وكالة مهر للأنباء، القسم الدولي: يسعى الكيان الصهيوني منذ احتلاله لفلسطين عام 1948 إلى يومنا هذا، وعبر إجراءات "أمنية، عسكرية، سياسية، إعلامية، تقنية، ودبلوماسية؛ كمعاهداته مع بعض الأنظمة" إلى الحصول على نوع من الاستقرار الداخلي أو على أدنى قدر من مظاهر الدولة المُستقلة، إلٌا أن رصاصات أحرار فلسطين أثبتت أن مساعيه طوال السنوات الفائتة ذهبت أدراج الرياح.
كثيرةٌ هي الأمور التي تعكس ضعف منظومة هذا الكيان الغاصب الأمنية، وأيضاً الشواهد الحية تُظهر تفكك النسيج الاجتماعي الداخلي وتضارب الآراء السياسية؛ ومسألة انتخاب الحكومة ليست عنّا ببعيد.
وتُعد المسألة الامنية، من أبرز الأوراق التي يضعها المُرشّحون للانتخابات في فلسطين المحتلة، وعودٌ تحطّمت على سواعد الأبطال في فلسطين المُحتلة، منهم _على سبيل المثال لا الحصر_ الشهيد "خيري علقم" مُنفّذ عملية القدس، التي أدّت إلى مصرع أكثر من 7 صهاينة وجرح مايربو عن تسع مُستعمرين، وأيضاً العمليات المُتتالية خلال اليومين المُنصرمين تُظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة الجديدة كسابقاتها من الحكومات المتتالية على هذا الكيان فشلت في تحقيق الأمن وأن الوعود التي أعطوها لناخبيهم لم تتحقق، والذي تحقق هو قول الله فيهم بعد بسم الله الرحمن الرحيم "لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ". صدق الله العلي العظيم.
لكل هذا وأكثر أجرت وكالة مهر للأنباء، لقاءا صحفي، مع المحلل السياسي الفلسطيني والخبير بالشأن الإسرائيلي الأستاذ "حسن لافي" ليطلعنا بدوره على آخر المُستجدات في فلسطين المُحتلة التي عادت إلى واجهة العالم خلال الأيام القليلة الماضية بفعل أبطالها وصمود أحرارها. وكانت المقابلة على النحو التالي:
شاهدنا في المرحلة الأخيرة _ أستاذنا الكريم_ اضطراب الكيان الصهيوني بما يتعلق بتشكيل الحكومة، ما دلالات هذا الأمر على الصعيد الداخلي للاحتلال الصهيوني، ومعلاقته بالمظاهرات الأخيرة في فلسطين المحتلة؟
ماحصل هو ترجمة لانقسام سياسي واجتماعي كبير داخل المجتمع "اليهودي اليهودي" وبالتالي لن تُحسم الخلافات السياسية. نعم استطاع "نتانياهو" وشركاؤه من اليمين الصهيوني من الحصول على أغلبية داخل الكنيست، لكن داخل "المجتمع الاسرائيلي" هناك انقسام كبير تُعبِّر عنه المظاهرات التي خرجت تنديداً بهذه الحكومة وبعض إجراءاتِها المُتعلِّقة بالقضاء وبالتالي الانقسامات "اليهودية اليهودية" باتت أكثر حضوراً وأكثر زخماً وهذا سيؤثر على مايُسمّى ب"الحصانة المُجتمعية" و"الوحدة الصهيونية" الداخلية بينهم، وبالتالي أنا أعتقد أن هذه من أهم الدلالات التي ممكن الحديث عنها من تشكيل حوكمة إرهابية مثل هذه الحكومة. حتى الداخل اليهودي غير قابل بها لأنها ذات طابع ديني، بالتالي فجّرت الخلاف الديني العِلماني وعلاقة الدين بالدولة داخل الحركة الصهيونية وداخل الكيان الصهيوني.
عودة اليمين المتطرف للسلطة في فلسطين المحتلة، متمثلاً بحكومة" بنيامين نتانياهو"، أدى إلى ازديات الاعتداءات على الفلسطينيين والمسجد الأقصى، بزعامة المُتطرِف "ايتمار بن غفير" الذي يعمل على استراتيجية تهويد القدس وفرض أمر واقع عليها، ما رأيكم بهذا الأمر وما هي تداعيات ومآلات هذه المسألة؟
"إتيمار بن غفير" و" سموتريش" وحتّى "بنيامين نتانياهو" لديهم أجندة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينة وإدارة الصراع مع الفلسطيني، عنوان تلك الأجندة هو تهويد القدس وضمّها كي تصبح عاصمة موحّدة لدولة الاحتلال، كما تقدم ذلك في صفقة القرن في عهد "دونالد ترامب".
الأمر الثاني له علاقة بالاستيطان، سموتريش وبن غفير لديهم أجندة كبيرة فيما يسمى ب"ضم الضفّة الغربية" وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفةّ الغربية وتحويلها إلى ما يُسمّى با"اليهودة"و"السامرة" بالبعد الديني، بمعنى أن الاستيطان لم يعد فقط ذا بُعُد قومي أو أمني ولكنه ذو بعد ديني، وهذا سيولّد زخماً أكثر في مناطق الاستيطان ومناطق عشوائية أكثر فأكثر وصولاً إلى ضم الضفة الغربية بما في ذلك اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضة، هذه هي الأجندة الموجودة لديهم، الاجندة الاخيرة في هذه الحكومة له علاقة بفلسطيني الداخل عام 48 الذين يتعامل معهم "إيتمار بن غفير" على أنهم خطر وجودي على المشروع الصهيوني منذ معركة سيف القدس، وبالتالي فكرة التضيق عليهم وتهجيرهم واقتلاعهم من أرضهم والاستيطان في الداخل، سواء في النقب أو في الجليل، من أهم الأهداف والأجندات التي يسعى لها "إيتمار بن غفير" باعتباره وزير للأمن القومي، وهو مسؤول عن الأمن في داخل فلسطين المحتلة عام 48 لأن الشرطة هي التي لديها الصلاحيات في فرض الأمن في فلسطين الداخل عام 48 وهو الوزير المسؤول عن هذا الأمر، وبالتالي يمكن أن نلاحظ أن أجنداته تُطبّق بالوقت الحالي أكثر مما سبق.
نشاهد في الآونة الأخيرة ازدياد العمل الفدائي المُسلح بالضفة الغربية، متمثلاً بكتيبة جنين ونابلس وعرين الأسود وجميع الأحرار في الضفة الغربية والمناطق المُحتلة، بنظركم أستاذنا الكريم ما تأثير هذا الأمر على الكيان الصهيوني ككل وتحديداً على الوضع الامني؟
تنامي ظاهرة المقاومة في الضفّة الغربية وتحوّلها إلى انتفاضة بقيادة كتيبة جنين ومن ثم عرين الأسود، أنا اعتقد أنه يضرب المنظومة الأمنية الإسرائيلية في خاصرتها الرخوة. الضفّة الغربية، هذه المنطقة المُتّسِعة التي تُعتبَر الأكثر هدوءاً على مدار خمسة عشر عاماً مضوا، والذي ظنت "اسرائيل" أنها أخرجت الضفة الغربية من دائرة الصراع، إضافة إلى البُعد الاستراتيجي التي تتمتّع به الضفة الغربية، سواء تواصلها مع غور الأردن أو قُربها من المُدُن الرئيسية المُحتلّة عام 48 ومنطقة "غوشدان" ومطار "بن غوريون" كل هذه الأمور تجعل من الضفّة الغربية منظقة أمنية مهمة جداً لدى الإسرائيلي. وفي ظل تنامي المقاومة الفلسطينية في هذه المنطقة فهذا يشكّل خطر أمني وخطر عسكري على المُحتل الصهيوني.
الأمر الثاني لهُ علاقة بالمشروع الأساسي للحركة الصهيونية وهو الاستيطان، الضفة الغربية والقدس وصل عدد المستوطنين بهم إلى مايقارب 750 ألف مستوطن وبالتالي من أجل حماية هؤلاء المستوطنين من بأس المقاومة ومن ضربات المقاومة، يحتاج الكيان المُحتل؛ كما تكلم وزير الحرب السابق "بني غانس" إلى 55% من قوة الجيش، تكون حاضرة بالضفة الغربية. بمعنى آخر هناك حالة من حالات الاستنزاف من قبل الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني لجيش الاحتلال، ستؤثر على جميع الساحات الأخرى الأكثر أهمية للمُحتل الصهيوني، مثل الساحة الإيرانية أو ساحة الشمال وحزب الله.
بالنظر إلى احتدام الصراع في الفترة الأخيرة، وكثرة عمليات الاعتداء، على الأقصى من جهة وأيضاً ازدياد العمل الفدائي من جهة أخرى، هل نحن مُقبلون على معركة جديدة بين غزة والكيان الصهيوني؟
أنا أعتقد أن عام 2023سيكون عام الصدام، هناك حكومة إرهابية صهيونية لديها أجندة مُتطرِفة تجاه كل ما هو فلسطيني، وهناك شعب فلسطيني حاضر سواء في الضفة الغربية أو القدس أو أراضي 48 وغزّة حاضراً بقوة وأن وحدة الساحات التي كرّستها حركة الجهاد الإسلامي في معركة "وحدة الساحات" وقبلها في معركة "سيف القدس" ستكون حاضرة، والصدام الذي من المتوقع أن يكون في مدينة القدس حول المسجد الأقصى، سيكون أحد المؤشرات المهمة لتنامي التصاعد. وبحسب قراءتي للسلوك الإسرائيلي وللمشهد الفلسطيني وارتفاع منسوب المقاومة لدى كل فئات الشعب الفلسطيني، أن الشعب الفلسطيني اختار خيار المقاومة وأنه لن يتعايش مع الاحتلال وبالتالي الصدام حتمي في هذه المرحلة من مراحل الصراع الفلسطيني مع المُحتل الصهيوني.
ما تعليقكم على عملية القدس القدس الأخيرة التي نفذها البطل ( خيري علقم) وما الرسالة التي توصلها للمؤسسة الأمنية الصهيونية وللكيان ككل؟
عملية القدس، أتت كرد سريع من الشعب الفلسطيني لتكتمل كامل ساحاته الفلسطينية، من جنين إلى غزة إلى القدس، وبالتالي إسرائيل التي كانت تتوقع أن تكون العملية في منظقة الضفة الغربية وشمال الضفة الغربية خاب ظنّها، فهذه العملية خرجت من القدس وفاجأت الجميع، وأحدث صدمة لدى المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، والأهم من ذلك نزعت كثيراً من الثِقة مابين الجمهور الإسرائيلي ومؤسساته الأمنية، كونها أتت في ظل استنفار كبير، لم يفيد منع "خيري علقم" من تنفيذ هذه العملية خاصة أنها لحقتها عملية جديدة في اليوم الذي تلا العملية الآولى لتؤكد أنه في ذروة الاستنفار الاسرائيلي الأمني يستطيع الفلسطيني تنفيذ عمليات ويثبت أن هذا المشروع الصهيوني وهذه المنظومة الأمنية ما هي إلا عبارة عن وحشٌ من غبار سرعان ما يتلاشى أمام ضربات الفلسطينيين.
/انتهى/