قال رئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع الدكتور عبد الملك سكريّة، ان تجول مراسل القناة 12 الصهيونية داخل الحرم المكي هو اهانة لمليار ونصف مليار مسلم، وهذا العمل يتحمل مسؤوليته كاملة النظام السعودي.

وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: أعلن البيت الأبيض أن بايدن سيجري أول زيارة له إلى الشرق الأوسط بين 13 و16 يوليو/تموز المقبل تشمل السعودية والأراضي الفلسطينية والكيان الصهيوني. وتشير الرسائل المرجح أن يوجهها بايدن إلى المنطقة، هي الى ضرورة التوجة للاعتماد على أوروبا والولايات المتحدة، وان امريكا ستُجبِر الغرب على الانخراط بقوة في المنطقة.

ويرى الخبراء والمحللون السياسيون ان هذه الرسائل التي توجهها واشنطن ما هي الا مساعي امريكية لاستغلال الدول الاوروبية ودول المنطقة لزعزعة أمن المنطقة وفرض سيطرتها عليها وعلى ثرواتها، ولحماية الكيان الصهيوني.

وأكد الخبراء أنه كان الموقف الأوروبي الأمريكي في بداية الحرب الروسية الاوكرانية داعما لأوكرانيا ومساندا لها، إلا أنه وبعد بدء الحرب أكدت كل من واشنطن وحلف الناتو على عدم نيتهما التدخل في الصراع الدائر، وهي خطوة لاقت خذلان كبير في الجانب الأوكراني، حيث اعتبره زيلينسكي تخلي أوروبي أمريكي عن كييف.

وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حواراً صحفياً مع أمين سر الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين، ورئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع الدكتور "عبد الملك سكريّة"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

** تعددت التحليلات والتوقعات للأهداف التي يسعى إليها الرئيس الأميركي "جو بايدن" من زيارته الى المنطقة، فهل اتضحت الصورة الآن، وأين يمكن أن نضع هذه الزيارة في خريطة الصراع الدولي؟

ارى ان زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى المنطقة كانت الأضعف والأبهت لرئيس اميركي الى المنطقة منذ عقود طويلة، الرئيس بايدن وكما وصفه سماحة السيد الرئيس بالعجوز الهرم مثل حكومته وادارته التي لم يعد لها وزن في المنطقة وقد تراجعت القوة الاميركية، ولم يعد لديهم قوة يفرضوها في المنطقة كما في السابق، اما بخصوص الاهداف فيمكن ايجازها بالنقاط التالية:

الهدف الاول؛ هو ايجاد بديل للطاقة التي يستوردها الغرب من روسيا، بعد الحرب في اوكرانيا التي اعلنتها الولايات المتحدة ضد روسيا عبر اوكرانيا واوروبا، اصبح هناك ازمة كبيرة في الطاقة بأوروبا والغرب بشكل عام، نتيجة العقوبات والحصار الذي يفرضه الغرب على روسيا، ومحاولة عزلها اقتصاديا.

وهذا بدوره سبب ازمة كبيرة في الطاقة وارتفاع في الاسعار، من هنا الطاقة كانت الرقم الاول في زيارة بايدن بمحاولة اغراق السوق في الغرب بالنفط والغاز لتخفيض الاسعار، وعدم تحميل الشعوب هناك ثمن الحرب ضد روسيا، لانه سيرتد سلبا على الحكومات الغربية.

الهدف الثاني؛ يحاول الرئيس الاميركي ان يعول على الخليج والسعودية تحديدا في زيادة انتاج النفط، كما يعول على استخراج النفط والغاز من شرق المتوسط وتحديدا للكيان الصهيوني لتعويض النقص الحاصل في النفط على الصعيد العالمي.

ويسعى عبر زيادة الانتاج الى ان يشدد العزلة والحصار على روسيا، وان يحافظ على وحدة الناتو، وان يعزز دور اميركا في المنطقة، اضف الى ذلك ان يقطع الطريق على استفادة روسيا والصين من تراجع نفوذ ودور اميركا في منطقتنا.

** إذا اتفقنا على الأهداف المتوخاة من الزيارة والوعود التي يمنّي بايدن نفسه بها ويعد بها مستضيفيه.. فما الذي يستطيع أن يفعله لهم؟ وما هو الجديد في المواقف الأميركية المعلنة؟

جو بايدن كان يمنن النفس ان تكون زيارة تاريخية، وان يبني شرق اوسط جديد تقوده الولايات المتحدة الاميركية واداته في "المنطقة الكيان الصهيوني الغاصب"، ولكن العالم يتغير ولم تعد اميركا القوة العالمية الوحيدة التي تتحكم بالدول الاخرى، هناك امور كثيرة حصلت في السنوات الاخيرة، وهناك امور كثيرة تغيرت، ويجب ان نتوقف عندها مليا، فالعلاقات الاميركية مع دول الخليج اصابها بعض الخلل، وهذا كان واضحا من خلال فتح بعض الدول على علاقات جديدة مع روسيا ومع الصين، وايضا تجلى اكثر من خلال محاولة التهدئة والمهادنة مع الجمهورية الاسلامية في ايران.

الكيان الصهيوني هو قاعدة عسكرية اميركية متقدمة في المنطقة، بهدف منع وحدة هذه المنطقة، ولتأبيد الجهل والتخلف، ولاثارة النعرات والفتن والحروب الاهلية، ومنع شعوب ودول هذه المنطقة من التطور والتقدم وبناء القوة

لا جديد في المواقف الاميركية المعلنة، اعلان القدس الذي حصل بين الرئيس بايدن وبين رئيس حكومة العدو كان اعلان صوتي اكثر مما هو عملي، لان العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني علاقة استراتيجية وفيها الكثير من الثوابت التي لا يستطيع اي رئيس اميركي ان يتلاعب بها، الكيان الصهيوني هو قاعدة عسكرية اميركية متقدمة في المنطقة، بهدف منع وحدة هذه المنطقة، ولتأبيد الجهل والتخلف، ولاثارة النعرات والفتن والحروب الاهلية، ومنع شعوب ودول هذه المنطقة من التطور والتقدم وبناء القوة.

اما الهدف الاساس من اعلان القدس بين بايدن ولابيد هو لاسباب انتخابية بالدرجة الاولى، فاستطلاع الرأي يشير الى تراجع شعبية الحزب الديموقراطي في اميركا، وهناك انتخابات نصفية هناك بعد بضعة اشهر، وايضا لتجيير هذا الاعلان لمصلحة رئيس حكومة العدو الضعيف الخبرة في العمل السياسي، والضعيف في الكاريزما، بمحاولة لمساعدته في المعركة الانتخابية القادمة بعد بضعة اشهر ايضا في مواجهة نتنياهو الذي تربطه علاقة باردة بالرئيس بايدن، وعلاقة متينة بالرئيس السابق ترامب.

** ابرز ما تمخضت عنه زيارة بايدن للكيان الاسرائيلي توقيع تعهد بمنع ايران من امتلاك السلاح النووي!! ولكن ايران اكدت مرارا عدم رغبتها في ذلك.. فهل يريد بايدن ان يبيع الوهم للصهاينة ليضمن سكوتهم وليهدئ من خوفهم وقلقهم؟

الكيان الصهيوني يعتبر قوة ايران تهديد وجودي له، ومنذ زمن الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما حاول رئيس وزراء العدو السابق نتنياهو بكل ما اوتي قوة لتوريط اميركا بحرب مباشره مع ايران ليطمئن الكيان الصهيوني بمستقبله، ولكن حسابات اميركا العسكرية تختلف عن حسابات الكيان الصهيوني.

اميركا تعرف ان ايران دولة قوية وقوية جدا، اميركا تستطيع ان تدمر الكثير من المنشآت والبنى التحتية في ايران لكنها تعلم جيدا انها لا تستطيع ان تحتلها، وان الحرب مع ايران تستطيع فيها اميركا ان تحدد البداية، لكنها لا تحدد متى وكيف تحدد النهاية، لذلك اميركا تهرب وتتهرب من الحرب مع ايران كما يريد قادة العدو الصهيوني.

ومع العلم ان الكثير من القادة العسكريين والامنيين الاسرائيليين يعتبرون ان اتفاقا سيئا بين اميركا وايران بخصوص المسألة النووية افضل للكيان الصهيوني من عدم الاتفاق واستمرار الوضع الحالي كما هو...

على الرغم من الموقف الايراني وعلى اعلى المستويات بتحريم القنبلة النووية واستخدامها، الا ان قادة العدو الصهيوني لا يثقون ولا يطمئنون، هم قتلة مجرمون، لا يرتاحون الا عندما يرون ان عدوهم مقتولا.

** تحدثت جريدة "الفاينانشيال تايمز" تحدثت عن مهمة بايدن المستحيلة لتدجين أسعار النفط ومحدودية ما يمكن أن تقدمه دول الخليج له.. فهل بدأ الغرب يدرك محدودية القوة الاميركية، وفشل سياسات بايدن؟

الغرب يواجه ازمة طاقة كبيرة ستمتد لفترة، والشعوب هناك ستدفع ثمنا باهظا سينعكس سلبا على علاقة هذه الشعوب بالحكومات

ما تحدثت عنه جريدة الفاينانشيال تايمز أن الغرب يواجه ازمة طاقة كبيرة ستمتد لفترة، والشعوب هناك ستدفع ثمنا باهظا سينعكس سلبا على علاقة هذه الشعوب بالحكومات، وكما رأينا بدأت رؤوس كبيرة تتدحرج كرئيس وزراء بريطانيا جونسون، ورئيس وزراء ايطاليا، والدور قادم على آخرين ايضا.

ان ايجاد بديل عن الطاقة المستوردة من روسيا ليس بالامر السهل، لان كميات الانتاج ضئيلة، وعملية النقل ايضا تستغرق وقتا وتكلفة اكثر، لذلك مع مطلع فصل الخريف القادم ستعلو الصرخة اكثر واكثر حول ازمة الطاقة تحديدا.

الموضوع ليس بالصعب ان تبدأ الاصوات تعلو في اوروبا تحديدا من خبراء ومن محللين استراتيجين ومن احزاب سياسية تطالب بالضغط على الحكومات هناك لايجاد حل للحرب في اوكرانيا، ولاخذ مسافة من سياسات اميركا الرعناء التي تحارب اعدائها بغيرها اي بأوروبا، واوروبا تدفع الثمن.

فك العلاقة بين اوروبا واميركا ليس بالامر السهل، وليس بالامر المتوقع في الفترة القريبة المنظورة، ولكن ربما يؤسس على المدى البعيد لاعادة بناء علاقة ربما تكون ندية او على مسافة.

** بعد ان اكد بايدن صهيونيته وتعهده بحماية الدولة اليهودية في فلسطين المحتلة.. ما الذي قاله للرئيس الفلسطيني؟ وهل بقي شيء يمكن ان يخدع به الفلسطينيين؟

للاسف الشديد السلطة الفلسطينية هي التي خدعت نفسها، وتضحك على نفسها وعلى قسم من الشعب الفلسطيني منذ ان وقعت اتفاق اوسلو المشؤوم وتخلت عن 78% من مساحة فلسطين التاريخية لمصلحة الكيان الصهيوني.

واعترفت ومنحت الشرعية لهذا الكيان الغاصب المجرم، وراهنت على الحل السياسي للقضية عبر المفاوضات والمفاوضات الى ما شاء الله، والعدو يستغل هذه النقطة ويبني المزيد والمزيد من المستوطنات، الاستيطان توغل في الضفة وسيطر على المناطق الاستراتيجية هناك، وبعد قليل سيفصل شمال الضفة عن جنوبها.

** ما هي المكاسب التي جناها النظام السعودي من زيارة بايدن؟ وهل بات محمد بن سلمان جاهزا لمغامرة التطبيع العلني؟ ام انه سيواصل سياسة التطبيع من تحت الطاولة وخدمة المشروع الصهيوني من موقع اخر؟

الرابح الاكبر من زيارة بايدن للمنطقة هو النظام السعودي، وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان الذي حصل على شرعية من قبل الرئيس الاميركي عبر الاجتماع به والمصافحة، وهذا اجبر الرئيس الاميركي للتراجع عن كلامه السابق فيما يتعلق بالعلاقة مع محمد بن سلمان، وتحميله جريمة قتل الصحافي جمال الخاشقجي، خاصة ان محمد بن سلمان وضع كل ثقله في الانتخابات الاميركية الماضية الى جانب ترامب وضد بايدن.

بايدن تراجع عن كلامه السابق وعن وعوده بعدم الاجتماع بمحمد بن سلمان، وهذا الاخير ظهر امام جمهوره وامام الرأي العام العالمي انه شخصية قادرة قوية تفرض شروطها، يأتي اليها يزورها قادة العالم وخاصة رئيس اميركا للاجتماع ولطلب الرضا، وللتمني بالمساعدة من قبل ولي العهد السعودي في مجال الطاقة وتحديدا النفط.

التطبيع السعودي _ الاسرائيلي عمره سنين وسنين طويلة، وكان سرا ومن تحت الطاولة، منذ بضع سنوات بدأ يظهر الى العلن وبالتقسيط وبشكل مدروس جدا، اعتقد ان ما اعلنته السعودية عن السماح للطيران المدني الاسرائيلي بالعبور فوق الاجواء الاسرائيلية، وما وفر على شركات الطيران الإسرائيلي وما وفر على الصهاينة المسافرين من اموال نتيجة لهذه الخدمة، اتى بسياق اللفتة التي يريد ان يقدمها محمد بن سلمان للكيان الصهيوني وللرئيس الاميركي ايضا كي يضمن انتقال سلس من ولي عهد الى ملك بكامل المواصفات ويتربع على العرش.

كما ان تجول مراسل القناة 12 الصهيونية من داخل الحرم المكي هو اهانة لمليار ونصف مليار مسلم، وهذا العمل يتحمل مسؤوليته كاملة النظام السعودي.

المعارضة السعودية داخل السعودية والتي تضم افرادا من الاسرة الحاكمة وبعض النخب الدينية، والمعارضة خارج السعودية ايضا تلقت صفعة قوية من الرئيس الاميركي بان نتيجة اجتماعه ولقائه واعترافه بمحمد بن سلمان. خلاصة القول نتائج زيارة بايدن، غير ما كان يتوقع ان يحققه للأسباب التالية:

- اولا؛ عدم الحصول على امكانية لزيادة انتاج السعوديين من 11 مليون برميل الى 13 مليون برميل يوميا.

- ثانيا؛ القبول بالاجتماع مع بن سلمان، واستقبال فاتر في مطار جدة، غياب الملك وولي العهد.

- ثالثا؛ تعامل بن سلمان بندية مع بايدن خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وكما قرأنا حصل جدل علني بين وزير خارجية السعودية والادارة الاميركية حول ما قيل في الاجتماع.

- رابعا؛ التهرب من اعلان تحالف اقليمي مع الكيان الصهيوني عسكري امني اقتصادي.

- خامسا؛ اعلان الامارات رغبتها بإرسال سفير الى طهران اثناء وجود بايدن في المنطقة.

- سادسا؛ تراجع الثقة بالوعود الاميركية لدى معظم دول المنطقة وحكام المنطقة، خاصة بموضوع الحماية، لذلك العديد من هذه الانظمة فتحت علاقات مع روسيا ومع الصين، وبدأت تغازل الجمهورية الاسلامية في ايران تفاديا لحرب ستكون هي الحطب الذي سيحترق بها.

العالم يتغير، العالم القديم ينهار ويتراجع منذ عدة سنوات، العالم الجديد ينهض ويتطور ويأخذ دوره على الساحة الدولية، اميركا في مأزق كبير، الحرب في اوكرانيا هي التي ستقرر حجم ودور ومستقبل العديد من الدول الكبرى في هذا العالم.

اعتقد ان ما يدور اليوم على المسرح الدولي هو ربما تكون الفرصة التاريخية لقوى المقاومة ومحور المقاومة لتصفية الحساب لمرة نهائية واخيرة مع الكيان الغاصب والمحتل، وبناء شرق اوسط جديد كما نحن نتمنى ونأمل بناء الدولة القوية، بناء دولة الحق والعدل، دولة النموذج التي ستكون قبلة شعوب العالم واحرار العالم ومثقفي العالم كي يحذو حذوها./انتهى/