وكالة مهر للأنباء_ عبادة عزّت أمين: لايقل سلاح الإعلام أهمية عن الأسلحة العسكرية الميدانية، فللصورة اليوم تأثير كبير كما للرصاصة، وللتقرير الميداني اليوم اهمية كما للصواريخ البالستية، وخصوصاً أن حلف الطاغوت يبذل كل مابوسعه وينفق أموالاً هائلة ويسخر إمبراطوريته الإعلامية لحرف الحقائق ونشر الفساد في الأرض.
ولاشك أن الكيان الصهيوني لم يكن غافلاً عن أهمية هذا السلاح، فبالتزامن مع احتلال الأرض أخذ ينشر أكاذيب وسرديات من نسج خياله، محاولاً تحويلها _مع الاستفادة من عنصر التكرار_ إلى حقائق في أذهان العوام من الناس. ولايمكننا أن ننكر أنه نجح إلى حدٍ ما في مكره، وخاصة مع شعوب أوروبا وأمريكا والشعوب التي لاتعرف الكثير عن القضية الفلسطينية.
ولكن مكر الله أكبر مهما كان مكرهم، فبعد طوفان الأقصى، وبفضل الله أولاً وثبات وإيمان أهل غزة، وبفضل سلاح الإعلام لدى المجاهدين في غزة وأحرار العالم، تم تعرية سردية الاحتلال وكشف أكاذيبهم التي امتدت لسنوات عديدة، ويمكننا القول أننا أمام صحوة شعبية عالمية وحالة من تبنّي السردية الفلسطينية؛ المتعلقة بأحقية الشعب الفلسطيني بأرضه، يجب البناء عليها.
وعن أهمية الإعلام في معركة التصدي والتحرير، وللتعرف أكثر على التحديات التي تواجه الإعلام المقاوم، أجرت وكالة مهر للأنباء، حواراً صحفياً مع مدير قناة فلسطين اليوم، الأستاذ سيف الدين موعد، خلال تواجده في معرض الإعلام الإيراني، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
أستاذ سيف الدين، ما هو انطباعكم عن معرض الإعلام الإيراني بدورته الرابعة والعشرون؟
هذا الجهد جهد كبير، وواضح أن هنالك تنظيم كبير لهذه الفعالية التي تضمن عدد كبير من وسائل الإعلام، إضافة إلى تخصيص مساحة لفلسطين ولغزة ولطوفان الأقصى، وحقيقة هذا الاجتماع الثقافي يسهم في إيجاد ساحة لتشارك الخبرات والتجارب، وهذا عمل مهم، وأرى أن مثل هذه المبادرات، عندما يتم توسيعها لتشمل بشكل دائم المساحة المتعلقة بالجانب الفلسطيني، فهذا أمر بالغ الأهمية، لأن الواقع الفلسطيني والحالة الإعلامية الفلسطينية الآن، حاضرة في كافة شعوب المنطقة وعلى وسائل الإعلام، وبالتالي هذا الأمر سيؤدي إلى إغناء وإثراء كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية من الناحية الإعلامية.
على ذكر القضية الفلسطينية، شاهدنا في الفترة الأخيرة الصحوة الشعبية العالمية تجاه القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى، ورأينا كيف أن الشعوب الحرّة تبنّت الحقيقة الفلسطينية ونبذت الأكاذيب الصهيونية بما يتعلق بأحقية الشعب الفلسطيني بالأرض، برأيكم ما هو سبب هذه الصحوة.
اولاً لا شك أن طوفان الأقصى، كحالة وواقعة، شكل انعطافة كبيرة جداً على مستوى الصراع، هذا الحدث الكبير الذي تجسّد في 7 أكتوبر وماتلاه من صمود وبطولة وشجاعة لدى المقاومة، إضافة إلى الصمود الكبير للشعب الفلسطيني الذي أثبت أنه متمسّك بأرضه وثابت على حقه ومعارض لكل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية والتهجير، كل هذه الأمور، شكّلت حالة قوية من الدفع تجاه المشهد العام المتعلق بالجانب الإعلامي.
المسألة الأخرى، هي بسالة الإعلامي والصحفي الفلسطيني، هذا الصحفي الفلسطيني الذي استطاع أن يوثّق وينقل معاناة الشعب الفلسطيني وبطولة الشعب الفلسطيني، واستطاع أن يفضح ويعرّي الآلة العسكرية الهمجية الإسرائيلية التي ارتكبت مجازر وقامت بهذه الإبادة المتعلقة بكل مايحدث داخل غزّة؛ هذا الأمر ربما يفسر عدد الشهداء الصحفيين الكبير، هناك أكثر من 130 صحفي فلسطيني، استشهدوا داخل فلسطين، وهذه المقتلة الكبيرة إذا دلّت على شئ فإنها تدل على دور الإعلام ودور الإعلامي الفلسطيني في نقل الصورة، وحقيقة هذا الأمر، انعكس بشكل كبير في أوساط وسائل الإعلام العربية والإسلامية العالمية ومن خلال هذه الانعكاسة كان هنالك تفاعل كبير.
هذا جانب، الجانب الآخر متعلّق بالوسائط الإعلامية غير التقليدية، أيضاً هذه الوسائط دعمت وساعدت في ايصال الصورة مع الدور الكبير للصحفي الفلسطيني، وتم نشر مقاطع كثيرة متعلقة بمعانات الشعب الفلسطيني وبطولته في مواجهة هذا الاحتلال وهذه الجرائم وهذه الهمجية، فكان هناك حالة كبيرة من التعاطف.
فإذا أردنا أن نُلخّص يمكننا القول أن الرواية الإسرائيلية تم تعريتها، الإسرائيلي فشل في معركة الرواية مقابل نجاح كبير على مستوى معركة الرواية والسردية في الجانب الفلسطيني.
ما هي التحديات التي تواجه الإعلام الفلسطيني والمقاوم بشكل عام، كيف يمكننا أن نطور من العمل الصحفي والإعلامي.
أولاً من المهم أن نلفت إلى أن ورقة القوة الأساسية التي تخدم الرسالة الإعلامية الفلسطينية، هي عدالة هذه القضية وتربع هذه القضية في وجدان الأمة العربية والإسلامية وفي وجدان أحرار العالم، الآن بخصوص التحديات، هناك مجموعة كبيرة من التحديات خحصوصاً أننا نواجه آلة وترسانة من الإعلام الذي يدعم من قوى استكبارية كبرى. وبالتالي هنالك ما يتعلق بالجانب المادي، يجحب أن أن تكون هذه المؤسسات تحظى بدعم ورعاية بحيث يتوفر لديها الإمكانيات اللازمة للقيام بأدائها وواجبها بشكل صحيح.
المسألة الأخرى يجب أن نكون متّصلين بكل ماهو جديد ومتطور بما يخص وسائل الإعلام، وأن لاتبقى الوسائل الإعلامية تتعامل مع الوافد والجديد بشكل حذر وبالتالي يجب أن يكون هناك استفادة من كل التكنولوجيا الموجودة.
أيضاً من التحديات الموجودة هو أننا كيف يمكن أن نؤسس البنية التحتية لشبكات التواصل الاجتماعي، وهي العنصر المؤثر والكبير في هذه الرسالة الإعلامية، ولاحظنا في طوفان الأقصى كيف تم توظيف هذه الوسائط لنشر القضية الفلسطينية وتعرية الاحتلال وفضح جرائمه وبالتالي هناك تحدي متعلق بموضوع الحظر والتقييد وحجب الحقائق وأيضاً من خلال تمرير الرسائل الخبيثة التي تشوّه القضية الفلسطينية.
الآن نحن مطالبين كوسائل إعلام ومطالبين كاتحادات متعلقة بدعم وسائل الإعلام التي تتبنى فكر و نهج المقاومة، أن نعمل على تجاوز هذه التحديات، والسؤال هنا، كيف يمكننا ان نتجاوز هذه التحديات؟ وكيف يمكننا أن نبني بنية خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي يمكن من خلالها أن تشكّل بدائل؟ وإذا لم نستطع، كيف يمكن أن نطوّر استراتيجيات يمكن من خلالها أن نقوم بتجاوز هذه التحديات المتعلّقة بموضوع الحجب والتقييد ومحاربة المحتوى الفلسطيني وبالتالي أعتقد أن هذه العناصر الثلاثة يمكن أن تكون تحديات ولكن هذه التحديات يمكن تجاوزها، وخصوصاً أن مسألة تجاوزها هي مسألة لاتشكل خياراً ممكناً فقط وإنما لازماً وواجباً على اعتبار أن الرسالة الإعلامية هي رسالة حاسمة وخطيرة ومؤثرة ولايمكن أن تنجح كل الجهود الكبيرة التي يبذلها الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة بدون وسائل إعلام ناجحة، وأكبر دليل، لنتخيل الآن المقاومة الفلسطينية بدون إعلام حربي كيف سيكون شكلها؟ وبالتالي الإعلام هو عنصر مهم وتجاوز التحديات التي تواجهه هي مسألة حاسمة وضرورية لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة.
/انتهى/