وكالة مهر للأنباء_ نجاح محمد علي: في 7 أكتوبر 2023، نفذت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى”، التي أذلت الكيان الصهيوني أمام العالم بأسره، مما أساء إلى صورة جيشه المزعوم “الذي لا يُقهر”، وجرده من توازنه المزعوم وهيمنته في المنطقة. وعجزًا عن الرد بشكل فعال على المقاومة، لجأ إلى قتل المدنيين الأبرياء، بما في ذلك مستوطنين من مواطنيه. شنّت قوات الاحتلال الصهيوني عمليات عسكرية وحشية واسعة النطاق أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
مؤخرًا، كشفت التقارير الإعلامية أن الجيش الصهيوني أصدر أوامر بتفعيل “بروتوكول هانيبال” في ذلك اليوم - وهو إجراء عسكري يتيح استخدام القوة القاتلة لمنع أسر الجنود، حتى وإن أدى ذلك إلى قتلهم. هذه الاعترافات تبرز الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين وتثير تساؤلات حول التزامها بالقوانين الدولية والإنسانية.
تم تطوير بروتوكول هانيبال في ثمانينات القرن الماضي، ويهدف إلى منع أسر الجنود بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني التضحية بحياتهم. وقد أدى تفعيله في 7 أكتوبر 2023 إلى قصف عشوائي استهدف المناطق المدنية، بما في ذلك مهرجان موسيقي، مما أسفر عن مقتل العشرات من المستوطنين. هذا الاستخدام المفرط للقوة يعكس تجاهلًا سافرًا لحياة المدنيين ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب التي تمارسها قوات الاحتلال.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت غزة سلسلة من الهجمات المنهجية على البنية التحتية المدنية، ومنشآت الخدمات، والمؤسسات الطبية خلال تلك الفترة. وثقت التقارير الدولية استهداف المستشفيات والعيادات الطبية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية وجعلها غير قادرة على تقديم الخدمات الأساسية. لم تؤدِ هذه الهجمات إلى تدمير المباني فقط، بل أسفرت أيضًا عن استشهاد وإصابة العديد من العاملين في المجال الطبي والمرضى. وأشار تقرير صادر عن المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في ديسمبر 2024 إلى أن هذه الهجمات دفعت النظام الصحي في غزة إلى حافة الانهيار، مما أثر بشكل كارثي على قدرة الفلسطينيين في الوصول إلى الرعاية الطبية.
تبرر قوات الاحتلال هذه الهجمات الوحشية بالقول إن هناك أنفاقًا أو أنشطة عسكرية تحت المستشفيات. ومع ذلك، تفتقر هذه الادعاءات إلى الأدلة الموثوقة. في بعض الحالات، اعترف المسؤولون الصهاينة بأن هذه الأنفاق موجودة منذ عقود ولا تشكل تهديدًا حاليًا. على سبيل المثال، أشار إيهود باراك، رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، إلى أن نفقًا تحت أحد المستشفيات كان موجودًا منذ حرب 1973، مما يثير تساؤلات حول دوافع استهداف هذه المنشآت الآن.
علاوة على ذلك، ارتكبت قوات الاحتلال عمليات قتل مباشرة عبر البث المباشر استهدفت النازحين في شمال غزة. وثقت كاميرات الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان العشرات من المجازر التي نفذتها قوات الاحتلال عبر القصف الجوي والمدفعي، مما دمر كامل الكتل السكنية، وأسفر عن مقتل وجرح المئات من المدنيين.
كما استخدمت قوات الاحتلال أسلحة عشوائية وغير موجهة، مثل الروبوتات والبراميل المتفجرة، لاستهداف المنازل السكنية، مما أدى إلى المزيد من الضحايا المدنيين، وكان معظمهم من النساء والأطفال.
إن هذه الهجمات المنهجية على المدنيين والمرافق الطبية تشكل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحمي المدنيين والمستشفيات والعاملين في المجال الطبي من الاستهداف. إن تدمير البنية التحتية الصحية يزيد من معاناة المدنيين، خاصة في ظل الحصار الجائر المفروض على غزة، الذي يحد من الوصول إلى الإمدادات الطبية الأساسية.
إن الاعتراف بتفعيل بروتوكول هانيبال واستهداف المنشآت الطبية يبرز الحاجة الملحة إلى تحقيق دولي مستقل في هذه الانتهاكات. يجب محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم لضمان العدالة ومنع تكرارها في المستقبل. كما يجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين الفلسطينيين في غزة وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية دون تهديد لحياتهم.
في الختام، تعكس هذه الأحداث الواقع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، حيث حياتهم وممتلكاتهم مهددة بشكل مستمر. إن تسليط الضوء على هذه الانتهاكات والعمل على محاسبة الجناة هو خطوة أساسية نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة والسلام في المنطقة.
/انتهى/
تعليقك