وجاء في المقال ان السعودية وتركيا اعلنتا انشاء "مجلس تعاون استراتيجي" مشترك يخطط لهما سياساتهما لمواجهة المتغيرات الدولية وما انتجته لهما من انهيارات متعددة العناوين، مجلس يتولى وضع الخطط الانقاذية للخروج من المآزق التي انتجها ذاك الكم الهائل من الخسائر التي جاءت في معظمها من طبيعة استراتيجية تؤثر على مستقبل الدولة نظاما وفضاءا استراتيجيا.
واضاف ان السعودية تتخبط في خيباتها بعد فشل "التحالف العربي" الذي انشأته للعدوان على اليمن فكانت نتيجته كارثة استراتيجية عليها ، و بعد فشل "التحالف الإسلامي العسكري" الذي أعلنته لتخوض به حربا على الإرهاب الذي لم ينشأ الا بوهابيتها و مالها و اعلامها ،رأت ان تركيا حاجة لها و ان تطوير العلاقات معها الى حد العمل المشترك من خلال "مجلس تعاون استراتيجي" يشكل جسرا تعبر عليه ليخرجها مما تتخبط فيه ،فأقدمت عليه متجاوزة التنافس التناحري بين مشروع الاخوان الذي يقوده اردوغان ومشروع الوهابية السعودية الذي تعمل به .
واكد الكاتب ان تركيا فقدت حلمها الكبير مع سقوط مشروع الاخوان وضياع فرصة إقامة الامبراطورية العثمانية الجديدة و باتت محاصرة بالسياسة و الاقتصاد و الجغرافيا فضلا عن الامن و الميدان ،حصارا من كل اتجاه بدءا بالخصومة او العداء مع الجوار وصولا الى النفور مع المحيط الإقليمي ما وضعها في مشهد "صفر علاقات" بدل "صفر مشاكل" ، مشيرا الى القطيعة المؤثرة و الحصار الذي تمارسه عليها روسيا اثر جريمة سقاط الطائرة الروسية ومحاصرة نفسها بالجدار العازل عن سورية الذي اضطرت اليه تحت وطأة ضغوط شتى لقطع طرق امداد داعش عبرها.
ورأى الجامعي اللبناني ان تركيا وجدت ان التخفيف من وحشة العزلة لا يتحقق فقط بإعادة العلاقات الطبيعة مع إسرائيل التي يراها اردوغان حاجة ضرورية لتركيا ، بل لا بد لها من دولة عربية تضاف الى قطر التي منحتها حق إقامة قاعدة عسكرية على أراضيها ، و يفرض التنسيق و التماهي استراتيجيا مع دولة أخرى تحتاج اليها لتخرجها مما هي فيه من عزلة و حصار موضحاً: لذا وجدت أنقرة في الانفتاح على السعودية مخرجا اقله في المرحلة الحاضرة و هي مرحلة باتت يعرف الجميع مرحلة تلمس الطرق الى حلول لازمات المنطقة ، و إرساء نظام إقليمي يكون الأساس في انتاج نظام عالمي جديد بدأت ارهاصاته تظهر.
وتابع حطيط ان السعودية وتركيا المحاصرتين بالإخفاق والهزائم والخيبات والمتناقضتين في المشروع واللتين لا يجمعهما الا التبعية للخارج والعلاقة مع إسرائيل والعداء لمنطق الحرية والاستغلال بالإرهاب، ما كانتا لتدخلا فيما يشبه التحالف الاستراتيجي لو نجح أي منهما في مشروعه الذاتي او استطاع ان يحافظ او يوسع فضاءه الاستراتيجي.
وشدد على انه لو نجح مشروع الوهابية واستطاعت السعودية الإطاحة بالحكومة السورية وتنصيب دمى لها مكانها، او لو تمكنت من العودة الى العراق واحياء نفوذها او سيطرتها على قراره، اولو استطاعت النجاح في مناورتها الأخيرة في لبنان لإعادته الى بيت الطاعة السعودي لتتحكم به من غير شريك ولو استطاعت ان تنفذ مشروعها في اليمن وتعيده حديقة خلفية لها، لو استطاعت كل ذلك او بعضه لما التجأت الى اردوغان للتحالف معه وهي تعلم انه في أهدافه الاستراتيجية يناقضها ولن تتمكن ان تجاريه لأكثر من سبب وحيثية.
ولفت الى ان اردوغان فهو الاخر ما كان ليدخل في هذا التحالف لو كان نجح في مشروع الاخوان انطلاقا من سورية الى تونس مرورا بمصر وليبيا معتبرا انه لم يجازف بعلاقات يعلم انها غير قابلة للحياة والاستقرار الا بعد ان تأكد له انهيار مشروعه الاساسي أي انهيار مشروع الاخوان في اللحظة التي استنقذت فيها مصر نفسها من انياب الاخوان المسلمين ، و تعزز الانهيار بما شهدته الساحة السورية من متغيرات خاصة في النصف الأخير من العام المنصرم.
واعتبر امين حطيط ان التماثل في الفشل والإخفاق، والخوف من المستقبل الذي لمس الطرفان بوادره مع بدء التحضير لتحريك العملية السياسية في سورية حيث همشا كليا، دفع الخائبين السعودي والتركي الى انشاء هذا التحالف فهل سيكون له مفاعيل او إثر؟
وتوقع الخبير الاستراتيجي اللبناني ان الفشل سيكون في انتظار هذا التحالف لأكثر من سبب ، فالسعودية التي امتهنت ارتكاب الأخطاء و الحماقات و اضاعت الكثير من الفرص في الأعوام الماضية لجهل او مكابرة ، لن تستطيع في ظل موازين القوى الجديدة ان تحدث أي خرق في أي ساحة تعنيها ، معتقدا ان تركيا لن تكون قادرة على مساعدتها في الميدان او في السياسة خاصة في اليمن و العراق وسورية ولبنان ،فلن ترسل جيشا لأي من هذه الدول ووجودها العسكري المحدود في العراق هو وجود محاصر سياسيا حتى الان وسينقلب الى اكثر من حصار سياسي في المستقبل .
ورأى ان تركيا لن تستطيع ان تحصل من السعودية على ما يخرجها من المصاعب والمآزق التي صنعتها لنفسها في سورية والعراق وروسيا كما ان مصر ورغم المال السعودي لن تفتح لتركيا بابا اليها وهي تمثل خطرا امنيا استراتيجيا لها.
وتساءل "أي جديد سيقدم "مجلس التعاون الاستراتيجي" لأي من البلدين؟" معتبرا ان انقرة وكما انقلبت على مجلس مماثل انشأته مع سورية يوما فإنها لن تتأخر في الانقلاب على السعودية، وكما قطفت السعودية الفشل من التحالف العربي والتحالف الإسلامي فان نصيبها من الفشل هنا لن يكون اقل من الإخفاق هناك./انتهى/