تتصاعد لهجة امريكا عقب تولي ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة خاصة ان اسرائيل وحليفتها السعودية لا تبخلان بأي جهد لتحريض ترامب وتوريط امريكا بحروب جديدة فيما تشهد المنطقة تصاعد الصراع مابين القوات اليمنية والاحتلال السعودي ليأتي ترامب بقرار توقيع امر تنفيذي بإجراء عمل عسكري مباشر في اليمن. وعلى الضفة الاخرى تم تهميش الدور الامريكي في مفاوضات آستانا. فما هي تداعيات هذه السياسة التي يتخذها ترامب وكيف ستخرج امريكا من هذه المعادلات؟ في هذا السياق اجرينا حوارا مع الخبير العسكري والاستراتيجي العميد امين محمد حطيط وفيما يلي نص الحوار:
* في ضل تهديدات ترامب لمحور المقاومة خاصة وبالنظر الى تحريضات حلفاء امريكا بالشرق الاوسط ، السعودية واسرائيل والاعلان السعودي عن استعدادها لتبني نفقات حرب جديدة ، هل تعتبر هذا التهديدات جادة و برأيك هل ستنصاع ایران لهذه التهديدات؟
هناك عاملان وراء تصريحات ترامب وادارته بخصوص شن عدوان ضد محور المقاومة وايران بشكل خاص ، العامل الأول انتصارات حلف المقاومة والعامل الثاني تحريضات اسرائيل والسعودية لإدارة ترامب بخصوص شن هذا العدوان. نظراً الى الانتصارات التي يحققها حلف المقاومة بشكل مرعب ومخيف بنسية للحلف الآخر على صعيد الميداني والاستراتيجي ، فإن الغرب بقيادة امريكا ومعها اسرائيل والسعودية ودول اخرى ، لايستطيع هضم هذه الانتصارات ويريد ان يفرغ هذه الانتصارات من محتواها ، فإنه يريد ان يعاقب محور المقاومة لأنه وبانتصاراته استطاع ان يكسر شوكة العدو. من جهة اخرى تحريضات السعودية التي صرحت انها جاهزة ان تتبنى نفقات الحرب ضد ايران حتى لو بلغت مئة مليار دولار وايضاً اسرائيل التي اعلنت انها جاهزة لوضع كل قدراتها العسكرية تحت تصرف امريكا من اجل خوض هذه الحرب ضد ايران لتحقق اهدافها فيها.
فهذان السببان جعلا ترامب يرفع صوته و يصرح بأن الخيار العسكري مازال مطروحاً على الطاولة ، و ايضا هناك مستشارون لدى ترامب يرون بأن الحرب في الشرق الأوسط اصبحت ضرورة امريكية حتى تستطيع امريكا ان تتفلت من الهزائم التي لحقت بها خلال العشرين عام الماضية وتتفلت من الضغوطات التي تواجهها في مجال الاقتصاد. كبير مستشاري ترامب " ستيف بانون" و قبل ان يتولى هذا المنصب كان يقول "أن على امريكا ان تواجه حربين اولاهما في الشرق الأوسط و الثانية في بحر الصين" وبعد تولیه المنصب کبیر مستشارین البیت الآبیض ، فإنه اكد على قوله مصرحاً بأن الحرب في الشرق الأوسط اصبحت حاجة استراتيجية امريكية. مستشارو ترامب يشجعونه على اسقاط الاتفاق النووي مع ايران لتقدم ايران على استئناف اعمالها النووية ، عندها تصبح لديهم الذريعة لشن حرب ضد ايران.
ولكن ضمن هذا الاطار نحن نرى بأن جميع المعطيات التي تحيط بمسئلة خيار شن الحرب ضد ايران ، فإنها تسقط القدرة لاختيار الخوض في هذه الحرب. والسبب هو ان ترامب بحاجة الى دراسة فعلية وموافقة من البنتاغون والمجلس الأمن القومي ليذهب الى الحرب. فلو كان مجلس الأمن القومي الذي تشكل حديثا كله يتلازم مع ترامب بنيّه للخوض في الحرب ضد ايران ولكن من المستبعد ان توافق البنتاغون اي وزارة الدفاع الامريكية على الخوض في هذه حرب ، لأنهم وحسب دراستهم ونظرا الى قدرات المقاومة يعرفون جيدا بأنهم قد يستطيعون بدء هذا الحرب الا انهم لايستطيعون انهائها. البنتاغون يخشى من الهزيمة ، خاصة انهم لديم تاريخ من الهزائم في الحروب الاربعة التي خاضوها وربحوا بها ميدانياً ثم خسروا.
البنتاغون يخشى ثلاثة مسائل اساسية في اطار شن حرب ضد ايران ، المسألة الاولى هي القدرة الصاروخية الايرانية وثانيا هو يخشى من توسع الحرب ودخول حزب الله والقوة المقاومة الحليفة لايران في ميدان الحرب وان تفتح هناك جبهات لاتستطع امريكا ان تصمد فيها وثالثا يخشى المتغيرات الدولية التي لم يجد فيها كما وجد في حربه التي خاضها مسبقا في افغانستان والتي شكل حينها الحلف الدولي في عام 2001 و ايضا لم يجد فيها كما وجد في حربه ضد العراق. لو اراد ترامب ان يخوض في هذه الحرب عليه ان يذهب منفردا وسوف لن تكن معه اروبا.
* ترامب وفي الأسبوع الثاني من ولايته اقدم على توقيع امر تنفيذي بإجراء عمل عسكري مباشر في اليمن وذلك لوضع حد لما سماهم المتمردين ويقصد بذلك انصار حزب الله ، الذين يشكلون تهديدا للبحرية الامريكية وابقاء باب المندب مفتوحا علي حد تعبيره ، فما كانت ردة فعل انصار الله ؟
حرب السعودية ضد اليمن في الواقع هو قرار امريكي. لدى امريكا حوافز لشن حرب في اليمن من خلال حليفه السعودي. الحافز الأول هو وجود قوات مناهضة لمصالحها في الشرق الاوسط اي قوات تنتمي لمحور المقاومة في اليمن والحافز الثاني هو مضيق باب المندب.
امريكا تعتبر الحوثيين اي حركة انصارالله عدوا لها طال ما هذه الحركة تنتمي الي الخط الممانع. امريكا تريد ان تضع اليمن في داخل الفضاء الاستراتيجي السعودي بمثابة الحديقة الخلفية. ومن حيث آخر تريد امريكا ان تجعل يدها على باب المندب لتتحكم عبر السعودي بممرٍ دولي اساسي كونه مؤثر في سياق التجارة الدولية وخط عبور النفط ، ومن جهة اخرى لتتفلت من السيطرة والنفوذ ايراني في منطفة الخليج ومذيق هرمز من خلال إمساكها بباب المندب. ولكن محاولاتها كانت فاشلة في تحقيق الهدف الاول لأن انصارلله استطاعوا واستمروا في توجه ضربات المؤلمة لالسعودية واخرهذه الضربات كانت يوم الاحد حيث وجه الجيش اليمني القصف الصاروخي على الرياض والذي اعتُبر بأنه صدمة كبيرة بطبيعة استراتيجية و نفسية. وفي خصوص باب المندب لم يستطع السعودي السيطرة المطلقة عليه كما كان يقصد والديل ماحصل بأصابة الفرقاطة. امريكا لاتستطيع ان تتقبل هذه الهزيمة على البعد الاستراتيجي والميداني بحد سواء.
الولايات المتحدة تهدد فحسب ولااعتقد انها ستذهب سريعاً الى حرب واسعة في اليمن ، بل انها ستكتفي بعمليات جوية محدودة. العسكريون الامريكيون يعلمون ان الدخول في حرب برية في اليمن أمر مكلف للغاية و لايستطيع الامريكي ان يحقق الاهداف التي يبتغيها من هذه الحرب. اما بنسبة التدخل الجوي ، الكل يعرف بأنه سوف لن يخرج ببسط اية نفوذ و لايغير طبيعة الميدان. فهم يهددون بلحرب من اجل امرين ، اولاً من اجل اخافة الجيش اليمني حتى يتراجع وثانياً رفع معنويات السعودية حتى تستمر في الحرب الى ان تجد امريكا حلاً يناسبها.
بنسية لايران انا لااعتقد انها ستتدخل عسكريا انا شنت امريكا الحرب ضد اليمن. ايران لن تسدرج للقتال مباشرتا بقواها المسلحة خارج اراضيها لأن الخصم يعد لها الافخاخ واحد تلو الآخر. عندما اعد لها الفخ في البحرين استطاعت ان تتملص منها و ايضا اعد لها الفخ في سوريا استطاعت ان تقود العمليات بناورة ذكية دون ان تلقي بثقلها العسكري من خلال جيشها الرسمي والتقليدي. يمكن ان تقدم ايران المساعدات التي قد تعزز من قدرات القوى اليمنية.
* ترامب يدعي ان داعش تشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة وهو ینوی علی محاربته ، فكيف تفسر هذه المزاعم الصادرة عن الرئيس الجديد للولايات المتحدة؟ هل تعتقد ان ترامب يريد التعاون مع روسيا لمكافحة الارهاب؟
نحن لا نصدق مزاعم امريكا لمكافحة الارهاب ان كانت من قبل ترامب او سواه. لأن امريكا منذ عام 1988 تستثمر الأرهاب وتعتمده وسيلتها الأساسية لتحقق اهدافها في بعض المناطق. امريكا تستطيع ان تنهي داعش بقرار اداري و ليس بقرار عسكري. بنسبة لموضوع العمل العسكري المشترك بين امريكا و روسية ، رغم ان ترامب ليس في العداء التي كانت عليها الولايات المتحدة في عهد اوباما ضد روسية ولكن لا اعتقد ان هذه العلاقة الجيدة مع روسية التي يحاول ان يدعيها ترامب ، ستقوده الى عمل عسكري مشترك مع روسية ضد الارهاب ، يمكن أن يصعد المضيق السلبي القائم لمنع الاصتدام ، الى تنسيق معلوماتي بحث ان يكون هناك تبادل في المعلومات حول مراكز الارهابيين.
*ما هي الاهداف الولايات المتحدة من انشاء منطقة آمنة في سوريا؟ كيف ستطبق ذلك؟ و ماذا سيكون موقف موسكو؟
انا اعتقد انشاء مناطق آمنة هو مشروع امريكي مقنع بلباس انساني من اجل تقسيم سوريا. الهدف الرئيسي لأمريكا من انشاء هذه المناطق هو الالتفات على الجيش العربي السوري و تعويض هزيمتهم الإستراتيجية التي ادت الى فقدانهم القدرة على تحقيق هدفهم بوضع اليد على سوريا و ليس لانقاذ المدنيين. ان ارادت امريكا مساعدة المدنيين فإنها تستطيع القيام بذلك من خلال تقديم المساعدات الانسانية للمدنيين و مساعدة الجيش السوري للقضاء على الأرهاب.
بنسبة لروسية فإنها تعاملت مع المضوع بليونة و دبلوماسية وثم ربطت الموضوع بموافقة الحكومة السورية ، فبما ان الحكوكة السورية رفضت انشاء مناطق آمنة ، الى اذا كان بقرارها و تنسيق معها ، فاعتقد ان روسية ستضطر لرفض هذا المشروع سواء ان كان بمجلس الامن او في الميدان.
* ما توقعاتك بشأن محادثات استانا وهل تعتقد ان هذه المفاوضات ستنتج ثمارها بالنظر الى تهميش الدور الامريكي في هذه العملية؟
مباحثات استانا كانت ثمرة الانتصارات التي حققها محور المقاومة ومعسكر الدفاع عن سوريا في منطقة حلب. تركيا تماشي ايران وروسية في هذه المباحثات على مضض. وإنها ليست جادة بمواقفها وتريد ان تكسب وقتا وتناور بعض الشيء و تخرج من مركب الخاسرين حتى يكون لها حصة في الوضع السوري. ايران و روسية تعرفان جيدا حقيقة موقف التركي ولكن يناوران معها كما هي تناور. اعتقد ماسترج به مفاوضات آستانا سيكون بيانات او مواقف او تشكيل كيانات كغرفة العمليات المشتركة ، طالما ان امريكا لم تتخذ قرار نهائي بوضع حد للعدوان بسوريا. وهذا الأمرمنوط بما سيصدر عن مؤتمر جنيف اذا انعقد بأواخر الشهر الجاري./انتهى/.
اجرت الحوار :مريم معمارزاده