وكالة مهر للأنباء، القسم الدولي: انه أكد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو: "على تطبيع العلاقات مع إيران". وأضاف: "كانت لدينا مشاكل مع هذا البلد في الماضي، لكن الآن لا توجد مشاكل عملياً ولا نرى أي سبب لتأخير تطبيع العلاقات مع إيران". يجيب هذا المقال بإيجاز على هذا السؤال: لماذا طلب ملك البحرين رسميًا بإعادة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
البحرين دولة صغيرة في منطقة الخليج الفارسي، تبلغ مساحتها 786 كيلومترًا مربعًا فقط، ويبلغ عدد سكانها أقل من 1.5 مليون نسمة، نصفهم من الأجانب. حوالي 60% من سكان البحرين هم من الشيعة. إن الجغرافيا السياسية للبحرين مهمة لأنها تجاور المملكة العربية السعودية وإيران كقوتين إقليميتين مهمتين وهي مركز الأسطول البحري الأمريكي الخامس، وهو أكبر قاعدة بحرية أمريكية خارج هذا البلد. ولذلك فإن الأسباب الثلاثة لأهمية البحرين هي أغلبية السكان الشيعة، والجوار مع إيران والمملكة العربية السعودية، واستضافة الأسطول البحري الأمريكي الخامس.
العلاقات بين إيران والبحرين؛ تخضع لسياسة قوتين اخرتين
البحرين هي أصغر دولة عضو في مجلس التعاون الخليج الفارسي، وسياستها الخارجية في الأساس تابعة لسياسات المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. وقطعت العلاقات بين البحرين والجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 2016. وبعد أن قطعت السعودية علاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية في يناير/كانون الثاني 2016، أعلنت البحرين أيضًا أنها ستقطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية إيران الإسلامية بعد يوم واحد فقط من قرار الرياض.
علاوة على ذلك، فإن تزايد التوتر بين إيران والسعودية، وكذلك بين إيران والولايات المتحدة، كان له تأثير سلبي على العلاقات بين طهران والمنامة ووسع الفجوة بين البلدين. ومن أسباب تأثر العلاقات الإيرانية البحرينية بسياسات الدول الأخرى تجاه إيران هو أن حجم العلاقات التجارية بين المنامة وطهران عند مستوى صغير. وبحسب تقرير مركز أبحاث غرفة إيران، فإن صادرات إيران إلى البحرين في الأعوام من2017 إلى 2021 تعادل 11.7 و12.1 و9.9 و8.4 و9.7 مليون دولار على التوالي، ولم تمثل هذه الدولة في عام 2021 سوى 0.02 بالمئة من صادرات إيران، وفي هذا الصدد، احتلت المرتبة 68 بين شركاء إيران التجاريين. وفي مجا ال الواردات، استحوذت هذه الدولة على 0.002% فقط من واردات إيران وتحتل المرتبة 90.
لماذا تريد البحرين إعادة العلاقات مع إيران؟
ويمكننا ذكر ثلاثة عوامل حول سبب رغبة البحرين علناً في إعادة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي:
1- إحياء العلاقات بين إيران والسعودية
بعد استعادة علاقات المملكة العربية السعودية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مارس 2023 تمت مناقشة إعادة علاقات البحرين مع إيران أيضًا في مارس 2023، بعد أيام قليلة من عودة العلاقات بين الرياض وطهران، التقى أحمد بن سلمان المسلم، رئيس مجلس النواب البحريني، أيضًا بوفد برلماني من الجمهورية الإسلامية على هامش الدورة 146 لمجلس النواب. وكان الاتحاد البرلماني الدولي قد أعلن في المنامة عن بدء المفاوضات بين طهران والمنامة من أجل استئناف رحلات طائرات الركاب بين البلدين.
ومع استمرار عملية تحسين العلاقات بين إيران والسعودية وتقارب البلدين، زاد إصرار البحرين على إحياء العلاقات مع إيران. وفي هذا الصدد، وبينما لا تقيم البحرين علاقات دبلوماسية رسمية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد أرسلت وزير خارجيتها إلى طهران لتكريم الرئيس الإيراني ووزير الخارجية الشهيد. وزار وزير خارجية البحرين عبد اللطيف بن راشد الزياني طهران يوم الخميس الماضي في مراسم تكريم الرئيس الشهيد السيد إبراهيم رئيسي والشهيد حسين أميرعبد اللهيان وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في غضون ذلك، أكد ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، على ضرورة إحياء العلاقات بين المنامة وطهران، وذلك في لقائه مع فلاديمير بوتين.
2- الجهود الدبلوماسية للشهيد إبراهيم رئيسي والشهيد حسين أميرعبد اللهيان
كانت أهم استراتيجية في السياسة الخارجية للحكومة الثالثة عشرة برئاسة الشهيد رئيسي هي تطوير العلاقات مع الدول المجاورة والإسلامية والمتحالفة. ومع مرور الوقت، لاقت هذه السياسة قبولاً لدى الدول الأخرى لأنها لم تبقى على مستوى الكلمات فحسب، بل اكتسبت جانباً تنفيذياً أيضاً. وتشير هذه المسألة إلى 28 رحلة إلى 23 دولة خلال 34 شهرا من رئاسة السيد إبراهيم رئيسي، والتي كانت رحلات هادفة لتنفيذ سياسة تطوير العلاقات. في الواقع، توصلت دول، بما في ذلك دول مثل السعودية والبحرين، إلى أن الإدارة الثالثة عشرة لديها نوايا حسنة لتحسين العلاقات وتتصرف بصدق وتتجنب المواقف المتسرعة. ولهذا السبب تراجعت حدة التوتر في العلاقات الثنائية مع دول الجوار، بما فيها البحرين، والآن يؤكد ملك البحرين أنه لا يوجد سبب لتأخير تطبيع العلاقات مع إيران.
3- تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا
أما العامل الثالث المؤثر في هذا المجال فهو تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا. ومع تنصيب جو بايدن في أميركا، من جهة، توترت علاقات البلاد مع السعودية، ومن جهة أخرى، ركزت واشنطن أكثر على شرق آسيا. وفي الوقت نفسه، يبدو أن أمريكا لا تريد المزيد من الفوضى وانعدام الأمن في غرب آسيا، وليس لديها أي اعتراض على تحسين العلاقات بين دول المنطقة، بما في ذلك مع جمهورية إيران الإسلامية. أحد أسباب هذه المسألة هو أن الولايات المتحدة لم يعد لديها المكانة التي كانت عليها في العقود الماضية، كما تراجعت قدرتها على ممارسة الضغط على الدول الأخرى، بما في ذلك دول غرب آسيا. إن رفض السعودية الانصياع للسياسة الأمريكية فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، ومعارضتها زيادة إنتاجها النفطي، من بين الأدلة على تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا. والآن، تحاول البحرين إعادة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمزيد من الجهد.
ملخص
إن تأكيد ملك البحرين على ضرورة إحياء العلاقات مع إيران يدل قبل كل شيء على فشل سياسة امريكا لعزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخلق الفجوة بين إيران والدول العربية. كما أدى تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا إلى حصول الدول العربية على مزيد من الاستقلال في سياستها الخارجية اليوم. ورغم أن السيد إبراهيم رئيسي، رئيس الحكومة الثالثة عشرة، وحسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية هذه الحكومة، لم يحضرا الساحة السياسية واستشهدا، إلا أن حكومة الدول الإسلامية لا تزال تسعى إلى تطوير العلاقات مع جمهورية إيران الاسلامية، وهي القضية التي ناقشها سماحة قائد الثورة أيضاً في اللقاء مع المسؤولين من مختلف الدول الذين جاءوا إلى طهران للمشاركة في مراسم تأبين شهداء الخدمة. كما انه ترحب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإعادة العلاقات مع البحرين باعتبارها دولة مجاورة، بل وتدعو إلى توسيع العلاقات الاقتصادية في نفس الوقت الى جانب العلاقات السياسية.
/انتهى/