السيّد الصدر (رض) كان في غاية السرور حين تلقّى خبر انتصار الثورة الإسلاميّة، فقد دخل عليه السيّد محمود الخطيب في غرفته في الطابق العلوي فوجده يجتازها ذهاباً وإياباً ويفرك يديه فرحاً، ثمّ وقف ورفع يديه إلى السماء قائلاً "الحمد لله.. لقد تحقّق حلم الأنبياء.. الحمد لله".

وكالة مهر للأنباء - في ليلة انتصار الثورة الإسلاميّة (11/2/1979م) اجتمع طلاّبه في مسجد الجواهري لاستماع درسه في أصول الفقه بعد صلاة المغرب والعشاء وهم يتناقلون أخبار انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران. وتوجّه السيّد الصدر (رض) إلى درس الأصول وبرفقته الشيخ محمّد رضا النعماني وكان كلّ شي‏ءٍ طبيعيّاً، وقد بلغه خبر سقوط القاعدة العسكريّة عشرت آباد في طهران أثناء طريقه إلى الدرس‏.

ودخل السيّد الصدر (رض) مجلس درسه مستبشراً والبشاشة تعلو وجهه، وجلس في مكانه المعتاد، ثمّ قال: "كنّا نسمع في التاريخ كيف ينتصر الإيمان على السيف، وكنّا نؤمن بذلك غيبيّاً، أمّا اليوم فقد جسّد ذلك الإمام الخميني عمليّاً". الآن وصلني خبرٌ يفيد بأنّ آخر معقل من معاقل الطاغوت قد سقط بأيدي المسلمين، وقد حقّق الإمام الخميني حلم الأنبياء والأولياء والأئمّة في التاريخ‏، "اليوم انتصر موسى على فرعون وتحقّقت كافّة أحلام الأنبياء، اليوم أسقط آية الله الخميني حكومة الشاه".

السيّد الإمام الخميني العظيم قد حقّق آمال الأنبياء والأوصياء والأئمّة (ع) وتوّج جهود هؤلاء العظماء بإقامة أنظف وأطهر دولة في التاريخ

إنّ السيّد الإمام الخميني العظيم قد حقّق آمال الأنبياء والأوصياء والأئمّة (ع) وتوّج جهود هؤلاء العظماء بإقامة أنظف وأطهر دولة في التاريخ.. وأنا أطلب منكم أن تؤكّدوا وتركّزوا على مرجعيّة وقيادة الإمام الخميني، فالعمل الحقيقي هو ما قام به السيّد الإمام، والهدف من المرجعيّة هو إقامة حكم الإسلام على الأرض، "إنّ الهدف من المرجعيّة ليس هو قبض الحقّ الشرعي وتوزيعه أو تدريس الفقه وأصوله، بل المسؤوليّة الكبيرة التي يجب أن نفكّر فيها هي إقامة حكم الله، ولكنّ البعثيّين لا يسمحون لنا بتنفيذها"، وقد حقّق هذا الهدفَ السيّدُ الخميني العظيم، وعلى هذا أطلب منكم أن لا تطرحوا مرجعيّتي في إيران‏.

فمن قَبِلَ بي فهذا منهجي ورأيي، فلا بدّ من ترك الدعوة إلى مرجعيّتي وتقليدي في إيران، فإنّنا نبتغي في حركتنا تحقيق الإسلام وأحكامه ومناهجه، والسيّد الخميني قد حقّق ذلك، لذا تنبغي الدعوة إليه والالتفاف حول مرجعيّته وقيادته.

ثمّ بدأ يتحدّث عن أهميّة هذا الانتصار العظيم، متمنيّاً تحقيق هذا الانتصار في العالم الإسلامي في ظلّ قيادة الإمام الحكيمة، ثمّ أعلن - وحيداً - عن تعطيل درسه ابتهاجاً بهذا الانتصار لمدّة لثلاثة أيّام‏ قائلاً: "ما كو درس اليوم"، و"سوف نجعل غداً عيداً بمناسبة انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران".

ثمّ قام بدعوة طلاّبه إلى الخروج بمسيرة طلابيّة تأييداً للثورة الإسلاميّة، وقد أصرّ على خروج هذه المسيرة من أجل كسر الطوق الذي ضربته السلطة، وقد تمّ اعتقال مجموعة من المشاركين، ولكن سرعان ما أفرج عنهم بعد تدخّل السيّد الصدر (رض).

وفي مكتبه (البراني) راح يهنّئ زوّاره بانتصار الثورة ويتحدّث لهم عن انتصار الجمهوريّة الإسلاميّة وعن الإسلام وقدرته‏ وقد ذكر لتلامذته: "أنا الآن مستعدٌّ لأن أكون وكيلاً للسيّد الإمام في إحدى القرى العراقيّة.

وممّا أوصى به طلاّبه في رسالةٍ بعثها إليهم‏ :"ويجب أن يكون واضحاً أيضاً أنّ مرجعيّة السيّد الخميني التي جسّدت آمال الإسلام في إيران اليوم لا بدّ من الالتفاف حولها والإخلاص لها وحماية مصالحها والذوبان في وجودها العظيم بقدر ذوبانها في هدفها العظيم". وقال: "إنّي صمّمت على التنازل عن كلّ ذاتيّاتي من أجل هذه القضيّة الإسلاميّة".

وكان يقول لمن يعترض على تأييده السيّدَ الخمينيَّ (رض) والثورة الإسلاميّة: "لو أنّ السيّد الخميني أمرني أن أسكن في قرية من قرى إيران أخدم فيها الإسلام، لما تردّدت في ذلك. إنّ السيّد الخميني حقّق ما كنتُ أسعى إلى تحقيقه".

كما نقل عنه قوله: "أن أكون بقّالاً في شيراز في ظلّ حكومة الإمام الخميني أحبُّ إليّ من مرجعيّة السيّد أبو الحسن الإصفهاني (رحمة الله) في ظلّ حكومة صدّام". وكثيراً ماكان يقول ما مضمونه: "إنّ من أمنيّتي أن تقام حكومة إسلاميّة فأقوم بخدمتها حتّى وإن كانت الخدمة متواضعة"، وكان يمثّل بكنس الأرض‏.

ويقول: "إنّي أرغب في أنّ أجنّد كل طاقاتي وكلّ أفكاري في سبيل الثورة الإسلامية"./انتهى/