أصدرت زوجة وبنات القائد الشهيد المجاهد الحاج "أبو مهدي المهندس" بيانا بمناسبة مرور 40 يوما على استشهاده معتبرات ان هذه الشهادة هي امتداد للحياة الكريمة والعزيزة.

وأفادت وكالة مهر للانباء نقلاً عن صفحة الحشد الشعبي، بان زوجة وبنات القائد الشهيد"أبو مهدي المهندس" أصدروا بياناً في الذكرى ال40

إليكم نص البيات:

بسم الله الرحمن الرحيم

بیان زوجة وبنات الشهيد المجاهد الحاج أبو مهدي المهندس

« الحمدلله عدد الرمل والحصی وزنة العرش إلی الثرى »

قبل أربعين يوما استشهد في عملية وقحة وجبانة القائدين العظيمين في جبهة المقاومة ضد مشروع مسخ هوية الإنسان في غرب آسيا، عمنا العزيز الذي لا مثيل له القائد العظيم الفريق الشهيد قاسم سليماني قائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية، وفلذة كبدنا ابونا الرؤوف المجاهد الشهيد أبو مهدي المهندس (جمال جعفر محمدعلي آل إبراهيم)، مؤسس وقائد الحشد الشعبي، مع لفيف من إخوتهم وأبنائهم الشرفاء. نحن -زوجة الشهيد وبناته الأربعة- نحمد الله حمداً لا يحصى لهذا الفخر العظيم ولهذه الکرامة المنقطعة النظير التي منينا بها لنقدم أغلى وأعز وأجمل ما نملك، ونعمل بالعبارة التي طالما كررناها في زيارة عاشوراء: “بأبي أنت وأمي يا أبا الله”.

هذه الشهادة هي امتداد للحياة الكريمة والعزيزة التي عاشها والدنا وهي آخر وأفضل مكافاءة إلهية لمجاهد مخلص في جبهة المقاومة (بقيادة الولي الفقيه الحكيم والواعي) أمضى عمره تحت شعار "هيهات منا الذلة" شعار مدرسة الامام الحسين (ع). الرجل الذي قبل أيام قليلة من استشهاده وفي خضم الخيانات العلنية والخفية العديدة التي تعرض لها، قال متحدثاً لنا: «إنني ملك … من مثلنا؟! فنحن حبيب بن مظاهر في هذه الجبهة

بدأت المسیرة الجهاديه للشهید ابو مهدي الحبیب منذ بدایة أيام شبابه ضد الفكر البعثي العفلقي الظالم، في مدرسة المرجع الشجاع والعالم الشهيد السيد محمد باقر الصدر (ره)، وذلك إلى جانب العديد من الشخصيات المؤمنة والصامدة في العراق، وواصلها بجدية اكبر أثناء دراسته في فرع الهندسة المدنية في الجامعة التكنولوجية في بغداد. وبعدما أعدم النظام البعثي معظم رفاقه بشكل جماعي وعندما استشهد السيد محمد باقر الصدر (ره) بمظلومية كبيرة، إستكمل الشهيد ابو مهدي مسيرته بالهجرة مستهدياً بنور مدرسة مؤسس الثورة الإسلامية العظيمة السيد الإمام الخميني (ره). ومنذ ذلك الوقت إرتبط للأبد بالقوات المؤمنة والمقاومة في المنطقة وهذه المرة ليس من العراقيين فحسب. هذه الأحداث المتعاقبة كانت فقط مقدمة لالتزامه بخط الجهاد ومسيرته التي لم يتركها لا في زمن الحرب ولا في زمن السلم ولا في تواجده على الخطوط الأولى وأمامها ولا في الخطوط الخلفية للجبهات.

ابو مهدي المهندس كان مهندس الانتصارات العسكرية، مهندس بناء النظام السياسي المستقل، ومهندس بناء المدن والقرى. ويشهد له في ذلك التراب في سر بل ذهاب والشلامجة وخوزستان وكردستان وأهوار جنوب العراق وشوارع بغداد وتكريت وسامراء وجبال سنجار وحمرين ومكحول والصحراء الغربية والطرقات غير السالكة وأبعد القرى ونقطة الصفر على الحدود، كلها تشهد له ولجهاده المخلص. فهو المجاهد الذي لم یهن ولم ینكل بل أتعب الأمريكيين وأعوانها في الداخل. كان منار هذا الطريق هو مرضاة الله سبحانه وتعالى، إطاعة ولي أمر المسلمين، التفقه في الدين، الحفاظ عن الأرواح والأموال وكرامة الانسان حتى في أصعب المعارك وخدمة المظلوم من كل دين وعرق وقومية.

لقد كان الحشد الشعبي أبزر مثال على جهاده الذي دام اكثر من أربعين عاماً إلى جانب رفاقه الأوفیاء. أي بالرغم من كل الأفعال الساعية نحو عرقلة تحرير المناطق التي احتلها التكفيريون، برزت قوة ردعية وطنية تمكنت عام 2017 من تحقيق انتصار صعب ولكن حاسم ضد وحشية داعش. المجاهدون في الحشد الشعبي على الرغم من كل التهديدات الداخلية والخارجية، تمكنوا من تسجيل ملاحم بطولية إلی جانب الوحدات الأخری في القوات المسلحة العراقية، وبدعم سخي من إيران الإسلامية وقوى المقاومة والقادة المضحين وعلى رأسهم الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني.

لقد بنوا الدولة العراقية مرة أخری على أكتافهم وأعادوا هيبتها التي کانت قد فقدتها. و كعضو رسمي قوي في الهيكلية العسكرية للعراق وقف تشكيل الحشد الشعبي سداً منيعاً ضد أي شكل من أشكال العدوان على أمن وسلامة أراضي العراق وسلامة شعبه، ليصل العراق إلى درجة من القوة لا يعيد فيها فقط وحدته المسلوبة بل یعزز ایضاً البقاء، وسلامة الأراضي والأمن لدی جيرانه عن طريق حفظ الحدود. کما أنهی مخططات الأنظمة السياسية المتخلفة والداعمة للتکفیر. وفي نهایة المطاف، أصبح حلقة غير القابلة للتفك في سلسلة المقاومة الوطيدة في المنطقة.

الحلقة الجديدة هذه تصدت لكل مساعي الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضیة لإبعاد العراق عن مسار المقاومة. لقد فشل مخطط إبقاء أسس النظام السیاسي في العراق في حالة الضعف، کما فشل مخطط زعزعة البنية العسكرية والأمنية له، ومشروع التقسيم الإقليمي والسياسي والعسكري والاجتماعي للعراق بإستخدام أسالیب الاحتلال والجهل والتكفير والتدمير والقتل. وعليه بدأت المنظومة السياسية الأمنية العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ تهديداتها ضد الدولة العراقية، والتي کشفت الغطاء عنها في صيف 2019.

كان على العراق العودة إلى الوراء، والتراجع عن عهد طرد القوات الامريكية وعن تثبيت القدرة في المعركة مع داعش، والاستسلام للسياسات الجديدة التي من شأنها أن تحوله إلى مستعمرة، لکي تُنهَب ثرواتها وتصبح بؤرة للتآمر ضد الشعوب المقاومة في المنطقة.

أحد الأهداف من ارتكاب العمل المجرم في 3 يناير 2020 كان تدمير أقوى ركائز العراق الموحد ونواة المقاومة التي تقوم ببناء الإنسان لمواجهة الذل. کانت هذه الجريمة نقطة الوميض لعملية جديدة انطلقت منذ خريف 2019 في مخطط دقيق وواسع.

العملية الجديدة هذه رکبت موجة مطالب الشعب المحقة، حوّلت المظاهرات في المدن إلى أعمال عنف، إستبدلت تعزيز التعاملات القانونیة عبر المؤسسات وممثلي الشعب بسياسة الشارع الفوضویة، أشعلت شوارع المدن والطرقات في وسط وجنوب العراق، ونزعت المصداقیة من المؤسسات الحكومية الرسمية والأمنیة، وفي النهاية وجهت السهام صوب قادة الإصلاح – المجاهدون في الحشد الشعبي- التي كانت مقراتهم تشکل مصدراً لخدمة الشعب. الشعب

الذي طالما إعتبر أمنه وبقاءه مرهون بتضحیاتهم.

لقد إستمرت عملیة الإضعاف التدريجية للدولة العراقیة إلی درجة وصل بها الأمر لیس فقط إلی عدم التمکن من التصدي للقصف الوحشي الأمریکي الذي تعرضت له قوات الحشد الشعبي في الحدود الغربية للعراق رغم الاعتراف الرسمي الأمريكي بهذه الجريمة، بل وایضاً الوقوف مکتوفة الأیدي امام جعل سماء العاصمة العراقية ساحة لمناورات الطائرات العسكرية الامريكية. وتم تحضير كل شي لتنفيذ فكرة إغلاق الكريدور (الممر) الأرضي العراقي بين الجبهات الأصلية للمقاومة وحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة. لقد بدأت الولايات المتحدة تنفيذ قرارها الذي قد خططت له منذ سنوات.

اذناب أمريكا الذین اشتد التنافس فیما بینهم لكسب رضا سیدهم، طمئنوها أن إيّ إجراء عسكري جدي ضد أبو مهدي المهندس وفي الحقيقة ضد الحشد الشعبي وحتى ضد العراق ککل لن يواجه إي ردة فعل خطيرة. إنها تلک المواجهة المباشرة التي کانت اسرائیل ایضاً تحث امریکا علیها في الجغرافیا العراقیة.

بذلک تجرأت أمريكا على الاعتداء ضد أمل المظلومين في المنطقة وقائد محور المقاومة الکبیر، الحاج قاسم سليماني، وصديقه الوفي والقديم، الحاج أبو مهدي المهندس، القائد الرسمي لأهم وحدة عسكرية في القوات المسلحة العراقية(المصنف من قبل امریکا بالإرهابي والمستهدف في عدة عملیات اغتیال فاشلة) في قلب العاصمة العراقية. المنظومة العسكرية الأمنية الامريكية تحت أمرة الرئيس الأمريكي المتهور عديم الحياء ترامب (وهو لعبة بيد النظام الصهيوني) استهدفت بصواريخ ليزرية مضادة للدبابات، سیارات غير عسکریة تحمل وفدين رسميين ایراني وعراقي، وإعترفت بذلک بصراحة.

من لا يعرف أن هذا الإنتهاك الفاضح لسيادة العراق الوطنية وهذا الحجم من وقاحة الحكومة الأمريكية لا يمكن أن يتم دون جبن وخيانة ونفاق أذناب أمريكا؟ لكن حاشى وكلا أن تسبب شهادة هؤلاء القادة خللاً في جبهة المقاومة الإقليمية والداخلية. هذه الشهادة العظيمة التي وقعت تحت جنح الليل ستكون نوراً يهدينا والأجساد المطهرة للشهداء الإیرانیین والعراقیین التي تمزقت إرباً إرباً واحترقت ستكون جسراً متيناً نعبر من خلاله نحو المقصد النهائي، لأن في مدرستنا، دماء الشهداء تحيي الأمة من جدید.

التشييع الفريد لشهداء العراق وإيران والخطوة الشجاعة لنواب الشعب العراقي في المصادقة على مشروع إخراج قوات التحالف بقیادة امریکا من البلاد، والمسيرة المليونية (ثورة العشرين الثانية) تحت شعار إخراج القوات الأمريكية، والصفعة المحكمة القوية لحرس الثورة الإسلامية الإيرانية في وجهة أمريكا بقصف قاعدة عين الأسد كانت من ثمار هذه الشهادة المباركة.

نحن عائلة الشهيد أبو مهدي نعلن من خلال الثقة والقوة التي منحتنا إياها شهادة والدنا وتعویلاً علی الشعب العراقي الشجاع والمقاوم: أن كل من عقد آماله على الجنون الأمریکي والغطرسة الصهیونیة في العراق والمنطقة وقامر بعزته وكرامته الإنسانية فأنه واهم واهم واهم،… إلى آخر نفس؛ وكل شخص يفاوض من أجل إضعاف الحكومة العراقية سيرحل والعراق سيبقى موحداً، وكل من يسعى إلى تدمير القوات المسلحة العراقية فأنه ساذج وغشيم. وكل من يخطط لحل الحشد الشعبي وإنهاء أنشطته سيزول والحشد الشعبي سيبقى حتی ظهور الإمام المهدي (عج).

فيلعلم قساة القلوب قتلة هؤلاء الرجال الشرفاء، أن نداء السيدة زينب (س) سيتحقق: “وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلاّ بَدَد”. فالنصر المؤكد لهذه المدرسة الذي يتحقق على ايدي المجاهدين في طريق الحق سيضرم نار جهنم في رأس امریکا واسرائیل وأذنابها الأذلاء.

نحن عائلة الشهيد ابو مهدي المهندس، نعلن إخلاصنا للعالم الحكيم والشجاع وقائد هذه الأمة والجبهة العظيمة السيد الامام الخامنئي أدام الله ظله الشريف، ونقول: إن الانتقام الشديد لهذه الجريمة سيكون بالضبط ما ذكرته (يجب أن ينتهي التواجد الأمريكي المفسد في المنطقة). نحن الذین تنفسنا ونضجنا في هواء الثورة الإسلامية، ثورة الاستقلال والعزة والكرامة، نعتبر أنفسنا مدینین إلی الأبد لهذه الثورة. کان أبونا وبکل إعتزاز یعتبر نفسه منتسباً لهذه الثورة والجندي في هذا الطریق. إن تزامِن يوم أربعين استشهاده مع ذكرى إنتصار الثورة الإسلامية یجسد إخلاصه لهذه الثورة. إنه الیوم بدمه الطاهر وطد عزمنا وهمتنا للمضي في الطریق الذي اوصل به إلی قمة الشرف. فبعد هذه الشهادة المشرّفة لقد بدأت مهمتنا الرئیسیة. نقول أننا نحن -زوجته وبناته الأربعة- جنودك ونعلن کامل جهوزیتنا للخدمة المخلصة في هذه الجبهة.

نقول للسيد حسن نصر الله «سيد المقاومة وروحها وخبرها الأول» الذي يجسد صموده الامام الحسين (ع) في كربلاء أمام أعیننا، مثلما قال له الشهید ابو مهدي: «کنت ولازلت وستبقی عنوان المجد ومشروع الرفض الواعي وکنا ولازلنا وسنبقی معکم في نفس المشروع الممتد من السماء إلی الأرض».

نقول للسيد عبد الملك الحوثي قائد المجاهدین الشرفاء الذین أرعبوا أشرس الأعداء بصمودهم وخجل الصبر من صبرهم: نحن «معکم معکم، لا مع عدوکم».

نمد يد العون إلى مجاهدي طريق الحق الذين أحيونا.

نقول للمجاهدين الشجعان في الحشد الشعبي الذين أثبتوا أنه لا یرجفهم المرجفون واصحاب القلوب المريضة، ولا يخافون لومة لائم: ننحني إجلالاً وتكريماً لصمودكم ونعلن وقوفنا بجانبكم حتى النهاية. وإعلموا أنه كما كان قائدکم الشهید يعتبر نفسه بعشق بمثابة أخ وأب لكم فإنه بشهادته المظلومة سيبقى سنداً دائماً لكم.

نبقی علی العهد مع ابینا وأسوتنا وحبيب قلوبنا الشهيد أبو مهدي المهندس الذي اصبح الآن خالداً واكثر حیاً، إلى اليوم الذي نجدد اللقاء معه بحول الله وقوته ویمسح بيديه الكريمتين غبار الألم عن وجوهنا.

(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)

11 شباط 2020

16 جمادة الآخر 1441