وكالة مهر للأنباء- استاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة طهران، السيد هادي برهاني: انه بعد التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال إن هذا الكيان لن يقبل أبداً بدولة فلسطينية، يجب على العرب أن يستيقظوا.
شهد الشرق الأوسط تطورا هاما وحاسما في ما يسمى بعملية السلام بين العرب وإسرائيل خلال الأسابيع الماضية، حيث أعلن بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي يوم 18 يناير/كانون الثاني، أنه يجب أن يكون لإسرائيل سيطرة أمنية على جميع مناطق الضفة الغربية في أي اتفاق أو خطة يتم تنفيذها في المستقبل.
السيطرة الأمنية هي عنوان الاحتلال المحترم، وهذا الموقف من إسرائيل يعني قرار هذا الكيان بمواصلة احتلال الضفة الغربية بأكملها (وليس جزءاً منها فقط). وفي هذه الحالة لن يكون هناك مجال لقيام دولة فلسطينية، ولو في زاوية صغيرة من الضفة الغربية.
وبعد هذه التصريحات الجادة والهادفة، التي لم تشكك في عملية السلام وحل الدولتين فحسب، بل رفضتها تماما، أجرى بايدن اتصالا هاتفيا مع نتنياهو، قال فيه إن "رئيس وزراء إسرائيل ليس ضد كل حل الدولتين، وبعض أشكال هذا الحل يمكن ان تتحقق."
وبعد ساعات من تصريحات بايدن، أكد مكتب نتنياهو على مواقفه السابقة، موضحا أن نتنياهو كرر في حديثه مع بايدن مواقفه التي ظلت ثابتة على مر السنين، وكما قال في مؤتمر صحفي يوم 28 يناير/كانون الثاني، ينبغي لإسرائيل أن تحصل على كامل حقوقها في السيطرة الأمنية على قطاع غزة بعد إبادة حماس، وهو ما يتعارض مع مطلب الفلسطينيين بالسيادة.
وكان لنتنياهو دائما موقف سلبي تجاه "اتفاقيات أوسلو" التي هي أساس اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي وأساس حل الدولتين. وقال العام الماضي إنه فخور بمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة خلال الثلاثين عاما الماضية.
ووصف نتنياهو "اتفاقيات أوسلو" بالخطأ الفادح، قائلا "الآن الجميع يعرف ما هي الدولة الفلسطينية، بعد أن رأينا مثالا صغيرا عليها في غزة". لكنه خلال هذه الفترة كان يتلاعب دائمًا بحل الدولتين وعملية السلام بطريقة ما، ولم ينكر ذلك أبدًا بهذا الوضوح. إن موقف نتنياهو الأخير من عملية السلام وإمكانية قيام دولة فلسطينية لم يترك مجالاً للشك في موقف هذا النظام المعارض لأسس عملية السلام وإقامة دولة فلسطينية مهما كانت صغيرة.
إن الموقف الأخير للحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بمصير فلسطين والفلسطينيين واضح تماما؛ لن تكون هناك دولة فلسطينية، وسيتعين على الفلسطينيين أن يعيشوا في ظل نظام فصل عنصري في أفضل الأحوال، وفي أسوأ السيناريوهات، سيتم تدميرهم من خلال إبادة جماعية وحشية. وفي هذه الظروف، يمكن اعتبار التطهير العرقي للفلسطينيين حلاً منظوراً.
وردا على موقف إسرائيل، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل: "إذا لم تقبل إسرائيل حل الدولتين، فيجب أن نناقش لنرى ما هو الحل الآخر الذي يفكرون فيه. هل ينبغي للفلسطينيين أن يتقبلوا حل الدولتين؟" هل يجبرون على الهجرة أم يذبحونهم؟" بهذه الكلمات، وصف موقف إسرائيل الأخير بأنه مخيب للآمال.
في مثل هذه الظروف، عندما أُعلنت نية إسرائيل الواضحة لتدمير فلسطين والفلسطينيين، وحتى رد فعل الاتحاد الأوروبي بقوة، التزمت الجامعة العربية الصمت للأسف.
لقد تجاهلت الجامعة العربية أهمية هذه القضية الخطيرة بينما تم تدمير دولة عربية محتلة وأمة عربية، والآن تعلن إسرائيل أن هذا الاحتلال مستمر ولا مجال لإقامة دولة فلسطينية.
وبعد إعلان مواقف إسرائيل الواضحة بشأن الدولة الفلسطينية، لن يكون من المنطقي الحديث عن عملية السلام وحل الدولتين، وخاصة التعامل مع هذا النظام لتوفير الأساس لتشكيل الدولة الفلسطينية.
وتتطلب عملية السلام في الشرق الأوسط انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 مقابل السلام والشرعية، وتسمح بتشكيل دولة فلسطينية صغيرة في هذه الأراضي. ولذلك، فقد أعلنت جميع الأطراف العربية التي دخلت في سلام مع إسرائيل تقريباً عن هدف مهم يتمثل في التوصل إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتوفير الأساس لتشكيل الدولة الفلسطينية.
منذ السلام بين مصر وإسرائيل، كأول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وحتى تطبيع الإمارات مع هذا الكيان، برزت القضية الفلسطينية وضرورة الحل السلمي كانت دائمًا جزءًا من اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني على أساس قرارات الأمم المتحدة وحل الدولتين. كما تم إصدار إعلان اتفاقات إبراهيم مع الوعد بوقف ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
لقد التزمت الدول العربية الصمت تجاه المواقف الإسرائيلية الأخيرة، رغم هذا التاريخ الذي قوض أسس كافة معاهدات السلام مع إسرائيل. وهذا الصمت لن يكلف الفلسطينيين الكثير فحسب، بل ستكون له عواقب وخيمة على العالم العربي.
ولا يمكن للدول العربية أن تظل غير مبالية بمصيرها حتى لو تجاهلت القضية الفلسطينية وأبدت عدم الاكتراث بمصير أمة عربية. لقد أظهر 7 أكتوبر بوضوح أن القضية الفلسطينية لا يمكن فصلها عن العالم العربي، وأن العالم العربي وأمنه ومصالحه سيتأثر بالقضية الفلسطينية حتى يتم حل هذه القضية.
ولذلك، على الحكومات العربية (حتى لو كانت لا تهتم إلا بمصالحها) أن تتقبل هذه الحقيقة بشجاعة، وتعترف بأن الهروب من هذه القضية لن يحل مشكلتها، بالنظر إلى تجربة عقود عديدة من ما يسمى بالتفاعل العربي السلمي مع إسرائيل.
ونظراً لأهمية وحساسية التطور المذكور، على الدول العربية أن تخرج عن صمتها وتعلن موقفها من هذا التطور الخطير.
ومن الأفضل للجامعة العربية أن تعرب عن رأيها بشأن الموقف الأخير للكيان الصهيوني في اجتماع طارئ وأن توضح لإسرائيل أنه لا يمكن تطبيع العلاقات دون إقامة دولة فلسطينية ودون أن يتمتع الفلسطينيون بالحد الأدنى من حقوقهم الأساسية. وبهذه الطريقة تستطيع الجامعة العربية أن تهدد إسرائيل وتعلن موعداً نهائياً لتغيير موقف إسرائيل المناهض للسلام.
/انتهى/