صرح المدير العام السابق لمركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، د.وليد محمد علي، أن "تشييع سماحة السيد وما بعد هذا التشييع هو ولادة ثانية لحزب الله، اكثر تجذرا واكثر عمقا ستسفيد من كل التجربة الماضية وتحول التحديات الكبرى الى فرص تقرب النصر". مؤكدا أن مشروع ترامب بشأن غزة وُلِدَ ميٌتا.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: تشييع تاريخي لقائد اممي، تخطى حدود جغرافية الوطن ليصنع جغرافيا جديدة تجمع كل الاحرار من مختلف انحاء العالم، تشييع كان يحمل رسالة واضحة ان المقاومة هي الخيار الاوحد في المنطقة العربية والاسلامية لمواجهة مطامع العدو الصهيوني والمقاول الرئيس ترامب

عناوين متنوعة ناقشتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، مع المدير العام السابق لمركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية ومنسق شبكة قادرون معا للتفكير السياسي، الدكتور وليد محمد علي، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

حضرتكم حاورتم سماحة الامين العام شهيدنا الاقدس في عام 1992 وكان يتحدث عن القضية الفلسطينية ، كيف وجدتم سماحته (رض) في هذا الحوار، وكيف تنظرون الى يوم التشييع التاريخي بالأمس كيف تقرأون ما شاهدتموه؟

عندما حاورت سماحة السيد حسن نصر الله (رض) نظرت له كشخص متعمق في فهم القضية الفلسطينية، في فهم طبيعة العدو الصهيوني رغم انني التقيته في الاشهر الاولى لتوليه منصبه كأمين عام لحزب الله بعد استشهاد السيد عباس الموسوي (رض)، وجدت نفسي امام شاب متيقن مما يقول، مدرك بعمق لطبيعة المشروع الصهيوني ولكيفية رد الامة على هذا المشروع، فهو لم يكن ينظر الى الصراع اطلاقا كصراع فقط لابناء فلسطين مع هذه الغدة السرطانية بل كان ينظر ان هذا المشروع هو صراع بين كل المسلمين ومستضعفي العالم في مواجهة هذا الكيان العنصري القاتل، والاهم من هذا كيف رتب هذا الحوار، عندما اتصلت بمكتب سماحة السيد طلبت الحوار من مقر المجلس السياسي لحزب الله، تحدث معي المرحوم والمغفور له الاستلذ محمد عفيف وقال لي اولا في هذه الظروف هناك ظروف امنية وممنوع على السيد ان يعمل مقابلات صحفية في هذه الظروف، وبالمناسبة على الشريط الذي سجلنا عليه الحوار كان صوت الطيران واضحا، والمسألة الثانية اي الاعتراض الذي كان عند الاستاذ محمد عفيف ان هذه المجلة من وجهة نظره خلافية، بمعنى اصحابها قوميون عرب وعلى خلاف مع بعض اللبنانيين في الساحة الاسلامية اللبنانية فإعتذر، فقبلت الاعتذار وغادرت، كان يسمع هذا الحوار الاستاذ ابو سعيد الخنسا قبل ان يتسلم مهامه الاخرى، صدفة تحادث سماحة السيد رحمه الله مع الاستاذ ابو سعيد فقال له الاخير قبل قليل حاول ابو محمد وليد هذا اسمي ان يكلب مقابلة معك لمجلة فكرية قومية عربية واخبره ماذا جرى من حديث بيني وبين الاستاذ عفيف رحمه الله، فكان ان طلب السيد التواصل معي وتواصلنا وسأل السيد لماذا انت مصر على هذا الحوار ؟ قلت له لانه يفتح نافذة كبيرة على كل القوميين العرب والعروبيين الذين يطلعوا على هذه المجلة والتي توزع بعشرات الالاف النسخ في ارجاء المنطقة العربية والمهجر، قال لي الاهم هل هذا الحوار يؤثر على القضية الفلسطينية بشكل ايجابي؟ عندما اكدت له ذلك وقلت له وجهة نظري قبل فورا، قال ما دام هناك مصلحة لفلسطين نتحاوز كل العقبات، وحدد لي موعدا في اليوم التالي مباشرة فكان هذا الحوار.

التشييع الذي حصل لسماحة السيد رحمه الله وصفيه السيد الهاشمي كان استفتاء على ان سماحة السيد (رض) لم يكن قائدا لحزب الله ولم يكن قائدا لحركة لبنانية ولم يكن قائدا لحزب اسلامي بل كان قائدا لكل ابناء الامة العربية والاسلامية بل كان قائدا امميا، عندما نرى وجوه الذين شاركوا وماذا قالول عن هذه المشاركة نشعر اننا كنا امام قامة قل مثيلها، قامة ليس كثيرا ان يخرج في تشييعها ربع سكان لبنان بل أكثر، هذا الامر جاء ليؤكد ان تشييع سماحة السيد وما بعد هذا التشييع هو ولادة ثانية لحزب الله، ولادة اكثر تجذرا واكثر عمقا ستسفيد من كل التجربة الماضية وتحول التحديات الكبرى التي فرضت على الحزب الى فرص ستجعل النصر اقرب من اي وقت كان.ب

قبل ان تتوقف الة الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني، بادرت الادارة الاميركية باستكمال حرب الابادة التي حاول فيها جيش الاحتلال القضاء على غزة وتهجير شعبها.. كيف تقرأون مقترحات الرئيس ترامب بتهجير اهالي غزة وتحويلها الى منتجعات استثمارية؟ وما هي خلفيات مثل هذه المشاريع ؟

نعم العدوان الصهيوني على غزة ومن ثم على لبنان لم تكن منذ اللحظات الاولى ومنذ ان بدأ التخطيط لهذه الحرب حربا صهيونية فقط بل كانت حربا امريكية_صهيونية بإمتياز.

اما موضوع مشروع التهجير فهو محاولة لاستكمال حرب الابادة التي حاول الكيان الصهيوني شنها على المقاومة في فلسطين وفي لبنان من حيث استكمالها بأساليب ديبلوماسية خسيسة وحقيرة تستعمل كل اشكال الضغط البشري والمعنوي والاعلامي، كل اشكال الضغط لاستكمال المخطط الصهيوني لابادة المقاومة للقضاء على المقاومة كان الهدف الذي اتفق عليه كل من العدو الصهيوني ورئيسته الولايات المتحدة الاميركية. لذلك كانت الولايات المتحدة شريك كامل في هذا العنوان.

اعتقد مشروع الرئيس ترامب بما يسمى تهجير اهل قطاع غزة بحجة اعمار قطاع غزة وتحويلها الى منتجع مشروع ولد ميتا، وانا اعتقد ان هذا هو اسلوب الرئيس ترامب يقترح هدفا كبيرا ويتعامل مع السياسة كمقاول كرجل اعمال كسمسار، فهو يطرح الاهداف الكبرى والاعمال الكبرى ويبدأ يساوم ومهما يستطيع ان يحقق من نتائج، ويكسب من اي صفقة يقدم عليها، وجدنا الان ان الرئيس ترامب تراجع عن هذا المطلب وبدأ يقول ممثلوه انه لا يهدف الى تهجير الفلسطيينين مع ان كل تصريحاته ابتداء كانت واضحة ان الهدف كان استكمال اقتلاع الفلسطينيين من قطاع غزة، قد يساومه الان الصهاينة الى لا يريد ان يستكمل اقتلاع الفلسطينيين من غزة فليوافق معهم على فرض سيطرتهم الكاملة على الضفة الغربية، او تمكينهم من اقتلاع الفلسطينيين من اجزاء واسعة من الضفة الغربية ليتمكنوا من تأويدها، على كل هذا الاقتراح وما كشف عبر نتنياهو من صلف ونقل كرة اللهب نتيجة الصراع مع المشروع الصهيوني ، من الصراع مع المشروع الصهيوني الى صراع بيني، بين الفلسطينيين والدول الاخرى سواء في مصر او الاردن او حتى العربية السعودية ، هذا الانكشاف يدل على ان عنجهية الكيان صلف الكيان عنصريته جعلته يتصرف بعمى بصيرة ،فبعمى بصيرته كشف كل اوراقه دفعة واحدة.

في ضوء ردود الفعل العربية والدولية الرافضة والمستنكرة لتصريحات الرئيس الاميركي ، ما هو احتمال نجاح مشروع ترامب التصفوي؟ وهل يعني ذلك تراجع اميركا رسميا عن حل الدولتين الذي قامت عليه سياستها تجاه القضية الفلسطينية منذ عقود؟

بوضوح وبصراحة انا لا اراهن على الموقف العربي الرسمي لكن هذا الموقف قد يؤدي الى تجذر موقف شعبي عربي يساهم في انقاذ الواقعة السيئة التي يمر فيه فهذا امر آخر، اعتقد ما جرى وما يجري ان هذا العدو لن يرحم احدا ان هذا العدو يستهدف الجميع، وان هذا العدو لن يتراجع الا بالقوة، فهو لا يهمه لا قوانين دولية ولا قوانين سماوية وهو ينظر الى الجميع نظرة استعلائية عنصرية لا تنظر الى اي حق للاخرين.

لذلك اعتقد ان القوى الشعبية، الحركات الشعبية في الوطن العربي باتت تدرك ان لا اوراق قوة بيد العرب الا المقاومة، فما اعتقده ان ما يجري سيؤدي حكما الى التفاف شعبي اكبر حول المقاومة، والى تراجع كل مشاريع التطبيع والتعاون مع العدو، تصبح هذه المشاريع بجلها مشاريع منبوذة، لان الجميع بات يدرك ان لا امكانية لحل سلمي مع هذا العدو ، ولا خيار الا خيار المقاومة الشاملة لهذا العدو.

لماذا انتفضت الانظمة العربية في وجه المقترحات الاميركية؟ بحيث شهدنا حملة اعلامية من الاعلام الحكومي لعدد من دول المنطقة المعنية.. والى اي حد تتحمل هذا الانظمة مسؤولية هذا التردي في تعامل الادارة الاميركية مع القضية الفلسطينية والامن القومي العربي كما هو معلن، وذلك بتخليها عن الشعب الفلسطيني والوقوف موقف المتفرج على المجازر الصهيونية طيلة الاشهر الماضية؟

انتفضت هذه الانظمة لانه بوضوح يهدد هذه العروش، يهدد هذه الحكومات، فجل ما يريده نتنياهو وحكومته العنصرية هي نقل كرة اللهب من الحانب الصهيوني والحراك الفلسطيني مع الجانب الصهيوني الى ان تنتنقل الصراعات داخل تلك الدول العربية الامر الذي يهدد بشكل كبير الامن الوطني لتلك الدول، يهدد وجودها، يهدد استقرارها، لذلك كان هذا الحراك الذي نأمل مع اني لا اثق بذلك ان يخرج من القمة العربية القادمة موقف صلبا، وموقفا قابلا للتطبيق وليس كما كان في القمة العربية في بيروت في عام 2002 قرارات حبر على ورق فقط كلمات لا تجد ترجمة عملية لها.

العلاقة التبعية بين جل الانظمة العربية والولايات المتحده تجعل هذه الانظمة عاجزة عن فعل شيء حقيقي، شيء يترجم على الواقع في مواجهة العدو الصهيوني لان الولايات المتحدة هي الحليف الحيوي والعضوي للكيان الصهيوني، تعتبر الكيان الصهيوني امتدادا لها، لذلك التصدي للمشروع الصهيوني بحاجة الى المزيد من الحراك على المستوى الشعبي، ليتولى الشعب امر مواجهة هذا المشروع، امر مواجهة هذه الاطماع الصهيو- استكبارية في بلادنا العربية ومحيطها الاسلامي، بل اذا شئتم في كل دول العالم.

/اننهى/