وكالة مهر للأنباء ـــ ناجي غنام : وكانت حكومات الإحتلال السابقة توصي في الخفاء بعدم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في الوقت الحاضر خشية تصاعد الأمور لانتفاضة جديدة.
أما اليوم ورغم محاولات الصهاينة امتصاص حالة الغضب الفلسطيني وتجنب تصاعد الأمور مع المحتجّين ضد القرار الأمريكي خشية من انتفاضة جديدة إلا أن الأوضاع اتجهت نحو مثل هذه الإنتفاضة.
وحاول الكيان المحتل مراراً أن يستبق الأمور من خلال شنّ حملات ممتدة اعتقل خلالها معظم النشطاء الذين يمكن أن يكون لهم دور فاعل في أي أحداث متوقعة لكنه فشل في ذلك أيضاً.
ولم يكن أبداً تصرف الإحتلال وتعامله العنيف مع الشباب الفلسطيني المنتفض وحده عاملاً في تشديد حدة الإحتجاجات ووصولها إلى مرحلة "الانتفاضة"، بل هناك أيضاً الدور الذي تلعبه الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.
فالسلطة الفلسطينية، سمحت باشتعال الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000، ولم تحاربها، الأمر الذي تسبب بنجاح اشتعالها ضد الاحتلال الإسرائيلي لكن سرعان ما قامت السلطة باستثمرتها لصالح عملية التسوية وعقدت إتفاق الهدنة في شرم الشيخ والذي جمع رئيس سلطة محمود عباس ورئيس وزراء الإسرائيلي المقبور أرئيل شارون وأدى إلى إجهاض الإنتفاضة.
أما العامل الآخر في تأجيج الإنتفاضة الفلسطينية فهو قرارات ما يسمى بالراعي الأول لعملية التسوية وهو الجانب الأمريكي، وقد ظهر تأثير هذه القرارات بشكل واضح خلال القرار الذي اتخذه الرئيس ترامب بخصوص القدس.
فترامب الذي تفنن في أشعال الحرائق بمختلف أنحاء العالم بعد عام واحد من توليه سدة الرئاسة الأمريكي وتسبب قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في إنطلاق شرارة الإنتفاضة الثالثة ها هو اليوم يتسبب في خسارة الولايات المتحدة لأهم دور لعبته فيما يسمى بعملية التسوية في منطقة الشرق الأوسط ما تسبب في إحراج الطرف الفلسطيني المتورط في هذه التسوية.
ذروة الإحراج ظهر من خلال اعلان المجلس المركزي الفلسطيني في ختام اجتماعه الذي عقد في رام الله في الضفة الغربية المحتلة الإثنين الماضي وقاطعته أهم الفصائل الفلسطينية والذي كلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تعليق الاعتراف باسرائيل، في رد على اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية.
وكان المجلس المركزي قرّر عام 2015 إنهاء التعاون الامني مع إسرائيل، وهو أيضا جانب مهم جدا من العلاقة بين الطرفين، لكن القرار بقي حبرا على ورق.
قرار المجلس المركزي بتعليق الإعتراف بإسرائيل قوبل إلى جانب القرارات الأخيرة التي صدرت عن إجتماع الإثنين الماضي بتحفظ من قبل الفصائل الفلسطينية ولم تكتف بعضها بالتحفّظ بل اعتبرت أن الاختبار الحقيقي لما صدر من قرارات هو الالتزام بتنفيذها فعليا على الأرض ووضع الآليات اللازمة لذلك.
*خبير في الشؤون الإسرائيلية