وكالة مهر للأنباء: أحدثت الثورة الاسلامية منذ 40 سنة لحد الان تغييرات جذرية في جميع الاصعدة والقطاعات في ايران، من ضمنها هوالقطاع السياحي لاسيما ان السياحة تعد من الصناعات المدرة للأرباح والتي تشكل اهمية كبيرة لدى المسؤولين وذوى الشأن في البلاد، بحيث أنهم يسعون لإستبدالها بالصناعات النفطية، إذ أنه في الكثير من الدول في العالم يحتل القطاع السياحي المركز الاول من حيث العائدات والارباح الإقتصادية.
ورغم الطاقات الموجودة في ايران جغرافيا وثقافيا وتاريخيا، لم تنل ايران ما تستحقه من مكانة سياحية في العالم لعدة اسباب مثل العقوبات المفروضة والحرب الايرانية ــ العراقية ومحاولات الدول المناهضة لسياسات ايران لعكس صورة سلبية عنها وعن الاوضاع الامنية فيها.
باتت الرحلات السياحية الداخلية جزء لا يتجزأ من حياة الاسرة الايرانية ــ بسبب الترويج لثقافة السفر وتوفير البنى التحتية التي تتيح للجميع إمكانية السفر بسهولة.
وتم التصويت خلال السنوات الاربعين الماضية على أكثر من 600 قانون ونظام داخلي وخطة عمل وما الى ذلك في مجال السياحة والسفر، وحسب ما أفصح به المساعد السابق لشؤون الإستثمار لدى منظمة السياحة والتراث الثقافي "أمير أوحدي" أن قوانين ايران في مجال الإستثمار الاجنبي تعد من الاكثر تطورا بالعالم، كما أضاف انه قبل الثورة الاسلامية كانت فئة مجتمعية خاصة تتمكن من القيام برحلات سياحية، لكن اليوم نرى أن جميع الأسر تستطيع أن تسافر مرة واحدة في السنة كحد أدنى.
وفي اشارة الى البنى التحتية التي أعدت خلال الاعوام الاربعين الماضية من أجل تسهيل السياحة والسفر، قال أوحدي أنه يوجد اكثر من 250 مجمعا خدميا ورفاهيا تم انشائها في الطرق الرابطة بين المدن والمحافظات، إضافة الى 270 حديقة الغابة على مستوى البلاد والعديد من الحدائق داخل المدن الايرانية.
قبل اربعين عاما لم يتمكن الكثير من الايرانيين من السفر الى مدينة مشهد المقدسة، لكن اليوم بات الكثير من الايرانيين يسافرون الى "مشهد الرضا" عدة مرات في السنة، إذ تشير إحصائيات نشرتها منظمة السياحة والتراث الثقافي، أن 9 ملايين من داخل إيران قصدوا مدينة مشهد خلال العام الماضي، كما أن أكثر من مليون شخص من دول أخرى وسيما دول الجوار زار هذه المدينة في نفس العام، ما يعني أن مشهد المقدسة إستقبلت 5 ملايين زائر من داخل وخارج ايران خلال عام 96 حسب التقويم الايراني (2016-2017).
هذا وتحاول وسائل الاعلام المناهضة للثورة ولسياسات الجمهورية الاسلامية عكس صورة سلبية عن ايران وعن أوضاعها الأمنية، رغم ذلك فإن الكثير من السياح الاجانب يتوافدون كل عام الى ايران، منهم يأتي لمشاهدة طقوس محرم وعاشوراء عن كثب.
يذعن معظم هؤلاء السياح وبعد الرجوع الى بلدانهم بحقيقة ان ما يحكى عنه في وسائل الاعلام الغربية عن ايران، مجرد أكاذيب وإفتراءات، مشيدين بالأمن السائد بالبلاد والتطور التي توصلت اليه ايران على مختلف الأصعدة، حيث أن ذلك يتناقض تماما مع الصورة التي قد رسمت في أذهانهم مسبقاً.
وجهات سياحية لم تكن محط إهتمام من قبل
ومن اللافت ان أماكن مثل المباني والدور التاريخية، البقاع المتبركة، مقابر الشخصيات الدينية والعلماء والشهداء والشعراء وغيرهم من الشخصيات التاريخية، دور العبادة ومعابد النار والكنائس، الأسواق العتيقة، القرى التاريخية، التلال والقلعات والابراج والحمامات والمساجد والمدارس وغيرها من الصروح التاريخية، الصحراء والموانيء والمغارات والبرك والمستنقعات وينابيع المياه الساخنة والشلالات والوديان وغيرها من المعالم الطبيعية، لم تكن في السابق تعتبر من الجاذبيات والمقاصد السياحية في البلاد، لكن بعد الثورة الاسلامية والإستثمار في 401 بقعة في انحاء ايران، تحولت هذه الاماكن الى وجهات سياحية تستقطب السياح من داخل وخارج البلاد.
الى جانب الأماكن المذكورة في الاعلى تم الاستثمار لإنشاء أنواع اخرى من الوجهات السياحية الحديثة مثل المنتجعات الدولية للتزلج، مضامير سباق السيارات، الطيران المظلي، حديقة الديناصورات، البحيرات والشلالات الاصطناعية، الحديقة الوطنية للنباتات والطيور، والمتاحف وغيرها من المنتجعات السياحية.
بعد الثورة الاسلامية تم تأسيس منظمة السياحية والتراث الثقافي والصناعات اليدوية التي تمارس أنشطتها تحت اشراف رئيس الجمهورية. أصدرت هذه المؤسسة رخصة النشاط لما يقارب نحو 4800 مكتب للخدمات السياحية، كما ان الشؤون الخاصة بدخول وخروج المسافرين تقع على عاتق الجهات متصلة بالمنظمة المذكورة.
ولأول مرة في تاريخ ايران أطلقت دورات تعليمية خرجت منها ثلاثون الف مدير فني للمكاتب والمؤسسات الخاصة بالخدمات السياحية في البلاد، باتوا يمارسون مهنتهم بشكل حرفي لتقديم مستوى عال من الخدمات الرفاهية للسياح.
ومن التطورات التي شهدتها البنى التحتية الخاصة بالقطاع السياحي هو نمو الفنادق بنسبة 400 في المئة بحيث وصل عدد الفنادق من 291 فندقا في عام 1978 الى 1200 فندق في الوقت الحالي بغض النظر عن دور الضيافة. وإزداد عدد السرائر ليصل الى 400 الف سرير في عام 2017 في الفنادق ودور الضيافة، ذلك بغض النظر عن باقي المراكز السكنية الخاصة بالسياح.
قبل الثورة كان في ايران معهد دراسي واحد فقط ذات صلة بالسياحة وكان يدرس فيه التجول بايران وإدارة الفنادق ، لكن بعد التحول الكبير الذي تلى الثورة في هذا المجال، تأسست أكثر من 100 مجموعة دراسية وعلمية في مختلف الجامعات، ساعدت على ازدهار هذه الصناعة وارتقاء الجودة فيها.
أما بعد الثورة باتت السياحة تشكل محل إهتمام كبير لدى الجامعات الايرانية ومراكز التعليم العالي، بحيث يوجد هناك أكثر من300 عضو ضمن هيئة التدريس ومئات المدرسين تم تدريبهم لتعلميم فرع السياحة، كما تتوفر فرصة الدراسة لـ20 الف طالب في هذا المجال، الى جانب توفر فرص عمل بمجال السياحة لأكثر من 100 الف شخص في والوكالات والجامعات وما الى ذلك.
يذكر انه قبل الثورة الاسلامية كان يوجد 40 دليلا سياحيا في البلاد، بينما حاليا يوجد 7 الاف شخص لديه تصريح لمزاولة مهنة الارشاد السياحي في البلاد، وذلك بفضل تواجد المراكز التعليمية التي دربت 5 الاف و300 شخصا لإدارة الفنادق.
توصلت ايران الى درجة من التطور في مجال السياحة بحيث تم تعيينها ولأول مرة في منصب نيابة رئاسة الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية في عام 2013، وكانت عضوة في اللجنة التنفيذية ولجنة تقييم الاعضاء المنتسبين لهذه المنظمة منذ عام 2014 حتى 2017.
السياحة العلاجية بأيران
قبل الثورة الاسلامية كان يوجد الكثير من الاطباء الاجانب سيما من الهند والفليبين يمارسون مهنتهم في ايران، لكن اليوم باتت ايران من البلدان المتفوقة في مجال الطب، حيص الكثير يتوجهون من باقي البلدان سيما دول المنطقة إلى ايران، لتلقي العلاج وإجراء عمليات جراحية ضرورية أو تجميلية، حيث إستقبلت ايران في الفترة الاخيرة أكثر من 200 الف سائح قاصدا ايران طلبا للعلاج.
ومن ضمن مؤشرات تقدم ايران في مجال السياحة في السنوات الاربعين الماضية هو أن مدينة تبريز شمالي غربي ايران أختيرت كعاصمة السياحة في العالم الاسلامي لعام 2018، كما أن مدينة همدان هي الاخرى في شمال غربي ايران أختيرت كالعاصمة السياحية في آسيا بعام 2018، وقدمت مدينة مشهد المقدسة شرقي ايران بعنوان العاصمة الثقافية للعالم الاسلامي في عام 2017، كما أن مدينة اصفهان تم اختيارها العاصمة الثقافية للعالم الاسلامي عام 2006.
ما ذكر في هذا التقرير هو مجرد جزء بسيط من التقدم الذي حققته ايران في مجال السياحة بعد الثورة الاسلامية، إذ أن هناك الكثير من الاحداث كالمشاركة في معارض متعدد والجهود التي لا تتوانا عنها الجهات المعنية لمكافحة ظاهرة أيرانو فوبيا وتقديم الصورة الحقيقية عن ايران، حيث أن الامن والسلامة يستتبان فيها، على خلاف الصورة التي تقدم في وسائل الاعلام التابعة للجهات المعادية لإيران./انتهى/