تاريخ النشر: ٣١ مايو ٢٠٢٠ - ١٨:٠٥

آية شحادة مثال حي على الصبر والعزيمة الصلبة، فهي تحملت قضاء الله وقدرة وقدمت قلبها للزهراء(ع) مرتين.

وكالة مهر للأنباء - من الصعب أن تكوني فتاة، أن تكوني مظهراً لتجلّي المحبة والمودة، أن تكوني عاشقة، وتغلقي أبواب قلبك. وقبل أن تصلي إلى غايتك، يخبرونك عن استشهاده. ولم تكن مرة واحدة ، بل مرتین. وفي كل مرة وبعد تسعة أشهر من الحب، تبقين أنت والمنزل الذي أعددته له بعد حفل الزفاف، انت و الزوج الذي أهديته للسیدة زهرا علیها السلام. إنه أمر صعب ولکن إذا كان اسمك آية وكان من المقرر أن تكوني آية، فالشيء الوحيد الذي سيخرج من فمك هو :" اللهم اني صبرت ثم صبرت ثم صبرت".

ولدت "آية شحادة" في ٣٠-٣-٢٠٠١ في لبنان. طفولتها كانت مثل أيّ طفل لعب ومرح واستمتع في أجواء الطفولة. وفي فترة المراهقة لا تذكر أنها مرت بهذة المرحلة كما هي فكانت في مدرستها وبعد أن إنتهت من المدرسة تخرجت في سنة ٢٠١٧ بشهادة تمريض، وفي مرحلة الشباب بدأت قصتها.

وفي حديث لوكالة مهر للأنباء قالت آية، وهي فتاة لبنانية اشتهرت بصبرها بين الناس، انها وفي أقل من ثلاث سنوات وبفترة قصیرة قبل زفافها، قدمت قطعة من قلبها مرتین للسیدة الزهراء علیها السلام في سوريا وهما خطيباها .

وجاء نص الحوار على الشكل التالي:

س: کیف کانت علاقة عائلتك بالمقاومة ومن هو اکثر شخص اثّر فیك و تعلّمت منه في حیاتك؟
أنا ولدت في بيئة نشأت على هذا النهج، نهج المقاومة والبيئة المحافظة، والحمدللَّه أكثر شخص أثّر في حياتي هو شهادة العزيزين فلكل منهما له تأثيره الخاص وواقع خاص في قلبي.

س: هل ولو مرة واحدة قبل الزواج تخیلت نفسك زوجة الشهید وانّك ستواجهين الصعوبات التی تواجه عوائل المقاومین؟
في فترة ما قبل أن يتقدم لي شاب كنت أفكر بموضوع الشهادة وكنت أتعرف على زوجات الشهداء لأعرف ما بعد الفقد. كنت أضع صور الشهداء الذين لطالما الحياة عرفتني عليهم، كانت هذة الأمور بالنسبة لي شيء مقدس، ويقول السيد القائد : "يجب أن تبقى ذكرى الشّهداء حيّة في فضاء المجتمع وللأبد"، فكنت دائماً أتخيل نفسي في هذة المكانة.

س: من فضلك أخبرینا عن الشهید عباس علامة. کم کان عمرك عندما تعرفت علیه وکیف وفي أي عام أدی هذا التعارف الی الخطوبة؟
تعرفت على الشهيد عبّاس في منطقة "حارة حريك" آخر عام ٢٠١٦ كان عمري ١٦ سنة دامت فترة التعارف ٣ أشهر كانت فترة قصيرة وبعدها تم عقد القران في ١٧-٩-٢٠١٦ كنت في عمر صغير ولكن عباس علمني الحياة بما فيها كان يشجعني على أن أكون أقوى فتاة وكان يشجعني على الدراسة كانت مدة الخطبة ٩ أشهر في هذة الفترة أنا وعباس حلمنا كثيراً حيثُ أحضرنا الأثاث المنزل وأنا كنت أجهز باقي الأمور وكنت أساعده في المنزل. إستشهد عباس بعد فترة ٩ أشهر في سوريا بمنطقة درعا عام ٢٩-٥-٢٠١٧.

س: هل کان لدیك اطلاع عن عمله في المقاومة والمخاطر التی تحدق به؟
عبّاس كان شاباً وحيداً عند ذويه فلم يكن عمله في الخطوط الأمامية لكنه كان يغيب مدة طويلة بسبب طبيعة عمله.

س: ألم تقلقي بعد اطلاعك على طبيعة عمله؟ اريد أن أسالك هل فکرت في امکانیة استشهاده؟
كنت أخاف عليه كثيراً في كل مرة من أن يصيبه الأذى ويتركني وحيدة. كانت فكرة الشهادة معنا منذ لحظة التعارف وإرسال صوره لي وكنّا نتكلم عن الشهادة سوياً، وألم الفراق ما بعد الشهادة.

س:  أخبرینا عن یوم استشهاده. أین  متی استشهد الشهید عباس وکیف عرفت بهذا الخبر؟
ليلة الأثنين ٢٩-٥-٢٠١٧ لم أكن أدري أنني سأفقد عبّاس شهيدا وأقدمه للزهراء، إستيقظت قلقة عند الساعة 2 صباحا وأنا أنظر إلى هاتفي أين عباس؟ كانت أخر رسالة منه عند الساعة 10:03 مساء ولم يعد يتكلم معي ! ذهبت نائمة حتى موعد أذان الفجر عند الساعة 4:00 صباحا . استيقظت وجهزت نفسي للصلاة وأنا قلقة عليه أكملت صلاتي وعند الإنتهاء سجدت وقلت :"دخيلك يا زهراء اذا عباس اصابه ضررا اعطني اشارة واذا لا دعيه يكلمني" .. ذهبت إلى فراشي وأرسلت له رسالة أقول فيها: "عمري وينك" ؛ والله ما قدرت نام..كان عباس في وقتها شهيدا نظرت إلى الحائط بوجه سريري فأرى عبّاس في نعشه راقدا وأنظر على يميني على النافذة وجهه ضاحكا ينظر لي بقميصه الذي شيعته فيه فصرت أراود نفسي لماذا أفوّل عليه، من الممكن من قلقي افكر هكذا وبدأت أستيقظ وأنام ..حتى حان موعد المعهد. إسيقظت وذهبت إلى المعهد نزلت إلى القاعة بعد مرور ساعة يأتي أصعب خبر وهو إستشهاد عباس..

س: کیف کانت مواجهة فتاة شابة مثلك لهذه الضربة العاطفیة غیر المتوقعة؟ كيف يمكن استعادة الحياة اليومية في مثل هذه الظروف؟؟
لم تكن شيئا سهلاً ان اعود لحياتي الطبيعية ... عانيت كثيرا وكتمت الكثير من احزاني ولكن انا استعدت حياتي عند دخول عيسى بها.

س: الشهید عیسی برجي، کیف و أین تعرفت علیه ومتی تزوجتما؟ 
تعرفت على عيسى في ١٦-١٠-٢٠١٨ بعد مرور سنتين على شهادة عباس تقريباً كان الإرتباط بالنسبة لي شيئاً صعباً ولكن هذة حكمة الله وعباس كان يوصيني ان اكمل حياتي بعد شهادته. تعرفت على عيسى من قبل معرفته بأخي وطلب منه ان يأتي لمنزل أهلي ويتعرف عليّ بعد موافقتي بعد فترة سبعة اشهر تم عقد القرآن قي ١٤-٦-٢٠١٩.

س: هل کان لدیك معرفة حول عمل عیسى أیضا؟

طبعا.

س: أرید أن أسال کیف ارتبطتي بعد تلك التجربة بشخص من نفس المجال والعمل؟
بصراحة هذا الشيء كان من اهم الأمور لدي لأنني ليس من الممكن الإرتباط بشخص غير هذا المجال وهذا الخط.

س: أخبرینا عن خصائص عیسي ومواصفاته بشکل عام.
عيسى الشاب الخلوق، المؤمن، المحبوب صاحب الضحكة الجميلة، الطاهر، الصادق، المرح. لطالما كان يحلم بالشهادة كأي شاب في هذا الطريق وكان يسعى لها بكل ما يستطيع. كان يسعى لخدمة الناس كثيراً. وكان بعد كل الصلاة يقرأ دعاء الحجة وزيارة الإمام الحسين، كلما تعب قام بقراءةزيارة عاشوراء، كان لديه تعلق كبير بالسيدة الزهراء عليها السلام وكان يريد أن نسمي طفلتنا "زهراء" وفي آخر مرّة كان هنا طلب مني أن أواظب على قراءة القرآن وأنا وعدته بهذا. كان دائماً يقول لي اذا تعبتي اقرئي زيارة عاشوراء فهذا الشيء يشعرك بالراحة.

س: هل لدیك ذکریات عنه ترغبین في مشارکتها معنا؟
كان يخبر الجميع كم يحبني كان يخاف من أن يصيبه الأذى ويتركني وحيدة. من شدة غيرته عليّ كان يطلب مني إرتداء الكفوف وأنا الآن نفذتُ ما كان يريد. وعن أحلامنا وبعد شهر من عقد القرآن بدأنا بتنظيم الراتب الشهري. بدأت بتجهيز المنزل، وكان عندما يذهب عيسى للعمل أنشغل أنا بتجهيز أغراضنا المنزلية. شارفنا على الإنتهاء. أصبحنا نخطط للأثاث. أين نريد أن نسكن. تفاصيل ليتها أكتملت. كان من المخطط أن يكون زفافنا عند مرقد الإمام الرضا (ع) في إيران. لم يكن عيسى يكلمني عن أمور الشهادة، لأنه يعلم كم هو موجع لقلبي. كانت كل آمالي بهِ، عوّضني عن كل ما مررتُ به. كنّا كل نهار أحد أيّ في العطلة كنّا نقصد روضة الحوراء زينب لزيارة ضريح عبّاس.

س: متی رأیته للمرة الأخیرة قبل شهادته ؟ وکیف کان هذا اللقاء؟
آخر لقاء كان عند خروجه من منزل أهلي للتوجه لمنزل والديه لوداعهم. اذكر جيداً عندما اوصاني بنفسي عندما قال لي انه سيعود وقال لي لا تنسي الذي اتفقنا عليه. ان رحيله في هذة الخدمة صعباً. وكنت منذ الليلة التي تسبقها طوالها وانا ابكي ولا اريده ان يذهب لكن قال لي ان هذا عمله وانه سيعود ولن يصيبه الضرر. وفعلاً لم يصيبه ضرر ما اصابه هو بلاء حسن لي وله.

س: وصلنا الی یوم استشهاد عیسي. ماذا حصل و کیف سمعت هذا الخبر؟
يوم استشهاد عيسى لم يكن على تواصل معي منذ الصباح كان بالي منشغل عليه لم يكن بالحسبان انه سيرحل عني واني سأودّعه للزهراء شهيداً كانت شهادته بالنسبة لي صدمة كبيرة هل من المعقول انه تركني وحيدة ورحل، لا عيسى لا يفعل ذلك شعرت ان الدنيا اصبحت سوداء لحظة غيابه عني كنت قد ارسلت له رسالة انني اشتقت اليه عند ظهر اليوم ولكن لم يرد عليّ. لم أنسى عندما رأيته في الكفن. كان وجهه بارداً. يداهُ كانت دائما تكون باردة كان يطلب مني أن أدفئهم بيدي. في لحظتها تذكرت كم كان دائماً يشعر بالبرد. عاتبتهُ كثيراً. لم أعلم ماذا اقول له. فقط كنت أقول له إنتظرني، أحبك كثيراً يا كل ما كنت أملك. كنت أنتظر منك الجواب لكن لم يجاوبني. والآن وبعد الشهادة أذكر كلامك هذا لي :لا تشکّي، اذا اصابني مکروه، انا معك في الجنة لا مع غیرک، انت لي حور العین، انا لا ارید حور العین، لا اريد إلا انت.

س: شخصیاً أعتقد هذه المرة کانت أصعب بالنسبة لك، کیف هدّأت نفسك مرتین؟
بالطبع هذا شيء صعب بالنسبة لي ما يهدئني فقط هو أن عيسى نال ما يريد وانه في مكان اجمل من الدنيا بكثير ومصيبة اهل البيت هي الطريق الوحيد للصبر والثبات واشكر الله على نعمه التي اعطاني اياها شهادة عيسى وعباس لم تكن نقطعة ضعف بل زادتني قوة وعزيمة.

/انتهى/.