وأفادت وكالة مهر للأنباء، أنه ترددت في الأيام الأخيرة أخبار رسمية أو غير رسمية عن موقف الحشد الشعبي ومساعي واشنطن وتل أبيب ووسائل الإعلام التابعة لهما لنزع سلاحه أو حله أو دمجه في الجيش العراقي. وما ينبغي النظر فيه في هذا الصدد هو سبب وطبيعة جهود الأعداء الوقحة وغير المثمرة في هذا الصدد.
لقد لعب التشكيل الشامل واستقرار وتعزيز جبهة المقاومة في العراق في شكل تعبئة شعبية، الدور الرئيسي في تفكيك خلافة داعش الأمريكية الصهيونية في الموصل وأجزاء أخرى من العراق وأن أكثر ما أثير مرارا وتكرارا من قبل الحشد الشعبي حول مطالبمطلب طرد المحتلين الأمريكيين من الأراضي العراقية وهي قضية من شأنها منع هيمنة الغرب على الرأي العام العراقي وخاصة (فيما يتعلق بوجوده غير القانوني في العراق).
إن ما يسمى بإستراتيجية "الأرض المحروقة" لها تعريفات وأمثلة معينة في النظام الأمني والسياسي لواشنطن وتل أبيب في المنطقة وتتكون هذه الاستراتيجية من عنصرين رئيسيين الأول هو زعزعة استقرار الدول من قبل الجماعات الإرهابية والتكفيرية التابعة للغرب (مثل هيئة تحرير الشام وداعش الإرهابيتين وغيرها). الهدف تحويل هذه الدول إلى نقطة استراتيجية عمياء يعتمد هيكلها الجديد على قرارات وإرادة معارضي استقلال وأمن منطقة غرب آسيا.وكانت هذه هي الصيغة نفسها التي طبقتها واشنطن وتل أبيب في دمشق محاولة منهم تبرير وجودهما طويل الأمد في هذا البلد.
بالطبع مجموعة متنوعة من الأزمات الأمنية والسياسية والداخلية في الأجندة، لكن الحشد الشعبي العراقي ومن الواضح أن القوات تتفهم هذه اللعبة الوقحة التي يمارسها الأعداء، ولم تسمح بتحقيقها في بغداد وبعد غزو العراق عام 2003، حذر بول بريمر، الحاكم الأميركي الذي عينته إدارة جورج ووكر بوش في بغداد وكالات الاستخبارات الأميركية والبنتاغون من وجود جماعات المقاومة في العراق وحتى وجود أشخاص محسوبين على الغرب، مثل إياد علاوي ورئيس وزراء العراق الأسبق لم يؤدي إلى اختفاء خطاب المقاومة في العراق وكانت ذروة تبلوره في أعقاب الفتوى الحاسمة والتاريخية للمرجع الشيعي في العراق (آية الله السيستاني) في تشكيل الحشد الشعبي ضد داعش.
مؤامرات العدو الجديدة في بغداد:
تصب مساعي أميركا والكيان المحتل حاليا للضغط على الحكومة العراقية وغيره من مؤسسات القرار في الدول العربية لحذف الحشد الشعبي من المعادلات العسكرية والأمنية. وخاصة بعد فشل تل أبيب في غزة وبيروت الذي دفعه لرؤية الحشد الشعبي مصدرا للخطر سواء عليه وعلى واشنطن من هنا يأتي جزء من الاصرار الخاص للأمريكيين والصهاينة لنزع سلاح المقاومة العراقية وتحويلها إلى جماعة منفعلة.
ومن جهة أخرى، يعتبر العراق، في العقيدة السياسة الخارجية الأميركية، نقطة محورية لتحقيق "الشرق الأوسط الجديد". لقد فشلت أمريكا مرتين في العراق بسبب خطاب المقاومة القوي: الأولى بعد احتلال هذا البلد عام 2003، والثانية بعد وجود داعش في العراق، ومن ثم هزيمة الإرهاب التكفيري على يد جبهة المقاومة. والآن تحاول أميركا وشركاؤها الإقليميون إعادة تعريف إجراءات التدخل في العراق. وهذه الاستراتيجية، مثل الاستراتيجيتين السابقتين، تستهدف وجود العراق وهويته الإقليمية.
الحشد الشعبي؛ عقبة أمام تفكك العراق
وهنا لا بد من الإشارة إلى استراتيجية أميركية أخرى في العراق، وهي تقسيم هذا البلد بحجة اتحاده (إلى ثلاثة أجزاء كردية وشيعية وسنية). أثناء احتلال إدارة بوش للعراق، اقترح جو بايدن، الرئيس الحالي للولايات المتحدة، تقسيم العراق على أساس مكونات عرقية ودينية. أرادت أمريكا تكوين العراق السني والشيعي والكردي، واعتبر هذا التقسيم مقدمة لتقسيم غرب آسيا والعالم الإسلامي بأكمله. والآن أخذ هذا السيناريو الاستراتيجي الخطير بعين الاعتبار في مراكز الفكر الأميركية والكيان المحتل. إصلاح العراق الأمني والمعادلات الداخلية وتحويله إلى مركز للفوضى وانعدام الأمن في المنطقة ليس هدفا يمكن لأحد أن يخفيه! ويحاول الديمقراطيون والجمهوريون الأميركيون السيطرة على العراق بشكل مستمر وتحويله إلى مركز لتقسيم المنطقة والعالم الإسلامي. الحشد الشعبي هو العائق الرئيسي الذي يقف في مواجهة أمريكا والكيان المحتل ولا يسمح للأعداء بتقسيم هذا البلد إلى أجزاء.
"العراق الآمن" هو كابوس أميركا
الشيخ صهيب حبلي أحد كبار علماء المقاومة في لبنان، في إشارة إلى المخطط الأمريكي لتقسيم المنطقة والعراق، يقول: "بشكل عام، الأمن في المنطقة هو ما لا تريده الولايات المتحدة وحلفائها. هذا وتنطبق القاعدة تحديداً على العراق أيضاً. إن وجود تنظيم داعش في العراق وتركيز الداعمين الغربيين والصهيونيين على توسيع نطاق أنشطته الإرهابية في مناطق مختلفة هو نتيجة لهذه النظرة الكلية. ويعتقد البعض أنه بعد هزيمة تنظيم داعش وسحقه من قبل جبهة المقاومة، توقفت مؤامرات الغرب والكيان الصهيوني في هذا الشأن، لكن هذه الفرضية خاطئة. تجدر الإشارة إلى أن إعادة تعريف الجماعات الإرهابية ومراقبة أنشطتها لا تزال مهمة تحددها الولايات المتحدة ونظام الاحتلال الصهيوني ومراكز الأبحاث التابعة لهما.
ويضيف هذا الباحث اللبناني: "نظرا لطبيعة المؤامرات التي يحاكها الأعداء ضد وجود هذا البلد إن الالتزام بالحفاظ على المقاومة في العراق ضرورة، المقاومة العراقية تقف في وجه المؤامرات والاعداء بحزم وحذر". قائلا أن المقاومة يتمسك من خلال التحلي بالوعي بالحفاظ على أصالة أرض العراق وسيادته.
/انتهى/