شدد الكاتب والصحافي الفلسطيني خالد الجيوسي علی أن الموقف العربي حيال مواجهة «صفقة القرن» مخجل ومتآمر علی القضية الفلسطينية كما أن التآمر السعودي- الإماراتي، مكشوف وعلني ومُساند لتطبيقها.

وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: أعلن جاريد كوشنر مستشار البيت الأبيض بأنه سيتم الكشف عن تفاصيل صفقة القرن بعد شهر رمضان في ظل التسريبات الاعلامية التي تشير إلی بعض نقاطها وتكشف عن انحيازها الكامل للكيان الصهيوني القاتل كما نشرت مجلة "فورين بوليسي"، عن وثيقة سرية أرسلها جاريد كوشنر في 11 كانون الثاني/ يناير 2018، شدد فيها على ضرورة حل وكالة الأونروا، وإيقاف المساعدات عن الوكالة الأممية بشكل كامل.

وروّج كوشنر في أروقة البيت الأبيض لفكرة ضرورة وقف المساعدات عن الفلسطينيين، وإلغاء عمل الأونروا في المناطق العربية، واستيعاب اللاجئين الفلسطينيين في تلك الدول التي يقيمون فيها، وإقناع السلطة بتولي المسؤولية عن الفلسطينيين الذين يقطنون في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وفي شأن بنود صفقة القرن أكد الكاتب والصحافي الفلسطيني خالد الجيوسي علی أنه "لا يبدو أن البُنود الرئيسيّة لصفقة القرن واضحة المعالم بعد، وفيما بدا أنّ هُناك تلكؤ من عرّابيها الأمريكيين، وحُلفائهم العرب، فنحن كُنّا على موعد لإعلانها بشهر فبراير الماضي من العام الجاري، لكن تطوّرات على الصّعيدين الأمريكي والإسرائيلي، كانت قد رفعت الآمال، بسُقوطها، برحيل دونالد ترامب ضمن اتّهامات التدخّل الروسي بالانتخابات، كما نهاية وشيكة لبنيامين نتنياهو ضمن اتّهامات بالفساد، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السّفن الفلسطينيّة، ويبدو أننا أمام حقيقة مُرّة سيتم إعلانها بعد شهر رمضان".

وتابع بأن "تحفّظ الفصائل الفلسطينيّة، يأتي من ذات الخُطوط العريضة التي تتمسّك فيها منذ لحظة التخطيط للصفقة أو "صفعة" القرن بالأحرى، وهي بند إعلان الدولة الفلسطينيُة منزوعة السّلاح، والتنازل عن الأرض، وحق العودة، وتوطين الفلسطينين كُلٌ في أوطان الاغتراب والشّتات، وهي مواقف تتعلّق بفصائل المُقاومة، ولا تتعلّق بالسلطة بقيادة محمود عباس، فالتنسيق الأمني عالي المُستوى الذي يُشرف عليه الأخير، وتحديداً كمثال أخير، مُشاركته أو قواه الأمنيّة بتسليم الشهيد عمر أبو ليلى، الذي اختار المُقاومة، والاستشهاد في موقعه الذي تحصّن فيه، وكان لقوّات الأمن الفلسطينيّة يد في سقوطه شهيداً، ولذلك لا يُعوّل على سلطة رام الله بالشيء الكثير".

وصرح بأنه "لا أعتقد أن ثمّة مصالح تُذكر للعرب، والفلسطينيين، من الصفقة المشؤومة تلك، فهي وإن صحّت بعض تفاصيلها المُسرّبة، فهي تقوم على إنهاء الوجود الفلسطيني حتى بالضفّة الغربيّة، كما تقوم على تنازل بعض الدول العربيّة على بعض من أراضيها، أو استبدالها بأراضٍ مع بعضها، لإقامة دولة فلسطينيّة مزعومة، على غير أرض فلسطين التّاريخيّة، من النهر إلى البحر، أي أننا أمام حتى إنهاء لمُعادلة حل الدولتين، والاعتراف بالقدس الشرقيّة عاصمةً لها، وهو حل مرفوض بالنّسبة لمن يُؤمنون بعدالة قضيّة تحرير فلسطين، وسموها، والمُستفيد الأمير من كُل هذا، هو الكيان المُحتل الإسرائيلي، وتنفيذ حلمها بدولة النيل إلى الفرات، ولعلّ التعويل في مُواجهة هذا، يظل على عاتق دول محور المُقاومة، التي يجري مُحاصرتها، والتّضييق عليها، لمواقفها الثابتة، والنّبيلة من فِلسطين، والمُقاومين فيها، وعلى رأسهم الجمهوريّة الإيرانيّة الإسلاميّة، وهي الإجابة النموذجيّة إذا ما كُنّا سنتحدّث عن دور إسلامي لافت في مُواجهة صفقة القرن".

وفي شأن موقف الدول العربية حيال صفقة القرن شدد علی أن "الموقف العربي للأسف باهت، ومُخجل، بل هو بالأحرى مُتآمر على فلسطين، وداعم لبيعها، والتنازل عنها، وتسليم مُقدّساتها للعدو الإسرائيلي، ولا بُد هُنا إلى الإشارة لموقف الأردن الثابت حتى الآن، من نيّة مُصادرة وصايته الهاشميّة على المُقدّسات، وكم الضّغوط الهائلة التي يتعرّض لها عاهله الملك عبد الله الثاني، بالإضافة إلى التضامن الشعبي مع موقفه، وكان لافتاً تلك المُبادرات العشائريّة التي حرقت العلم الإسرائيلي، وأضاءت آلاف الشّموع بعنوان القدس عربيّة، وهذه المواقف تُعد لافتة، لأنّ حرق العلم الإسرائيلي في الأردن، يُعتبى تُهمة تعكير صفو علاقات مع حكومة "صديقة" أو يجمعها معه مُعاهدة سلام، كما أننا نُعوّل على انتفاح أردني نحو إيران الإسلاميّة، التي نُؤمن أنها ستُمد له يد المُساعدة إذا ما قرّر خوض المعركة لنهايتها، والدّفاع عن المُقدسات الإسلاميّة، والمسيحيّة، ورفض التوطين، والوطن البديل، والتنازل عن الوصاية، هذا بالإضافة إلى سورية، ولأن مصلحة الأردن مُتضرّرة قبل مصلحة فلسطين، فيما إذا تم إعلان الصفقة وتطبيقها، فيما يتردّد عن استدعاء أمريكي للزعماء العرب، وإجبارهم على المُوافقة العلنيّة بعد إعلانها".

وفي شأن دور السعودية والإمارات في دعم الخطة الأمريكية أكد علی أن "التآمر السعودي- الإماراتي، مكشوف، وعلني، ومُساند لتطبيق صفقة القرن، وكلا البلدان يقومان بمُمارسة ضعوط ماليّة، وأخرى سياسيّة على الدول القليلة الرافضة للصفقة، وربّما من الجيّد أن ننظر إلى مُحاولات تدخّلاتهم في ثورتي كل من السودان، والجزائر، وربّما نجاحهم في مُصاردتها بالسودان، وتقديمهم مساعدات ملياريّة، لمجلس الحكم العسكري في الأخيرة، كما تمنعهم عن تقديم المُساعدات الماليّة للأردن، ورفع مُستوى تأزيم العلاقات مع كُل قطر، وتركيا، وحتى تعبير المغرب عن استيائه من علاقة تقوم معهم على ما وصفها بتحت الطلب، وربّما يُطرح التساؤل الإكثر إلحاحاً، ما هو المُقابل الذي ينتظره ولييّ عهد السعوديّة، والإمارات من هكذا تنازلات تاريخيّة عن القدس، والوصاية، وحتى فلسطين، هل هو تربعهم على عرش بلادهم، "بمُباركةٍ ترامبيّة"، وحدهم المُقاومون من لهم القدرة على إفشال مساعي المُتآمرين برأينا".