وأفادت وکالة مهر للأنباء نقلا عن القدس أن الصحيفة الفرنسية اشارت إلى أن جولة المفاوضات الأخيرة بين إثيوبيا ومصر والسودان، والتي بدأت في فاتح نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تقتصر على تحديد أساس ومدة المحادثات لحل نزاعهم التاريخي حول تقاسم مياه النيل. واعتبرت الصحيفة أن فشل جولة المحادثات التمهيدية يعد أمراً مؤلماً.
فمنذ الإعلان في عام 2011 عن بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي تم بناؤه على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، تأثرت العلاقات بين مصر وإثيوبيا، حيث إن البلدين يعتبران أن قضية مياه النيل هي قضية سيادة وطنية حيوية، كما يشير مركز الأبحاث التابع لمجموعة الأزمات الدولية في تقريره الصادر في يونيو / حزيران.
السيطرة على نهر النيل هي ‘‘مسألة حياة أو موت’’ مصر
فبالنسبة لإثيوبيا، حيث يحصل أقل من نصف السكان على الكهرباء، فإن بناء أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا يبشر بالتنمية. أما بالنسبة لمصر، التي تعد منطقة صحراوية بشكل أساسي حيث تتقلص الأراضي الزراعية في وادي النيل في مواجهة ضغط ديموغرافي شديد للغاية، فإن السيطرة على نهر النيل هي ‘‘مسألة حياة أو موت’’، كما شدد على ذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر/أيلول عام 2019 على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوضحت ‘‘لاكروا’’ أنه بعد هذا الفشل الذي يضاف إلى قائمة سابقة من الفشل، ما تزال وجهات نظر بين مصر وإثيوبيا العملاقين الأفريقيين، اللذين يتجاوز تعداد سكان كل منهما 110 ملايين نسمة، ما تزال غير قابلة لإيجاد مخرج ينهي الأزمة. في فبراير/شباط الماضي، انسحب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد من المفاوضات التي رعتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والبنك الدولي، معتبراً أن الوسيطين منحازان للغاية إلى الجانب المصري. وقد اقترح أبي أحمد منذ ذلك الحين اتفاقية مؤقتة تغطي العامين الأولين من ملء الحوض. لكن مصر تواصل المطالبة باتفاق ملزم لإجبار إثيوبيا على خفض مستوى احتباس المياه في حالة استمرار الجفاف.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أنه إذا كان الجمود في هذه الجولة الجديدة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي يعيد البلدين إلى الوراء، إلا أن الوقت ليس في مصلحة القاهرة. ففي يوليو/تموز الماضي، أعلنت أديس أبابا أنها استكملت المرحلة الأولى من ملء الحوض، والتي تبين أنها غير مؤلمة إلى حد ما لمصر بسبب موسم الأمطار الجيد، وبالتالي ‘‘فرضت مشروعها بحكم الواقع”، يقول تيموثي الباحث المشارك في شؤون الشرق الأوسط، مشددا على أن “هذا النجاح الإثيوبي يهدد بدفع دول أخرى في حوض النيل لتطوير مشاريعها الخاصة. في هذا الصدد، لدى مصر سبب وجيه للقلق، لأنه إذا تضاعفت هذه السدود، فسيؤدي ذلك إلى زيادة تعطيل تدفق النيل ونوعية المياه’’.
وخلصت ‘‘لاكروا’’ إلى القول إنه في مواجهة الخرطوم وأديس أبابا، اللتين تريدان تعزيز دور الاتحاد الأفريقي في حل هذا النزاع، اختارت القاهرة استراتيجية ‘‘الجمود’’ المحفوفة بالمخاطر، نظرًا لأن إثيوبيا بحوزتها الخرائط. /انتهی/