وكالة مهر للأنباء - حسين الديراني*: عندما جهز النبي المصطفى صلى الله عليه واله جيشا من المسلمين لفتح مكة المكرمة، وكان ذلك في شهر رمضان المبارك وهم صيام وبعد ثماني سنوات من الهجرة النبوية المشرفة، ما إن وصل بأبي هو وامي وجيشه المغوار الى اسوار مكة حتى انهار جيش قريش الذي كان يقوده عتاة وجبابرة قريش المجرمين الارهابيين، وعلى رأسهم ابو سفيان وزمرته الكافرين المتوحشين الذين استخدموا كل وسائل واساليب الارهاب والحصار ضد النبي محمد صلى الله عليه واله، وكان احد الذين دبروا محاولة اغتياله قبل هجرته الى المدينة المنورة حين فداه ابن عمه وحبيبه وخليفته من بعده الامام علي بن ابي طالب سلام الله عليه، وبات في فراشه فداء له ليسلم قائد المسيرة الالهية ودعوته السماوية الاسلامية..
وعند الفتح المبين العظيم لمكة المكرمة، كانت راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع سعد بن عبادة الأنصاري وهو أمام الكتيبة، فقال أبو سفيان للعباس: ما رأيت مثل هذه الكتيبة قطّ ولا أخبرنيه مخبر، سبحانه الله! ما لأحد بهؤلاء طاقة ولا يدان، ولقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً يا أبا الفضل، فقال له العباس: ويحك، ليس بملك وإنما هي النبوّة. ولما حاذاهما حامل اللّواء سعد، نادى: يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً، ولما حاذاهما الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ناداه أبو سفيان: لقد أمرت بقتل قومك يا رسول الله، إنّ سعداً يقول: اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة، اليوم أذلّ الله قريشاً، فأنت أبرّ وأرحم الناس وأوصلهم. ثم قال له (صلى الله عليه وآله وسلم) بعض أصحابه من المهاجرين: يا رسول الله، إنّا لا نأمن سعداً، ونخشى أن تكون له في قريش صولة، فوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وناداه: يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعزّ الله قريشاً، وأرسل عليّاً إلى سعد بن عبادة ليأخذ اللّواء منه ويدخل به مكّة، وهو ينادي كما أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اليوم يوم المرحمة، اليوم تصان الحرمة...
وعندما دخل النبي صلى الله عليه واله مكة فاتحا، استقبل أهلها وخطب فيهم، وسألهم ماذا يتوقعونه منه تجاههم بعد أن رأوه قد دخلها منتصرا بعد أن أخرجوه منها ضعيفا وشريدا، وقال: (ما تظنون أني فاعل بكم)، وأراد بذلك ما ظنكم بردة فعلي معكم مع ما بدر منكم من إساءة للنبي وأصحابه من حصار وارهاب وتعذيب. فما كان منهم إلا أن أجابوه: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم، وما كان منه -صلى الله عليه واله- إلا أن يختار العفو فقال لهم: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم). وقد نزل في ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)، وقد ترتب على عفو النبي -صلى الله عليه واله- عن أهل مكة صيانة أرواحهم ودمائهم من أن تُراق، وصيانة أموالهم من أن تُصادر، وألا يُفرض عليهم خراج، وذلك لما لمكة المكرمة من حرمة عند الله عز وجل...
امام هذا الحدث العظيم يتبادر الى ذهني تسميته "بفتح جدة" حيث يتجمع رؤساء وقادة الدول العربية حول الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد مطأطأين الرؤوس، منكسرين نادمين مهزومين
فمن هذا الدرس العظيم يقودنا المطاف الى الحدث الابرز في العالم العربي والاسلامي والعالمي اليوم، هو حضور الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد قمة زعماء الدول العربية في القمة العربية المنعقدة في مدينة جدة بعد 12 عاما من طرد سوريا من جامعة الدول العربية، وعزلها وحصارها، ودفع كل الارهابيين في العالم لغزوها وتدميرها، ما إن وصلت طائرته الرئاسية مطار جدة حتى استقبله الامير بدر بن سلطان شقيق الامير بندر بن سلطان بن عبد العزيز رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الاسبق الذي كان يقود الحملة العالمية الارهابية لاسقاط النظام السوري وقتل الرئيس السوري بشار الاسد او نفيه، وصُرفت مئات المليارات من الدولارات لتحقيق هذا الهدف المشؤوم، وكان بندر بن سلطان اشبه الناس بأبي سفيان اخلاقيا وتنظيميا ومكرا وارهابا، لكن صمود الرئيس بشار الاسد وجيشه الباسل وتضحيات الالاف من الشهداء من محور المقاومة الحلفاء الاوفياء لسوريا ووحدة اراضيها اثمر انتصارا وفتحا مبينا على قوى الشر والظلام التكفيريين الارهابيين الذين كانوا مدعومين من امريكا واسرائيل ودول الخليج...
امام هذا الحدث العظيم يتبادر الى ذهني تسميته "بفتح جدة" حيث يتجمع رؤساء وقادة الدول العربية حول الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد مطأطأين الرؤوس، منكسرين نادمين مهزومين، وأخالهم يقولون له "ما انت فاعل اليوم بنا"؟ فيجيبهم اذهبوا انتم الطلقاء، اليوم يوم المرحمة اليوم تصان الحرمة.. اليوم انتصر محور المقاومة.. اليوم يوم حزن في تل ابيت والبيت الاسود../انتهى/
(*) كاتب ومحلل سياسي