صرح "محمد أمين نجاد" في مقابلة مع مجلة "سبكتكال لموند" بأن الأسلحة النووية، مثل غيرها من أسلحة الدمار الشامل، محظورة في ثقافتنا الإسلامية، ولا مكان لها في استراتيجيتنا الدفاعية.

أفادت وكالة مهر للأنباء، أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في فرنسا، خلال المقابلة مع هذه المجلة المتخصصة في مجال الجيوسياسة، رداً على سؤال حول جهود إيران للحصول على سلاح نووي، أن إيران تعد من أوائل الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وأوضح أن الوصول إلى التكنولوجيا النووية السلمية هو حق غير قابل للتصرف لكل دولة، وهو ما تسعى إيران لتحقيقه بشكل سلمي من أجل تطوير البلاد.

الشعب هو أكبر ضحية للعقوبات

فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على إيران، قال أمين نجاد: "إن العقوبات التي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي تضرب جميع الشعب الإيراني دون أي تمييز".

وأكد أن هذه العقوبات غير عادلة وغير قانونية، وتتعارض مع القيم الإنسانية وجميع القوانين الدولية. وأضاف: "نأمل أن يحدث تغيير نحو العدالة من قبل القوى الكبرى يؤدي إلى إنهاء هذه العقوبات، حيث إن الغرب قد عرقل تطوير إيران لمدة تقارب الخمسين عامًا".

وأشار سفير إيران في فرنسا إلى بعض الأضرار التي تكبدها الشعب الإيراني في هذا السياق، موضحًا بعض الحالات. على سبيل المثال، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018 وعدم التزام الشركاء الأوروبيين بتعهداتهم، ونتيجة لعودة وتعزيز العقوبات، فقد أكثر من 1100 مريض إيراني، كان جزء كبير منهم من الأطفال، حياتهم بسبب عدم القدرة على استيراد الأدوية الضرورية.

إيران تعارض الأحادية على الساحة الدولية

أشار أمين نجاد إلى الجهود الدبلوماسية التي تبذلها بلادنا في هذا السياق، قائلاً: "إيران ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من العقوبات. على مدى أكثر من نصف قرن، تزايد عدد الدول التي أصبحت ضحايا لهذه الأساليب بشكل مستمر. لدينا علاقات مع جميع دول العالم قائمة على الاحترام المتبادل لسيادتها، ونتحدث معهم لتعزيز فكرة نظام دولي حقيقي يأخذ في الاعتبار التعددية".

وأكد: "نحن نعارض الأحادية التي لا تعدو كونها دكتاتورية على مستوى العالم. دبلوماسيتنا، التي تستند إلى مبدأ عدم الالتزام، هي دبلوماسية مستقلة".

وفي جزء آخر من هذه المقابلة، أضاف سفير بلادنا: "ثورتنا، المستلهمة من ثقافتنا وحضارتنا وديننا، وضعت التنمية البشرية في صميم أولوياتها. على سبيل المثال، لدينا حاليًا أكثر من 4.5 مليون طالب في التعليم العالي، أكثر من نصفهم من النساء، يدرسون في أكثر من 440 جامعة ومركز تعليمي في جميع أنحاء البلاد".

كما تمكنا من تطوير مشاريع في جميع المجالات، بما في ذلك الصحة والزراعة والصناعة والفضاء، وبالطبع الطاقة النووية السلمية، وفي الوقت نفسه، أكدنا على أهمية القطاع الدفاعي لضمان أمن شعبنا وسلامة أراضي بلادنا. في مجال الصحة، نحن تقريبًا مكتفون ذاتيًا، حيث ننتج 97% من الأدوية التي نحتاجها.

دعم إيران للبنان كان دائمًا سياسيًا وأخلاقيًا

ردّ سفير إيران على بعض التصريحات التي تساءلت عما إذا كان من الأفضل لإيران أن تستثمر أكثر في نفسها بدلاً من إنفاق الأموال على حلفائها، قائلاً: "منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت منطقتنا ضحية للاختلالات المستمرة. بينما شهدت أوروبا السلام، عانت منطقتنا من التوترات والحروب. العديد من الدول مثل لبنان وسوريا والعراق وليبيا وأفغانستان لم تختار التدخل الخارجي، لكنها تعاني منه منذ سنوات، وقد تشكل محور المقاومة ضد التعديات الخارجية والاحتلال في كل مكان".

وأضاف: "إيران دولة كبيرة يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة ولديها اقتصاد متوسط، ودعم إيران للبنان كان دائمًا سياسيًا وأخلاقيًا. وفي سوريا كان الأمر كذلك، ففي عام 2011، تدخلنا بناءً على طلب الحكومة السورية لوقف تقدم الجماعات الإرهابية، التي كانت تستخدم كجزء من خطة من قبل بعض القوى لإعادة رسم المنطقة".

القضاء على حماس أو حزب الله أو محور المقاومة هو مجرد وهم لا أكثر

عندما أشار مراسل هذه المجلة إلى أحداث 7 أكتوبر واعتقاد الأوساط الأمنية الإسرائيلية بضرورة إنهاء وجود حماس، ثم حزب الله، وأخيرًا إيران، وسأل عما إذا كان يمكن القول إننا على أعتاب حرب، أجاب السفير الإيراني: "إن إنهاء وجود حماس أو حزب الله أو محور المقاومة هو وهم".

وأضاف: "في أوائل الثمانينيات، لم يكن حزب الله موجودًا، ولكن اليوم يشارك ملايين الأشخاص في مراسم تشييع السيد حسن نصر الله في بيروت أو يعبرون عن تعاطفهم. أما بالنسبة للقوى الفلسطينية، فمن المؤكد أننا لسنا من نتخذ القرارات نيابة عنهم. انظروا إلى ضحايا غزة، فقد استشهد أكثر من 50 ألف فلسطيني، من بينهم 20 ألف طفل. لقد دُمرت جميع البنى التحتية المدنية، ولا يمكن حل هذا الصراع بهذه الأساليب".

القوات الدفاعية الإيرانية في حالة استعداد كامل

أضاف أمين نجاد: "فيما يتعلق بإيران والتهديدات الإسرائيلية، لقد اعتدنا على هذه التهديدات. التهديدات كانت دائمًا موجودة. لقد اغتال الكيان الصهيوني علماءنا، وقامت بأعمال تخريبية في برنامجنا النووي، وقصفت مواقعنا الصناعية. حتى أنها اغتالت دبلوماسيينا خلال قصف سفارتنا في سوريا، واغتالت إسماعيل هنية في طهران أثناء وجوده كضيف رسمي في إيران. لكن قواتنا الدفاعية جاهزة. شعبنا العظيم دائمًا ما حول التهديدات إلى فرص".

وفي جزء آخر من هذه المقابلة، وعند سؤاله عن سبب التزام إيران القوي بقضية فلسطين، وما إذا كان ذلك موضوعًا أيديولوجيًا، قال: "في المقام الأول، هو موضوع إنساني. يجب أن نهتم بجيراننا. نحن لا نتفق مع فكرة أن يعتقد شخص ما أنه أفضل من الآخرين. المسألة الأساسية هي: منذ أحداث النكبة، عانى الفلسطينيون كثيرًا. من يستطيع أن ينسى وطنه الذي تم احتلاله بالقوة؟ فلسطين هي رمز للظلم على الساحة الدولية. إن حل هذا الصراع يمكن أن يؤدي إلى السلام في المنطقة. إذا لم تكن هناك نوايا سيئة، فإن السلام سيكون سهل المنال".

وعند سؤاله عما إذا كان الفلسطينيون سيحصلون على دعم أكبر إذا اتبعوا أساليب غير عنيفة مثل غاندي، قال: "نحن في موقف لا يسمح لنا بإخبار الفلسطينيين بما يجب عليهم فعله. لديهم طريقتهم الخاصة، ونحن نقدم لهم الدعم الروحي فقط. بالنسبة لنا، الأساليب السلمية دائمًا ما تكون أولوية. لكن عندما يتعرض شعب في مكان يُطلق عليه 'السجن المفتوح' مثل غزة للقصف، يصبح الأمر صعبًا. يجب على القوى الكبرى أن تخبر الكيان الصهيوني أن هذه الجرائم لم تعد تحتمل".

/انتهى/