وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: قالها سماحة الامام المغيب السيد موسى الصدر منذ قرابة الخمسة عقود :" إن شرف القدس يأبى ان يتحرر الا على ايدي المؤمنين الشرفاء"، وها هم المؤمنون الشرفاء من اهلنا في اليمن العزيز وفي جبهات الاسناد في لبنان والعراق وبرعاية وبمساعدة الجمهورية الاسلامية في إيران يسطّرون اجمل الملاحم البطولية ضد العدو الصهيوني ودعما لأهلنا في غزة.
ان "ضربة يافا صدمت المؤسسة "الدفاعية" الإسرائيلية التي لا تزال بعيدة عن التوصل إلى خطة لمواجهة اليمن وتقويض قدراته"، لقد استطاع اليمن هذا البلد العزيز الذي عانى ما عاناه من حروب ونكسات وازمات وجوع وحصار ان يقف موقفا بطوليا تاريخيا قل نظيره مع القضية الفلسطينية وشكّلت جبهته المساندة الى جانب جبهة لبنان المدماك الاساس لكسر جبروت العدو الصهيوني.
حول ضربة "يافا" الاخيرة والعدوان "الاسرائيلي" على اليمن، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع الإعلامي اليمني، الأستاذ "اسماعيل المحاقري"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
لنبدأ من التطور العسكري اللافت الذي حققه الجيش اليمني بإرسال طائرة مسيرة وقصف يافا المحتلة "تل أبيب"! ما هي الرسالة التي تلقتها حكومة الكيان من هذه العملية؟ وكيف كان وقعها على الرأي العام الداخلي في كيان الاحتلال؟
استهداف يافا "تل أبيب" بطائرة مسيرة يمنية في التاسع عشر من شهر يونيو يعد حدثا تاريخيا بكل ما للكلمة من معنى وتطوّرًا نوعيًا واستراتيجيا في تاريخ المواجهة والصراع مع كيان العدو إن على صعيد معركة الإسناد لغزة، أو على طريق التحرير الشامل لكل الأراضي الفلسطينية والعربية، والعملية بنوعية السلاح ومداه والقدرة على اختراق الرادارات والدفاعات الصهيونية شكلت صدمة وصفعة مدوية هزت أمن الكيان لدرجة أن يصفها بعض القادة الصهاينة أنها بمثابة 7 أكتوبر للدفاع الجوي الإسرائيلي.
في التوقيت استطاع سلاح الجو المسير أن يخلط أوراق العدو ويعمق من مشكلة انعدام الثقة بجيش الاحتلال الإسرائيلي في توفير الأمن للمستوطنين داخل الأراضي الفلسطينية إن في الجنوب والشمال أو حتى الوسط، والأمر المخيف أن ضربة يافا صدمت المؤسسة "الدفاعية" الإسرائيلية التي لا تزال بعيدة عن التوصل إلى خطة لمواجهة اليمن وتقويض قدراته لا سيما وقد فشل في المهمة تحالفين لأكبر الدول وأقواها تحالف ما يسمى "حارس الازدهار" بقيادة أمريكا ومشاركة بريطانيا والتحالف الأوروبي"أسبيدس"
في المنظور العام، يبدو أنه من الصعب على الإسرائيلي تقديم الإجابات المقنعة عن أسباب الاختراق اليمني، والتطمينات اللازمة للمستوطنين بعدم تكرار ذلك، وبدون وقف إطلاق نار في غزة وفك الحصار، من المؤكد أن العمليات المساندة لغزة ستستمر وتتصاعد كما ونوعا، حتى تحقيق ذلك والحقيقة أنه لا توجد حلول عسكرية سحرية لهذه المشكلة وهذا ما تعترف به الأوساط الصهيونية.
على المستوى الاستراتيجي هل ترون ان محور المقاومة في المنطقة حقق التوازن العسكري مع كيان الاحتلال وداعميه؟ وهل استطاعت المقاومات الإسلامية و العربية سد ثغرة غياب الجيوش عن معركة المواجهة والتحرير؟
بخصوص التوازنات الإقليمية، وقواعد الاشتباك مع كيان العدو الإسرائيلي فمحور الجهاد والمقاومة بفضل الله ودعمه العسكري الكبير للشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، استطاع أن ينقل حالة التضامن مع القضية الفلسطينية من البيانات والأقوال إلى الأفعال العملية التي ترعب وتقلق الأعداء وتقض مضاجعهم.
وميزان القوى الاستراتيجي، في منطقة غرب آسيا لم يعد بيد الإسرائيلي وفي صالحه لا بحكم القوة العسكرية والتقدم التكنولوجي ولا باستمرارية الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود على كل المستويات لهذا الكيان، فثمة ميزان آخر يفرض نفسه، وجبهة قوية مناصرة للحق الفلسطيني ممثلة بدول وحركات المقاومة في اليمن وإيران ولبنان والعراق وفلسطين مستندا إلى حقائق التاريخ والجغرافيا وقوة السلاح ووحدة الأمة ومصيرها المشترك الذي يشكل عنوان خلاصها من الهيمنة الامريكية والصهيونية الاستعمارية، بعيدا أن برنامج وأجندة الأنظمة المتخاذلة والمرتهنة للسياسات الأمريكية والتي للأسف انتقلت من تدجين الشعوب وإشغالها بقضايا هامشية تحت الإشراف الأمريكي إلى توفير الدعم والمساندة المالية والاقتصادية وحتى العسكرية لكيان العدو الإسرائيلي لاستمرارية عدوانه على غزة وتصعيده في اليمن.
وقوف اليمن مع الشعب الفلسطيني بهذه القوة والفاعلية والجرأة والثبات ليس بغريب على بلد ناصر شعبه الرسالة المحمدية في مهدها وقال عنه الرسول الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله "يمن الإيمان والحكمة.
ما هي العوامل التي ساهمت في انبعاث المارد اليمني من اطراف الجزيرة العربية؟ وما هي الرسائل التي يبعث بها الشعب اليمني لشعوب المنطقة والعالم الاسلامي ؟
العوامل التي ساهمت في تصدر اليمنيين المواجهة في شبه الجزيرة العربية هو تخاذل الأنظمة العربية الكبيرة عن تحمل مسؤوليتها الدينية والأخلاقية في مواجهة عدو الأمة بل وتواطؤها مع هذا العدو، ورغم أن الشعب اليمني يعيش واقع المعاناة منذ عقد من الزمن نتيجة العدوان المفروض عليه من قبل عملاء الأمريكان والصهاينة والذي من أسبابه التوجه التحرري لمواجهة قوى الاستكبار ومناصرة القضية الفلسطينية إلا أنه آثر دعم ومساندة غزة على مسالة انتزاع حقوقه الإنسانية المشروعة من السعودية.
ولا يجد في الحقيقة الشعب اليمني أولوية في هذه المرحلة كأولوية وقف جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزة وإنهاء الحصار الذي يهدد أرواح مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني، ولهذا يسخر كل طاقاته وإمكاناته لتحقيق هذا الهدف من منطلقات إيمانية وإنسانية، وهو ماض في حمل راية الجهاد للدفاع عن المقدسات والقضايا المشتركة للأمة بالتنسيق مع محور الجهاد والمقاومة مهما كانت التحديات، ويجسد ذلك بعملياته البحرية وضربات القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير في عمق الأراضي المحتلة، كذلك الخروج الشعبي المليوني كل جمعة والذي يراه العالم في زخم متواصل ومتجدد كون المعركة مقدسة وليست عبثية.
فيما يخص العدوان الإسرائيلي على اليمن، فالأمر كان متوقعا، لا سيما مع فشل الولايات المتحدة وشركائها الغربيين وعملائها في الإقليم من حماية الملاحة الإسرائيلية، وتقويض القدرات اليمنية، والمعركة المباشرة ضد العدو الإسرائيلي تسعد كل يمني يتطلع لكسر قواعد الجغرافيا وخوض المواجهة ضد قوات العدو من مسافة صفر.
ما بعد العدوان على اليمن لن يكون كما قبله، فالقوات المسلحة اليمنية اكتسبت خبرة كبيرة خلال السنوات الماضية في تطوير القدرات والتكيف مع مستوى التحدي واعتاد الشعب اليمني على الظروف الصعبة وبالتالي فإن تصعيد الرد اليمني على العمق الإسرائيلي وارد وعاجل بإذن الله ما يضع الكيان أمام مشكلة كبيرة ومعادلة جديدة ذات تأثير كبير عليه، وأي اعتداءات على المنشآت اليمنية مهما بلغ حجمها أو ضررها الاقتصادي لا يمكن أن تردع اليمن عن توجهه التحرري ولو كان الأمر ممكنا لكانت اثرت عليه غارات عملاء أمريكا على مدى ثمان سنوات متواصلة.
وفي هذه المعركة بالتحديد اليمن أقوى من أي مرحلة مضت وأفق المواجهة واسع بما يحقق التنكيل بالعدو والتأثير عليه، والعمليات ستستمر بإذن الله بما تلبي تطلعات الشعب اليمني وتدخل الفرح إلى قلوب الشعب الفلسطيني المظلوم والمحاصر.