وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: بغضبه الهادىء وبغموضه المتقن، وبخطابه المتين القوي الصادق الذي يعد اهم اساليب الحرب النفسية وأهم من التهديد والوعيد، يرعب سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الكيان المؤقت ويدفعه للخوف وللحذر والترقب.
ومنذ انطلاقة معركة طوفان الأقصى المباركة، نفذت المقاومة الإسلامية في لبنان، العديد من العمليات النوعية وصولاً إلى الضربة النوعية والتاريخية التي استهدفت قاعدة ميرون وأصابت العدو بصدمة عسكرية وأمنية، والتي اعتبرتها المقاومة ضربة أوّلية في إطار الرد على عملية اغتيال الشيخ صالح العاروري في جنوب لبنان.
وللتعمّق أكثر في خطابين السيد حسن نصر الله الأخيرين، في ضوء اغتيال الشهيد العاروري وتطورات الميدان، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع الخبير العسكري والاستراتيجي العميد، بسام ياسين، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
وصف العديد من المراقبين خطابي الامين العام الاخيرين بأنهما موقف استراتيجي يتعامل مع المعركة الراهنة في غزة وتداعياتها الاقليمية في اطار الحرب النهائية لازالة الكيان الصهيونى.. ما معالم هذه الصورة؟ وكيف نقرأ النتائج المتحققة حتى الان محليا وعالميا في هذا الاطار؟
لو كانت المعركة معها معركة نهائية لكان التوقيت هو من حدده، وكان التحضير مختلف، والنتيجة انه هو من قال ان هذه ليست المعركة النهائية ونحن في معرض تسجيل النقاط، هذه المعركة جُر اليها الحزب نصرة لغزة وربط استمرار هذه المعركة بعاملين:_ الوضع في غزة و التطورات في جنوب لبنان من خلال الرد الاسرائيلي في الجنوب.
نعم الخطابين استراتيجيين لانهما يعطيان صورة واضحة وشاملة عن مجمل الاحداث بغزة وبدول المحور التي تعمل ضد أميركا وإسرائيل، ببعده الاستراتيجي دائما في خطاباته بطريقة متسلسلة يسرد الاحداث وبصورة دائمة يترقب ويتوقع متغيرات، ويشعر المتابع له بأن كل سيناريو يطرح لديه الحل جاهز عنده وخاصة بالخطاب الاخير ما بعد المعركة على صعيد كل دولة من دول المحور، ما هي الغنائم التي ستكسبها نتيجة هذه المعركة والتي هي مرتبطة بشكل وثيق بانتصار وصمود غزة.
شيئا فشيئًا بدأت صورة الدعم الذي يقدمه محور المقاومة في اطار استراتيجية منسقة بين اطراف هذا المحور لدعم غزة واستغلال قدرات وموارد هذا المحور بشكل منسق ومنظم من اليمن الى العراق وجنوب لبنان.. هل ترون ان هذا الدعم ادى مهمته وحقق هدفه المعلن؟ وهل ساهم هذا الدعم في احباط المشروع الصهيوني ضد غزة وشعبها ومقاومتها؟
هناك تنسيق هناك غرف عمليات مشتركة من دون أدنى شك وكل طرف من اطراف هذا المحور يقوم بواجباته وفقا لخطة مدروسة ولاولويات هو يضعها ووفقا لقدراته بطريقة منظمة، البارز الاكبر هو الدور اليمني بإغلاق باب المندب وان كان هذا الامر سيجر على اليمن ويلات كثيرة، اغلاق المندب من قبل اليمن وإرسال صواريخ ومسيرات الى الكيان.
هذه المعركة هي ليست فقط فلسطينية او حماسية او غزاوية ضد الكيان بل اكثر من ذلك. لبنان من خلال مشاغلته للعدو على مدى تسعين يوما والحاق به الخسائر الكبيرة بالتجهيزات وبالمواقع مما اضطر العدو بأن يأتي بفرقة ثالثة من الجنوب الى الشمال، وهذا يدل على الضغط والضرر الذي الحقه الحزب بالعدو، وكم ان هناك خوف من قوة حزب الله، ويتضح اكثر فأكثر يوما بعد يوم.
في الموضوع العراقي استهداف المواقع الاميركية في سوريا والعراق امر مهم جدا وهذه فرصة للعراقيين لتحرير ارضهم من اي وجود عسكري امريكي، هناك غرفة عمليات مشتركة تنسق هذا الجهد، لكن لكل دولة امكاناتها، ولكن من دون أدنى شك كله في سبيل نصرة فلسطين وغزة ولتخفيف الضغط عن غزة.
العامل الاهم في صمود غزة هم اهل غزة هم حماس والجهاد والتنظيمات التي تقاتل، والتي افشلت كل مخططات اسرائيل في غزة، باقي المحاور هي مساندة ومساعدة، لكن الجهد الرئيسي والثمن الغالي تدفعه حماس وأهل غزة لكن بصمودهم سيفشل المشروع، اساس فشل المشروع هو صمود غزة باقي ما تبقى كلها عوامل مساعدة.
لم يحسم سماحة السيد نصرالله الموقف بشأن توسع الحرب على الصعيد الاقليمي ولم يعط تطمينات للعدو في هذا الخصوص.. بل أبقى الباب مواربا لانفجار الحرب الاقليمية.. لمن كان هذا الخطاب موجها بالدرجة الاولى؟ وهل يعني رغبته في اعطاء الفرصة للحلول السياسية لهذه الازمة؟ وما هي احتمالات الحرب الاقليمية برأيكم؟
لم يحسم ان كان يوجد او لا يوجد حرب إقليمية، واي تهور من قبل الولايات المتحده الاميركية قد يجر الى حرب اقليمية... سياسة الغموض التي يتبعها السيد في مواقف معينة تفيد كثيرا لانها تبقي الجانب الاخر على حذر، وهذه كانت موجهة الى الولايات المتحده الاميركية عندما اتت بالاساطيل وكانت موجهة الى البحر المتوسط والأحمر بغية مساندة "اسرائيل" بغزوها وبعدوانها...
موضوع الحرب الإقليمية لمّح اليه بطريقة بمجرد ان يدخل لبنان بحرب شاملة مع العدو في حال سقطت غزة بالكامل وتستسلم حماس سيجر باقي قوى الممانعة الى الدخول بحرب اشمل واوسع، وهنا قد ننجر الى ما يشبه الحرب الإقليمية لان الحرب الإقليمية ليست كل دول الاقليم مشتركة فيها، لكن محور كامل ضد "اسرائيل" واميركا ومن معهما، وحتى الان المساندة هي أوروبية صرفة، هناك كلام عن دور عربي لكنه ليس واضحا..
كل المواضيع مرتبطة بصمود غزة وهذا كان تهديد للقوات الاميركية الموجودة والاساطيل ان انتبهوا اي تدخل أوسع من غزة من قبل هذه الاساطيل ممكن ان يجر الى حرب، او اذا لا سمح الله استطاع الكيان الصهيوني ان يهزم "غزّة" وان تكون على شفير الاستسلام هناك ستفتح المعركة بأوسع مجالاتها.
اغتيال الشهيد صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت شكل تحديا جديا للمقاومة وانتهاكا فاضحا للمعادلات التي حكمت الصراع منذ العام 2006.. فكيف يمكن لحزب الله ان يعيد قاعدة الردع ومنع التجاوزات الصهيونية؟ وماذا لو لم يرتدع العدو وتمادى في تجاوزاته؟
الردع هو ان يتخوف الطرفان من ان يقوما بأي شيء لانه قد يلحق الضرر بالطرف الثاني فيمنعه ويردعه عن القيام بأي شيء، لكن مع بدء المناوشات تحدثنا عن قواعد الاشتباك وقلت انه باي لحظة قد يظهر للعدو او للمقاومة هدف ثمين خارج منطقة الاشتباك سيقوم بالمبادرة ومحاولة التعرض له او قصفه او التعامل معه، وهذا ما حصل مع الشهيد صالح العاروري هو هدف ثمين جدا بالنسبة لاسرائيل، مكان الاستهداف هو الاخطر، ولكن من سلسلة عمليات الاغتيال التي يقوم بها العدو الاسرائيلي من دون أدنى شك اغتيال العاروري هو هدف ثمين جدا، وسارعت "اسرائيل" فور الاغتيال الى ارسال رسائل الاطمئنان ان هذا الاعتداء ليس على لبنان وليس موجها ضد حزب الله، وهو موضعي، لكن مكان الاستهداف يهز صورة الردع التي وضعها حزب الله من اجل ذلك كان الامر يتطلب ردا على هذا الاستهداف حتى يبقى التقييد بمواقع الاشتباك وعدم توسع المعركة، وما نراه اليوم من عمليات حصلت على قاعدة ميرون وحجم الهجمات التي قامت بها المقاومة وحجم الرد "الإسرائيلي" يرينا ان هذا هو رد على ما حصل، "اسرائيل" مردوعة حتى الان لانها لم تنته من غزة ولان الحرب على جبهتين في حال بقيت غزة صامدة سيكلف اسرائيل الكثير الكثير، برأي معادلة الردع لا تزال موجودة سيتم الرد، والرد سيكون محدود ومركز على هدف من ضمن قاعدة التناسب وان شاء الله لا نذهب الى المواجهة الشاملة التي يوجد فيها خسارة لكل اطراف النزاع.
السيد نصرالله بدا في حالة تماسك وهدوء واضحة في خطابه الاخير، وخصوصا وهو يتحدث عن المواجهة مع جيش الاحتلال على جبهة الجنوب.. بينما ترتفع اصوات التهديد والوعيد من قبل قادة الكيان الصهيونى.. فماذا يعني لكم ذلك؟ وهل يشير هذا الامر الى موازين القوى الفعلية بين المقاومة وكيان الاحتلال؟
من عادة الرجال الكبار انه عندما تشتد وطيس المعركة، القائد يجب ان يهدأ وبالخطابين الأخيرين للسيد ولان هناك احداث كبرى من الطبيعي ان يكون هادىء حتى التعامل مع هذا الحدث يكون بحكمة اكثر، وتوصل رسائل للعدو بما يتناسب مع هذا الهدوء المقرون بالحزم والعزم، هذا هدوء الغاضب، هو ليس بحاجة ان يهدد الان، "اسرائيل" تهدد منذ بدء المعارك وطوفان الاقصى، والكيان الصهيوني هدد بأنه سيدمر لبنان في حال تدخل حزب الله في المعركة، فتدخل حزب الله في المعركة من اليوم الاول ولم تشن حربا كبيرة على لبنان، معادلة الردع الواقعة هي اهم بكثير من اي خطاب، ومعرفة العدو ان اي حرب مع لبنان ستكلفه الكثير هي اهم من حرب، الخطاب بالموضوع النفسي هنا يبين الهدوء هو الواثق من قدراته بعكس الخطاب الاسرائيلي الذي يصدر من عدة شخصيات اسرائيلية يحكمه الجنون، بالطبع هم لديهم القدرة على تدمير قسم كبير من لبنان وهذا لا احد يشكك به، لكنهم يعرفون جيدا ان جزءا كبيرا من مقدراته ومواقعه سيتم قصفها وتدميرها بشكل مماثل، لذلك بالحرب النفسية الهدوء اهم من الغضب، ان لا اخاف منكم افعلوا ما تشاؤون انا جاهز لكم، استخدام هذه الكلمات اهم بكثير من التهديد والوعيد.
/انتهى/