حملت المستجدات الاقليمية الاخيرة رسائل عدة للبنان والكثير كان يعتقد إنها بوادر حرب جديدة. لكن هدأت العاصفة الاقليمية في لبنان وعادت المياه الى مجاريها بعودة الحريري وتراجعه عن استقالته.
لكن هناك تساؤلات كثيرة حول مستقبل علاقات الحريري مع السعودية ومواقفه الآتية من حزب الله بعد احتجازه من قبل السلطات السعودية والذي احتجت الحكومة اللبنانية عليها رسمياً وحول مستقبل العلاقات اللبنانية-الايرانية في هذا السياق اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع مدير مكتب حركة أمل في طهران "صلاح فحص"، وفيما يلي نص الحوار :
س: كيف تفسر التحركات السعودية ومحاولتها لشيطنة ايران في المنطقة؟
ج: لا اعتبر عبارة "شيطنة" ايران صحيحة في مجال السياسة، برأيي من الأفضل أن نقول أن سياسة السعودية مناهضة لسياسة ايران في المنطقة.
اعتقد أن مشكلة السعودية مع ايران هي ان الاولى تسعى لإحتضان المنطقة ولذلك تعتبر ان ايران خصمها وأن مواقفها مواجهة لها. لكن برأيي ان ايران ليست كذلك أبدا، بل أنها حمت ودعمت القضية الفلسطينية منذ البداية وان قضية فلسطين كانت ومازالت أحدى شعارات الثورة الاسلامية في ايران.
المشكلة الاساسية هي أن العرب اجمالا تجمعهم علاقات قوية بالولايات المتحدة وأنهم ضعفاء امامها وهذا ما يجعلهم ان يخافون على حكمهم ومناصبهم والخوف على احكم ممكن ان يأدي الى اي شيء. مشكلة السعودية الان هي انها لا تنظر في عينتين ترى لون واحد ولا ترى الوان اخرى.
س: ما رأيك حول قضية احتجاز الحريري؟ هل تعتبرونها عمليات احتجاز فعلا؟
ج: لحد الان لم يعلن الحريري بنفسه بانه كان محتجزا لدى السعودية، لكن رئيس الجمهورية اعلن ان الحريري كان محتجزا. برأيي الامر الاهم من أن هل كان محتجزا أم غير محتجز هو أن ما حصل كان ليس طبيعيا ابدا وكان الاول من نوعه في لبنان. لم يحصل قبل ذلك في لبنان أن يذهب مسؤول ويستقيل خارج لبنان وهذا بحد ذاته يثير الكثير من الإستفهامات.
كان يقال أن سوريا هي من تتدخل في الشؤون اللبنانية، لكن ما حدث يعد تدخلا سافرا وواضحا في شؤون لبنان. انها المرة الأولى أن يعلن رئيس وزراء لبناني استقالته بتلفزيون غير لبناني، سيما ان الحريري لديه قناة تلفزيونية، وهذا الشيء ليس طبيعيا على الاطلاق.
س: كيف تقيم مواقف الحريري الان؟
ج: كل انسان لديه مصالحه الخاصة. لا اعتقد أن مواقف الحريري قد تغيرت. انه من الاساس يقول اننا لا نريد سلاح حزب الله وأن حزب الله خارج المؤسسة اللبنانية. لا يوجد هناك تغيير بمواقف الحريري قبل وبعد الاحتجاز، الا البيان الذي صدر من الحكومة بخصوص النأي بالنفس.
بتقديري من المبكر أن نحكم على علاقات الحريري مع السعودية والانتخابات الآتية بلبنان سوف توضح المواقف. ولا يوجد في السياسة "كلا" ولا يستطيع الدبلوماسي ان يقول انني معك او ضدك. يجب ان نتريث حتى نرى ان الوضع بالمنطقة كيف يسير، بسوريا واليمن وقضية القدس. اعتقد ان لبنان ستبقى بحالة استقرار ولا يوجد قرار بشن الحرب في لبنان.
س: ما هي مواقف حركة امل حول قرار ترامب بنقل عاصمة الكيان الصهيوني من تل ابيب الى القدس المحتلة؟
ج: حركة أمل أسست على يد الامام موسى الصدر وشهيد جمران، وأحدى أهم ركائزها هي القضية الفلسطينية وإنها أول المقاومين ضد الكيان الإسرائيلي، ولديها سبعة آلاف الشهدا في هذه القضية. قال الامام موسى الصدر: "ان شرف القدس يأبى ان يتحرر الّا على يد المؤمنين الشرفاء وان اسرائيل شر مطلق ويجب أن تحاربونها بسلاحكم مهما كان وضيعا." هذه مبادئ حركة امل وهذا هو هدفها الاساسي.
لكن ما صدر عن ترامب في الواقع انه وعد بلفور جديد بعد مئة سنة، لإنهاء القضية الفلسطينية بشكل يرضي الصهاينة في أمريكا وإسرائيل.
هناك تخاذل عربي واسلامي وعالمي بشأن القضية الفلسطينية ولو لا ذلك لما استطاع ترامب اتخاذ هذا القرار.
س: هل تشهد العلاقات اللبنانية الايرانية تطورا بعد وصول العماد ميشال عون للحكم؟
ج: في لبنان يوجد خطان؛ الحط الاول يقول اننا يجب ان نقاوم اسرائيل، وأن سوريا وجميع الدول العربية يجب ان تكون بحالة المقاومة أمام الكيان الصهيوني والخط الاخر يعتبر ان سلاح المقاومة يجب أن ينزع. الخط الاول له داعمين ومساندين والخط الثاني ايضا له مساندين. رغم انتهاء 8 اذار و14 اذار، لكن مازال يوجد الخطان، الخط المقاوم الذي يشمل ايران وصولا الى العراق وسوريا ولبنان والخط المخالف له سواء إن كان في لبنان أوخارج لبنان.
أنا اعتقد ان العلاقات الايرانية اللبنانية جيدة نسبيا ولكن ليست جيدة كما يجب ولذلك يجب تحسين هذه العلاقات اكثر فاكثر على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. الارتباط الايراني اللبناني ارتباط سياسي اكثر مما هو اجتماعي او اقتصادي، لذلك حتى مع رئاسة السيد ميشال عون الذي يلتزم بالمقاومة لكن في لبنان لا يمكن لاحد ان يحكم بمفرده.
س: يعتقد بعض المراقبوان أن التطورات الاخيرة في المنطقة سيما لبنان كانت ممكن ان تكون بوادر حرب جديدة في لبنان، ما هو تعليقكم؟
ج: اولا، لو لا الحكمة التي كانت من السيد نبيه صلاح بري والسيد ميشال عون لما استطاع الحريري الرجوع الى لبنان والوحدة التي قامت كانت اساس في عودة الحريري الى لبنان.
ثانيا، الوضع البناني في الفترة الاخيرة كان ممكن أن يؤدي الى حرب داخلية او خارجية. كانت الاجواء سيئة بالمتياز وقد سمعنا من مستشار رئيس الجمهورية انه كانت هنالك رسائل حرب ضد لبنان. رغم ذلك برأيي أن اسرائيل غير قادرة على شن حرب ضد لبنان ولا تقبل ان تكون هي مفتاح حرب للآخرين في لبنان ولا تقدر ان تحارب من اجل الاخرين (الدول الاقليمية) وان ارادت ان تشن الحرب نيابة عن نفسها فلا تستطيع ان تحارب نيابة عن نفسها، ليس الان وليس في المستقبل لان المقاومة لها في المرصاد.
اسرائيل تعلم قدرات المقاومة وتعلم قدرات الشعب اللبناني والجيش اللبناني والوحدة الوطية التي ستوجد عند شن حربها على لبنان وكما نعلم ان اهم اوجه الحرب ضد اسرائيل هي الوحدة الوطنية اللبنانية./انتهى/.
أجرى الحوار : محمد مظهري
تعليقك