وكالة مهر للأنباء - نسرين نجم*: "ايها الانسان قاوم فأنت حر، وإن رضخت للظلم فلا تلومن الا نفسك".. حملت بشائر الثورة الإسلامية المباركة معها وقبل انتصارها التاريخي شخصيات استثنائية كبيرة جدا بفكرها، ثقافتها، علمها، وايمانها كيف لا وهي من استقت معين اصالتها من مدرسة روح الله الموسوي الخميني (قده) المتأصل بكتاب الله وسنة رسوله الحامل لراية الاسلام المحمدي الاصيل...
المنظم المحترف ومؤسس الدولة الذي مهد الظروف المناسبة لانتصار الثورة
هذه الشخصيات العظيمة ينحني التاريخ امامها اجلالا، ويقف الفكر عندها حائرا امام ما طرحته وما قدمته من حالة يقظة ووعي بالدرجة الاولى للشعب الايراني ولكل الشعوب الاسلامية وشعوب العالم الساعية للحرية والكرامة، ويخجل القلم من الكتابة عنها، فكيف لقطرة ان تتحدث عن انهار لا بل بحور من العلم والمعرفة... من هذه الشخصيات شخصية آية الله الشهيد بهشتي التي قالت عنه البروفيسورة في علم الاجتماع تيدا سكوكبول:"المنظم المحترف ومؤسس الدولة الذي مهد الظروف المناسبة لانتصار الثورة". وقد ترافق اسمه مع بدايات الثورة أي منذ عام 1963 وكان آية في النضال، الامر الذي دفع الخارجية الاميركية آنذاك لاعتباره: "القائد الديني الاذكى والاكثر تخصصا في البعد السياسي".
الشهيد الكبير آية الله محمد حسيني بهشتي (رض) الذي لم يدع مجالا للتحرك لرفع الظلم والغبن عن ايران في وجه النظام البائد، لم يترك منبرا ولا ساحة الا وحضر فيها للتبليغ والتوجيه والارشاد، متوجها خاصة للشباب ليشكل حالة من الوعي نجح بتأسيسها قولا وفعلا، فيقول (رض):" كنت أول وثاني الخطباء الذين خطبوا في المعتصمين في مبنى البريد، وقد وجهت تحذيرا للشاه بأن الشعب الايراني لا يسمح بأن يصادر المستعمرون ثروات بلاده"، وقاد حركة ثقافية ايمانية أصيلة لمواجهة التحديات والشبهات العقائدية والدينية التي عمل نظام الشاه ومن يدعمه من قوى الاستكبار والكيان المحتل على نشرها بين الشباب.
انطلاقا من تخصصه في الفلسفة، كان للشهيد آية الله بهشتي الدور البارز في الصحوة الدينية فقد عمل بعد عودته من المانيا على تعزيز الصحوة الاسلامية عند الناس منطلقا من ربط تفسير آيات القرآن الكريم بإشارات سياسية تفيد مسار الثورة كيف؟ من خلال الاسقاطات على واقع الامة من ناحية ضرورة النهضة، ووجوب الوقوف مع الامام الخميني (قده) ضد الكفر والظلم.. ومع اقتراب عودة الامام (قده) الى ايران لاعلان انتصار الثورة، وبطلب من روح الله الموسوي شكل بهشتي مجلس قيادة الثورة، وبعد انتصار الثورة المباركة انتخب عضوا في مجلس الخبراء، ثم رئيسا لها، وقاد حزب الجمهورية الاسلامية، اضف الى ذلك توليه للسلطة القضائية.
شخصية شاملة وجامعة، كانت قدوة للشباب الثوري، وانموذج اسلامي محبب، وقد وصفه الامام الخميني (قده) بأنه "أمة في رجل".. نجح الشهيد بهشتي (رض) في استثمار تخصصه العلمي والديني لهندسة العقول بطريقة متزنة رافضة التبعية لقوى الاستكبار العالمي التي كانت تسيطر على ايران قبل الثورة المباركة، عارضا لفلسفة جديدة للثورة ولانسان الثورة قائلا:" إن الثورة لا يمكنها ان تكون ثورة بالمعنى الحقيقي ما لم تخلق قيما جديدة تحل محل القيم والمعايير الرجعية السابقة، فهل انكم ترون الحياة الدنيا لا قيمة لها؟ وهل انكم تعتبرون الانسان الالهي الذي يعمل في سبيل الله انسانا ابديا وأنه يعلو على جميع القيم؟ وهل ان الانسان الذي استشهد في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون " ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها" هو الانسان المتكامل؟ إذا كنتم تدركون ذلك وترونه او اذا تغيرت القيم في إدراككم ونظراتكم وقلوبكم فإنكم ثوريون وسيكون النجاح والتوفيق حليفكم".
لقد كانت القدس لمدة من الزمن قبلة للمسلمين وإن تحريرها هو هدف، ستكون لنا من اجل بلوغه جهود طويلة الأمد، إن أحد السبل المؤثرة لتحقيق هذا الهدف هو التنفيذ الحقيقي لثورة اسلامية في العالم
ويقدم فلسفة رائعة للحرية تلفت العقول:" ان الاسلام يعتبر الحرية نقطة القوة المبدعة والخلاقة للإنسان، وإن للانسان نور الوجود الساطع ولذلك خلق الانسان حرا مدكرا". ونقرأ في كتاباته وخطاباته كيف ان القدس وفلسطين حاضرة في الوجدان وكيف انها هدف نفيس يجب تحريره من أعداء الانسانية :" لقد كانت القدس لمدة من الزمن قبلة للمسلمين وإن تحريرها هو هدف، ستكون لنا من اجل بلوغه جهود طويلة الأمد، إن أحد السبل المؤثرة لتحقيق هذا الهدف هو التنفيذ الحقيقي لثورة اسلامية في العالم".
آية الله الشهيد بهشتي زرع الرعب بفكره وثقافته عند الاعداء، وشكل تهديدا لهم، وأثار الفزع في قلوبهم، فإمتدت يد الغدر والنفاق والانبطاح للغرب لإغتياله مع 72 شخصية قيادية بتفجير ارهابي على يد أعداء الثورة "منافقي خلق".. وقد اعتقد هؤلاء الخونة ان بإغتيالهم لهذه الشخصيات سيغتالون الفكر والنهج، وتناسوا ان هذه الفئة العظيمة الربانية الروحانية من مدرسة حسينية خمينية "اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر"...
والآن الجمهورية الاسلامية في ايران رغم كل الاغتيالات والحصارات والعقوبات أصبحت دولة مكتفية ذاتيا، دولة عظمى ترهب أقوى دول العالم ويحسبون لها ألف حساب، وكل هذا بفضل هذه الدماء الزاكية وحكمة القيادة ووفاء الشعب.../انتهى/
(*) اختصاصية في علم النفس الاجتماعي