وقال عبدالباري عطوان في مقال حول اعلان الحرس الثوري الإيراني فجر الخميس بانه اطلق صاروخ أرض جو أسقط طائرة تجسّس أمريكيّة بدون طيّار اخترقت الأجواء الإيرانيّة فوق مضيق هرمز: مِن الواضِح أنّ القِيادة العسكريّة الأمريكيّة التي حشدت حامِلات طائرات وعشَرات السّفن الحربيّة في منطقة الخليج (الفارسي) اعتقدت أنّ الحرس الثوري الإيراني لن يتصدّى لهذه الطّائرة التي اختَرقت الأجواء الإيرانيّة... أو أن تكون هذه الطائرة أُرسِلت كبالون اختبار لقِياس رد الفعل الإيراني، أو لاستِفزاز إيران ودفعها إلى إسقاطها بحثًا عن ذريعةٍ لإشعال فتيل الحرب، ولا نستبعِد أيّ من هذه الاحتِمالات.
واضاف : من الواضِح أنّ قرار إسقاط الطائرة الأمريكيّة فجر يوم الخميس لم يكُن قرارًا مُفاجئًا، وإنّما في إطار استراتيجيّة تبنّتها القِيادة العسكريّة قبل أشهر عُنوانها الأبرز والأهم التصدّي لأيّ طائرة أو دبّابة أو صاروخ ينتهك الأراضي والأجواء الإيرانيّة، سواء كان هذا الانتِهاك أمريكيًّا أو إسرائيليًّا، أيّ أنّ الأصبع كان موضوعًا على الزّناد في انتظار هذا الاختِراق.
وتابع قائلا: أن المِزاج القِيادي الإيراني ليس مزاجًا استسلاميًّا، ولا نستغرِب ردًّا مُؤلمًا ومُوجعًا للطّرف الأمريكيّ المُعتدي، اللهمّ إلا إذا حمل الوسطاء الدوليين عرضًا برفع الحِصار وعودة أمريكا إلى الاتّفاق النووي الذي انسحبت منه، وهذا احتمال يظل ضئيلًا في ظِل المناخ العام المتوتر حاليًّا.
وقال : حُلفاء أمريكا الإسرائيليّون والعرب المرعوبون من إيران وأذرع حُلفائها العسكريّة الصاروخيّة الضّاربة، استغلّوا غباء الرئيس ترامب وورّطوا أمريكا في خوض حرب ستخرُج منها مُثخّنة الجِراح، وبخسائر عسكريّة وماديّة ومعنويّة باهِظة التّكاليف، وتتواضع أمامها نظيراتها في العِراق وأفغانستان وربّما فيتنام أيضًا.
واضاف عطوان: احتِلال أمريكا للعراق لم يُزله من الخريطة، وغزو أمريكا لأفغانستان، وتغيير النّظام فيها لم يمنع عودة حركة طالبان أقوى من قبل، وسبعة سنوات من الحرب والقصف والمُؤامرات في سورية جاءت بنتائج عكسيّة تمامًا، وأزَمات المُتدخّلين باتت إضعاف أزَمَة النّظام الذي أرادوا تغييره، إيران ستبقى مكانها، ولكن هل ستبقى أمريكا في المِنطقة؟ وكيف سيكون حال حُلفائها العرب والإسرائيليين؟
واختتم قائلا : الإيرانيّون لن يتركوا حِصارات ترامب، ومنع صادِراتهم النفطيّة تقتلهم جُوعًا ومهانةً وإذلال، وهذا ما لم يفهمه الرئيس الأمريكي، ولن يفهمه حتّى يُشاهد كيفيّة رد هؤلاء وآثاره على قوّاته وسُفنه وقواعده ومُدن حُلفائه ومطاراتهم ومحطّات مياههم وكهربائهم.
تخيّلوا فقط انقِطاع الكهرباء في صيفٍ خليجيٍّ قائِظٍ تصِل درجة الحرارة فيه إلى 55 درجة مئويّة في الظّل، وأحوال أُناس يعيشون في عمارات زجاجيّة تتحوّل إلى أفران.. فقط تخيّلوا.. والأيّام بيننا.