ثقة الشباب الفلسطيني تزداد يوما بعد يوم بالمقاومة، وهذا واضح من خلال اقبال الشباب على الالتحاق بالمقاومة وخاصة سرايا القدس، ويعد تشكيل كتائب جنين ونابلس وطولكرم والخليل احد اجازات المقاومة.

وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: الشعب الفلسطيني احتضن المقاومة رغم القصف والدمار وإعتداءات الكيان الصهيوني، فجميع المعارك جاءت تلبية لنداء أهل القدس ورفضاً لانتهاكات الاحتلال بحق المدينة المقدسة.

واعتبرت لجان المقاومة أن العمليات التي يقوم بها أهالي الضفة هي رسائل بالنار والبارود الى كيان العدو الصهيوني، وهدفها لجم الكيان الصهيوني وايقاف جرائم واعتداءات الكيان الصهيوني المستمرة بحق المسجد الأقصى.

فالاحتلال يعاني من ازمة سياسية وعسكرية وامنية، بحيث انه لا يستطيع مواجهة مقاتلين اثنين يتسلحان بأدوات بسيطة وبالسلاح الابيض، فكيف به يواجه شعبا منظما ومدربا من ابطال ومجاهدي المقاومة من الفصائل المسلحة في الضفة وفي غزة وفي اراضي الـ48.

هذه المعارك رسخت قواعد جديدة وأكدت إمكانية هزيمة هذا المشروع الصهيوني، فالقدس كانت وستبقى عربية إسلامية رغم كل ما يمارسه الإحتلال.

وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حواراً صحفياً مع القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة الأستاذ "محمد عبد الله شلَّح"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

** نبدأ من ملاحظة يتوقف عندها المراقب من خارج فلسطين وتتعلق بإرتفاع وتيرة المقاومة بأشكالها المختلفة بما فيها المسلحة في الضفة الغربية في الاسابيع الاخيرة.. فما دلالات ذلك على صعيد قبضة السلطة من جهة والثقة بعملية السلام مع كيان الاحتلال؟

المقاومة في فلسطين في زيادة ملحوظة وخاصة في الضفة الغربية وتحديدا في جنين، وهذا التطور يرجع الى ما بعد عملية انتزاع الحرية لمجموعة من الاسرى من سجن جلبوع ينتمون لسرايا القدس، واحدهم من كتائب شهداء الاقصى، وقد تبع هذا الانتصار اعلان الامين العام للجهاد الاسلامي زياد النخاله تشكيل كتيبة جنين التي تقوم بنقل تجربه غزه والمقاومة وقد نجحت في ذلك.

ومن العوامل التي ساعدت على هذا الانجاز الكبير هو ثقه الناس في المقاومة، وعدم ثقتهم بعملية التسوية التي قادتها منظمه التحرير منذ العام 1994 بما يعرف اتفاقيه اوسلو وإن اشتداد المقاومة وتطورها يزيد من ضعف قبضه السلطة وفشل التنسيق الامني لان هذا الجيل الذي يقاوم اليوم هو الذي تربى في ظل هذا الفشل الذريع لما يسمى التسويه.

وبالتالي فإن ثقة الشباب الفلسطيني تزداد يوما بعد يوم بالمقاومه وهذا واضح من خلال اقبال الشباب على الالتحاق بأذرع المقاومة وخاصة سرايا القدس وتشكيل كتائب جنين ونابلس وطولكرم والخليل.

** ما دمنا نتحدث عن السلام وتراجع الثقة بأي تفاهمات مع الاحتلال... كيف ينظر الشارع الفلسطيني لزيارة الرئيس بايدن الى المنطقة والتي ستتضمن لقاءات مع القيادة الفلسطينية ؟ ما الذي يمكن ان يقدمه الرئيس الاميركي؟ وهل هناك احتمال لمبادرة لتحريك عملية السلام؟

ينظر الشارع الفلسطيني لزيارة الرئيس الامريكي بايدن للمنطقه بالريبة والشك، وانها ليست في صالح العرب ولا المسلمين، حيث انه في ظل التطورات العالميه الجديده وخاصه بعد حرب روسيا واوكرانيا، هناك عمليه اصطفاف واضحة وتراجع نظرية القطب الواحد مما يدفع الرئيس الامريكي بهذه الزياره لمنطقتنا، فهو يريد ان يشكل ناتو جديد تكون فيه الدول العربيه حاضرة في المعركه القادمه ضد ايران.

اما في ما يخص القياده الفلسطينيه فالتعامل معها على قاعده العصا والجزره فقط بمعنى انه بقدر ما يحافظ ابو مازن على التنسيق الامني بقدر ما يعطي فرصه للبقاء واطاله عمر السلطه التي هي في مصلحه العدو اكثر من ما في مصلحه الشعب الفلسطيني، يعني المزيد من الاملاءات مقابل بعض التسهيلات الاقتصاديه والوعود الكاذبه.

** الاحتلال الذي تحول الى مجتمع يميني فاشي يرفض بالمطلق الحقوق الفلسطينية يعاني هو ايضا من حالة شلل وتفكك سياسي عميق... ما سبب ذلك؟ وهل هناك علاقة بين ازمة المجتمع الصهيوني وواقع القضية الفلسطينية؟

بالتأكيد هناك علاقه واضحه بين ازمه المجتمع الصهيوني وواقع القضيه الفلسطينيه، حيث ان الشعب الفلسطيني كلما توحد وتجمع على المقاومه فكلما ازدادت ازمه المجتمع الصهيوني، والعكس تماما.

فقد عاش الاحتلال اكثر من نصف قرن وهو في بحبوحة سياسيه ووفاق داخلي لان الشعب الفلسطيني كان حضوره ضعيفا في المقاومه، ومن بعد الانتفاضه الاولى والشعب الفلسطيني في تطور وازدهار للمقاومه والعدوالصهيوني في تراجع مستمر.

ويبدو ذلك واضحا امام هذا الانقسام الكبير في المجتمع الصهيوني وخاصه الاحزاب السياسيه التي باتت مفككه امام صمود المقاومه وتعاظمها ودخولها اربعه حروب شرسه مع العدو جعلته يدخل في مأزق كبير و نفق مظلم يؤثر على وجوده، وبالمناسبة هذا هو قدر الشعب الفلسطيني بدون المقاومه لن يكون هناك تحرير فلسطين.

** الى اي حد ترى ان المقاومة المسلحة عادت لتكون الخيار الاول لمواجهة الاحتلال وانجاز التحرير؟ وهل يمكن المراهنة على قوة المقاومة في انتزاع الحقوق في ضوء الموازين الاقليمية والدولية الراهنة

المقاومة بالفعل أصبحت الخيار الاول للشعب الفلسطيني في مواجهه الاحتلال، ويمكن جدا المراهنه على قوه المقاومه في انتزاع الحقوق في ضوء الموازين الاقليميه والدوليه الراهنه، ولكن هذا يلزم اجماع واضح من القوى الفلسطينيه المؤثره في الشارع الفلسطيني وهي فتح وحماس والجهاد الاسلامي، حيث ان فتح مازالت تغرد على انغام عمليه التسويه وما يسمى اتفاقيه اوسلو مع وجود بعض العمليات الفرديه هنا وهناك.

وحماس التي تعتبر هي القوه العسكريه الابرز وخاصه في غزه مازالت مكبله ببعض العلاقات مع مصر وتركيا وقطر كونها حاكمة غزه ما يكبح جماحها ويضطرها احيانا الى الاخذ بعين الاعتبار تلك العلاقات واستحقاقاتها مما يصنع فراغ بينها وبين الجهاد الاسلامي، مثلا التي تريد إبقاء جذوة المقاومة مشتعله مع العدو على مدار الساعه على قاعدة المشاغله وخاصه في جنين وكتيبتها التي تتصدر المقاومه في الضفه.

بالاضافه الى ان الجهاد تنقل تجربه جنين الى طولكرم ونابلس والخليل، بمعنى ان هذه القوى الثلاثه حماس وفتح والجهاد لو سارت على نفس نهج سرايا القدس في الضفه وغزه حتما ستتغير المعادله على الارض مع العدو الصهيوني وتكون لصالح المقاومة.

** اذا دخلنا في الحديث عن المقاومة وخصوصا حركة حماس الطرف الاقوى على الساحة... لفتنا في خطابها الاخير السعي لتمتين العلاقة مع قوى المقاومة في المنطقة وخصوصا في لبنان... فهل ترون ان مثل هذه الجبهة من قوى المقاومة في المنطقة يمكن ان تحدث تغيير في ميزان القوى لمصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية؟

بالفعل حماس تسعى لتمتين علاقاتها مع قوى المقاومه في المنطقه وخاصه لبنان، بعد ان اكتشفت بما لا يدع مجالا للشك ان هذه القوى صادقه وجاده ومخلصه لقضيه الشعب الفلسطيني، بدايه من ايران حتى لبنان وسوريا.

وهذا ادركته حماس عندما جربت هذه العلاقه وقارنتها بعلاقات سابقه مع دول عربيه وخليجيه تخلت عنها واصبحت اليوم في صف الاحتلال وضد الشعب الفلسطيني، ولذلك بات الرهان واضحا على هذه القوى في تعديل ميزان القوى لمصلحه الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخيه واكبر دليل هو الدعم الكبير من هذه القوى للمقاومه في فلسطين وخاصه لحماس.

واستطاع محور المقاومه ان يجعل من المقاومه هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بدلا من المنظمه التي اعترفت بالعدو، وتنازلت عن 78% من حقنا التاريخي في فلسطين وهذه المعادله هي التي قلبت الموازين اليوم وجعلت الاعداء يحسبون للمقاومه الف حساب.

** ماذا ترون في ما تردد عن نية حماس اعادة وصل ما انقطع مع سوريا وترميم العلاقة بين الطرفين؟ ما ضرورات ذلك؟ وكيف ستتعامل القوى الاقليمية القريبة من حماس مع هذه الخطوة؟

بالفعل حماس تنوي إعادة العلاقه مع سوريا، وهذا في مصلحه حماس بالدرجه الاولى ومصلحه محور المقاومه، وحماس أدركت خطأها في موقفها السابق أيام العدوان على سوريا لان المؤامره على سوريا كانت تستهدف القضيه الفلسطينيه بالدرجه الاولى.

لذلك فان ما يحدث من نية للتقارب هو مدخل ايجابي وهو بفعل جهود الجمهوريه الاسلاميه في ايران والاخوه في حزب الله وهذا التقارب قد يؤثر سلبا على علاقه حماس ببعض القوى الاقليميه، لكن يجب على حماس هذه المره ان تحسم امرها ولا تفرط في محور المقاومه اطلاقا، لانه بات واضحا للجميع ان الطريق لفلسطين والقدس عبر محور المقاومه اقرب بكثير من طريق الاخرين الذي ياخذنا الى تكريس الاحتلال والاعتراف به والتعايش معه.

** يبدو ان المقاومة الاسلامية طرحت ورقة التفاوض بشأن الاسرى بقوة... هل هي خطوة تكتيكية ام جدية برأيكم؟ ولماذا لا تبدو حكومة الكيان متحمسة للفكرة؟

المقاومه الاسلاميه طرحت ورقه التفاوض بشأن الاسرى بقوه وهي جادة في ذلك وليس تكتيكاً، لان ذلك يأتي في سياق تراكم قوه المقاومه وقدرتها على انتزاع مطالبها من العدو الصهيوني بقوه، وهذا له تاثير سلبي على جبهه العدو و تاثير ايجابي على جبهه المقاومه، حيث يزيد من ثقة الجمهور الفلسطيني بالمقاومه واحتضانها ما دامت تحقق انجازات.

وهذا ما يدفع العدو لاطاله امد التفاوض بشان الاسرى لان العدو يدرك ان تنازله لشروط المقاومة يعني هزيمة له مما دفعهم لاتخاذ قرار بالكنيست بمنع تبادل الاسرى بجنود مختطفين وفقط اعتماد التبادل مقابل تسهيلات اقتصاديه فقط، وهذا ما ترفضه المقاومه.

وفي الواقع ان العدو لا يبدو متحمسا لإجراء هذا التبادل لان الحكومة التي ستقوم بذلك ستخسر من رصيدها لأنها تعتبر خضعت للمقاومة، ولكن في نهايه المطاف يرضخ العدو لشروط المقاومه ان شاء الله.

/انتهى/