أقامت مؤسّسة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا الاجتماع الخامس لترويج العلم تحت عنوان "نشر الأخبار العلمية في وسائل الإعلام؛ التوقعات والحقائق"، وذلك بحضور مجموعة من القامات العلميّة والإعلاميّة المختلفة.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، ان مؤسّسة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا.. كما عرفناها سابقاً ونراها على الدوام، شغوفة بنشر العلم والثقافة، وسبّاقة في طرح المواضيع التي تدغدغ الساحة الفكريّة للنُخب العلميّة وعموم الناس.

واستمراراً لفعالياتها السابقة، عقدت الاجتماع الخامس لترويج العلم تحت عنوان "نشر الأخبار العلمية في وسائل الإعلام؛ التوقعات والحقائق"، في خطوة منها لمناقشة مشكلة الفجوة بين العلم ووسائل الإعلام، حيث حضر هذا الاجتماع مجموعة من القامات العلمیة والإعلامیة.

استهلّ الدكتور محمد خدادي، نائب وزير الإعلام لشؤون الصحافة الاجتماع بالتعبير عن سروره بإقامة هذا الاجتماع الذي يناقش العلاقة بين العلم ووسائل الإعلام.

وحول التطور الكبير للعلوم ووسائل الإعلام في أيامنا هذه، أشار الدكتور خدادي إلى أنّ ظهور وسائل الإعلام الحاليّة كان نتيجة لتطور العلم، لتتحوّل هذه الوسائل إلى أدوات مؤثّرة على مختلف جوانب الحياة، ومصدر قلق في بعض الأحيان.

وأضاف خدادي: هناك علاقة مترابطة ووثيقة بين العلم ووسائل الإعلام؛ فقد كان العلم سبباً في ظهور وسائل الإعلام وتطورها، كما أنّ وسائل الإعلام كان لها الدور الرئيس في نشر العلم وإيصاله إلى المجتمعات المختلفة.

وسلّط الدكتور محمد خدادي الضوء على الكم الهائل من المعلومات المتواجدة في وسائل الإعلام، مما أتاح المجال لتسرّب الأخبار والمعلومات المزيّفة ووصولها إلى عموم الناس على حدّ تعبيره.

وأردف الدكتور خدادي: في فترة تفشي فيروس كورونا، ظهرت العديد من الأخبار التي تروّج لبعض الأعشاب والأدوية على أنّها تساعد على الوقاية أو علاج فيروس كورونا، ممّا أدّى إلى ارتفاع أسعار هذه المواد، الأمر الذي أثّر سلباً على المجتمع، لأنّ هذه الأخبار لم تكن صحيحة ولم تستند على أي أساسات علمية حقيقيّة.

وفي هذا السياق، أكّدت الدكتورة المشرفة في مركز الدراسات والبحوث الثقافية والإعلامية، زهرا أجاق على أنّ وجود الفجوة بين العلم ووسائل الإعلام هو أمر طبيعي في مجتمعاتنا، وهو بسبب ضعف الثقافة العلميّة للصحفيين، فهم لم يتعلموا كيفيّة ربط المجتمع العلمي بالمجتمع العام عن طريق وسائل الإعلام.

وأضافت الدكتورة أجاق: لقد وصلنا لمرحلةٍ أصبح فيها عموم الناس يقومون بكتابة الأخبار ونشرها، الأمر الذي أدّى بدوره إلى ظهور ما يسمّى بـ "شبه العلم"، أي الأخبار والمعلومات الغير دقيقة.

وأردفت المشرفة في مركز الدراسات والبحوث الثقافية والإعلامية: يجب أن نحاول بشتّى الطرق الممكنة أن نزيل هذه الفجوة بين العلم ووسائل الإعلام ليكون العلم هو الحاكم وله كلمة الفصل فيما يخص أمور المجتمع.

وفي جوابها على سبب اختلاف التوجهات العلميّة لعموم الناس في البلدان المختلفة، قالت الدكتورة زهرا أجاق: السياسات المختلفة للدول تؤدي إلى التركيز على جوانب معيّنة للعلوم، كما أن المؤسّسات العلميّة في الدول المختلفة تتبع معايير علميّة مختلفة.

وتعقيباً على كلام الدكتورة زهرا أجاق، قال الدكتور خدادي: أنا أعتقد أيضاً أن اختلاف أولويات الناس هو سبب مؤثّر في اختلاف التوجهات العلميّة في البلدان، كما أنّ اهتمامات الناس بموضوع معيّن تدفع عجلة العلم نحوه بشكّل فعّال، مما يؤدي إلى اتساع رقعة العلم في هذا المجال.

وكان من بين المشاركين في هذا الاجتماع عبر خدمة الفيديو كنفرانس السيد جوهر رضا، عضو المؤسّسة الوطنيّة للاتصالات العلميّة وموارد المعلومات في الهند، الذي شكر بدوره مؤسّسة المصطفى(ص) على إتاحة الفرصة له للمشاركة الاجتماع.

وأشاد السيد جوهر رضا بالمعلومات القيّمة التي تفضّل بها كل من الدكتور خدادي والدكتورة زهرا أجاق، وأضاف: إنّ مسألة الفجوة بين العلم من جهة، ووسائل الإعلام وعموم الناس من جهة أخرى هي مسألة جديّة، فلغة العلماء ليست مفهومة للناس، ونحن بحاجة لأشخاص مختصين ليقوموا بتبسيط هذه اللغة لنا حتّى نتمكّن من إدراكها.

وحول موضوع تأثير السياسة على الإعلام، قال الدكتور محمد خدادي: في السابق كانت وسائل الإعلام انحصاريّة وتقتصر على الراديو والصحف، أما اليوم فقد أصبح الناس يختارون المواضيع التي يرغبون بمتابعتها نتيجة تنوّع وسائل الإعلام، ولذلك فقد تقلّص تأثير السياسة على الإعلام.

وفي إشارة منه إلى ضرورة تبسيط العلوم عند طرحها لعموم الناس، أضاف خدادي: يجب أن تعرف وسائل الإعلام متابعيها بشكل جيد، وتمتنع عن طرح المواد العلميّة بشكل "مواد خام"، وإنما يجب عليها طرحها بشكل مبسّط ليتمكّن المتابع من فهمها واستيعابها بشكل جيد.

وعن كثرة انتشار الأخبار المزيفة في وسائل التواصل الاجتماعي، قالت الدكتورة زهرا أجاق: تزامناً مع تفشي فيروس كوفيد-19، أصبح الناس يسمعون أخبار متناقضة تتعلّق بموضوع الفيروس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي يجب على العلم أنّ يغيّر طريقتة للوصول إلى الناس، فمن الممكن أن يتم نقل المعلومات الصحيحة للناس عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي يفضّلها المتابعون، كما يجب أن يقوم العلم بملاحقة الأخبار المزيّفة ويعرِّف المخاطَب بمواصفتها، وفي المقابل يجب أن يقدّم للمتابع مصادر معتبرة للمعلومات الصحيحة التي تهمّه.

في السياق نفسه، أكّد السيد جوهر رضا على أنّ الأخبار المزيّفة كانت سبباً مهمّاً في ضعف ثقة الناس بوسائل الإعلام، كما أنّ جهل وسائل الإعلام بحاجات المتابعين، سبّبت فجوه بينها وبينهم، ويجب علينا معرفة اهتمامات المتابعين وحاجاتهم لنتمكن من ملامسة الأمور المهمّة في حياتهم ومساعدتهم في تقديم المعلومات الموثّقة عنها.

من جانبه أكّد الدكتور محمد خدادي، نائب وزير الإعلام لشؤون الصحافة على أهميّة إيجاد مراجع علميّة موثّقة تدافع عن المعلومات التي يتم طرحها للمخاطَبين، وذلك لتعزيز ثقتهم بالعلم والأخبار العلميّة، كما نوّه خدادي إلى ضرورة مراعاة الأمانة العلميّة والابتعاد عن التجارة العلميّة في المواضيع الحياتيّة التي تمسّ الناس.

وفي سياق تقديم حلول واقعية للمشاكل التي تمّ عرضها من قبل المشاركين في الاجتماع، قال السيد جوهر رضا: صحيحٌ أنّ المجتمعات تحترم العلم والعلماء، لكن يجب على المؤسّسات العلمية أن تحاول فهم مشاكل الناس وثقافاتهم وتراعي هذه الأمور عند نشر أخبارها لتترك أثراً ملموساً عند المُتلقين.

وقال الدكتور محمد خدادي: يجب على المجتمعات العلميّة فهم طبيعة ومستوى المخاطبين، ووضع هذا الأمر على قائمة أولوياتهم، كما يجب على وسائل الإعلام التركيز على توليد المعلومات ونوعيتها وإيجاد بنك معلوماتي ليكون مرجعاً معتمَداً عند الحاجة، وكذلك يجب تبسيط المعلومات العلميّة قبل نقلها للنّاس.

ومن جانبها أكّدت الدكتورة زهرا أجاق على مسألة ارتباط العلوم ببعضها، فالعلم ليس مقسّماً على حدّ تعبيرها، وأضافت الدكتورة أجاق: يجب علينا فهم حاجات المجتمع ونوفّر لهم المختصين ليقوموا بتبيسط المعلومات العلميّة لهم.

وفي ختام الاجتماع شكر الحاضرون مؤسسة المصطفى(ص) على إقامة هذه الفعالية المهمّة مؤكّدين على ضرورة استمرار هكذا فعاليات لزيادة الوعي العام للناس وحل المشكلات التي تواجه المجتمع بشكل مستمر.

يُذكر أن مؤسّسة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا كانت قد أقامت خمسة اجتماعات لترويج العلم بمواضيع علميّة وإعلاميّة مختلفة من يونيو/حزيران 2020 ولغاية الآن؛ الاجتماعات التي حظيت باهتمام كبير، وحضور واسع لمختلف وسائل الإعلام العربيّة والأجنبیة.

ويُشار إلى أنّ مؤسّسة المصطفى(ص) قامت ببذل مساعٍ كبيرة لنشر الوعي والثقافة انطلاقاً من موقعها المتميّز والراعي لجميع الجهود العلميّة والبحثيّة في العالم الإسلامي، الأمر الذي يسجَّل لها على صفحات التاريخ بحبرٍ من ذهب.

/انتهى/