٠٩‏/١١‏/٢٠٠٥، ٣:٢٢ م

رسالة مفتوحة الى الرئيس الامريكي جورج بوش

رسالة مفتوحة الى الرئيس الامريكي جورج بوش

في خطوة تعتبر الاولى من نوعها منذ انتصار الثورة الاسلامية كتب الصحفي الايراني "حسن هاني زاده " رسالة مفتوحة الى الرئيس الامريكي "جورج بوش" حذره فيها من مساعي بعض الدول العربية لتهميش دور الشيعة في العراق والخطرات الناجمة عن تفشي ظاهرة الوهابية في المنطقة.

وفيما يلي نص الرسالة التي سوف تنشرها صحيفة طهران تايمز الناطقة باللغة الانجليزية في عددها الصادر يوم غد الخميس  :
   الرئيس الامريكي جورج بوش
     بعد التحية والسلام
بصفتي صحفي ايراني اتعاطى مع مختلف القضايا العالمية منذ اكثر من ثلاثين عاما لدي مسائل اود ان اطرحها عليك ربما تفيد معرفتك بها في تصحيح المواقف السياسية للادارة الامريكية تجاه قضايا الشرق الاوسط.
فالاحداث التي وقعت في العالم طوال العقد المنصرم وادت الى احتلال افغانستان والعراق من قبل الجيش الامريكي ربما جاءت نتيجة مجموعة من العوامل التاريخية التي تصطبغ بصبغة دينية.
ومن المؤسف عند دراسة اسباب وقوع الاحداث العالمية من قبل الخبراء والمحللين الامريكيين والغربيين فانهم لا يعيرون اهمية للابعاد التاريخية والجذور الخفية لنشوء ظاهرة الارهاب المشؤومة والتي تهدد بلادكم والعالم على حد سواء.
وربما تكون الدوافع السياسية والاقتصادية لاسيما امدادات النفط التي تكون بلادكم بامس الحاجة اليها قد حجبت المحللين الامريكيين عن رؤية الحقائق المتعلقة بكيفية نشوء ظاهرة الارهاب وتحليلها بشكل منصف.
ولهذا السبب فان امريكا حين تتخذ القرارات السياسية الهامة وتحدد سياستها الاستراتيجية في الشرق الاوسط فانها لا تاخذ بنظر الاعتبار الاحداث التاريخية مطلقا , وان اساس اتخاذ القرارات قائم فقط على التصورات الخاطئة لبعض الدول والتي تزود بلادكم بمعلومات مضللة.
وكما تعرف فان علاقات بلدي ايران وكذلك بلدكم امريكا مرت بمرحلتين متباينتين , حيث تعرضت هذه العلاقات الى تغييرات متناقضة بسبب مجموعة من الاحداث.
فقبل عام 1979 اي قبل الاطاحة بالنظام الملكي الفاسد كانت ايران في الحقيقة تدور في فلك الدول التابعة لامريكا وكانت العلاقات بين البلدين تستغل لتحقيق هدفين.
الهدف الاول هو ايجاد سد امام تغلغل الشيوعية الى منطقة الخليج الفارسي الحساسة حيث كانت ايران تؤدي دور دركي المنطقة بشكل جيد وحافظت على مصالح الغرب في التصدي لخطر الافكار الشيوعية.
والهدف الثاني يبدو انه لم ياخذ بنظر الاعتبار مطلقا وهو موضوع المواجهة بين المذهب الشيعي والمذهب الوهابي المنحرف والمؤجج للعنف , فبعد سقوط نظام الشاه والاحداث التي تلته وادت الى قطع العلاقات بين البلدين , استغل زعماء المذهب الوهابي الفراغ الناجم عن تدهور العلاقات بين ايران وامريكا وعملوا على توسيع ظاهرة الارهاب.
وكما تعرفون فان المذهب الوهابي تاسس في القرن التاسع عشر في الجزيرة العربية الا ان له جذور تاريخية ساستعرضها هنا بصورة موجزة.
فبعد وفاة رسول الاسلام محمد (ص) في عام 643 ميلادي وقع خلاف بين اصحابه حول تفسير الخلافة الاسلامية ومن تؤول اليه ومازال هذا الاختلاف قائما الى يومنا هذا مما ترك تاثيره على مسار الاحداث السياسية والوقائع التي شهدها العالم الاسلامي.
فجماعة الاصحاب الاوفياء لتعاليم الرسول الاكرم (ص) بقيادة ابن عمه ووصيه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام انتهجت الاسلوب السلمي لحل الازمات التي واجهت المجتمع المسلم آنذاك , في حين ان البعض من المحيطين بالرسول محمد (ص) حاولوا بعد وفاته اعادة المجتمع الى مرحلة الجاهلية العربية قبل ظهور الاسلام والمتسمة بالعنف لانهم كانوا يعتقدون ان العرب هم القومية الافضل وبامكانهم اخضاع باقي القوميات لسلطتهم عن طريق السيف فقط.
فالخلاف في الرؤى ونزعة المجموعة التي تعتقد بافضلية العنصر العربي واتساع ظاهرة العنف ضد باقي القوميات ادى الى ان يرحل اول ائمة الشيعة وابن عم الرسول (ص) وصهره ونعني الامام علي (ع) من الحجاز  الى العراق لتجنب تصعيد ظاهرة العنف العربي.
ومع ان الامام علي (ع) اعتبر الاسلوب الانساني والسلمي هو الاسلوب الامثل لتطبيق احكام الاسلام الحنيف وتعاليم الرسول (ص) ولكن دعاة العنف العرب اعتمدوا اساليب تعسفية ضد المسلمين المعتدلين مما ادى الى نشوب ثلاث حروب دموية ابان خلافة الامام علي (ع) وهي حروب "الجمل" و"صفين" و"النهروان".
واخيرا تمكن دعاة العنف العرب من تدبير مؤامرة دنيئة لاغتيال خليفة المسلمين الامام علي (ع) حيث استشهد اول ائمة الشيعة في عام  661 ميلادي بعد ان باغته احد المجرمين بضربة سيف مسموم بينما هو قائم يصلي في المحراب في فجر احد ايام شهر رمضان المبارك.
وبعد 21 عاما من تلك الحادثة المؤلمة اي في عام 682 ميلادي قامت نفس تلك الجماعات المجرمة بقتل نجل الامام علي (ع) وهو الامام الحسين عليه السلام مع 72 من اصحابه وافراد اسرته وكان من بينهم طفل رضيع لم يتجاوز عمره ستة اشهر , في مجزرة رهيبة لم يشهد التاريخ مثيلا لها في موقعة كربلاء الشهيرة والتي اضحى مكانها اليوم مكانا مقدسا لدى الشيعة وتقع على مسافة مائة كلم جنوب غرب بغداد.
لقد تركت هاتين الحادثتين تاثيرات سلبية على روحية اتباع المذهب الشيعي اي اتباع الامام علي (ع) ما زالت مستمرة لحد الآن ولكن في اطار مصلحة الاسلام لم تجر اية مواجهة بين اتباع الامام علي (ع) واهل السنة.
وبلغت هذه الخلافات ذروتها فقط في القرن الخامس عشر الميلادي بين الدولة الصفوية الشيعية الحاكمة في ايران والدولة العثمانية وادت حينها الى نشوب حروب متعددة بين الصفويين والعثمانيين.
وفي مطلع القرن العشرين تبنى قادة الجزيرة العربية المذهب الوهابي لمواجهة اي تحرك اصلاحي اسلامي والتصدي لنفوذ المذهب الشيعي ذات التوجه الانساني والسلمي ولغرض توحيد القبائل العربية.
ان عقيدة هذا المذهب الخطير القائمة على تفسيرات متحجرة تبيح سفك دماء الابرياء وقتل الاطفال والنساء وقطع رؤوس وايدي الافراد امام الملأ العام وممارسة العنف من اجل تنفيذ احكام لا علاقة لها بتعاليم الاسلام السمحاء ومحاربة الحضارة الغربية واي شكل من اشكال الاصلاحات الدينية.
ان نشوء تنظيم القاعدة وباقي الجماعات الارهابية التي نفذت الاعمال الارهابية في 11 سبتمبر في امريكا وتفجيرات مترو لندن وقطارات مدريد كان متاثرا بالتعليمات الشاذة والخطرة للمذهب الوهابي المعادي للبشرية.
ان سلسلة التفجيرات الانتحارية التي تحدث في العراق وافغانستان واعمال العنف ضد النساء والاطفال في باكستان وكشمير والشيشان وباقي مناطق العالم يجري تنفيذها من قبل هذه المجموعة الارهابية التي تكفر الآخرين.
ومع الاسف فان بعض الدول العربية التي لديها علاقات سياسية واقتصادية واسعة مع الولايات المتحدة تحاول تصوير الحقائق الموجودة في المنطقة بشكل معكوس للساسة الامريكيين والغربيين , ولهذا السبب فان الراي العام الغربي لم ينصف المذهب الشيعي المسالم.
وعلى هذا الاساس فان امريكا والغرب وبتاثير من ايحاءات الدول العربية المؤيدة للمذهب الوهابي ومن خلال استخدامها لاجهزتها الاعلامية الضخمة , تتحدث عن مزاعم خطر الشيعة من اجل عزل هذا المذهب الاسلامي في المستقبل وافساح المجال للفكر الوهابي بالانتشار في منطقة الشرق الاوسط.
 السيد رئيس الجمهورية
في الوقت الحاضر والانتخابات النيابية في العراق على الابواب فان الدول العربية المحيطة بالعراق تحاول اخراج الشيعة الذي يشكلون الاغلبية في هذا البلد من الساحة السياسية , وجعل الزمرة الوهابية تتسلم مقاليد الحكم بذريعة واهية وهي الحيلولة دون تشكيل الهلال الشيعي, لذلك استرعي انتباهك الى هذه المسالة وهي اولا ان تجري تحقيقا دقيقا عن جنسية ومذهب جميع الارهابيين الذين تم اعتقالهم لحد الآن من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية حيث ان قسما منهم معتقل حاليا في غوانتانامو.
وثانيا لم يشاهد لحد الآن شخص او مجموعة اشخاص من اتباع المذهب الشيعي حتى المجموعات المسلحة يقومون بقطع راس اجنبي امام كاميرات التلفزيون.
وعلى هذا الاساس اقترح عليك ان لا تخضع لتاثير ايحاءات زعماء الدول العربية التي تتظاهر بالصداقة مع بلدكم وتسعى في الخفاء الى القضاء على الغرب والعالم المتحضر عن طريق ترويج المذهب الوهابي.
يحدوني الامل  في ان يتمكن الشعب الامريكي وشخصكم والساسة الامريكان في اتخاذ تقييم منصف حول الشيعة وبالاخص سيادكم باعتباركم رئيسا للولايات المتحدة الامريكية حيث من الضروري ان تقيم صلات مع نخب ومثقفي الشيعة للتعرف على مخاطر المذهب الوهابي والاطلاع على حقائق المذهب الشيعي وتوجهاته الانسانية , من اجل سعادة العالم الغربي.
           حسن هاني زاده - صحفي ايراني – طهران – نوفمبر 2005

 




 

رمز الخبر 249456

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha