وكالة مهر للأنباء - فاطمة صالحي: أثار انتشار مقاطع فيديو لسياح إسرائيليين يقومون بطقوس تلموديّة في منطقة البتراء وداخل مقام النبي هارون في إقليم البتراء غضب الشارع الاردني حیث طالب سياسيون وناشطون بمحاسبة المسؤولين المقصرين لإتاحتهم الفرصة أمام الإسرائيليين لدخول المنطقة والمقام.
وفي المقابل تفرض بعض الدول العربية قيود خاصة علی السياحة الدينية لأتباع الشيعة واجراء الطقوس الدينية من جانبهم في هذه الدول.
وفي هذا الشأن أكد الكاتب والصحافي الفلسطيني «خالد الجيوسي» في حواره الخاص مع وكالة مهر علی أننی لا أعتقد أنّ خوف بعض الدول العربيّة من تواجد الشيعة في بلادهم، وبالتالي قيامهم بطُقوسم، وشعائرهم، نابعٌ فقط من تخوّف خاص بحُكومات تلك الدول على التركيبة الدينيّة والنسيج الاجتماعي فيها، الأمر يتعدّى إلى كونه سياسة عامّة تتبعها دول ما يُعرف باسم محور "الاعتدال" ضد أتباع الطائفة الشيعيّة الكريمة ككل، والتي بالأساس تأتمر من حلفائها الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكيّة، وفرض القيود على السياحة الدينيّة الخاصّة بالمذهب الشيعي تحديداً يأتي في سياق الحرب الذي يخوضها "الاعتدال" ضد محور "المُقاومة".
وتابع بأنه "هُناك من يُريد أن يربط المذهب الشيعي بالجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، مع أنّ أتباع المذهب المذكور، يحملون جنسيّات مُختلفة عربيّة وإسلاميّة، وأعدادهم بالملايين، لكن ثقافة "المُقاومة" التي تحملها إيران، وتعمل على نشرها وتعزيزها بالأمّة الإسلاميّة، هي الأساس في جعل تلك الدول "المُعتدلة" تخشى ما يُسمّيها بعضها "الهلال الشيعي"، وهو هلالٌ يُخيف العدو الإسرائيلي بالأكثر".
وأضاف بأنه "نضرب مثالاً على ما نقول، في العربيّة السعوديّة، وتحديداً في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقيّة، كان هُناك تصوّر عام عند السعوديين "السنّة"، أنّ شيعة القطيف، يدينون بالولاء للقائد الأعلى للثورة الإسلاميّة، وأنّ ولاءهم للدولة الإيرانيّة، وهي صورة نمطيّة عزّزتها السلطات السعوديّة، على أساس مذهبي وطائفي، وسياسي بالأكثر، حتى تستطيع تهميش "الشيعة" المُتواجدين على أراضيها، والقول بأنّ تشيّعهم "سياسي"، وبالتالي يوجب القمع، والاعتقال، والقتل، والتهميش، وإعدام رموزهم "الشيخ نمر النمر"، برغم كُل مُحاولات هذه المنطقة نفي هذه الاتّهامات، أملاً في حياة أفضل شأنهم شأن السعوديين "السنّة"، وهُم مُكوّن أساسي تاريخي في تلك المنطقة (الشرقيّة)، والبحرين أيضاً ليست استثناء، فكيف هو الحال مع "الزائرين الشيعة"؟.
وصرح بأن "الأردن هو الآخر يمنع السياحة الدينيّة للشيعة بمُبرّرات الخوف من التطرّف الإيراني، مع العلم أنّ تلك السياحة ستدر عليه أموالاً طائلة، وتُنعش خزينته المُتهالكة اقتصاديّاً، ومع هذا لا يزال يجري الحديث عن تبريرات دينيّة، لم يعد قبولها مُمكناً، مع تبنّي عمّان رسالة الإسلام الوسطيّة، وبعد الإهانة التي وقعت على أراضيه، وشاهد الأردنيون شعائر وصلوات تلموديّة يهوديّة على أراضيه، وفي الأردن هُناك السني، والمسيحي، العلماني، الملحد، وها هو "اليهودي" يُمارس طُقوسه العلنيّة، المنع لم يعد مُقنعاً أو مُقتصراً على "الشيعة"، وهم أتباع الدين الإسلامي بالنهاية، ولا يُمكن بكل الأحوال "تصديق" أن حادثة الصلوات التلموديّة وقعت بالخطأ في مقام النبي هارون، بمدينة البترا الأثريّة، مع إدانتنا واستنكارنا لتواجد أتباع الدولة العبريّة على الأراضي الأردنيّة".
وأردف قائلا "كذلك من المُهم الإشارة إلى آثار "العولمة الأمريكيّة" في الدول العربيّة التي تخشى كما تصفه "المد الشيعي"، فهذه الدول لم تنجح في الدفاع عن ثقافتها، وموروثاتها، وقيمها، وتقاليدها وآثارها، أمام الثقافة الأمريكيّة، هذا عن تبعيتها الكاملة للإدارات الأمريكيّة، لنُسلّم أنها تضع سياسات للحفاظ على المُكوّنات الأصيلة لشعوبها ومذاهبهم الدينيّة من "التشيّع"، وعلى سبيل المثال الصين التي لا تزال تفرض حظراً على مواقع التواصل الاجتماعي الأمريكيّة، وتُمارس قمعاً في مكانٍ ما على المُسلمين، خوفاً من تأثّر ثقافتها، وتاريخها، وكذلك إيران التي لا تزال ترفع شعار "الموت لأمريكا"، ولمُجتمعها المُحافظ صفاته الخاصّة التي تُميّزه بها عن غيره، وكُل هذا بفضل تجربة الثورة الإسلاميّة، والأهم أنّ تجربتها تحمِل جانباً من الديمقراطيّة، وكُل دولة في هذا العالم لها سمات سلبيّة، والكمال للخالق الله وحده بكُل تأكيد."
وصرح بأن "إيران تُحاول ترسيخ تجربة ديمقراطيّة ضمن نظام حُكمها، وهذه التجربة لا بُد أن تقوم على أسس التعايش المُشترك، وتقبّل الآخر، وعليه سيكون من المفهوم، والطبيعي، أن تسمح السلطات الإيرانيّة للسنّة التّواجد في مُؤسّساتها، وبرلمانها، جنباً إلى جنب مع الأكثريّة الشيعيّة في البلاد، هذا عدا عن تواجد مساجدهم، ودور عبادتهم، ومُمارستهم لصلواتهم بحريّة، وحتى في هذه حاول الإعلام العربي الادّعاء بأنّ الجمهوريّة الإسلاميّة لا تسمح ببناء حتى مسجد لأهل السنّة والجماعة، بل وتسمح بإهانة رموزهم في صحفها، وقنواتها، وهذا ما تبيّن أنه غير حقيقي، وتضليلي، بدلالة واقعة أخيرة جرى فيها التحقيق مع "مدّاح" ومُعاقبته كان قد أهان أحد الخلفاء الراشدين على التلفزيون الإيراني، حيث اعتذر الأخير، وقدّم النوّاب "السنّة" شكوى للمُرشد الأعلى، وأدان جميع المسؤولين الإيرانيين الحادثة، في أداء قطع المجال أمام الفتنة، يُقدّر، ويُحترم، ويجب أن يكون مثالاً يُحتذى للأنظمة الإسلاميّة القائمة".
وشدد علی أن "الدولة الإيرانيّة العميقة، تثِق تمام الثقة باعتقادنا بطريقة حُكمها للبلاد، وثقافتها المبنيّة على روح المُواجهة والمُقاومة، والتمسّك بالشريعة الإسلاميّة، وهي بالتالي لا تخشى من أمور نعتقد أنها يجب أن تكون طبيعيّة، وهي التعايش مع الأقليات، وعلى رأسهم السنّة، واحترامهم، وتقديرهم، وتمثيلهم، على عكس دول عربيّة تضع قوائم لتصنيف تلك الأقليّات، بالبُعد السياسي، والتاريخي، والديني، والمذهبي، والطائفي، وتتعامل معهم حسب مُقتضيات مصلحتها السياسيّة، الدولة يجب أن تكون مظلّة جامعة، ولذلك يكون من الطبيعي أيضاً أن نرى هذا التهميش الذي تُمارسه بعض أنظمة عربيّة تُجاه الشيعة، ولعلّ الدولة السوريّة ونظامها العربي الحالي، كان قد نجح أيضاً في إدارة تلك التوليفة الطائفيّة ما قبل اندلاع الأزمة في سورية ومُحاولات إسقاطه من خلال اللعب التضليلي على أوتارها، حيث حظي بكامل الدعم الإيراني، الاستشاري والعسكري".