تاريخ النشر: ١٢ يناير ٢٠٢٠ - ١٦:٣١

ان التحالفات عملية ظرفية مؤقتة في العلاقات الدولية مهما طال أمدها، فهي تتعلق بالملاءمة ولا ترتبط بالمبادئ، فجوهرها أن تحقق المصالح، وذلك هو الرابط والقاسم المشترك والضرورة والباعث للإنشاء والضامن لإدامتها.

 وكالة مهر للأنباء - أحمدأبوزهري: ففي منطقة الشرق الأوسط ظهرت تحالفات عسكرية خلال السنوات الأخيرة، فكانت الأوضاع العربية والتي أحدثت تقلبات في المنطقة أدخلتها في مد وجزر بفعل (ثورات الربيع العربي) مقدمة وهامش لتدخلات أجنبية في الإقليم، وظهور تحالفات جديدة.

فهناك دوافع للدول وحاجة طارئة للعب دور بارز وتقاسم النفوذ والتأثير في هذه المنطقة التي تحمل أهمية سياسية وتمثل ثروة بالموارد المختلفة، فضلًا عن خشية بعض الأطراف الدولية تغير الوضع القائم وظهور تكوينات وإفرازات جديدة يمكن أن تؤثر على مصالحهم وسياساتهم في المنطقة.

لذلك سارعت روسيا لبناء تحالف عسكري مع سورية بعد اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، إلى جانب إيران، بمساعدة تشكيلات لبنانية وعراقية، وكان مبرر التحالف ظاهريًّا على الأقل طرد داعش، وحماية نظام بشار من مؤامرة خارجية، وأهداف أخرى.

وفي مارس من عام 2015 قامت السعودية بتدشين تحالف عربي حمل (عاصفة الحزم) لمواجهة قوات أنصارالله، وأنصار الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

وتبعه تحالف آخر بقيادة السعودية في ديسمبر عام 2015 لمواجهة الإرهاب، وهو تحالف جمع في عضويته 35 دولة، ولكن على الأقل لم يظهر جليا ما هو حقيقة الإرهاب الذي تستعد لمواجهته هذه الدول! وما مدى قدرتها على دعم الاستقرار في المنطقة؟!

ويظهر للعيان أن غالب هذه الدول ترتبط بعلاقات قوية ومتماسكة مع الولايات المتحدة و(إسرائيل)، ولا تضع في استراتيجيتها القريبة أو البعيدة إمكانية التدخل عسكريًّا لمنع الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، أو توفير خطوط أمنة لإدخال الأموال والسلاح لدعم تشكيلات المقاومة هناك.

ولا في وارد حسبانها التصدي العاجل للهجمات التي يشنها سلاح الجو الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، أو السوري، أو الأراضي العراقية، ولم تتخذ مواقف صارمة أو في مستوى متدني حتى لإيقاف التغول الأمريكي على ثروات الأمة؛ وتصريحات الرئيس ترامب الذي ينوي الاستيلاء على نفط العراق وسوريا، وما تبقى من أصول مالية لدى الخليج، خير شاهد.

ومثلها أفغانستان التي ما زالت تدفع ثمن الغزو الأمريكي وبقيت وحيدة تقاتل بعظمها ولحمها، وتحالفات العرب والمسلمين تتمدد وتتعاظم في العدد، لكنها في الحقيقة عمقت الخلافات وحرفت البوصلة وأخلت بالتوازنات في المنطقة، ولم ينطلق من قواعدها إلا قصف القواعد والأراضي العربية، قصفت اليمن، وقصفت ليبيا، وقصفت سوريا، بالأسلحة العربية.

في حين بقيت (إسرائيل) حاضرة كضيف عزيز عند العرب، فالتطبيع، وتعميق العلاقات الأمنية، والسياسية، والتجارية في تعاظم مستمر، والدماء الفلسطينية تنهمر بفعل جرائم (إسرائيل)، والأرض الفلسطينية تتآكل بفعل الاستيطان، والقدس تهود، بكل أسف شاخصة أبصارهم ينظرون، لا حراك ولا مواقف.

أما المقاومة في فلسطين، فتعرضت لمحاولات عديدة لإسقاطها وتهشيم قوتها، بفعل الحصار والإغلاق الإسرائيلي، والاستهداف وجولات العدوان، والملاحقات العربية لكوادرها، وتجميد أصولها المالية، وتجفيف المنابع، وشيطنة أنشطتها وتوجهاتها، والتشكيك في أهدافها وارتباطاتها إلا النزر اليسير من العرب الذي سمح بإدخال المعونة للسكان بعيدا عن الدعم العسكري للمقاومة.

مقابل هذا كان الجمهورية الاسلامية الإيرانية تكيل العداء لـ(إسرائيل) وتوفر الدعم المالي والعسكري لحزب الله في لبنان، الأمر الذي مكنه من صد العدوان الإسرائيلي واستعادة الردع، كما يوفر الدعم للأنصارالله في اليمن، للتصدي للهجمات والقصف المستمر من التحالف العربي الذي نقل اليمن إلى حافة الكارثة، حيث المجاعة، والدمار، والقتلى، إضافة إلى الدعم في ساحات أخرى.

وفي غزة تصل الصواريخ الإيرانية، وتنقل الأموال، والخبرات، بقرار سياسي إيراني وموافقة عسكرية تمثلت بتحرك قاسم سليماني ومساعديه، لرفع مستوى الجاهزية وتقوية صلب هذه المقاومة، حتى تتقاطع مع خطوط نار ملتهبة تتوحد في وجه المشروع الأمريكي والإسرائيلي، الامر الذي جعلها تستهدف تل أبيب والمدن الكبرى وتصمد لمواجهة قاسية ومفتوحة.

وتثبت في وجه المؤامرة وتفرض قواعد اشتباك جديدة، فكان هذا الحلف هو الأقدر على توجيه البوصلة وتوحيد مقدرات الأمة وربط ساحات حية بفعل جديد يتوحد استعدادًا لتحرير فلسطين، فالقدس مثلت هدفًا إستراتيجيًّا أمام (محور المقاومة) وبدا قادرًا على التحدي والمواجهة.

ورسم مشهد جديد في زمن التخاذل والانبطاح العربي في مستواه الرسمي.

سمات