وكالة مهر للأنباء- محمد مظهري / مسعود بربر: تواجه منطقتنا تحديات متنامية في قطاع المياه، فلا عجب أن يتم تصنيفها من أكثر المناطق ندرة له على مستوى العالم بينما يتدفق الماء النظيف من الصنابير مباشرة في اخرى مناطق العالم.
كما تعاني المنطقة أيضاً من مشكلة توزيع المياه بين الدول والتي تعد من القضايا الشائكة خصوصاً إذ أن حوالي 60 % من المياه الجارية في المنطقة هي عابرة للحدود الدولية، حيث اصبحت مصدرا للخلافات بين دول المنبع والمصب وايران ليست بمنأًى عن الأزمة التي تعيشها باقي دول المنطقة بسبب إساءة استخدام مصادر المياه في حيث تحول الموضوع إلى أزمة شح كبير في المياه العذبة، وقد ساعدت على تعميقها عوامل أخرى مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة حيث قد تعالت استغاثات الخبراء والمنظمات المختصة في العديد من الملتقيات و المنتديات الداخلية والدولية. وفي هذا الخصوص أجرت وكالة مهر للأنباء حوار مع الناشط البيئي محمد درويش فيما يلي نص الحوار:
وكالة مهر للأنباء : ما هو تعليقك على التقارير المتواردة بشأن مشكلة شح المياه في إيران وما إذا كانت أزمة حقيقية أو يريد بعض الأشخاص افتعال أزمة؟ هنالك ادعاءات تذهب إلى أن ايران وخلال ال 90 عاما القادمة سوف تشهد انخفاضاً حاداً في هطول الأمطار ومنابع المياه الجوفية...
محمد درويش : أن أزمة المياه في إيران خطيرة للغاية ، معرباً عن اعتقاده في أن الأبعاد الخطيرة لهذه المسألة لم يتم تدوينها كما كان ينبغي أن تكون ولأننا لا نرى تغيرا جذريا في سلوك المسؤولين والأفراد تمشيا مع وقوع الأزمة ، فإنهم يقولون أن أسوأ ما يحدث هو الانهيار الأرضي حيث اذا حصل ذلك يكون مؤشراً على أقصى قدر من الكارثة البيئية وهذا يعني اختلال حقيقي في نسبة الأخذ والضخ مما يسفر عن عملية متراجعة في المياه الجوفية ، واذا استمر الأمر سنة واحدة، سنتين، ثلاث سنوات، أربع سنوات، خمس سنوات، عشر سنوات، فان ذلك سوف لا يؤدي الى انخفاض مستويات المياه الجوفية، لكن إذا استمرت العملية متواصلة ، فسيحصل انهيار أرضي.
إن العالم دائمًا خائف من كابوس يسمى نيو مكسيكو الذي حيث يحصل في نيو مكسيكو انهيار أرضي بنسبة 32 سنتيمترًا سنويًا ، ويشار إليه دائمًا على أنه أعلى معدل لانخفاض المياه الجوفية في جميع وثائق المنظمة الدولية ولكن أيضا، نفيدكم بأنه وفق تقرير عام 2010 للمسح الجيولوجي إيران يشير الى انه هذا المعدل وصل في جنوب طهران "دشت شهريار" الى 36 سم في السنة،ما يعني أنه حطم الارقام العالمية بنسبة 4 سم في احد المناطق التي تعتبر ضمن طبقات المياه الجوفية ونزولات السماء ما يعني في الجزء الجنوبي من البرز وطهران وأكثر من معدل امطار البلاد وتزخر بانهر رائعة.
ان ما يثير القلق الاكثر التقارير لعام 2015 لمنظمة الأنواء الايرانية ، هذا يعني اننا لم ننتبه الا بعد 5 سنوات اننا حطمنا كل الارقام القياسية للعالم وبلغ انهيار ارضي في مساحة بين هضبة "فسا وجهرم" شيراز الى 54 سم سنوياً ويقال انه اذا تدلت الارض بمستوى اربعة ميم سنوياً يجب ان تعلن حالة طارئة ، ذلك ان الانهيار الارضي عملية غير قابلة للعودة وغير قابلة للتفادي وبسبب الاستقاء من الطبقات الجوفية للارض ولما تكون الطبقات المائية متلاصقة حتى اذا تمكنا من ايجاد توازن بين الاستهلاك والضخ ، اننا لا نستطيع ان نعيدها مثل ما كانت حيث تحتفظ بالماء ويجري طغيان الماء على السيلان المدمر في اسطح التربة ، بالضبط مثل احراق الكتاب لا يمكننا ان نستعيده ولو قمنا بجميع الاجراءات التكنولوجية هذا يعني ما فات لا يمكننا ان نعيد له الحياة ، فعليه ان الانهيار الارضي بنسبة 4 مم يشكل ازمة ، نحن نرى في ايطاليا واسبانيا هناك انهيار ارضي بمعدل 3.7 ميم سنوياً الا اننا في ايران نشهد هذه النسبة تصل حتى 54 سم ما يعني انه اكثر من المعدل العالمي 140 مرة .
لهذا يبدو لي أننا نعاني من ممارسة الروتين اليومي ، ونحن معتادون على السلوكيات التي يمكن أن تستجيب لنا على المدى القصير ، ونحن لم نحاول تقديم خيارات أخرى لسبل معيشة الناس ، البلد الذي يقع على الحزام الجاف من العالم وهذا يعني أن عرض 25-40 درجة مئوية من نص الكرة الشمالي لا ينبغي أن يكون تجاه هذا النوع من التنمية التي تعتمد إلى حد كبير على التربة والموارد المائية ، ويجب أن نذهب نحو ذلك التطور ، الذي لديه أقل اعتماد على الماء والتربة. نحتاج إلى التركيز على تحقيق المنافع الحقيقية للبلاد ، حتى نتمكن من تلبية احتياجاتنا مع أصغر احتياجات المياه ، والآن ترى أن عدد سكان المملكة العربية السعودية 30 مليون نسمة ، تحتاج إلى 3 مليارات متر مكعب من المياه لتوفيره لشعبها ، وإجمالي المياه التي تستخرجها السعودية مليار متر مكعب سنوياً ، أي أن 300 في المائة فقط من سكانها يشربون الماء يجب أن ينتجوا كميات من الماء أكثر من الموجود ، حتى يتمكنوا من توفير المياه اتجهوا نحو أجهزة تحلية المياه وأساليب مثل هذه ، لكن لدينا حوالي 100 مليار متر مكعب من المياه ، ونحتاج إلى 8 مليارات متر مكعب من المياه لتزويد 80 مليون إيراني بمياه الشرب. أي أن 8٪ فقط من مياهنا قادرة على تلبية احتياجات شعبنا ، إذا كانت السعودية بحاجة إلى 300٪ من مياهها ، هل يمكن أن نقول في إيران أزمة مياه كما في السعودية ،في الغالب ، حسب رأيي ، بإيران ، هناك سوء إدارة وسوء استخدام للموارد المائية أكثر من الجفاف الطبيعي. وللأسف نحن من معمل على تفاقم الأزمة أزمة واشتدادها وإذا تغيرت رؤيتنا للتطور تماشيًا مع الواقع ، فإن تلك الأشياء التي تعد تهديد ومسببة لأزمة يمكن أن تتحول إلى فرصة. على سبيل المثال ، نقول إننا نعيش في صحاري وفيافي ، ونسمي هذه الصحاري والفيافي خَلْقًا حقيراً بسبب محدودية الزراعة.
لكن هذه الصحاري والفيافي ، إذا استخدمت فيها توربينات الرياح وحولتها إلى علماء البيئة والبيئة ، تحولت إلى أماكن إيواء سياحية وإيكوكامب(معسكرات بيئية) وايضا استخدامها لأماكن لاستقطاب السياح والحصول على أموال عبرها ، والآن تريد بريطانيا في كرمان أن تبدأ في استثمار 800 مليون يورو لبناء محطة الطاقة الشمسية السادسة في العالم بطاقة تصل إلى 600 ميجاوات ، لماذا لديهم مثل هذا الاستثمار في إيران؟ يقولون أنه إذا كان علينا استثمار 800 مليون يورو في المملكة المتحدة ، بدلاً من 600 ميجاوات ، لما كنا لتمكن من توليد الكهرباء سوى 80 ميجاوات ،وإذا أعطينا الإيرانيين 300 ميغاوات نكون رابحين ايضا ، لماذا لا نستخدم ميزتنا؟ لماذا لا نصبح أكبر منتج للطاقة؟ هناك مكان في الربع الخالي في السعودية وأستراليا ، يحصلون على الطاقة الشمسية ، لكن لا يوجد مكان على الأرض يمكن الحصول على الطاقة الشمسية أكثر منا ، يمكننا أن نكون أغنى دولة في المنطقة إذا استخدمنا مواردنا بشكل صحيح.
وكالة مهر للأنباء: كيف تقيمون آراء من ينقدون القطاع الزراعي ويقولون ان التأكيد على هذا القطاع يضر بمصادرنا المائية؟
محمد درويش: البعض يعاني منه الكثيرون بسب الإفراط في التركيز على الزراعة والاستقلال الزراعي الذي تضررت بشدة منه الموارد المائية ،وقال : أنا لا اعد الزراعة تتحمل مسؤولية ازاء المياه والمسؤولية تقع على الذي يعتبر أن الزراعة يمكن أن تحل مشكلة البلاد. والآن ، المشكلة ، في بلد حيث النزولات السماوية (الأمطار) هو ثلث المتوسط العالمي وتبخره أعلى بنسبة 50 ٪ ، لماذا يجب أن تنتهي نهاية الطرق الى الزراعة ؟ هذه نقطة لم نفكر فيها ، ثم نقول إننا قمنا ببناء كل هذه السدود ووضعنا 90٪ من مياهنا من اجل القطاع الزراعي ، لماذا لا تحل الزراعة مشاكلنا؟ إنها لا تنفعنا شيئا بل تدمر مستودعاتنا المائية الجوفية ، إنها تخلق ينابيع غبارية ، تستهلك كل السماد الكيميائي والسموم ، وتدمر جودة مواردنا المائية ، وهذا هو السبب.
على مر السنين ، أظهر آباؤنا أن زراعتنا يمكن أن تكون ذات جودة أفضل عند 20 مليار متر مكعب ، وكان لدينا 70 ألف قناة في البلاد ، وتجلب 20 مليار متر مكعب من المياه الجوفية على سطح الماء الزائد دون التسبب في انخفاض في نسبة المياه الجوفية ،ودون الحاجة إلى استهلاك الطاقة لاستخراجها وكانت توفر مياه الزراعة على نحو مستدام. وما زلنا في العشرة الأوائل من بين أكبر 10 منتجين في عشرة مواد زراعية في العالم ، لكننا تتبعنا الحرص وعدم الحكمة وقلنا لماذا 20 مليار ، الآن اذ يمكن من خلال 20 مليار ان ننتج هذا القدر من المنتجات الزراعية، دعونا نجعله 80 مليار ونعمل قنوات ونستهلك المزيد من المياه ، ونصنع السدود ونسخر الأنهار خدمة للزراعة ، وبغض النظر عن حقيقة أن الأنهار لها مهام أخرى ، فإنه ينبغي أن تسقي الأراضي الرطبة ، يجب أن تغذي الحيوانات المائية في البلاد ، وتسببت هذه الآبار في تجفيف 70 ألف من قنواتنا ، ثم اضطررنا إلى استخدام المزيد من الأسمدة الكيماوية للحفاظ على خصوبة التربة ، وتم كشف النقاب عن آفات جديدة وكان علينا استخدام المزيد من المبيدات الحشرية ، واجهت البلاد تسونامي من السرطان ، لأنه لم يكن الغذاء صحيًا ، كما كان من قبل ، وجود معادن معدنية ثقيلة وخطرة في الطماطم والبصل والخيار وجميع آثار الضغط المفرط على الأرض التي لم تكن على الإطلاق لتتحمل مثل هذه المسؤولية ، ويمكننا كسب المال في إيران وشراء أفضل غذاء بالأموال التي ننتجها ، أي أن المياه الافتراضية ندخلها الى البلاد ونساعد في الحفاظ على طبقات المياه الجوفية ، بدلاً من فرض مثل هذا الضغط في حالة عدم وجود مثل هذه الإمكانيات.
لذلك ، على الإطلاق ، نحن لا نتطلع إلى تعطيل الزراعة كناشطين وعلماء البيئة ، في المكان الذي ينبغي ان تكون ولكن الزراعة تحتاج إلى تحديث ؛ ذلك ان الزراعة ليست على ما يرام ولا تتصف بالحقيقية ، لذا ليس هناك حافز للترقية ، لدينا استهلاك كبير في كميات المياه ، ولدينا 30 ٪ تهدر من المياه في القطاعات الزراعية ، 6 أضعاف المعيار العالمي ، لماذا نحن نهدر؟ ، ذلك يعود الى الطريقة الخاطئة في التخزين والاستيداع للحنطة أو كمثال نرمي بالتفاح وسط الصحاري واذا صاحب هذه العملية ضخة مطر شديدة مرفقة مع عاصفة وتشميس قليل سوف يؤدي الى تدمير هذه الفاكهة وليس لدينا مبردات للفواكه بما فيه الكفاية ، ونحن نتهج طريقة خاطئة في التعبئة ، وأساليب الشحن لدينا خاطئة ، لذلك فإن نسبة ثلاثين بالمائة من المنتج الذي ننتجه بهذه التكاليف الباهظة لا يصل في الواقع إلى المستهلك. إن المياه التي نستخدمها لإنتاج هذه الـ 30٪ هي 26.7 مليار متر مكعب ، أي أكثر من حاجة ثلاثة أضعاف الـ 80 مليون إيراني يتم إهدار المياه كل عام من خلال إنتاج الغذاء الذي لا يصل إلى المستهلك. 49.7 مليار متر مكعب هو إجمالي حجم خزانات السدود ، ونحن نهدر 26.7 تريليون متر مكعب منها. إذا لم يتم إهدار هذه النسبة ، أي الزراعة ، اذا كانت تشهد تحديثًا حقيقيا وبرمجيا لم نكن عنددها بحاجة إلى بناء المزيد من السدود التي من شأنها أن تكلفنا كليًا ، ولم يكن من الضروري استيراد المنتج الزراعي بأكمله من الخارج ، حيث سيتمخض عنه ان يتحول جميع مزارعينا فقراء فعليًا في بلدنا وفي الواقع نحن نواجه هذه القيود الخطيرة.
وكالة مهر للأنباء: نفهم من كلامكم أن إيران لا تواجه ازمة شح المياه، والمشكلة تكمن في سوء الإدارة وعدم الإشراف الصحيح؟
محمد درويش:صحيح. نحن نعاني من عدم الإدارة الصحيحة في هذا المجال وليس هناك جفاف طبيعي، وقد قلت هذا الأمر في البداية والآن أكررها بثقة، فليس صحيحا أن نقول أننا نعاني من مشكلة في المياه في الوقت الذي توفر السعودية المياه لمواطنيها البالغ عددهم 30 مليون نسمة بمليار متر مكعب.
وكالة مهر للأنباء: هناك قضية تثار في هذا المجال أيضا وهي قضية الجفاف وتأثيره على الهجرة الجماعية وخرائط الهجرات في البلد. وحسب ما صرح به السيد عيسى كلانتر فإن من المتوقع أن يهاجر نصف الإيرانيين من مواطن سكنهم إلى مناطق أخرى، فما هو رأيكم في هذا الخصوص؟
إن هذا الامر يحدث في الوقت الراهن أيضا وتقول إحصائيات "معاونية التنمية القروية" التابعة لرئاسة الجمهورية أن 34 ألف قرية قد خلت من سكانها تماما منذ عام 1330 ش. أي بعد قضية صحراء " الساحل" في أفريقيا والتي أنتجت أكبر حالة هجرة في التاريخ البشري، فأن ايران اليوم تشهد اكبر موجة من موجات الهجرة ،لكن ونظرا لكونها تحدث بداخل البلد لا نسمع عنها شيئا. في عام 1330 كان 30 بالمئة من الشعب الايراني يعيشون في المدن في حين كان سبعون بالمئة يسكنون في القرى والأرياف، لكن اليوم تغييرت المعادلة وانقلبت تماما حيث أصبح ثلاثون بالمئة من الإيرانيين يسكنون في القرى فيما استوطن الباقون المدن الكبرى ومراكز المحافظات وقد أصبح الأثرياء يهاجرون خارج البلد، بعبارة أخرى يتوجه في البداية سكان المدن الكبرى ثم سكان طهران إلى خارج البلد وهناك ما يقارب الـمليون ونصف المليون إيراني ينتظرون جوازات وتأشيرات السفر لمغادرة إيران والعيش خارج البلاد.
وكالة مهر للأنباء : ما تفضلتم به حول الهجرة وتغيير التركيبة السكانية في ايران، هل لها أسباب بموضوع الجفاف؟
محمد درويش : أحد هذه الأسباب يعود لموضوع الجفاف وأحد الأسباب الاخرى يتعلق بقضية الوظائف والمهن المعيشية كما هناك أسباب ثانوية تتعلق بالحريات الاجتماعية و... لكن هذا الأخير يشكل جزءا صغيرا من أسباب الهجرة وقد نشاهد هذه في طبقة النخب والمثقفين أكثر من غيرها من الطبقات وشرائح المجتمع.
وسوف تستمر هذه التغييرات وهذه التحولات مادمنا لم نغيير في أساليب تعاملنا مع مثل هذه القضايا والأحداث وفي الوقت الراهن يسود فكر يتمثل في إزالة المصانع الكبرى وينفذ بدلا عنها مشاريع نقل المياه وتوفيرها لأكبر نسبة من السكان والمواطنين. ولكي نستطيع أن نوظف عشرات الآلاف من المواطنين فاننا بحاجة إلى مشاريع كبرى. لكن من جهة أخرى يحق لنا أن نتساءل لماذا تسير هذه المشاريع في الاتجاه الذي ينتهي بجفاف البلد واتلاف مصادر مياهه؟ لماذا لا نعمل في سبيل انشاء أكبر محطات شمسية في العالم؟ لماذا لا نقوم بانشاء أكبر محطات الرياح؟ لماذا لا ننشئ أكبر مراكز سياحية؟ لماذا لا نستثمر من مزايانا في ما يتعلق بالحدود المائية حيث تملك إيران 4700 كلم من الحدود المائية؟ لماذا لا نحي من جديد طريق الحرير؟ إن ايران هي المعبر الوحيد لدول آسيا الوسطى نحو المياه الحرة. لماذا لا نستفيد من هذه الخصائص والمزايا التي نتمتع بها؟
وكالة مهر: كما تعرفون هناك دول بادرت بتحلية مياهها، فحسب رأيكم هل يمكن تطبيق هذه التجربة في ايران؟
محمد درويش: كما أشرت سابقا إننا لا نعاني من شح في المياه لكي نسعى لإيجاد بدائل لهذه القضية، بل إن مشكلتنا ترتبط بسوء الاستفادة مما لدينا من مياه ولن تحل الازمة بهذه الأدوات العلاجية المؤقتة وغير المضمونة. لقد كان في ما مضى نهر زاينده رود وهو تزخر فيه المياه في محافظة اصفهان، فقد كان 800 مليون متر مكعب دخله من المياه الطبيعية. وقد تم حفر ثلاثة أنفاق أضيفت لنهر زاينده رود ما جعل يتسع حجم النهر إلى ضعفين لكن اليوم نشاهد أن مياه نهر زايند رود لا تصل إلى "جسر خواجو"، ولذا يحق لنا أن نساءل ما هي الأسباب التي أوصلت هذا الأمر إلى هذه الحالة؟ وحسب معرفتي فإن السبب يعود إلى حجم الاستهلاك المائي من نهر زاينده رود حيث تم استهلاك 6 لتر ماء مقابل توليد لتر واحد، أي أن هناك خطأ في عملية التخطيط والتنظيم.
في هذه الحالة وحتى لو قمنا بعملية لتحلية المياه فإن وضع هذه المياه بيد هكذا إدارة فإنه سينتهي باتلافها دون جدوى أو فائدة. إن أول خطوة هي أن يتم إعادة النظر في طرق الادارة. إن 8 بالمئة من مياهنا هي مياه استراتيجية بالنسبة لنا وهي ضرورة لتوفير مياه الشرب للمواطنين الايرانيين كما نستطيع أن نستفيد 40 بالمئة من المياه في قطاعات الزراعة والخدمات والصناعة في حين نحتفظ بستين بالمئة الباقية كذخائر استراتيجية.
في الوقت الراهن 110 بالمئة من المياه القابلة للاستهلاك تتم استفادتها. وهل يصلح الآن أن نقوم بشراء الماء من طاجيكستان أو تركيا ثم نقوم بتحليتها...
وكالة مهر: كما تعرفون لقد تعقدت أزمة المياه في الأوانة الأخيرة في ايران والمنطقة عموما، برأيكم ما هي الأسباب التي جعلت الأمور تصل الى ما وصلت اليه حتى أصبح التنافس على المياه هو القضية الأبرز في المنطقة وأحداثها؟ باعتقادكم كيف تستطيع ايران أن تقوم بأدوار في هذه القضية؟ وهل من المناسب والمرجح أن تخوض سباق التنافس على المياه وأن تلجأ إلى أدوات قهرية من أجل الحصول على المياه أو من الأفضل أن تركز ايران جهودها في تطوير قدراتها الصاروخية أو هناك خيار آخر أمام ايران؟
محمد درويش: اذا كانت ايران تدعي أنها قامت بثورة ثقافية من أجل تغيير النظام العالمي فعليها أن تنطلق من هذه الرؤية وهذه البداية التي رسمتها لنفسها. فانت ليس بامكان ان تحتج على تركيا بسبب قيامها ببناء السدود والسيطرة على المياه التي تجري في أراضيها ومنع وصولها إلى سوريا والعراق وفي الوقت نفسه أن تمارس نفس العمل ونفس السلوك. فاذا كنت أنت تقوم بمنع تدفق المياه إلى دجلة وتقوم بنقل المياه الى داخل اراضيك وتقوم ببناء سد داريان فلا يحق لنا حينئذ أن نطالب تركيا مثلا بترك هذه السياسة والتخلي عن هذه التصرفات. فعلى إيران في المقام الأول ان تبين للعالم أنها ملتزمة بالقوانين والمواثيق الدولية وتتعهد باخلاقيات البيئة والمحافظة عليها ومن ثم نطالب العالم باللتزام بتعهداته ومواثيقه.
حسب التقارير الموثقة والتي قامت وزارة الخارجية الامريكية بنشرها فان الباحثين والمحقيين يؤكدون أنه وبعد قيام تركيا ببناء سدود فان ما يقارب 5/4 مليون هكتار لم تعد صالحة للزراعة بعد قطع المياه عنها وقد أصبح العاملون على هذه الاراضي عاطلين عن العمل وقد تحول هؤلاء الناس الى المدن الكبرى وأريافها وقد باتت هذه الظاهرة والتي عرفت بظاهرة "الاسكان العشوائي " تشكل خطرا اجتماعيا كبيرا للغاية كما شكل حالة من عدم الرضا الشعبي وأدى في العديد من الحالات الى أحداث عنف كما انجر البعض من سكان هذه المناطق الى جماعات ارهابية ويستطيع داعش أن يجند هؤلاء بعد أن يدفع لهم 20 دلار يوميا وكل ذلك تعود أسبابه لفقر الناس وعدم خشيتهم لفقدان ما يملكون لانهم لا يملكون شيئا ليخسروه اصلا.
وكالة مهر للأنباء : هل هناك قوانين أو مواثيق دولية في هذا الخصوص؟
محمد درويش : هناك قانون تنص بنوده على أن الدول لا تستطيع أن تتصرف بمصادر مياهها بحيث تسبب صعوبات معيشية لمن يسترزقون من مياه هذه الأنهر والوديان المائية وقد وقعت تركيا بنفسها على هذه القوانين الدولية كما وقعت ايران أيضا. الجمهورية الاسلامية الايرانية هي عضو في لجنة " مكافحة التصحر" ولدينا برامج وطنية ومشاريع قومية في هذا الخصوص، بعبارة أخرى هناك خطة عمل تهدف للاستفادة من هذه المياه دون الاضرار بالبيئة في ايران والمنطقة. وعدد من الدول الاخرى مثل تركيا وسوريا والعراق والسعودية هي أعضاء في هذه المنطمة الدولية.
وكالة مهر للأنباء" البعض يطرح قضية " المياه الجوفية" كوسيلة علاج تقليدية كان يمارسها القدماء الايرانيون. هل تعتقدون أنه بالامكان تطبيق او الاستفادة من هذه الوسيلة لتوفير المياه اللازمة؟
محمد درويش: هذه الطريقة يتم ممارستها في محافظة خراسان وبلوشستان وفارس وقد حدث الدكتور " آهنك كوثر" هذه الطريقة وقد حصل على عدة جوائز دولية واليوم ياتي العديد من الأفراد والطلبة منم مختلف أنحاء العالم لتعلم هذه الطريقة في محطة " المياه الجوفية بالقرب من " فسا". في الواقع لقد تم القيام بأساسيات هذا المشروع وأطره العامة ونحن باستطاعتنا ان نحتفظ بكميات من المياه الجوفية تعادل أضعاف المرات ما نوفره من المياه من خلال مشاريع السدود لكن لدينا مافيا مياه كبيرة داخل البلد تستفيد من عدم انتشاره هذه الطريقة لتوفير المياه وقد عملت هذه المافيا على عدم انجاح المشاريع التي تحاول الاستفادة من المياه الجوفية في ايران./انتهى/
ترجمة: أحمد عبيات وعدنان زماني