لقد أعلن الكيان الصهيوني مضطرا وقف إطلاق النار من جانب واحد تحت تأثير المقاومة الباسلة لأهالي غزة وتزايد استياء الرأي العام العالمي من هذا الكيان بسبب ارتكابه للجرائم البشعة, بالرغم من أنه لم يدم طويلا وسارعت اسرائيل بنقضه الا انه على كل حال فتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة غير المتكافئة في غزة تستدعي التأمل في نتائجها.
ان حرب الـ 22 يوما على غزة برغم التباين الكبير بينها وبين حرب الـ 33 يوما على لبنان, الا انها تعتبر بنوع ما مكملة لها, حيث ان الكيان الصهيوني في هذه الحرب استفاد بشكل كبير من تجاربه في حرب تموز 2006 ضد حزب الله اللبناني, فلقد كان لديه اشراف معلوماتي واسع على قطاع غزة (إضافة الى تواجده في القطاع منذ احتلاله عام 1967 الى عام 2005 , فإن لديه العديد من الجواسيس في المنطقة).
وعلاوة على الإستعداد الملحوظ لدى جيش الكيان الصهيوني قبل الهجوم على غزة والتعديلات الكبيرة التي أحدثت فيه لاسيما على مستوى قادة الجيش, فإن هذا الجيش قد جهز بأحدث المعدات وشبكة معلوماتية واسعة من قبل اميركا قبل بدئه للحرب, اضافة الى استخدامه في حربه سياسة الأرض المحروقة بالشكل الذي لايترك لديه مجالا للشك في أنه سيقضي على المقاومة الفلسطينية.
وقد اعتبرت مصادر غربية أن كثافة النار التي اطلقت على غزة في هذه الحرب ليس لها مثيل في تاريخ احتلال فلسطين, فقد نفذت الطائرات المقاتلة والقاصفة لجيش الكيان الصهيوني حتى اليوم الحادي والعشرين للعدوان 1000 طلعة جوية في سماء غزة, نفذت منها في اليوم الأول من العدوان 100 طلعة جوية بإشراف مباشر من قائد القوة الجوية في الجيش الصهيوني بهدف مباغتة المقاومة الشعبية في غزة ورفع معنويات قوات الاحتلال, حيث ان مساحة منطقة الاشتباكات الرئيسية على الأرض كانت أقل من 100 كيلومتر مربع ما يعكس حجم الكثافة النارية الجنونية للعدو الصهيوني.
وبدأت عملية "الرصاص المصبوب" البرية على قطاع غزة باعتبارها الورقة العسكرية الرابحة بعد عمليات القصف الجوي الواسعة لهذا القطاع من قبل جيش الكيان الصهيوني, فقد دفع التهويل الكاذب من قبل حماة الكيان الصهيوني لقدرة الجيش الصهيوني على أنه رابع جيش في العالم, البعض الى التوقع بأن هذه العمليات ستغير مجريات الأمور في قطاع غزة خلال فترة قصيرة.
وإضافة لما سبق فإن زج الجيش الصهيوني لـ 600 دبابة في منطقة الاشتباكات الرئيسية (التي تبلغ مساحتها أقل من 100 كيلو متر مربع), تبين مدى إصرار اسرائيل على تحقيق النصر في هذه الساحة.
وبعد 22 يوما من الهجوم الوحشي على غزة آل مصير العدوان ليلة أمس السبت الى ان تعلن الحكومة الأمنية المصغرة للكيان الصهيوني مرغمة تحت وطأة صمود المقاومة الباسلة لأبناء غزة والضغوط المتزايدة من قبل الرأي العام العالمي, عن وقف إطلاق النار من جانب واحد سرعان ما نقضته صباح اليوم الأحد, ما يثبت ان الكيان الصهيوني لا يلتزم بمواثيقه.
ويفتح وقف اطلاق النار المعلن فصلا جديدا من الحرب غير المتكافئة في غزة, يتيح لنا تقييم نتائج الجرائم الوحشية التي ارتكبت ضد الإنسانية في هذه الحرب, وهنا نشير الى بعض نتائجها:
1- فضيحة الصهاينة أمام الرأي العام العالمي بسبب ارتكابه العلني في غزة لجرائم ضد البشرية وجرائم الإبادة.
2- خلق مناخ عالمي مشترك بين الشعوب والحكومات ضد الكيان الإسرائيلي.
3- الاعتراف رسميا بمشروعية دفاع المقاومة الفلسطينية وتقليل شأن الإعلام الواسع لاسرائيل وحماتها الذي يسعى لإظهار المقاومة على انها ارهاب.
4- تنامي قدرة المقاومة الإسلامية في فلسطين بعد صقلها في بودقة حرب ضارية.
5- تنامي القدرات التكتيكية والتسليحية والصاروخية للمقاومة الفلسطينية بناء على تجارب هذه الحرب.
6- فشل حكومة العدو في تنفيذ وعودها التي اطلقتها للصهاينة بشأن القضاء على حماس وتدمير قوتها الصاروخية.
7- تعرض حماة الكيان الصهيوني في المنطقة الى ضغوط من قبل الرأي العام.
8- إمساك الشعب والمقاومة في غزة لزمام المبادرة في مواصلة الحرب أو الأحداث التالية, باعتبارهم المنتصرين الحقيقيين في ساحة الحرب.
ان هذه النتائج تتحدث بوضوح عن هزيمة لا يمكن إنكارها للكيان الصهيوني في عدوانه على غزة, وليس بوسع أي إعلام أن يخفي هذه الهزيمة العلنية عن انظار سكان الكيان الصهيوني والشعوب والحكومات في المنطقة والرأي العام العالمي بالرغم من محاولات الكيان الصهيوني لطمس الحقائق, فإن هذه الهزيمة ستكون كنظيرتها في حرب تموز 2006 بابا لأزمات أكبر داخل الكيان الصهيوني./انتهى/