قال المرجع الديني العلامه السيد محمد حسين فضل الله ان الدول المستكبره تستخدم مجلس الامن الدولي كاداة لفرض عقوبات اقتصاديه ضد ايران رغم ان الجمهوريه الاسلاميه تعاملت بشكل شفاف مع الوكاله الدوليه للطاقه الذريه .

وافاد مراسل وكاله مهر للانباء ان آية الله العظمى العلامه السيد محمد حسين فضل الله الذي كان يتحدث خلال خطبتي صلاة الجمعه في مسجد حارة حريك في ضاحية بيروت انتقد التعامل الاميركي تجاه الشعوب الاخري قائلا ان الولايات المتّحدة الأمريكية لا تزال تعمل لفرض هيمنتها على العالم كلّه، ضاربةً بعرض الجدار كلّ القوانين والأعراف التي ينبغي أن تحكم حركة الدول، غير عابئة بالأخطار التي يُمكن أن تدمّر البشريّة كلّها.
واضاف سماحته انه منذ الحرب العالميّة الثانية، والولايات المتّحدة لم تتوقّف عن صناعة الأسلحة النووية والمتطوّرة، وقد دخل العالم منذ ذلك الحين في سباقٍ للتسلّح، ولا سيّما النووي، بدءاً بالاتّحاد السوفياتي وبعض الدول الأوروبّية كفرنسا وبريطانيا وغيرهما، من أجل إبقاء الهيمنة على مواقع النفوذ السياسي والاقتصادي في العالم.
 وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية أوّل دولةٍ تستخدم هذا السلاح في اليابان، في ناكازاكي وهيروشيما، حيث سقط عشرات الآلاف من المدنيّين، ولا تزال تتحرّك بآلتها العسكريّة المتطوّرة لتهدّد المعارضين لسياساتهاوهي في الوقت نفسه تؤكد أنها تسعى لتطوير السلاح النووي، كما جاء على لسان أحد المسؤولين الأمريكيين قبل أيام.
واكد سماحته ان الاداره الاميركيه تواصل ضغطها على إيران في ملفها النووي السلمي، في الوقت الذي احتضنت بعض هذه الدول، كبريطانيا وفرنسا، إسرائيل في صنع السلاح الذرّي، بحجّة أنّها تتعرّض للخطر من قِبَلِ جيرانها الذين لا يملكون ما يمنحه الغرب، ولا سيّما أمريكا، لهذه الدولة الغاصبة للأرض والمضطهدة للشعب، والطامحة للتوسّع والهيمنة.
واضاف انه في مقابل ذلك فرض الغرب كلّه حظراً دوليّاً ـ حتّى على مستوى الأمم المتّحدة ـ على أيّ دولةٍ تحاول الحصول على الخبرة العلميّة التقنية النوويّة للاستخدام في الأغراض السلميّة، وذلك باتّهامها بأنّها تخطّط لإنتاج السلاح النووي من دون أيّ دلائل واقعيّة، كما نشهده بالنسبة للملفّ النووي السلمي في إيران التي تتعاون مع وكالة الطاقة الذرّية.
وتطرق العلامه فضل الله الي تقرير مدير عام الوكالة الدولية بشان نشاطات ايران النووية السلمية قائلا ان مدير وكالة الطاقة الذرّية يطلق صرخته للدول الكبرى، ولا سيّما أمريكا وروسيا، للتخفيف من المخزون النووي للسلاح حذراً من الأخطار المستقبليّة على البشريّة كلّها، ولكنّ هذه الصرخة لم تلقَ بالاً؛ لأنّ القضيّة عند الدول الكبرى هي إبقاء الهيمنة على دول العالم الثالث لمصلحة أوضاعها الأمنية والاقتصادية والإستراتيجية.
وبالرغم من أنّ وكالة الطاقة الذرية أكّدت أنْ لا دليل على أنّ إيران تخطّط لصنع السلاح النووي، فإنّ هذه الدول المستكبرة تستخدم مجلس الأمن الدولي لفرض القرارات بالعقوبات الاقتصاديّة ضدّ إيران، للضغط عليها في إيقاف تخصيب اليورانيوم؛ ويتحدّثون في ذلك عن أنّ إيران تمثّل خطراً على العالم كلّه، في الوقت الذي يعرف الجميع أنّ إيران لا تمثّل خطراً على جيرانها، بل إنّها تسعى للسلام والتعاون معهم، وأنّ الخطر إنّما هو من الكيان الغاصب، ومن الولايات المتّحدة الأمريكية التي تحاول أن تنشر قواعدها العسكريّة في منطقة الشرق الأوسط وغيرها، بما فيها الدول الأوروبّية، كما تتحرّك بأساطيلها البحرية الحاملة للطائرات في الخليج والمتوسّط والبحر الأحمر، لإظهار قوّتها العالميّة، لتهدّد من يُراد تهديده، وتُخضع من يُراد إخضاعه، وتخوّف من يُراد تخويفه، وتضغط من الناحية السياسية والأمنيّة في حركتها الاحتلاليّة على أكثر من دولةٍ معارضة، وتدعم عملاءها والخاضعين لسياستها في المنطقة من أجل إرباك الأوضاع الاقتصاديّة وإيجاد حالات من الاهتزاز الأمني وإثارة الفوضى المتنوّعة، من أجل إيجاد الظروف الملائمة لمشاريعها في المنطقة العربيّة والإسلاميّة.
وحول تواجد القوات الاميركية قبالة شواطي ء لبنان قال العلامة فضل الله : ما رأيناه في البوارج الحربيّة التي تقف قبالة الساحل اللبناني، في محاولةٍ للالتفاف على فشلها السياسي والأمني في الضغط على المقاومة في لبنان وفي فلسطين، ولتأكيد الدعم المطلق للعدوّ الصهيوني في ارتكاب المجازر الوحشيّة ضدّ المدنيّين في غزّة والضفّة، حتّى ضجّت الأرض من دماء الأطفال الرضّع والفتيان اليافعين في الأيّام الأخيرة.
كلّ ذلك تحت مقولة "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وأنّ المقاومة الفلسطينية تمثّل الإرهاب، في الوقت الذي يؤكّد المنطق الحضاري أنّ من حقّ أيّ شعب محتلّة أرضه أن يدافع عن نفسه؛ ولكنّ الإدارة الأمريكية لا ترى أيّ اعتبار للمنطق الحضاري الإنساني عندما يتّصل الأمر بإسرائيل، ولذلك فهي تضغط على مجلس الأمن ليُساوي في قراراته بين المجرم والضحيّة، وتحارب كلّ قرار إدانة للمجازر الإسرائيليّة الوحشيّة؛ لأنّها تشبه أسلوبها في القيام بالمجازر ضدّ الشعوب، ولا سيّما في العراق وأفغانستان، وتلامس تاريخها في الإبادة الجماعيّة التي تحرّكت ضدّ شعوب أمريكا الأصليّين.
واشار الي العمليه الاستشهاديه في القدس قائلا إنّ العمليّة البطوليّة في القدس أثبتت أن المجاهدين في فلسطين قادرون على إنزال الضربات القاسية بالصهاينة، على الرغم من الإجراءات الأمنية المعقّدة، وهي ردّ فعل طبيعي على العنف الوحشي الإسرائيلي في غزة، وكذلك في الضفة، وتؤكد على أن أيّ تصعيد إسرائيلي سوف يجتذب ردّ فعل موازٍ له..
ومن المؤسف أن تسارع الأصوات الدولية، وحتى السلطة الفلسطينية، لإدانة هذه العملية، ولا سيما الرئيس الأمريكي الذي وصفها بـ"العمل البربري"، في الوقت الذي يعتبر فيه كل هذا العالم المستكبر المجازر الصهيونية ضد الأطفال والرضّع والنساء والشيوخ دفاعاً عن النفس!!
واضاف إنّ الولايات المتّحدة التي تعتبر نفسها الإمبراطورية الكونيّة والدولة الأقوى في العالم، أصبحت خطراً على العالم كلّه، حتّى على حلفائها وأصدقائها في الغرب؛ ولذلك فإنّ على الشعوب أن تقف بقوّة من أجل الدفاع عن حرّيتها ضدّ هذه الدولة الوحشيّة التي لا تؤمن بالمبادئ الإنسانيّة، ولا تحترم القوانين الدوليّة، ولا تحسب حساباً للشعوب؛ لأنّها تحوّلت إلى دولة عنصريّة لا تفكّر إدارتها إلا بالبحث عن فرصة لحرب هنا أو هناك؛ الأمر الذي جعل كثيراً من الضعفاء يخضعون لقوّتها خوفاً على مواقعهم الرسميّة، ويتحرّكون ضدّ إرادات شعوبهم وتطلّعاتها، ويعملون على تحويل بلدانهم إلى سجونٍ للأحرار.
وانتقد العلامة فضل الله الموقف العربي قائلا انه من المؤسف أنّ المشهد العربي في أكثر مواقعه لا يزال يركّز على المبادرة العربيّة للسلام التي سحقتها إسرائيل تحت أقدامها، بل لم تحترم أيّ بندٍ من بنودها، وتركت للإدارة الأمريكية أن تشغل العرب بالحديث عمّا أسمته دول الاعتدال والتطرّف، والحديث الاستهلاكي عن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة التي كانت مجرّد حركة للوقت الضائع الذي تستفيد منه إسرائيل في استكمال إستراتيجيتها في تهويد القدس، وفي بناء المستوطنات، وفي إذلال الشعب الفلسطيني على المعابر، واللعب على وتر الخلاف الفلسطيني الداخلي لتقوية الحصار الخانق، وللعب بالأمن في غزّة بشكل وحشي، وفي الضفّة بشكل ضاغط.
وقد اعتدنا أن لا نتوقّع أن تخرج القمم العربيّة، فضلاً عن اجتماع وزراء الخارجيّة العرب، بأيّ مواقف أو قرارات فاعلة لإنقاذ الشعب الفلسطيني من وحشية حليفة بعض الدول العربيّة، إسرائيل، في الوقت الذي نسمع فيه بعض التصريحات العربيّة من وراء الكواليس التي توحي بعدم حضور القمّة انطلاقاً من بعض التعقيدات العربيّة تجاه مكان انعقادها.
واشار الي المبادرة العربية بشان لبنان وقال ان المبادرة العربيّة لحلّ الأزمة اللبنانية فقد دخل بعض المسؤولين العرب في السجال الداخلي اللبناني، في تأييد فريق على حساب فريق آخر، إضافةً إلى ما يتناقله الإعلام الأمريكي من المشاورات الأمريكية ـ العربيّة في إرسال البوارج إلى الشاطئ اللبناني، في استعادة للطريقة التاريخية في تهديد العرب لبعضهم البعض بإسرائيل وأمريكا وفرنسا، ممّا يوحي بأنّ هناك عرباً متفرّقين مختلفين لا تجمعهم أيّة جامعة، وأنّه ليس هناك عالم عربيّ، فقد سقط هذا العالم من الاعتبار منذ مؤتمر مدريد الذي رفضت فيه إسرائيل ـ ومعها أمريكا ـ أن تفاوض العرب مجتمعين؛ لأنّها كانت ـ وما زالت ـ تريد أن تلعب على التناقضات العربيّة الثنائيّة، لتربح الموقف في امتداد الضعف العربي وفي عجز المواقف عن الانتصار.
ودعا العلامه فضل الله خلال خطبتي الصلاة الشعب اللبناني الي الصمود ازاء التهديدات الخارجية قائلا : إنّنا ندعو الشعب اللبناني أن لا يسقط أمام تهاويل الخوف التي أُريد له أن يواجه من خلالها التطوّرات الأمنيّة في حركة البوارج الأمريكية، وأن يبقى صامداً قويّاً مؤمناً بالله وبقدرته على نُصرة عباده على كلّ الذين يُريدون له أن يبقى في حالة اهتزاز سياسي أو أمني، وأن يغرق في دوّامة المذهبيّة والطائفيّة والحزبيّة، وأن يبقى مشدوداً إلى الذين يبحثون عن امتيازاتهم الشخصيّة ولا يبحثون عن امتيازات الشعب والوطن./انتهي/