وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: بعدما تقدم وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي باستقالة الى رئيس الحكومة على خلفية تصريحات له قبل تعيينه وزيرا، حول حرب اليمن، واستغلال السعودية لهذه التصريحات لتشكيل أزمة دبلوماسية بين لبنان والسعودية. فمنذ البداية كان واضحاً أن الأزمة كانت مُفتعلة ولم يكن التصريحات سوى ذريعة غير منطقية للسعودية، فالأزمة أكبر من تصريحات وزير الاعلام اللبناني، ولم يعد خفياً على أحد أن ما قامت به السعودية تجاه لبنان هو نتيجة مأزقها في مأرب.
وهنا برز الدور الفرنسي كوسيط ليشيع جواً من أنه جاهز للتوسط لدى السعودية مقابل إعطائه ورقة رابحة وهي إستقالة القرداحي، في حين كان الهدف الاساسي هو الحصول على استثمارات واتفاقيات اقتصادية وبيع الاسلحة لدول الخليج.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع المحلل السياسي والإعلامي والصحافي "حسين مرتضى"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
* هل كان لبنان الهدف الأساس من زيارة الرئيس الفرنسي الى الدول خليجية أم أنه لم يكن أكثر من باب كبير لتمهيد الدخول إلى الخليج على ظهر جواد أبيض، يستطيع من خلاله إحياء نفوذ بلاده وتعزيز أقدامها بعد سحب البساط لصالح قوى أخرى خلال السنوات الماضية ودعم الإقتصاد المتأزم في بلاده من خلال إبرامه صفقات الأسلحه مع السعودية والإمارات ؟
حتى نكون واقعين بعيدا عن المُبالغة، وبالحديث عن الواقع الذي تعيشه المنطقة هناك الكثير من الملفات المهمة إن كان لفرنسا أو السعودية، لا يمكن القول أن الزيارة هدفها أو أساسها الملف اللبناني ولا يمكن القول أن لبنان كان هامشياً، لكن الفرنسي وخاصة ماكرون بحاجة الى عملية جلب استثمارات وتوقيع اتفاقيات اقتصادية، وبالمقابل بن سلمان بحاجة الى اعادة انفتاح لانه عمليا يعيش شبه عزلة غربية وتحديدا اميركيا، حيث مازال حتى الان ينتظر ولو اتصال هاتفي من بايدن.
ما يعيشه بن سلمان من عقد نقص يطبقه على لبنان، يعني كما يتعامل معه بايدن يحاول ان يتعامل مع لبنان، الهدف الاساس اذن للزيارة بيع السلاح الفرنسي وحاجة بن سلمان الى دولة اوروبية ولحراك سياسي، وحتى يكون كذلك لدى ماكرون اوراق تعطيه نوع من القوة الانية للضغط بكل ما لديه، حتى لان تكون استقالة الوزير قرداحي قبل زيارته الى السعودية، حيث اعطى صورة ان كل شي خلال هذه الزيارة يتوقف على هذه الاستقالة.
* بعيداً عن أهداف الزيارة الفرنسية للسعوية، ماذا حملت مبادرة باريس - الرياض لبيروت ؟، وماذا عن حظوظ نجاحها لاسيما بعدما اعتبرت "لوفيغارو" الفرنسية أنه من الصعب أن تتمكن تلك المبادرة التي ولدت ميتة في إحداث تسوية شاملة في ملف الأزمة اللبنانية؟
لا أريد أن أكون متشائماً ولكن في نفس الوقت الواقعية بعيدا عن العواطف مطلوبة، حتى هذه اللحظة لا شيئ يلوح في الأفق أو يوحي أن هناك شيء ما تغير أو أن ما سُمّي بمبادرة ماكرون السعودية حققت او تسعى لتحقق شيء على ارض الواقع، كل ما حققته هذه المبادرة ان صح تسميتها مبادرة الاتصال الهاتفي برئيس مجلس الوزراء ميقاتي، ولكن بمقابل الاتصال اذا اخذناها من مدلولها الدبلوماسي هو سلبي، لان الاتصال كان يجب ان يكون مع رئيس الجمهورية العماد عون لا ان يتم ترسيخ مرجعيات ومعادلات دبلوماسية جديدة.
المهم ان ما تم الافصاح عنه وما قيل انه بيان في مدلولاته الكثير من السلبيات ولا تعكس ما كانت تسعى اليه فرنسا من ناحية الوقوف على نفس المسافة من كل القوى السياسية اللبنانية، الحديث عن سلاح المقاومة هو مطلب اسرائيلي وفيه تحريض للبنانيين على بعضهم ولو سياسيا وهذا لا يساهم في ايجاد اي حلول، ومع ذلك لم نلحظ حتى الان اي تغيير او اية نية لاعادة العلاقات ومحاولة مساعدة لبنان في ظل ما يعانيه من حصار وأزمة فساد.
* البعض يرى أن المبادرة برمتها ليست جديدة، بل تكرار واستنساخ لقرارات المجتمع الدولي، أبرزها القرار رقم 1559 و1701 وبالتالي ماذا عن خيارات واوراق لبنان للتعامل مع هذه المبادرة وخيوطها وخباياها وما هي محاذير هذه المبادرة؟
محالة إعادة أحياء ما هو رميم وهنا اقصد قرار 1559 هذا يعني ان هناك سعي لابقاء الازمة السياسية في الداخل لا بل محاولة تحريض وزرع فتنة، ما رسخته المقاومة بالدماء لا اعتقد انه يمكن لاحد بقرارات او احياء قرارات ان يغير اي شي من هذه المعادلات التي فرضتها المقاومة.
هذه المبادرة اعتقد في هذا الوقت بالذات تأتي ضمن سياسة الضغط المستمر ومحاولة الاستغلال السياسي الانتخابي على الساحة اللبنانية، وهذا يأتي بالتزامن مع تصاعد الحملات ضد المقاومة ومحاولة شيطنتها اكثر في الداخل، هناك سعي تحريضي ومحاولة الاستفادة من الواقع الاقتصادي المعيشي الذي يعيشه اللبنانيون لتحريضهم ضد المقاومة ظناً من هؤلاء ان الواقع الداخلي ربما يستطيع ان يحقق ما لم تستطع الالة العسكرية تحقيقه في جبهات القتال، من الطبيعي القول ان اعادة طرح هذه القرارت في هذا الوقت له الكثير من هذه الدلالات والخبثنة والتصعيد الداخلي.
* ماذا حملت زيارة وزير الخارجية السوري الى طهران وهي الثانية له منذ توليه منصبه والاولى في عهد الحكومه الايرانية الجديدة ؟ وما أهميتها ودلالاتها ورسائلها ؟
اعتقد ان العلاقة الدبلوماسية السياسية وحتى الاستشارية العسكرية ما بين طهران ودمشق ابعد واعمق من زيارة من هنا او من هناك، هناك تواصل دائم ومستمر ويمكن ان اقول لكم هناك خطاً ساخناً مستمراً بين البلدين، ولكن من المهم بين الحين والاخر وخصوصا عندما يكون هناك تطورات اقليمية ودولية ان تعزز هذه اللقاءات والعلاقات بزيارات علنية رسمية، وهي تأكيد على عمق العلاقات والتنسيق المستمر وان الانفتاح العربي على سورية لم ولن يؤثر على طبيعة العلاقات بين البلدين وهي تمهد لزيارات متبادلة على مستوى رؤوساء البلدين.
وهنا اقول لكم اتوقع قريبا سيكون هناك زيارة رسمية للرئيس الايراني السيد رئيسي الى سورية وهذه ستكون قمة تتوج الانتصارات والانجازات التي حققتها سورية بمساندة الجمهورية الاسلامية الايرانية بالاضافة الى روسيا وبالطبع دور المقاومة المساند للجيش العربي السوري، لذلك اعتقد ان لها الكثير من الرسائل من ناحية دحض كل ما يشاع او محاولة ما يروج له البعض من متغيرات في طبيعية هذه العلاقة، وهنا دعوني استشهد بما جرى خلال المؤتمر الصحفي وما قام به الوزير الايراني من سكب المياه لضيفه، هذه تدل على طبيعة العلاقة واواصر الاخوة بعيدا عن كل الاعراف الدبلوماسية.
* الى ماذا تعزو الهدوء الذي يسود الساحة السورية سياسياً وعسكرياً باستثناء بعض المناوشات الميدانية في إدلب واعتداءات ارهابية على عمال في ريف دير الزور ؟ وهل للأمر علاقة بانتظار تطورات الملف النووي الايراني في فيينا ونتائجه التي سيكون لها انعكاسات على الساحة السورية وتطوراتها أم هناك أسباب أخرى ؟
حسابات الجبهات في الكثير من الاحيان تختلف عن حسابات التطورات السياسية لكن لا يمكن الفصل، اولا لا اعتقد ان هناك ربطا بتطورات المحادثات النووية خصوصا ان طهران دائما ترفض ولا تقبل ان يتم طرح اي ملف اخر خلال النقاشات. فالملف السوري يتم معالجته والتعامل معه بخطة سياسية منفصلة عن موضوع محادثات فيينا ما له علاقة بمحادثات استانة، ما له علاقة ببعض التفاهمات الروسية مع الجانب الاميركي وكذلك التركي.
تتأخر بعض المعارك صحيح لكن هدف القيادة السورية ليس المعركة بحد ذاتها، كان هناك معارك سابقا في بعض المناطق كانت تتطلب سرعة الحسم والخوض في المعركة نظرا لما كانت تتجه اليه الامور ميدانيا، لكن الان المبادرة بيد الدولة السورية والجيش السوري لذلك تسعى الدولة الى انه كلما كان هناك مجالا وبابا للمصالحات وتجنب المعارك كلما كانت الاولوية لذلك، ولكن هذا لا يعني ان كل الفترات الزمنية مفتوحة، في لحظة ما اذا استمر التركي مثلا بالمراوغة في الجبهة الشمالية فإن الامر محسوم بأن كل التراب السوري سيعود الى اهله ولا مكان للارهاب وحتى المنطقة الشرقية.
الدولة السورية تفتح باب التواصل والحوار مع الاكراد والكرة في ملعبهم هل يريدون ان يراهنوا على الاميركي المحتل ويكون مصيرهم كما كان مصير البعض في افغانستان ؟ ام ستقبل هذه القوى ان المصلحة للاهالي هناك العودة الى كنف وحضن الدولة ؟ اعتقد بأن الصورة هنا واضحة، وقد راهن الكثير من هذه المجموعات على الواقع الميداني وكانوا يعتقدون بأن لديهم قلاعهم التي لا يمكن لاحد ان يخرقها وبالنهاية دخل الجيش السوري الى تلك المناطق وحررها من الارهاب والشواهد كثيرة هنا من حلب الى الغوطة وصولا الى الجنوب السوري./انتهى/