وكالة مهر للأنباء - عبادة أمين: نحن على أعتاب ذِكرى النكبة، وفلسطين تعيش واحدة من أحلك الظروف الاجتماعيَة والاقتصاديَة بفِعلِ اعتداءات الصهاينة على المسجد الاقصى وعلى الشعب الذي تم اقتلاعه من وطنه وتدمير كيانه وتهجيره ظلما على مرأى ومسمع من العالم الذي يدعي الديمقراطية والحضارة والإنسانية حيث يهدم الجيش الإسرائيلي منازل الفلسطينيين بتهمة الضلوع في عمليات جهادية ما يؤدي الى اندلاع مواجهات يومية بين الشباب الفلسطينيين وعناصر الجيش الإسرائيلي الذين يستهدفون المحتجين برصاصات حية.
وفي هذا السياق ولتسليط الضوء على ماهية الكيان الصهيوني والجرائم التي مراسها خلال تاريخه الدموي اجرينا حوار مع الخبير السياسي اللبناني توفيق شومانحيث اكد انه بعد أكثر من سبعة عقود على قيام دولة الإحتلال الإسرائيلي ، ما زالت هذه " الدولة " قلقة ومضطربة ، موضحا: "صحيح أنها دولة قوية ، لكنها غير آمنة ، وهذا يضع كامل عناصر قوتها على بساط الشك ، فحين يكون انعدام الآمان هو عنوان المصير والمستقبل ، لاتعود القوة العسكرية ذات فائدة في الحفاظ على الوجود ، وحين يكون القلق الوجودي هو الأساس في المشهد العام ، سياسيا وعسكريا واجتماعيا واقتصاديا، لا يغدو معه حديث الهوية إلا حديث قلق وحديث اضطراب وحديث الخوف من اليوم التالي ".
وأضاف شومان في حديث لوكالة مهر للأنباء انه على الرغم من توسيع قنوات التعاون والإتصال بين دولة الإحتلال والعديد من الأنظمة العربية ، وفي طليعة ذلك التعاون الأمني والإقتصادي ، إلا انه لا يمكن القول على الإطلاق ، بأن " اسرائيل " كدولة غيرشرعية ، استطاعت ترسيخ وجودها في الوسط العربي ، فالشعوب العربية بمجملها تعتبر اسرائيل دولة عدوة ، ولذلك هناك فارق واسع بين موقف الأنظمة وقناعة الشعوب ، بل إن الأنظمة العربية نفسها التي وسعت قنوات التواصل والإتصال مع " اسرائيل " ، لا تُظهر ولا تُجهر بوقائع التواصل ذاك ، بل تفرض الحظر الإعلامي حين يتصل قادتها ومسؤولوها مع قادة الإحتلال ، ولا يعني ذلك سوى قناعة هذه الأنظمة بأن الشعوب العربية ليس لديها قابلية التطبيع مع أي شكل من الأشكال مع دولة الإحتلال .
وردا على سؤال مراسل وكالة مهر حول نجاعة القبة الحديدة قال أن منظومة القبة الحديدية ، هو نظام دفاعي صاروخي لمواجهة القوة الصاروخية التي تضرب " اسرائيل " ، لكن هناك نموذجين عمليين أثبتا عدم قدرة هذه المنظومة على تأدية الأغراض المطلوبة ، الأولى تجربة المقاومة في قطاع غزة ، حيث لم تستطع القبة الحديدية ردع صواريخ المقاومة الفلسطينية التي طالت العمق الإسرائيلي ، والتجربة الثانية متمثلة في المواجهة الحاصلة بين أنصار الله في اليمن والسعودية ، فعشرات الصواريخ اليمنية سقطت داخل السعودية ، وهذا يعني أن منظومة القبة الحديدية لا يمكن أن تجعل " اسرائيل " أو غيرها آمنة و مطمئنة .
وفيما يخص قدرات الكيان الصهيوني في تغيير التوازن في المنطقة اكد الخبير السياسي اللبناني انه لم تعد " اسرائيل " قادرة على تغيير معادلات الحرب في المنطقة ، أو استثمار نتائج الحرب ، ثبتت هذه المعادلة في لبنان ، في حرب تموز 2006 ، وانتقلت إلى قطاع غزة بعد ذلك ، وكل الحروب السابقة التي خاضتها " اسرائيل " في المنطقة ، وارتكزت على الحرب الخاطفة ، والحرب في أرض الغير ، والتفوق الجوي ، أصبحت من الماضي ، وإذا كانت " اسرائيل " في المرحلة الماضية هي المبادرة إلى الحرب ، في أغلب الأحيان ، فمعادلة ما بعد حرب 2006 ارتكزت اسرائيليا على مبدأ منع وقوع الحرب ، وهذا تحول كبير في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي .
وفي اشارة الى مستقبل اسرائيل في ظل الازمات السياسية والاجتماعية التي تواجهها اوضح شومان ان هناك مقولة مهمة للفيلسوف الألماني هيغل ، موجزها أن ثمة دولا قائمة في التاريخ ، وهذه الدول حتى لو انهزمت عسكرية لا يمكن إزالتها ، وهناك دول قائمة بفعل القوة ، وهذه الدول ، مجرد أن تنهزم عسكريا تتفكك وتزول ، " اسرائيل " في الدائرة الثانية من هذه الدول ، أي قائمة على عوامل القوة ، وهذه العوامل ، لا يمكن ان تبقى وتستمر ،ولها حدودها في المكان والزمان ، وعلى هذا الأساس ، لا مستقبل ل " اسرائيل " لكونها ليست دولة في التاريخ .
واستطرد شومان الى مسألة التطبيع معتبرا انها ليست جديدة ، على الأقل منذ معاهدة كامب ديفيد المصرية ـ الإسرائيلية في عام 1979 ، ومنذ ذلك التاريخ ومحاولات التطبيع مستمرة ، وكل هذه المحاولات فشلت وسقطت.
وتابع ان هناك أفراد قد يسقطون في وهاد التطبيع ، وهناك جهات قد تسقط أيضا ، لكن لو نظرنا إلى هذا المسار الزمني ، سنجد أن الذين سقطوا في أفخاخ التطبيع ، لم يكونوا إلا قلة قليلة لم تترك أي اثر على الرفض العام للتطبيع مع دولة الإحتلال ، نفسيا وسياسيا وحتى اقتصاديا.
وبشان نتائج وتبعات نقل السفارة الاميركية الى القدس قلب المعادلات لصالح اسرائيللفت الى انه إذا استثنينا موقف الولايات المتحدة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة ، فإن المجتمع الدولي ، شرقا وغربا ، يرفض هذا الإجراء الأميركي ، بما فيه الدول العربية التي تتواصل مع الإحتلال ، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة فصل من فصول الصراع ، الا انه لن يغير في معادلة الصراع شيئا ، والقدس كانت فلسطينية وستبقى ، وأي تبدل في موازين القوى ، سيعيد الأمور إلى طبيعتها ، ليس مدينة القدس المحتلة فحسب ، بل فلسطين كلها والأراضي العربية المحتلة أيضا.