تشير جميع الأدلة إلى أن الكيان الصهيوني ارتكب أبشع جرائم الحرب في غزة. ومع ذلك، لا تزال الحكومة الأمريكية تعتقد أن هذه الكيان المجرم يدافع عن نفسه.

وكالة مهر للأنباء – القسم الدولي: يواصل الكيان الصهيوني حربه على أهالي غزة للشهر الثالث بينما ارتكب خلالها الجرائم الأربع المحددة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي: جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم العدوان ضد أهل غزة.

ويتناول المقال بإيجاز حالات جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد سكان غزة.

وتنص المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على جرائم الحرب. وتناولت المادة العشرات من الجرائم التي تعتبر أمثلة على جرائم الحرب. فقط اقترف الكيان الصهيوني بعض هذه الجرائم بشكل علني ومتكرر ضد أهل غزة، مما يؤكد ارتكابه جرائم حرب:

  1. القتل المتعمد

قام الكيان الصهيوني حتى الآن باستشهاد أكثر من 18 ألف فلسطيني في حربه الجارية على غزة. فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة جراء العدوان الصهيوني إلى 18 ألف و205 أشخاص منذ السابع من أكتوبر حتى أول من أمس الأثنين، 70% منهم من النساء والأطفال، فيما وصل عدد المفقودين إلى 6 آلاف شخص.

فقد أكد المتحدث باسم اليونيسيف: إن قتل نحو 7800طفل فلسطيني في غزة ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية. وهناك أدلة كثيرة تثبت تعمد الكيان الصهيوني في استهداف الأهالي والمدنيين، والمستشفيات والمخيمات والمنازل السكنية والمدارس رغم علمه بان هذه الأماكن تأوي المدنيين والأطفال.

  1. التسبب في معاناة شديدة أو ضرر جسيم لجسم الإنسان أو صحته

من المصاديق الأخرى على ارتكاب جريمة الحرب بحسب المادة 8 من المحكمة الجنائية الدولية هو التسبب في معاناة شديدة أو أذى خطير لجسم أو صحة الناس. يرتكب النظام الصهيوني هذه الجرائم من خلال إصابة المدنيين، والحصار على غزة، ومنع وصول الأدوية والغذاء إلى غزة، ومحاصرة المستشفيات ومنع علاج المرضى، فضلا عن إرغام سكان غزة على التهجير القسري. فبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن الهجمات الصهيوني أسفرت عن إصابة 49,645 شخصًا.

3. تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها على نطاق واسع، وهو ما يتم بطريقة غير قانونية وبغيضة ولا يمكن تبريره بالضرورة العسكرية.

4. الهجمات المتعمدة ضد المدنيين بهدف مهاجمتهم، أو المدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في هذه الصراعات؛

5. الهجمات المتعمدة على أهداف مدنية، أي الأهداف التي ليس لها استخدام عسكري؛

6. الهجمات المتعمدة ضد الموظفين أو المرافق أو المعدات أو الوحدات أو المركبات العاملة في الخدمات الإنسانية أو بعثات حفظ السلام التي تعمل بناء على ميثاق الأمم المتحدة.

7. تعمد شن هجوم مع العلم أن مثل هذا الهجوم سيتسبب في وقوع أضرار أو إصابات في صفوف المدنيين أو تدمير أهداف مدنية أو أضرار جسيمة وواسعة وطويلة الأجل للبيئة، مما يفوق الحد اللازم مقارنة بمجموع الفوائد العسكرية المباشرة والمؤكدة المتوقعة.

8. أي قصف أو هجوم على المدن أو القرى أو المناطق السكنية أو المباني التي لا تخضع للحماية العسكرية ولا تعتبر أهدافاً عسكرية؛

لقد نفذ النظام الصهيوني بشكل متكرر وعلني جميع الفقرات من 3 إلى 8 ضد شعب غزة. وفي الواقع، هناك مثال آخر على جريمة الحرب الصهيونية ضد غزة وهو التدمير الواسع النطاق للممتلكات السكنية والصحية والتعليمية والاقتصادية وغيرها.

فقد أعلن المكتب الإعلامي للحكومة في غزة في بيان له أن الجيش الإسرائيلي دمر حتى الآن 61% من منازل الفلسطينيين في هذا القطاع. وجاء في البيان الصادر عن هذا المكتب: "لقد دمر الاحتلال الصهيوني أكثر من 305 آلاف وحدة سكنية خلال هجماته الوحشية على قطاع غزة".

كما نشرت صحيفة "هآرتص" الصهيونية تقريرا في بداية الشهر الثالث من الحرب، كتبت أن "المدنيين الفلسطينيين يشكلون 61% من الخسائر في غزة خلال الغارات الجوية الإسرائيلية".

ونشرت هذه الصحيفة الصهيونية تحليلاً لـ"ياغيل لوي"، أستاذ علم الاجتماع في إحدى الجامعات الإسرائيلية، جاء فيه: في الحروب الثلاثة السابقة للنظام الصهيوني في غزة خلال الفترات الزمنية من 2012 إلى 2022، كانت نسبة الضحايا المدنيين مقارنة بإجمالي عدد القتلى جراء الغارات الجوية، تصل نحو 40%.

9. الترحيل غير القانوني أو النقل أو الحبس غير القانوني

10. الإعلان بأن لا أحد سيكون في أمان

إن التهجير القسري لسكان غزة يعتبر مثال آخر على ارتكاب جريمة حرب من قبل الصهاينة. فقد أشار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى مادتين حول هذه القضية، وهما: الترحيل أو النقل غير القانوني، والإعلان أنه لن يكون أحد في مأمن.

حذر الكيان الصهيوني، خلال الجولة الأولى من الحرب، التي استمرت 48 يومًا وأدت إلى وقف إطلاق النار لمدة 7 أيام، حذر سكان غزة مرارًا وتكرارًا من أنهم سيقتلون إذا لم يغادروا شمال القطاع. وفي الجولة الثانية من الحرب، تم توجيه هذا التحذير إلى سكان جنوب غزة. وطالب الصهاينة بإعادة فتح معبر رفح وتهجير أهالي غزة قسراً إلى مصر.

أعلنت وكالة الإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن مليون و900 ألف شخص في قطاع غزة أجبروا على ترك منازلهم؛ أي نحو 85% من سكان هذه المنطقة. وفي هذا الصدد قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، إن القصف الإجرامي الذي تقوم به إسرائيل أجبر بعض الأسر في شمال غزة على النزوح إلى أماكن مختلفة 6 مرات، إلا أن أهل غزة عازمين على الصمود وإفشال خطط الصهاينة بالتطهير العرقي عبر إجبارهم على ترك منازلهم لأن هؤلاء الناس يعرفون أنهم إذاما غادروا غزة فلن يسمح لهم بالعودة أبدا.

11. الهجمات المتعمدة على المباني الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية والمعالم التاريخية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شرط ألا تكون هذه النقاط أهدافاً عسكرية.

12. الهجمات المتعمدة على المباني والمعدات والوحدات والمركبات الطبية والأفراد الذين يستخدمون الشعارات الخاصة لاتفاقيات جنيف وفقا للقانون الدولي؛

قام الكيان الصهيوني في حربه الراهنة على غزة وقبل بدء الجولة الثانية من الحرب، التي بدأت في الأول من ديسمبر، بتدمير ما لا يقل عن 255 مدرسة ونحو 60 مسجدا في غزة. فقد أكد تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إنه منذ بداية الحرب حتى الآن ( 11 ديسمبر)، نفذ الكيان الصهيوني أكثر من 449 اعتداءً على المراكز الطبية في غزة والضفة الغربية.

إن النظام الصحي في قطاع غزة على وشك الانهيار، ولا يعمل سوى 14 مستشفى من أصل 36 مستشفى بشكل جزئي. وأوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنه بسبب الهجمات الواسعة على هذه المراكز، أصبح من "المستحيل" على العاملين في المجال الصحي الاستمرار بالعمل.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أيضًا أنه منذ بداية الحرب في هذا القطاع يوم 7 أكتوبر الماضي، استشهد 296 فردًا من الطواقم الطبية وأصيب مئات آخرون في هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأضافت أن 36 طبيًا ولا زالوا في عداد الأسرى، ومن بينهم الدكتور محمد أبو سلمية، مدير عام مستشفى الشفاء، في ظروف غير إنسانية.

كما أسفرت الهجمات الوحشية للكيان الصهيوني على الأماكن المدنية في غزة عن استشهاد 57 صحافيا وإصابة 80 آخرين.

13. فرض التجويع القسري على المدنيين كتكتيك عسكري، من خلال حرمان هؤلاء الأشخاص من الإمدادات الحيوية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، مثل تعمد وضع عقبات أمام تسليم الشحنات الحيوية التي تعتبر ضرورية في اتفاقيات جنيف.

إن التجويع القسري للسكان في قطاع غزة يعتبر مثالا آخر على جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد القطاع. فمن جهة، عاشت غزة منذ عام 2007 تحت حصار شامل فرضه الاحتلال، والذي حول هذا القطاع إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من أن السلطات الدولية والمؤسسات حذرت مرات عديدة من كارثة إنسانية في غزة نتيجة الحرب، إلا أن الصهاينة ترفض دخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، كما أن معبر رفح مغلق أيضاً من قبل مصر.

النتيجة

إن الحالات المذكورة، بالإضافة إلى العديد من الحالات الأخرى، تثبت بوضوح أن كيان الاحتلال قد ارتكب جرائم حرب في حربه هذه. ومع ذلك، لا تزال حكومة الولايات المتحدة تعتقد أن الكيان الصهيوني يدافع عن نفسه بشكل شرعي وتستخدم حق النقض ضد أي قرار مقترح في مجلس الأمن لوقف الحرب. وجاء الفيتو الأميركي الأخير على قرار بوقف الحرب بينما اعتمد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الأمم المتحدة، ووصف الوضع في غزة بأنه مثال على "تهديد لحفظ السلام والأمن الدوليين".

انتهى/