سيقوم الرئيس الياباني شينزو آبي ببدء زيارة رسمية إلى طهران يوم غد الأربعاء والتي تعتبر الأولى بهذا المستوى بعد أربعة عقود، للوساطة من أجل تخفيف التوترات المتصاعدة بين إيران وأميركا، لكن هل يمكن أن تكلل هذه الزيارة بالنجاح بعد حصولها على إذن أميركي للدخول في قواعد اللعبة المرسومة.

وكالة مهر للأنباء، أحمد عبيات: من المقرر أن يقوم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي لعب الجولف مع نظيره الأميركي دونالد ترامب قبل أسبوعين، ببدء زيارة إلى طهران هذا الأسبوع للتوسط من أجل تخفيف التوترات بين طهران وواشنطن. اليابان لم تدخل اللعبة بدون إذن أمريكي، لكن هل ستجني هذه الوساطة فائدة مهمة تذكر لطوكيو؟ كيف يمكن أن يكون أبي ناجحًا في تحقيق رسالته خلال زيارته إلى طهران؟

وستأتي زيارة رئيس الوزراء الياباني إلى طهران يوم الأربعاء 12 حزيران/ يونيو المقبل، وسيبقى يومين في طهران يلتقي خلالهما القادة والمسؤولين الإيرانيين، وسيلتقي يوم الخميس 13 حزيران/ يونيو، برئيس الجمهورية حسن روحاني، ويوم14 حزيران/ يونيو، سيلتقي بقائد الثورة آية الله علي الخامنئي.

ووفقا للمسؤولين الإيرانيين، إن هذه الزيارة تهدف إلى دراسة العلاقات الثنائية بين طهران وطوكيو، ومناقشة التوترات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة. وهناك تكهنات بأنها سوف تقلل من الخلافات وتفتح منصة للتفاوض بين واشنطن وطهران.

إن تصريحات ترامب الأخيرة في اليابان التي اتسمت بشيء من المرونة في اليابان عطفت انتباه العالم عليها. حيث قال في كلمة غير مسبوقة إن "إيران أمامها فرصة لكي تصبح دولة عظيمة بالقيادة نفسها. نحن لا نتطلع لتغيير النظام"، وهي تصريحات كان لها حكم الضوء الأخضر للتفاوض مع إيران.

وکما أعلن وزير خارجية اليابان تارو كونو أن بلاده ستستفيد من موقعها كصديق لإيران وأمريكا لخفض التوتر بينهما، وهنا سنتطرق إلى أسباب ذلك.

1. بالمقام الأول إن اليابان خفضت اعتمادها على النفط خلال فترة السنوات العشر من 2007 إلى 2017، بحوالي 890،000 برميل. ومع ذلك، في عام 2017، كانت تستورد 4 ملايين و 142 ألف برميل من النفط كل عام، وبذلك وصل إجمالي 1.6 في المائة من واردات النفط العالمية بحلول عام 2017. وتحصل اليابان عبر دول الخليج على جزء كبير من النفط. لذا فإن احتمال حدوث توتر واسع النطاق في منطقة الخليج، سيؤدي إلى انعدام الأمن وإغلاق مضيق هرمز، ويمكن أن يعرض الاقتصاد والصناعة اليابانية لخطر كبير. ولهذا نرى أن اليابانيين يحاولون خفض مستوى التوتر في منطقة الشرق الأوسط.

2. قبل عقدين، في الوقت الذي وقعت فيه شركة "إينبكس" اليابانية بعد أشهر من التفاوض على عقد تطوير حقل "آزادكان" النفطي جنوب غرب إيران. كان من المهم للغاية بالنسبة لليابانيين الحصول على المشروع مقابل تقديم أكثر من 3 مليارات دولار كقروض منخفضة الفائدة لإيران. لقد أرادوا أن يكونوا في واحدة من الحقول الكبيرة في العالم لضمان أمن الطاقة في المستقبل. عندما أصبحت القضية النووية الإيرانية ساخنة، غادر اليابانيون كل شيء بإشارة من الولايات المتحدة. إن الشعب الياباني معروف عنهم احترامهم لكنهم ليسوا وسطاء محايدين أبدا!

3. رحب مسؤولو وزارة الخارجية بحضور رئيس وزراء اليابان في إيران. ومن المرجح أن شينزو آبي يمكنه وضع بطاقة نفطية مؤقتًا على الطاولة لنجاح زيارته. كانت اليابان تشتري 130 ألف برميل من النفط يومياً من إيران وذلك قبل بدء العقوبات. وفي مارس (قبل شهرين)، بلغت واردات اليابان من النفط من إيران أكثر من 290 ألف برميل يوميًا بسبب تمديد الإعفاء من الولايات المتحدة على المدى القريب. اليابان عميل وزبون إيراني تقليدي ويعزّ على إيران خسارة هذا السوق. الآن، إذا أدرك الرئيس آبي هذه الظروف، فيمكنه أن يأخذ إعفاء الولايات المتحدة لمواصلة استيراد النفط الإيراني بوتيرة ما قبل العقوبات، وكذلك يمكنه كسب ثقة الإيرانيين كوسيط.

4. إن خطر فقدان أسواق النفط الإيرانية يخضع تحت عقوبات صارمة. فإذا قام عملاء النفط الإيراني بتعيين مصافي تكرير النفط الخاصة بهم، بنفط غير النفط الإيراني فلن يكون من السهل على إيران بيع النفط لهم. حتى لو تم رفع العقوبات، فإن مرور الوقت في هذه الظروف كفيل بأن يضر بصناعة النفط الإيرانية. وخاصة أن دول الجوار تعمل على الاستخراج من حقول النفط والغاز في المناطق المشتركة بشكل يومي. لا يخفى على أحد الأنباء حول عقد العراق صفقة بقيمة 53 مليار دولار مع شركة إكسون موبيل الأميركية. إذا حاولت اليابان رفع العقوبات النفطية الإيرانية، يمكنها عندئذ العودة إلى مشاريع النفط في جنوب إيران.

إن أي محاولة للتفاوض مع رئيس الوزراء الياباني يجب أن تنفتح أمامها أبواب النفط. بشكل صريح وشفاف. لغة النفط دولية ويعيها الجميع. من شينزو آبي إلى دونالد ترامب!/انتهى/