يعتقد الامام الخامنئي أن للمرأة دور حقيقي في ترسيخ المنهج الإسلامي في قلوب الجيال ولا بديل لدورها، في إحداث تحوّل حضاري في المجتمع الإسلامي.

وكالة مهر للأنباء _ الكاتبة الدكتورة أميمة علّيق: سلطت الضوء الكاتبة لى رؤية الامام الخامنئي لدور المرأة في حضورها الاجتماعي والحركات التغييرية السياسية واكدت أن هذه الرؤية هي استمرار رؤية الامام الراحل الخميني وكتبت:

"أقول لكم، إذا لم تحضر المرأة في الحركة الاجتماعية لشعب ما فإن هذه الحركة لن تصل الى أي مكان، لن تنجح". معادلة واضحة حسمها الامام الخامنئي في لقائه مع النساء المجاهدات من الدول الإسلامية مشيراً الى دور المرأة في التحركات السياسية التغييرية في المجتمعات، وأكمل مشجعاً: "حين تحضر المرأة بشكل واع وجدي ويكون حضورها مرتكزاً على البصيرة فإن هذه الحركة ستتقدم بشكل مضاعف. إن دور المرأة هو دور لا بديل له ويجب أن يستمر دوماً".
كلامه هو استمرارية لكلام استاذه وامامه الامام الخميني الذي صرّح بوضوح وهو في باريس أن مشاركة النساء في المظاهرات والتجمعات حتى مع رفض الآباء والأزواج لهذا الأمر هو واجب على النساء ولا يحق للرجال منعهن من هذه المشاركة الفعالة والمؤثرة. ويؤسس لمجتمع إسلامي من خلال قوله أن المرأة ليست على هامش المجتمع بل هي محور ومركز المجتمع. وبعد انتصار الثورة ظهر امتنانه للمرأة في قوله إن منشأ التحولات في الثورة الإسلامية يعود بالدرجة الأولى الى النساء.
بالطبع لا يخفى على أحد أنه يوجه كلامه للنساء المقاومات المجاهدات...هذا الكلام الذي يعتبر حجة علينا نحن النساء، خاصة وأننا نعيش في مجتمعات أكثر ما تحتاجه هو التحول والتغيير، فيطرح السؤال الأساسي نفسه كيف يمكن للمرأة أن تقاوم لتنجز هذا التحول الاجتماعي وكيف؟
لنتفق في البداية أن المقاومة هي فعل في مواجهة شيء ما. فهناك مقاومة الظلم ومقاومة الفساد ومقاومة الاحتلال ومقاومة التمييز العنصري و.... وهذا الفعل لا ينحصر في المقاومة المسلحة. بل ينطلق الى أطر أوسع وأرحب...

من هنا يمكن أن تتنظّم المقاومة التي تقوم بها المرأة في المجتمع ضمن أطر متعددة وواسعة لكننا سنورد هنا ثلاثة منها تشمل العديد من الأبعاد: 

مقاومة الاستكبار والاحتلال عمليا
وهذا الأمر ميسّر يمكن أن نلمس آثاره مباشرة في المجتمعات. فقد تمت رؤية آثاره خلال الثورة الإسلامية في إيران من خلال المشاركة الفعالة في المظاهرات وتوزيع المناشير والمعاناة في السجون والتعذيب وكذلك من خلال تشجيع أفراد العائلة كافة للمشاركة في الثورة. كسرت المرأة القيود ونزلت الى الساحة وكانت الساعد القوي للثورة. لدرجة قال الامام الخميني:" دور المرأة في الثورة هو دور مضاعف عن دور الرجال".  وظهر خلال الدفاع المقدس في حمل السلاح والجهاد الطبي التمريضي في الصفوف الأمامية للجبهة. وها هو يظهر خلال معركة الدفاع عن المقدسات في سوريا والعراق. فقال الامام الخامنئي ممتنّا: "زوجات المجاهدين والقادة وامهاتهم هنّ آيات من الصبر والمقاومة. لقد تحملن المصاعب. أرسلن ابناءهن إلى الجبهات. استشهد الكثير منهم، جرح البعض الآخر. وبقيت أمهاتهن وزوجاتهن الصابرات والمقاومات كالجبال الراسخة والشامخة. كما تقدمن أيضا في المجال السياسي والمجال العلمي للبلاد."
ولا يخفى هذا الأمر أيضا في لبنان وفي فلسطين وفي اليمن و...عندما شاركت النساء وتشارك في الجهاد من خلال الصمود والحفاظ على الخطوط الخلفية للجبهة في الاسرة من جهة وتشجيع الأبناء والأزواج على الجهاد من جهة أخرى خلال فترة الاحتلال أو خلال عدوان تموز. حيث لا يقل دور المرأة عن المجاهدين في الساحات إذ يقول القائد الخامنئي أن الراية التي يحملها المجاهد يمكن أن تسقط نهائياً حين يستشهد إذا لم تحملها عائلته وزوجته وأبناؤه. وأكد أن دورهم يساوي بأهميته دور الشهيد. 
وفي هذا الإطار نلمس بوضوح ثقة المرأة في إيران أو في لبنان وفي الدول الأخرى بنفسها وبقدراتها على النجاح والتألق.  هذا النجاح الذي ظهر في قول الامام الخامنئي:" المرأة المجاهدة في إيران هي المعلم الثاني لنساء العالم بعد نساء صدر الإسلام".
 
مقاومة الأطر التقليدية الرجعية: وهذا الأمر يصعب أحياناً لسببين؛
السبب الأول تجذر بعض الأفكار الرجعية المتخفية تحت مظلة الدين. وقد حاربها العلماء المتنورون كالإمام الخميني والامام الخامنئي بقوة. حيث يقول الامام الخميني إن المرأة ليست على هامش المجتمع بل هي محور ومركز المجتمع. ويكمل الامام الخامنئي: كيف يمكن لامرأة على هامش المجتمع أن تقوم بتحولات داخل المجتمع. بالطبع لا نحصر هنا التأثير بالخروج من البيت والعمل خارجاً فقط... هذه فكرة خاطئة. بل على العكس يمكن أن تختار المرأة أن تجاهد بتنميتها لقدراتها وتربيتها لأبنائها وإدارتها لأسرتها وتقديمها أسرة وأبناء نافعين للمجتمع وأن تقاوم وتجاهد في المجتمع وهي داخل الأسرة...ومن جهة أخرى على كل امرأة ولائية اختارت العمل خارجاً أن تعتبر أن واجبها الشرعي هو التوفيق بين العمل خارج البيت والاهتمام بالأسرة، فالوضع لا يحتمل الاخلال بأي منهما. الأسرة أساس والتأثير في المجتمع أساس آخر يجب ألا تضعف المرأة في أي منهما.
 
السبب الثاني في صعوبة نجاح هذا النوع من المقاومة: قلة ثقة المرأة بنفسها وبقدرتها على القيام بهذه التغييرات الأساسية في المجتمع، فنجد النساء يشكين دائماً من أن هناك من يمنعهن من القيام بالكثير من الإنجازات ويشكين من الظلم اللاحق بهنّ على مستوى الأسرة والمجتمع متناسين أن كل تغيير أساسي يحتاج الى مقاومة مدروسة وبصيرة وإسلامية أصيلة ولا يخفى عنا أن كل مقاومة قد تحتاج الى شهداء وتضحيات. فلم يذكر التاريخ يوماً ثورة أو تحركاً أو مقاومة سعت للتغيير ووصلت الى أهدافها دون تضحيات. 
إن الاقتناع بأن التغيير المجتمعي الذي يجب أن تشارك في قيادته المرأة لا يحتاج الى تضحيات يرجع الى أفكار غير منطقية اقتنعت بها المرأة واعتبرت أنها أضعف من أن تقوم بأي تغيير من جهة وبأن التسهيلات ستعطى لها فقط لأنها امرأة. حين تتخطى المرأة هذه الأفكار تكون قد خطت أولى خطواتها على طريق التغيير الواقعي في المجتمعات.

مقاومة الثقافة ونمط العيش الغربي وهذا ما يطلق عليه إمامنا الخامنئي اسم الجهاد الكبير
وهذا الأمر يحتاج الى "استنفار" حضاري أعمق و أخطر من المواجهة العسكرية والسياسية وحتى من مقاومة الحرب الناعمة والغزو الثقافي، ويتمثل هذا القيام العام بكشف اسلوب العيش  الإسلامي "نمط الحياة الطيبة " ما يسميه الإمام الخامنئي "جوهر الحضارة " وهو القسم الذي لم نتطور فيه كما يجب ، طارحاً العديد من الأسئلة المفتاحية حول سلوكنا الاجتماعي وآفات نمط حياتنا الحالية ، كضعف العمل الجمعي و نمط الاستهلاك الرائج و ظاهرة الطلاق و ضعف صلة الرحم و عدم الإتقان في الصناعة والإنتاج و طريقة اللباس والطعام و العمارة و الترفيه والتسلية و.....غيرها العديد من الآفات والظواهر التي ينبغي العمل على تحديد أسبابها و كيفية رسوخها في مجتمعاتنا، ومن ثم الإيمان بقدرتنا على التغيير والتحول  إلى حياة طيبة أصيلة ومعاصرة مستمدة من كنوز الفكر والعلوم والقيم الإسلامية سواء بشكل مباشر أو بإعادة إنتاج اجتهادي وإبداع أنماط وسلوكيات اجتماعية لا تقلّد الحضارة الغربية – الأمريكية المعادية للإنسانية والمبيدة للثقافات الأخرى بالقوة الصلبة حينا والقوة الناعمة أحياناً ، مستفيدة من ضعف الثقة بالنفس عند بعض صنّاع الثقافة في المجتمعات الإسلامية. وهذا الأمر مسؤولية الجميع، الجميع أي النساء والرجال. لكن يبقى الحِمل الأكبر على النساء لأنهن المحركات الناعمات المؤثرات في العائلة والمجتمع...

في هذه الأطر الثلاث على المرأة أن تعرف مسبقاً أن التضحيات كبيرة لكن عليها ألا تنسى ـ وهذا الأمر من السنن الإلهية ـ أنها حين تقدم تضحيات في المجتمع في سبيل تغييره باتجاه القيم الإسلامية الأصيلة فإن المجتمع سيرد لها الجميل من خلال إعطائها شخصية وهوية ورؤية سياسية وثقافية. وأجمل اعتراف بالجميل هو ما قاله الامام الخامنئي عن المرأة المجاهدة: "إن المرأة المجاهدة هي خالقة للتاريخ" ويكمل واصفاً المرأة في إيران ـ مع التأكيد أن القائد حين يمدح المرأة في ايران بصفات محددة فهو يمدح أي امرأة في العالم تمتلك هذه الصفات من جهة ويصبح علينا واجباً نحن النساء أن نسعى لتحصيل هذه الميزات والصفات التي يمدحها قائدنا إن لم تكن فينا من جهة أخرى ـ فيقول: "المرأة لم تقف متفرجة بل نزلت إلى الميدان وصارت من بناة إيران الجديدة. لقد قدمت النساء تعريفاً جديداً للمرأة في الشرق والغرب. لقد فتحن الباب أمام نساء العالم وأثبتن أنه يمكن أن تكن متراس الاسرة من جهة وبناة خنادق أخرى والقيام بفتوحات جديدة من جهة أخرى. النساء اللواتي تمثلن أعلى درجة في اللطف والرحمة فتحن الميادين بشجاعة وإخلاص وتضحية. وقد ظهرت النساء في الثورة الإسلامية وعلمن العالم كيفية الحضور في ساحات التسامي وتهذيب النفس وفي الوقت نفسه حافظن على العائلة المتوازنة وفي ساحة الولاية الاجتماعية والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد الاجتماعي وهذا الأمر سيؤثر على النساء في كل العالم وسيغير مصير ومكانة النساء في العالم." 

كلام عظيم مؤثر ومحرك قوي لكل امرأة خاصة أننا نعيش في مجتمعات بحاجة الى تحول كبير، تحول رائدته المرأة المقاومة بنجاح على كل الجبهات.

فلنسع عمليا الى تأسيس هيئات مفكرة على مستوى العالم الإسلامي تضع الخطط وتوضح للنساء جميعا ماذا يجب أن تعمل. تشكيل لجان تؤسس نظريا وتؤسس عملياً من خلال تحويل خطابات القائد الى خطط عملية بحيث تستطيع كل امرأة وفتاة وطالبة وباحثة وأم أن تعرف دورها وتكليفها بسهولة. عدم الاكتفاء بالمناسبات للكلام عن هذه القضايا بل التحاور دائما للوصول الى إطار تشريعي، قانوني، أخلاقي يدعم مقاومة المرأة ويرد لها الجميل الذي قدمته للمجتمع. 

لن يكون الأمر صعب إذا ما وثقنا بالقدرات التي أعطانا إياها الإسلام ووثقنا بقائدنا الذي لا ينفك ينفخ فينا قوة وروح معنوية عالية لم تتلقاها المرأة منذ قرون وقرون. 

/انتهى/