لجأت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" إلى خلق مناخ من الدعاية والضجيج بنشر مقال عن استعدادات أميركية إسرائيلية لقصف المنشآت النووية الإيرانية، في حين شهدنا سيلاً من التهديدات الأميركية الإسرائيلية ضد طهران منذ انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي بين طهران وست دول بقيادة الولايات المتحدة.

أفادت وكالة مهر للأنباء كتب سيرجي فالتشينكو في مقال نشرته صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" حول الاستعدادات الأميركية الإسرائيلية لقصف المنشآت النووية الإيرانية، أن الجيش الأميركي نشر قواته البحرية والجوية بالقرب من إيران، ومن المقرر أن يكون جاهزاً لشن هجوم شامل على المنشآت النووية الإيرانية والبنية التحتية العسكرية ووسائل النقل بحلول منتصف الشهر الجاري (أبريل).

وبحسب صحيفة "رأي اليوم"، وجاء في المقال: فلاديسلاف شوريجين وألكسندر زيموفسكي هما خبيران تم الاستشهاد بتصريحاتهما حول هذا الموضوع في هذه المقالة. وقال الاثنان إن الاستعدادات للهجوم المشترك ستتم بين 9 و11 أبريل/نيسان، عندما تستكمل القيادة العسكرية الأميركية في المنطقة تخطيطها.

ولا يعد نشر مثل هذه المواد أمراً جديداً، إذ تصاعدت الدعاية الإعلامية والمبالغة في التهديدات ضد إيران من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بين طهران وست دول بقيادة الولايات المتحدة، شهدنا سيلاً من التهديدات الأميركية الإسرائيلية ضد إيران، والآن، مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة، وصلت هذه التهديدات إلى ذروتها مرة أخرى.

وفي وقت سابق، في مايو/أيار 1403، نشرت قناة تيليجرام IranikTV مقطع فيديو لمحلل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يعترف فيه بفشل الدعاية الإعلامية الغربية في قصة هجوم إسرائيل على إيران. أشار لاري جونسون، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: "قالوا إن القوات الجوية دُمرت، وإن محطات الطاقة النووية سُوّيت بالأرض. بالطبع، لو كان ذلك صحيحًا، لكنا رأينا الصور".

وكشف أن الهدف من ذلك هو المساعدة في بناء سرد سياسي في أمريكا يقول إننا دعمنا إسرائيل وإسرائيل ردت، ووضعنا إيران في مكانها وانتصرنا.

وكتبت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" في مقالها أن القوات الأميركية أعدت ما بين 80 إلى 98 طائرة هجومية لهذا الغرض، ومن بينها 50 إلى 70 طائرة ستستخدم لمهاجمة إيران في رحلة واحدة.

ويستعير جزء من هذه الدعاية الإعلامية صراحة من التخمين، مشيرا إلى أن ست طائرات من طراز بي-2 سبيريت من المرجح أن تشارك في الهجوم، وهي تحمل قنابل جي بي يو وقنابل موجهة بدقة تزن كل منها 13600 كيلوغرام، وصواريخ قادرة على اختراق المباني ذات الأسقف الخرسانية المسلحة التي يبلغ ارتفاعها 60 مترا.

ورداً على هذه الضجة، كتب المحلل السياسي عبد الباري عطوان في صحيفة رأي اليوم: "لا أحد يبحث عن الحرب، ولكن إذا أرادت أميركا والمحتلون الصهاينة ذلك، فلا مفر من المواجهة بما يتماشى مع حق إيران المشروع في الدفاع عن النفس، لأن الارتياب والتشكك تحت ستار ضبط النفس له عواقب وخيمة". ترامب، الذي انقلب عليه العالم بسبب الرسوم الجمركية، جبان للغاية بحيث لا يستطيع الدخول في حرب مع إيران كرجل أعمال. وعلى النقيض من أسلافه، فإنه في كل حرب ضد إيران، لا يحظى إلى جانبه إلا النظام المحتل، وهو الأكثر كراهية في العالم بعد أميركا.

وأشار إلى أنه إذا كانت أنصار الله في اليمن قد هزمت أمريكا وأذلت ترامب واخلال أمن النظام المحتل بصواريخها وشجاعة جيشها وتصديها للتهديدات والهجمات الأمريكية فماذا سيحدث لـ"المعلم الكبير" إيران؟

وأكد هذا المحلل العربي: "على الرغم من قوتها العسكرية القوية، فإن أميركا ليست لا تقهر، ويجب ألا ننسى هزيمتها في فيتنام وأفغانستان والعراق". قد يكون ترامب الوسيط على دراية بالعقارات والأعمال، لكنه لا يعرف شيئًا عن السياسة والجيش والشؤون الاستراتيجية. ولا نعتقد أنه من المستبعد أن يدفعه أصدقاؤه الصهاينة نحو الانهيار السريع لأميركا. موضوع يذكرنا بتصرفات ميخائيل جورباتشوف (آخر زعيم للاتحاد السوفييتي). كان هو حامل لواء انهيار الاتحاد السوفييتي وساهم في تسريع نهايته عندما رضي بالوعود الأميركية وقام بحل حلف وارسو.

وفي هذا الصدد، قال اللواء محمد باقري في اجتماع لقادة ومديري وموظفي هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة ومقر خاتم الأنبياء المركزي: "سنرد على أي تهديد بكل قوتنا".

في إشارة إلى تنفيذ عمليتي الوعد الحق الأولى والثانية، قال رئيس أركان القوات المسلحة: "خلال المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني وتنفيذ عمليات الوعد الحق، اختبرنا بدقة حقيقة قدرات العدو ونقاط قوته وضعفه، وتمكنا من حل بعض المشاكل بدقة في أسرع وقت ممكن. والآن، أقول بثقة ومعلومات دقيقة إن وضع دفاعنا الجوي ومستوى إنتاجنا وقدراتنا الصاروخية والطائرات المسيرة والمجنحة لا يُقارن بعمليتي الوعد الحق الثانية والخامسة للعدو".

ووصف الرئيس الأميركي الجديد بالنرجسي والمتنمر، وقال: "اليوم يشهد العالم أنه اصطدم مع أصدقائه وحلفائه، بالإضافة إلى أعدائه". وكتب مؤخرا رسالة إلى قائد الثورة الاسلامية وتلقى ردا مناسبا يأخذ في الاعتبار إجراءاته وأوامره. وكانت إجراءاتهم مبنية على حقيقة مفادها أننا لم نكن من بدأ الحرب؛ سنرد على أي تهديد بكل قوتنا؛ نحن نسعى إلى السلام في المنطقة؛ وفي المسألة النووية، نحن لا نسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية، بل نسعى إلى تلبية احتياجات أمتنا في مجال الطاقة النووية. لن نتفاوض بشكل مباشر، ولكن لا حرج في المفاوضات غير المباشرة. لقد كنتم الطرف الأكثر كذبا وتراجعا في المفاوضات الماضية، ولذلك لا يوجد ثقة فيكم. إن هذا الرد المعقول والحكيم للغاية يهدف إلى إعلام شعب بلدنا وشعوب العالم بأن استراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الدفاع عن مصالحها وتقدمها والتحرك نحو الآفاق المحددة. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست محبة للحرب، ولكنها لا تقبل بالاستبداد وسوف تقف ضده.

من جهة أخرى، أشار وزير الخارجية سيد عباس عراقجي، في مراسم إحياء ذكرى عيد النيروز 1404 (رأس السنة) مساء السبت 6 أبريل، والتي استضافتها وزارة الخارجية وحضرها عدد كبير من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المقيمين في طهران وزوجاتهم، إلى النهج المسؤول والمدروس للجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه التطورات الدولية، وقال: "لقد جاء رد إيران على رسالة الرئيس الأمريكي وفقًا لمحتوى ونبرة رسالته، وفي الوقت نفسه تم الحفاظ على فرصة استخدام الدبلوماسية".

وأشار وزير خارجية بلادنا إلى أنه من حيث المبدأ فإن المفاوضات المباشرة مع طرف يهدد باستمرار باللجوء إلى القوة في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة ويعبر مسؤولوه المختلفون عن مواقف متناقضة ستكون بلا معنى، لكننا نبقى ملتزمين بالدبلوماسية ومستعدين لتجربة طريق المفاوضات غير المباشرة.