لكيفية تنفيذ العمليات التخريبية في إيران لكي تستمر من شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي وحتى شهر شباط/فبراير من العام الحالي باستغلال الأجواء الافتراضية". ولفت رضائي الى ان اسم المشروع الذي خطط له أعداء ايران في اربيل كان "التنسيق المثمر"، وأن ما حدث في البلاد يمثل المرحلة الأولى من هذا المخطط، وكانوا يظنّون أنهم سينجحون، إذ كانوا بصدد إرسال السلاح الى داخل ايران في المراحل التالية، وبالتالي يقومون بقتل عدد من المواطنين ثم تطلب أميركا من مجلس الامن الدولي المصادقة على قرار ضد ايران بشأن حقوق الانسان، وفرض عقوبات جديدة.
عندما تدرك الاستخبارات الايرانية هذه المعلومات، نتيقن ان هناك خلايا ومجموعات نائمة تابعة لدول هذه الغرفة.. ربما بعض هذه الخلايا تحت الرصد، ربما لا، ربما هناك شبهات على بعضها وتحتاج السلطات الى ادلة لاعتقالهم، كلها احتمالات.
بما انه لا خطر من الاحتجاجات التي حدثت، حولت الاجهزة الامنية الاستخبارية الايرانية الاحتجاجات، الى فخ لاصطياد الخلايا والمجموعات النائمة في ايران.." فخ العسل" وجعل الاحتجاجات طعما لـ"النحل المؤذي".. فتركت الاحتجاجات تستمر وتتفاعل ولكن تحت اعينها وسيطرتها. ما اشعر الاستخبارات الخارجية المعادية وغرف العمليات الخارجية ، بان الفرصة حانت، لادخال مجموعاتها على خط الاحتجاجات وتسعيرها. فايقظت وفعّلت خلاياها ونحلها.
وارفقت ذلك بحملة تحريض اعلامية ضخمة تولتها كل وسائل الاعلام المعادية بينها تصريحات امريكية واسرائيلية وبعض عربية، مرفقة بارشادات عن تصنيع قنابل المولوتوف واقتحام المواقع العسكرية والسيطرة على السلاح الى اخره من الاساليب التي لا تجر الا العنف و الدماء( تماما كما حصل في بداية الازمة السورية) فظهر الامر وكأن ايران تغلي على فوهة بركان.. في حين ان الواقع لم يكن كذلك ابدا.
باطلاق الاستخبارات المعادية، تكون قد ابتلعت الطعم. فالتخريب والاحراق وعمليات القتل التي مارسها المحتجون المندسون والمضللون، كانت تحت اعين كاميرات الاستخبارات الايرانية وموثقة بالصورة والصوت.. وهكذا دخل النحل المصيدة.. وبات كل شي تحت المراقبة والمتابعة.
تقول المصادر، انه في غضون الايام الثلاثة الاولى للاحتجاجات، تم اعتقال اكثر من الف ومئتين متورط بينهم "اجانب". كذلك اكد المسؤولون الايرانيون ان من المجموعات المعتقلة من هو تابع لداعش الوهابية الارهابية واخر لجماعة منافقي خلق الارهابية.
كذلك اعتُقل في بيران شاه شمال غرب البلاد، مجموعة اتية من كردستان العراق ودارت اشتباكات معها ما ادى الى اعتقال المجموعة واستشهاد ثلاثة عناصر من الحرس الثوري، ايضا اعتقلت مجموعة اخرى قرب الحدود الافغانية ..
ويمكن القول انه بهذه العملية، استطاعت الاجهزة الامنية الايرانية ان تنظف الجسد الايراني نسبيا من بعض "الفيروسات العميلة المندسة"، وان تسجل هدفا ثمينا في مرمى الاستخبارات الاجنبية المعادية بكشفها عن بعض خلاياها في الداخل الايراني. /انتهى/.