قدمت الثورة الاسلامية في ايران طريقة جديدة للحكم عبر دمج الديمقراطية والاسلام، بإعتبار أنهما عنصران متکاملان، لمنح الشرعية الحقيقية والسلطة الوطنية عبر الدعم الشعبي، ذلك ما جعل هذا النظام مصدر إلهام لدى الشعوب الحرة والمستقلة في العالم ومحطّ اهتمام لأعداء شعوب المنطقة وأذنابهم من الانظمة الرجعية العربية.

وكالة مهر للأنباء: يصادف اليوم الذكرى الـ41 لتأسيس الجمهورية الاسلامية حيث صوت الشعب الايراني لصالحها، وبذلك التحم مفهوم الديمقراطية بالاسلام.

هذه الديمقراطية تختلف عن تلك التي يقدمها الغرب بطريقته الخاصة، بل ضمن طراز حديث يفسح المجال للمشاركة الشعبية دون فرض وإجبار او وجود حوافز ومشجعات خاصة، ذلك في حين أن الديموقراطية التي تدعيها الغرب تُمنهج ضمن إطر خاصة وهناك الكثير من الادوات اللا مشروعة تستخدم من اجل تسيير هذه السياسة، التي تدفع المواطن في الدول الغربية للمشاركة في الانتخابات، كما أنه في بعض الدول يتم إعتبار بعض القيود الاجتماعية لمن لا يشارك في الانتخابات.

وبالنسبة للدول العربية الأوضاع تختلف تماما، حيث أن السلطة هي في قبضة أشخاص او أسر معينة، تحت عناوين ملك وأمير وخليفة أو رئيس ، وهؤلاء يتحكمون بالهيكية السياسية للبلاد والإنتخابات هي عبارة عن مراسم شكلية نتائجها محددة سابقا، ناهيك عن أن بعض هذه الدول كالسعودية لا يقام فيها انتخابات اصلا.

أن الجمهورية الاسلامية قدمت حزمة متكاملة من المعايير والقيم ذات محتوى عقائدي بنزعة وطنية واسلامية لداخل البلاد وخارجه، بعيدا عن كافة الحدود السياسية والمعايير المفروضة.

وشهدنا أنه خلال العقود الاربعة الماضية تحول معظم المناسبات والاحداث الداخلية في ايران الى حدث على المستوى الدولي، والسبب هو أن بعض الدول تعتبر الجمهورية الاسلامية مثالاً أعلى منقطع النظير لها، يربط بين الديموقراطية والاسلام، وهذه الماهية تجعل الجمهورية الاسلامية في ايران محط إهتمام الاوروبيين والامريكيين، لتوجيه بوصلة الحرب والعداء ضدها.

وتعتمد الإنتخابات في الغرب على معايير خاصة بالديمقراطية الممنهجة ، لكن في ايران الأمر يختلف تماما. بعبارة أخرى أن الديمقراطية التي تقدمها الجمهورية الاسلامية لا تكتمل الى عبر المعايير الاسلامية، والمعايير الاسلامية ايضا لا تكتمل من دون الديمقراطية، وأن الثورة الاسلامية وقادتها يؤمنون بشكل كبير بإنسجام هذين العنصرين.

وبالنسبة للدول العربية فالكثير منها لا تشهد إنتخابات اصلاً، وأصحاب المناصب المهمة في البلاد هم من الأسرة الحاكمة ويمكن معرفة ذلك من خلال الاسماء والألقاب لأصحاب المناصب في تلك الدول.

وتحافظ جميع الدول العربية على رقم "98 في المئة" كمعيار لهيكليتها السياسية، بحيث يبرز هذا الرقم الذهبي نفسه في كافة الانتخابات الشكلية في الدول العربية، ونرى أن كافة هذه الأنظمة الرجعية المنضوية تحت مظلة الولايات المتحدة، لم تشهد إنتخابات اصلا وان تمت اقامة انتخابات في بعض منها، فان المرشح الوحيد هو الديكتاتور صاحب مقاليد الحكم وحده ولا يحق للناخب سوى الإدلاء بصوته بـ"نعم أو لا"، وذلك إن استطاع يعرب عن وجهة نظره الحقيقية، إذ يقال أن في زمن صدام وحسني مبارك كانت أوراق التصويت بنعم أو لا، مختلفة اللون، وفي مثل هذه الظروف من يتجرأ أن يقول لا؟ وبهذه الطريقة تصبح الاصوات المؤيدة لا تقل عن 98 أو 99 في المئة.

في مثل هذه البلاد، التي تتصدر عناوين صحفها المدح والاشادة بالملوك والامراء والرؤساء، واضح أنه لا مكان لأصوات وآراء الشعب، والغاية من الانتخابات الشكلية فيها ليست إلّا لتكميم أفواه بعض المنظمات الدولية وايضا للحفاظ على ماء وجه الولايات المتحدة والدول الغربية التي تدّعي الدموقراطية من جهة ومن جهة أخرى تدعم هذه الانظمة التابعة لها.

والأمر يصبح أكثر غرابة عندما نرى أن دول مثل السعودية والبحرين التي لم تجرب عملية الاستحقاق الانتخابي في تاريخها وليس لها اي معرفة سياسية بالانتخابات، الى جانب الدول الغربية، تقوم بنشر وبث حجم كبير من الاكاذيب الإعلامية ضد ايران سيما عند الانتخابات او اي مناسبة سياسية او وطنية او دينية في ايران، لشحن الأجواء ضدها. على وجه المثال قامت الولايات المتحدة ضمن خطوة غير قانونية بفرض الحظر ضد عض اعضاء لجنة صيانة الدستور.

وللإجابة على هذه التساؤلات نرى أن المبرّر الوحيد لمثل هذه التصرفات هو أن مصدر القوة لدى الجمهورية الاسلامية قبل وبعد انتصار الثورة الاسلامية هو الشعب والمنهجية الاسلامية، خلافاً لبعض الدول العربية الفاقدة للسلطة الوطنية والتي تستمدّ قوتها من عنصر الدعم الاجنبي من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.

من رؤية الجمهورية الاسلامية ان الدعم والحماية الشعبية تشكل عنصرا اساسياُ لإتخاذ القرارات السياسية والميدانية والعسكرية وايضا لتعريف الهوية الاجتماعية للبلاد، وذلك يتبلور في عملية الاستحقاق الانتخابي، ويُعتبر الحضور الشعبي في الانتخابات هو أهم العناصر لمنح الشرعية للنظام وإظهار الهوية الداخلية والخارجية لنظام الجمهورية الاسلامية في ايران.

وقد أكد الشعب الايراني ذلك عبر حضوره الواسع بمختلف المناسبات والاحداث السياسية والوطنية، كتشييع جثمان الشهيد الفريق قاسم سليماني حيث شارك 30 مليون ايراني فيه، او الحضور الشعبي الحاشد في مسيرات إحياء ذكرى انتصار الثورة الاسلامية (11 فبراير) وما الى ذلك.

ولم يقتصر هذا الحضور الحاشد بتعزيز قوة ومكانة الجمهورية الاسلامية على الصعيد الداخلي والدولي، بل يلقي بظلاله على موقف الشعوب العربية المقاومة والحرة ويبعث بروح الامل فيها ويشجعها. فان الانظمة الرجعية في بعض الدول العربية وسادتهم الغربيون، يعلمون جيدا أن الجمهورية الاسلامية تدعم وتساند حوار المقاومة والصمود في المنطقة، وتعزيز عناصر قوة هذا النظام في الداخل يُسعد الحلفاء والاصدقاء وشعوب محور المقاومة، كما يقوّض قدرة الأعداء ويؤدي الى فشل مساعيهم لتغيير هذا النظام.

/انتهى/.